1
الـحـمـد لله ولـــي الـحـمــد
مـوفـق الخـلـق لـكـل رشـــد
2
علـى الـذي بـه عليـنـا أنعـمـا
حمـدا يعـم الأرض طـرا والسـمـا
3
ثـم الصـلاة بعـدمـا قلـنـا بــه
عـلـى النـبـي وآلــه وصحـبـه
4
وبـعـد : فالتـأديـب للصـبـيـان
مـن أول الـنـشء أتــم الـشـان
5
وقــد بــذاك صــرح الغـزالـي
بحـر العـلـوم صــادق المـقـال
6
وحـث فـي إحيـاء علـوم الـديـن
عـلـى قـيـام الأهــل بالبنـيـن
7
لأن تأديـب الصبـي فـي صـغـره
زيــادة لحـظـه فـــي كـبــره
8
ينـل بـذلـك الحـظـوظ الـوافـرة
وراحـة الدنـيـا وخـيـر الآخــرة
9
فينـبـغـي لـكــل جــــد وأبِ
وقيـم الحـاكـم تـأديـب الصـبـي
10
وتنـهـر الأم ولـيـدهـا بـــالأب
جـزرا لـه عـن الخنـاء واللـعـب
11
إذ قلـبـه كالشمـعـة المقـصـورة
مجـوهـر يقـبـل كــل صــورة
12
وينبـغـي لـهـم بــأي يـعـودوا
أولادهـم فعـل التـقـى ليسـعـدوا
13
وأول الأشـيـاء هــي الحضـانـة
لأنــه مـــع أهـلــه أمـانــة
14
فينبـغـي إرضــاع كــل طـفـل
صـالـحـة بقـولـهـا والـفـعـل
15
تـأكـل حــلالا لا مــن الـحـرام
فالطـبـع قـالـوا تـابـع الطـعـام
16
إذا خـبـث رضـاعـه مــا إلــى
فـعـل الخـبـيـث آخـــرا وأولا
17
وبـعـد فطـمـه تـجـده يشتـهـي
أكـل الطـعـام دائـمـا لا ينتـهـي
18
فعـلـمـوه الأكـــل بالـيـمـيـن
والبسملـة حتـمـى بـكـل حـيـن
19
ولا يبـادر قـبـل أكــل صاحـبـه
ويأكـل العـيـش الــذي بجانـبـه
20
ويمضـغ اللقمـة مضـغـا محكـمـا
ولا يـسـارع أو يـوالـي اللقـمـا
21
ويـأكـل اليـابـس مــن الطـعـام
تعـلـمـا بـحـتــا بــــلا إدام
22
حينـا فحينـا فـي العشـاء والغـداء
كـي لا يـرى الإدام حتـمـا أبــدا
23
وأي يُجَنِّـبَـه فـنــون الـزيـنـه
وجمـلـة الـمـلابـس الـرزيـنـه
24
ويكسـوه لـون بـيـاض القـطـن
حتـى بـه عـن غيـره يستغـنـي
25
وإن طـلـب منقـوشـا أو ملـونـا
يـقـول: ذاك للـنـسـاء لا لـنــا
26
لبـاس أهـل الفـسـق والتخنـيـث
وأحـمــق وفـاجــر خـبـيــث
27
ولا ينـعـم جـسـمـه بمـلـبـس
طـول المـدى ولا فـراش أمـلـس
28
بـل كلمـا كـانـت بــه خشـونـة
فـإنـه أخــف فــي الـمـؤونـة
29
يصـلـب الأعـضـا ولا يـبـالـي
بالمـشـي أو بسـائـر الأفـعــال
30
ويمتـنـع نــوم النـهـار قطـعـا
خـوف الكسـل أو يتـخـذه طبـعـا
31
وإن بــدت أمـــارة التمـيـيـز
بـكـل فـهـم فـاضـل عـزيــز
32
وصـار يستـحـي مــن الأمــور
فـــذاك أول بُـــدُوِّ الــنــور
33
هـديـة مــن ربـــه أهـداهــا
عـرف بهـا الأشـيـا بمقتضـاهـا
34
فـذاك أول وقــت فـهـم الطـفـل
أشـرَق بهـا عليهـا نـور العـقـل
35
فليـزمـوه الـــدرس لـلـقـرآن
فـإنـه عـلـم عظـيـم الـشــان
36
أيضا وشغـل شاغـل قلـب الصبـي
عـن كـل مـا يوجـب نقـص الأدبِ
37
وإن ضــرب معـلـم الصـبـيـان
أو والـد بعـضـا مــن الـولـدان
38
فـلا يكـن مثـل النـسـاء يبـكـي
ويشتـفـع بـغـيـره ويشـتـكـي
39
فـعـادة الشجـعـان أن لا يـذكـروا
كل الذي يجـري لهـم بـل يصبـروا
40
وراحـة الصبيـان بـعـد المكـتـب
أن يـأذن الـولـي لـهـم باللـعـب
41
فـإنـه عـنـد الصـبـا محـبـوب
وقلـبـه أيـضـا بــه يـطـيـب
42
فكثـرة التعلـيـم مــوت القـلـب
ويُذْهِـبُ الـذَّكـا وبـعـض الـلـب
43
فيطلـبـون لـلـخـلاص حـيـلـة
تنجـي مـن التعلـيـم أو وسيـلـة
44
والرفـق فـي كـل الأمـور أحسـنُ
قالـوا بــذا وصـرحـوا وبيـنـوا
برجان المراكشي للقصيدة بقية