تأملات قرآنية - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية ayoubamine08
ayoubamine08
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 13 - 9 - 2008
المشاركات: 861
معدل تقييم المستوى: 277
ayoubamine08 على طريق الإبداع
ayoubamine08 غير متواجد حالياً
نشاط [ ayoubamine08 ]
قوة السمعة:277
قديم 29-05-2009, 23:46 المشاركة 1   
حصري تأملات قرآنية

هذا الملف سنحاول إن شاء الله أن نزخرفه بكل ما بدر في ذهننا من أقوال حكيمة من آيات خالق البشر آيات بينات من القرآن الكريم و تأملاتنا حول كل آية. و سأجعل هذه البادرة الطيبة إن شاء الله بين يدي كل من أراد المشاركة في هذا الركن الطيب من المنتدى ليكون دائما متجددا بكم و بمشاركاتكم القيمة.
ننتظر تواصلكم الإيجابي


موضوع اليوم: النفس الأمارة بالسوء.

قال تعالى في سورة يوسف:(( و ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي فغور رحيم)) سورة يوسف الآية 53
هذه الآية جاءت في سياق قصة يوسف علي السلام مع زوجة العزيز لما اتهمته بما لم يفعل.فقالت المرأة و لست أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء.قال العلامة السعدي رحمه الله
((إن النفس لأمارة بالسوء (( لكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء، أي: الفاحشة و سائر الذنوب، فإنها مركب الشيطان، و من يدخل على الإنسان.
والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم:
عندي ثلاثة أَنْفُسٍ. وكقوله تعالـى:
{أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا علـىما فَرَّطْتُ فـي جنب اللَّه} قال ابن سيده: وقوله تعالـى: {تعلـم ما فـينفسي ولا أَعلـم ما فـي نفسك} أَي تعلـم ما أُضْمِرُ ولا أَعلـم ما فـي نفسك أَي لا أَعلـم ما حقِـيقَتُك ولا ما عِنْدَكَ عِلـمُه، فالتأْويل تعلَـمُ ما أَعلَـمُ ولا أَعلَـمُ ما تعلَـمُ.
وقوله تعالـى:
{ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه} أَي يحذركم إَياه، وقوله تعالـى: {اللَّه يتوفـى الأَنفس حين موتها} روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل إِنسان نَفْسان: إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التميـيز، والأُخرى نَفْس الرُّوح الذي به الـحياة.
وهذا فيه كلام و خلاف بين من يسوي بين معنى الروح و النفس أَبو بكر بن الأَنباري و منهم من يفرق بين الدلالتين و هذا طرح لا مجال لمناقشته الخلاف فيه .إلا أن الناس اختلفوا: هل النفس واحدة أم للعبد ثلاث أنفس ، نفس مطمئنة و نفس لوامة و نفس أمارة بالسوء. و التحقيق أنه لا نزاع بين الفريقين فأنها واحدة باعتبار ذاتها و ثلاثة باعتبار صفاتها و قد جاء ذكر هذه الصفات في قوله تعالى:
((يا أيها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضيةمرضية)) الفجر الآية 27 28 و في قوله تعالى:(( لا أقسم بيوم القيامة. و لاأقسم بالنفس اللوامة)) سورة القيامة الآيتين 1 - 2
و في قوله:
(( إن النفس لأمارة بالسوء)) سورة يوسف الآية 53
مقصود أمرنا في دراسة هذا المبحث أن نقف برهة مع هذه النفس الأمارة بالسوء، فنقول أنها لا ترتاح حتى تأمر صاحبها بما تهواه من شهوات الغي و إتباع الباطل و الزيغ عن الخير و المعروف فهي مأوى لكل سوء و مرتع لكل قبيح و شاملة لمذمومات الصفات، فهي إن لم تجد رشدها بهدي الله و إلهامه تركت على حالها التي خلقت عليها من الجهل و الظلم.قال تعالى:
(( و لولافضل الله عليكم و رحمته ما زكى منكم من أحد أبدا)) سورة النور الآية 21 و كان النبي صلى اله عليه وسلم ما شرع في هديه قط إلا و بدأ كلامه بخطبة الحاجة: (( الحاد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.((
و قد امتحن الله الإنسان بهته النفس و جعل الشيطان قرينها و رفيقها دربها، فهو يعدها و يمنيها، و يزخرف لها مكايد السبل، و يقذف فيها الباطل حتى تستحسنه و يستعين في ذلك بهواها و منافذ شهواتها و ملذاتها حتى تطفق عبيدة خاضعة لإرادة الشيطان و سلطانه.
هكذا يفعل الشيطان قرين هذه النفس. قال ابن القيم رحمه الله و هو يخوض في وصف نفس السوء بقوله ... فتريه صورة التوحيد التي هي أبهى من صورة الشمس و القمر في صورة التنقيص المذموم و هضم العظماء منازلهم و حطهم منها إلى مرتبة العبودية المحضة و المسكنة و الذل و الفقر المحض الذي لا ملكة لهم معه و لا إرادة و لا شفاعة إلا من بعد إذن الله فتريهم النفس السحارة هذا القدر غاية تنقيصهم و هضمهم و نزول أقدارهم و عدم تمييزهم عن المساكين الفقراء فتنفر نفوسهم من تجريد التوحيد أشد النفار، يقولون( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب)) و تريهم تجريد المتابعة للرسول و ما جاء به و تقديمه على آراء الرجال في صورة تنقيص العلماء و الرغبة عن أقوالهم و ما فهموه عن الله و رسوله....
ونفس الإنسان حصن مجند إذا ما تمكن الشيطان من ولوج هذا الحصن فعل به ما فعل و ملكه و استولى عليه، و لا يقدر على دفع الشيطان و منعه من دخول الحصن إلا بمعرفة مداخله التي يتسلل منها، و مضايقته و التخنيق عليه، و من الأبواب نذكر: الحسد، الحرص و الغضب و الشهوة و حب التزين في المنزل و الثياب و الأثاث و الشبع فهو يشغل عن الطاعة و العجلة قال النبي صلى الله عليه وسلم:( العجلة من الشيطان، و التأني من الله تعالى) رواه الترمذي. و من أبوبه كذلك حب المال و سوء الضن بالمسلمين. إذا ما أردت أن تختبر صلابة أبوب نفسك، فتأمل هذا في صلاتك، و انظر إلى الشيطان كيف يحدث قلبك في مثل ذلك الموطن.
ف**** النفس أعظم ال****، فالمؤمن الكيس لا يترك لجام نفسه تقهره، و لا يسمح لها أن تسوقه بموقدها إلى درب الهلاك، بل يراقب ممشاها فمادمت على الجادة لم يضايقها في التضييق عليها. فإذا رآها قد مالت ردها باللطف إلى جادتها، فإن ونت و أبت و إلا بالعنف.
قال ابن الجوزي رحمه الله و إنما ال**** لها ك**** المريض العاقل، يحملها على مكروهها في تناول ما ترجو به العافية، و يذوب في المرارة قليلا من الحلاوة، و يتناول من الأغذية مقدار ما يصفه الطبيب، و لا تحمله شهوته على موافقة غرضها من مطعم ربما جر جوعا، ومن لقمة ربما حرمت لقمات).
و قال كذلك و إنما الحازم من تعلم منه نفسه الجد و حفظ الأصول، فإذا فسح لها في مباح لم تتجاسر أن تتعداه. فيكون معها كالملك إذا مازح بعض جنده، فإنه لا ينبسط إليه الغلام، فإن انبسط ذكر هيبة الملك. فكذلك المحقق يعطيها حظها و يستوفي منها ما عليها).
إلى حلقة قادمة إن شاء الله









ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ


آخر مواضيعي

0 برنامج تحفيظ جزء عم للأطفال
0 برامج للرسم للأطفال الصغار
0 برنامج نور البيان في معلم القراءة و القرآن
0 طريقة شيقة لتحفيظ جزء عم
0 64 موضوع فى التنميه بشرية
0 مختصر سيرة الرسول - للأطفال
0 قصص مكتوبة بخط اليد للأطفال
0 أسطوانة النونو الجزء 1 + 2
0 أسطوانة للاناشيد للبراعم
0 المصحف المعلم للأطفال


التعديل الأخير تم بواسطة ayoubamine08 ; 29-05-2009 الساعة 23:48

abo omamah
:: دفاتري متميز ::


تاريخ التسجيل: 13 - 2 - 2009
المشاركات: 235

abo omamah غير متواجد حالياً

نشاط [ abo omamah ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 30-05-2009, 04:59 المشاركة 2   

بارك الله فيك واحسن لك الجزاء


abo omamah
:: دفاتري متميز ::


تاريخ التسجيل: 13 - 2 - 2009
المشاركات: 235

abo omamah غير متواجد حالياً

نشاط [ abo omamah ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 30-05-2009, 05:05 المشاركة 3   

قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون [المؤمنون:99-100].

هذه قولة الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب،


ayoubamine08
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية ayoubamine08

تاريخ التسجيل: 13 - 9 - 2008
المشاركات: 861

ayoubamine08 غير متواجد حالياً

نشاط [ ayoubamine08 ]
معدل تقييم المستوى: 277
افتراضي
قديم 31-05-2009, 00:01 المشاركة 4   

موضوع اليوم: أقسام الصبر.


قال تعالى :(( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))

الصبر لغة: المنع و الحبس أي حبس النفس. و يقال تصبر إذا تكلفه و استدعاه، و اصطبر إذا اكتسبه و تعلمه و صابر إذا وقف خصمه في مقام الصبر.
و هو من الخصال الحميدة التي إذا ما فضلت بها على غيرك كان لك بها صلاح شأنك و قوام أمرك. و قد ذكرها الله في كتابه الحكيم في نحو من تسعين موضعا، و هي خاصية تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات لغلبة الشهو عليه كشهوة اللعب و الزينة و النكاح، إذ الصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوات. لأن النفس مطية العبد التي يسير عليها إلى الجنة أو النار، الصبر لها بمنزلة الخطام و الزمام للمطية، فإن لم يكن للمطية خطام و لا زمام شردت في كل مذهب.
و للصبر مسميات بحسب متعلقه فإن كان عن شهوة البطن، سمي شرف النفس و إن كان عن إظهار ما لا يحسن إظهاره من الكلام سمي كتمان السر. و إن كان عن فضول العيش سمي زهدا، وإن كان عن إجابة داعي الغضب سمي حلما و هكذا تتباين مراتب مسمياته بمواطن المقامات و ارتباطها به.
و اعلم أخي أن الصبر على ضربين:
ضرب بدني: تحمل مشاق البدن، كالصبر على مشاق العبادات.
ضرب نفساني:و هو الصبر على مقتضيات و باعث الهوى و الشهوة و بها ميز الله الإنسان على غيره. قال قتادة: خلق الله سبحانه الملائكة عقولا بلا شهوات، و خلق البهائم شهوات بلا عقول، و خلق الإنسان و جعل له عقلا و شهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو من الملائكة، و من غلبت شهوته عقله فهو من البهائم.
فالعبد محتاج إلى الصبر عن التلذذ و الركون إلى الشهوات فإنما هي آفة الدنيا وسلعة ثمنها بخس في الدنيا ووعيدها في الآخرة عذاب مبين. فالحذر الحذر من رؤية المشتهى بعين الحسن. قال ابن الجوزي رحمه الله: و ليتذكر الإنسان لذة قهر الهوى مع تأمل فوائد الصبر عنه. فمن وفق لذلك كانت سلامته قريبة منه.
العبد محتاج كذلك إلى الصبر على الطاعات لأن النفس تنفر بطبعها عن العبودية و أنواع العبادات كالصلاة و الزكاة إما كسلا أو بخلا . و ليس أمر الطاعة كما يظن أكثر الجهال أنها مجرد صلاة وصيام و زكاة، إنما الطاعة الموافقة بامتثال الأمر و اجتناب النهي، فهذا هو الأصل و القاعدة الكلية. قال ابن الجوزي : المحقق من أمسك ذؤابة ميزان المحاسبة
للنفس فأدى ما عليه و اجتنب ما نهى عنه. فإن رزق زيادة تنفل و إلا لم يضره و السلام.
و إذا ما تمحصنا و نظرنا إلى مقام العبادات نجد انها تربي و تزكو بالنفس و تيسر لها طرقا لقهر الشهوات. فالصوم مثلا له من الأسرار الكثيرة التي تدل على فضله و هي مشهورة منها الكف عن شهوتي البطن والفرج و كف سائر الجوارح عن ما حرم الله. أما الصلاة فهي غرة الطاعات التي بها أمكنك أخي أن تقهر سلطان و غلبة نفسك عليك، فتصير أقدر على تذليلها و إذانتها و قهرها في صورة هذا المقام بالخشوع و الاستكانة، فقد كان عبد االه بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عوذ من الخشوع، و كان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحبسه إلا جذع حائط. و قال ميمون بن مهران : ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتا في الصلاة قط، و لقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدتها، و إنه لفي المسجد يصلي فما التفت.
القسم الثاني : الصبر على المعصية، هذا أمر واجب الحرص عليه كتحري و مراقبة ما يتفوه به اللسان و تبطش به اليدين...و هذا لن ينجك منه إلا الخوف من الله و خشية عقابه، وحب الله لان المحب لمن يحب مطيع. ثم إن النفس إذا ما تشغلها بما ينفعا شغلتك بما يضرك . فاحرص أخي على طلب العلم ليقوى إيمانك و تنجى من مهلكات الذنوب و المعاصي أبعدها الله عليك و نجاك منها. قال ابن القيم: صبر العبد إنما هو بحسب قوة إيمانه فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أقوى...و إذا ضعف الإيمان ضعف الصبر.
القسم الثالث: صبر على الأقدار: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من يرد الله به خيرا يصب منه). فالمطلوب من المؤمن أن يصبر و يتصابر على المصائب و الابتلاء، وما عليه إلا التسليم و الثبات لعظائم المبتليات، ولا ينبغي أن يتغير قلبه، و لا ينطق بالشكوى لسانه. و تبصر أخي إلى الآثار الواردة عن الأخيار البررة أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم و قدوتنا في فضيلة الصبر.
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول أي السفلا، قال: مرض أبو بكر رضي الله عنه فعادوا فقالوا: ألا ندعوا لك الطبيب؟ فقال: قد رآني الطبيب، قالوا: فأي شيء قال لك؟ قال: إني فعال لما أريد.
و قال عمر بن الخطاب: وجدنا خير عيشنا بالصبر.
و قال الحسن: الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده.
و كنا محمد بن شبرمة إذا نزل به بلاء، قال : سحابة صيف ثم تنقشع.
و قال قيس بن الحجاج في قول الله( فصبر جميل)) قال: أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو.

انتهى. و الله أعلم

إلى حلقة قادمة مع آية قرآنية

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



ayoubamine08
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية ayoubamine08

تاريخ التسجيل: 13 - 9 - 2008
المشاركات: 861

ayoubamine08 غير متواجد حالياً

نشاط [ ayoubamine08 ]
معدل تقييم المستوى: 277
افتراضي
قديم 02-06-2009, 18:01 المشاركة 5   

موضوع الحلقة: النعمة



قال تعالى: (( صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الظالين)) سورة الفاتحة.

جاء في لسان العرب:
نعم: النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله الـخَفْض والدَّعةُ والـمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى. وقوله عز وجل:
{ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّه من بَعْدِ ما جاءته} يعنـي فـي هذا الـموضع حُجَجَ اللَّه الدالَّةَ علـى أَمر النبـي صلى الله عليه وسلم وقوله تعالـى: {ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم} أَي تُسْأَلون يوم القـيامة عن كل ما استمتعتم به فـي الدنـيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأَنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدَ؛ حكاه سيبويه؛ وقال النابغة:
فلن أَذْكُـرَ النُّعُمـان إِلا بصـالـحٍ
فـإِنَّ لـه عنـدي يُـدِيّـا وأَنْعُـمـا
و النعمة في الحقيقة سعادة في الآخرة، و ما عدا ذلك من مطلوب الحياة يجوز تسميته بالنعمة كالعلم و حسن الخلق، و عافية الصحة... و ما أشبه ذبك.
قال ابن قدامة رحمه الله : أن النعم تنقسم على ما هو غاية مطلوبة لذاتها، وإلى ما هو مطلوب لأجل الغاية. أما الغاية فهي سعادة الآخرة، و يرجع حاصلها لإلى أربعة أمور: بقاء لا فناء له، و سرور لا غم فيه، و علم لا جهل معه، وغنى لا فقر بعده، وهي السعادة الحقيقية. أما القسم الثاني: فهو الوسائل إلى السعادة المذكورة، و هي أربعة أقسام:
أعلاها: فضائل النفس، كالإيمان، و حسن الخلق.
الثاني: فضائل البدن، من القوة و الصحة و نحوها.
الثالث: النعم المطبقة بالبدن، من المال و الجاه والأهل.
الرابع: الأسباب التي جمع بينها و بين نا يتناسب الفضائل، من الهداية و الإرشاد، و التسديد، و التأييد، و كل هذه نعم عظيمة.
و نعم الله كثيرة لا حصر لها، إلا قصور عقل البشر لا يسمح بإدراكها، و النظر إليها بعين الاعتبار. فوجب على العبد في هذا المقام الشكر و الحمد على نعم الله الظاهرة و الباطنة. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: التحدث بالنعم شكر، و تركها كفر).وقال الحسن البصري: إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبا عذابا و لهذا كانوا يسمون الشكر(( الحافظ))، لأنه يحفظ النعم الموجودة، (( و الجالب))، لأنه يجلب النعم المفقودة. و قال عمر بن عبد العزيز: قيدوا نعم الله بشكر الله.و كان يقال: الشكر قيد النعم.
وشكر النعم يبسط على صاحبه النعم، و رضا الله عليه فقد قال فضيل بن عياض: كان يقال: من عرف نعمة الله بقلبه، و حمده بلسانه لم يستتم ذلك حتى يرى الزيادة، لقوله تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم)) سورة ابراهيم. و قال الحسن: إذا أنعم الله على قوم سألهم الشكر، فإذا شكروه كان قادرا على أن يزيدهم، و إذا كفروه كان قادرا على أن يبعث نعمته عليهم عذابا.
قال ابن أبي الدنيا أنشدني محمود الوراق:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة
علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف وقوع الشكر إلا بفضله
و إن طالت الأيام و اتصل العمر
إذا مس بالسراء عم سرورها
و إن مس بالضراء أعقبها الأجر
و ما منها له فيه منة
تضيق بها الأوهام و البر و البحر
أما الغفلة على النعم فلها أسباب :
أن الإنسان لجهله لا يعد ما يعم الخلق في جميع أحوالهم نعمة فلذلك لا يشكرون على جملة مما ذكرناه من النعم.فلا ترى البصير يشكر صحة البصر إلا أن يعمى، فإذا أعيد بصره أحس بفضل النعمة وشكر.
فإن من اعتبر حال نفسه، و فتش على ما خص به، و جد لله تعالى عليه نعما كثيرة، لا سيما من خص الإيمان، والقرآن، و العلم، و العقل، ثم الفراغ و الصحة، والأمن، و غير ذلك، و قد قال بعضهم:
إذا القوت يأتي لك
في الصحة و الأمن

و أصبحت أخا حزن
فلا فارقك الحزن.
و عند رجوعنا إلى الآية الكريمة من سورة الفاتحة نجد أن الله عز و جل قال الذين أنعمت عليهم)) و لم يقل ( المنعم عليهم)، كما قال : (( المغضوب عليهم))، وهذا لأن أفعال الإحسان و الرحمة و الجود تضاف إلى الله عز و جل، فيذكر فاعلها منسوبة إليه و لا يبنى الفعل معها للمفعول، فإذا جيء بافعال العدل و الجزاء و العقوبة حذف الفاعل و بني الفعل معها للمفعول أدبا في الخطاب ، و إضافته إلى الله أشرف، فسمى أفعاله. و هذا ما ذكره ابن القيم في كتاب بدائع الفوائد في قوله: ( فمنه هذه الآية فإنه ذكر النعمة فأضافها إليه و لم يحذف فاعلها، و لما ذكر الغضب حذف الفاعل و بني الفعل للمفعول، فقال المغضوب عليهم)). قال في الإحسان (( الذين أنعمت عليهم).

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



التعديل الأخير تم بواسطة ayoubamine08 ; 02-06-2009 الساعة 18:09
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تأملات, قرآنية

« الحث على إنفاق المال في سبل الخير مع الثقة بالله | شا هد احسن البرامج الاسلامية التلفزية »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تأملات في قصة أصحاب الكهف imimzirg دفاتر المواضيع الإسلامية 0 22-03-2009 16:23
تأملات جريح غزة 4 الحواط دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 0 22-01-2009 21:33
تأملات جريح غزة الحواط دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 0 06-01-2009 21:22
تأملات في سورة الكهف aboudi08 دفــتــر الـقرآن الكريم 1 26-10-2008 16:49
تأملات الفوقى النكــت والطرائف 8 28-09-2008 15:40


الساعة الآن 23:38


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة