تطالعنا بين الحين و الآخر مقالات على أعمدة بعض الصحف و الجرائد اليومية تكيل تهما جزافية و باطلة للأساتذة ، بدعوى أنهم مسؤولون عن تردي مستوى التعليم ببلادنا ، و يذهب بعضهم في ذلك كل مذهب و يعقد المقارنات و يبكي الـماضي التليذ بكل ما يـملك من دموع التماسيح و يـحن إلى أيام بوكماخ و الطرائق التقليدية و العصا و ماترتب عنها من إنجازات .
و الـحقيقة أن واقع التعليم عرف تحولا كبيرا ليس في المغرب فحسب ، و إنما في العديد من الدول التي كانت رائدة في هذا المجال ، و ذلك بحكم تداخل مجموعة من المتغيرات المرتبطة بواقع تطور الفضاء التواصلي في العالم بأسره و التحديات الجديدة التي طرحها أمام صانع القرار التربوي .
و لعله من نافلة القول التذكير بأن الأستاذ لم يعد في زماننا تلك الموسوعة المعرفية الوحيدة التي كان التلميذ ينهل منها كل ما يريد أن يعرفه ، و هذا ما جعل الطرائق تكون عمودية لكون التلميذ كان يفتقد إلى مصادر و مدخلات معرفية خارج مدرسية .أما الآن ، فدور الأستاذ تغير إلى وضع أفقي يقتصر في الغالب على التوجيه و تلقين الكفايات و أصبح التلميذ مشاركا و إيجابيا في بناء الدرس ، و أصبح تتبعه ضروريا من قبل الأسرة و هيئات المرافقة التربوية .
و من خلال تجربتي في تدريس اللغة العربية بالخارج ، أؤكد لكم جازما أن الأستاذ المغربي يتمتع باحترام كبير من قبل الدوائر التربوية في فرنسا ، فهم ينوهون في تقاريرهم بالمستوى الممتاز الذي يميز الأستاذ المغربي عن بقية الفاعلين التربويين الأجانب من ذوي الجنسيات الأخرى ، و يعجبون بقدرته على التوافق مع مستجدات التربية .
و خـلاصة القول ، فإن كان هناك لوم يـجب أن يوجه إلى جهة ما ، فالأستاذ حتما ليس هو العنوان الصحيح الذي يـجب إرساله عليه .