الحلقة 5
لامناص من الفرعية(2/2)
أحصيت ما بقي لي من نقود، اقل من 400 درهم.لم أتبضع بعد، يلزمني الزيت، اللحم
الشمع، القطاني، العجائن. . . بمقدوري الاستغناء عن كل مشترياتي إلا السجائر
كل شيء يهون، لكن المعضلة، كل المعضلة في السجائر،
منذ أن غادرت المنزل وأنا اشتري العلبة تلو الأخرى،كما لاحظت أن إقبالي على السجائر
في ازدياد مستمر،بمعدل علبة في اليوم،من نوع ماركيز.وهذا النوع من السجائر خاص بالطبقة الوسطى من المدخنين،في حين أن الطبقة المترفة تدخن السجائر الشقراء مثل مارلبورو،أو وينستون،في حين أن سجائر كازا، خاصة بالطبقة المسحوقة من الشعب، ،لكل طبقة دخانها، الطبقية في كل شيء، حتى في الدخان،( الله يستر) ولم لا؟؟؟ما دامت موجودة في السكن، والغذاء، والصحة، والتعليم و و و. . إذا عرف السبب، بطل العجب.
دخلت لدوار ابن يعقوب للتبضع، مرفوقا بالأستاذ السطاتي ،المنازل منتشرة دون هندسة تذكر، مستندة على سفح الجبل، في تزاحم غريب، أتراهم يبتعدون في السكن من الوادي
تحسبا للفيضان؟ هم أدرى،
الدور أقرب للكهوف منها للمنازل، مبنية من الحجر والتراب من غير طلاء، الأزقة ضيقة
،مررنا في طريقنا من أمام المطحنة،ثم الزاوية،الدكاكين تعدها على رؤوس الأصابع 3 أو 4 دكاكين،موضوع السجائر لا زال يجثم على تفكيري ،ابتسمت كمن اهتدى إلى حل،وجدتها، والله وجدتها:
كازا،أنا ابن كازا وسأدخن كازا،معادلة مقنعة ومريحة، أعدت بها التوازن إلى نفسي،وأقسمت أن أقتني علبة وينستون من أول ربيل، وان أضع العلبة فوق طاولة المقهى بجانب الولاعة،احتسي القهوة
وأتبرع على أصدقائي ممن أراد التبرع ب وينستون أقسمت أن أعيش
الترف ولو أسبوع، أن أتطاول على طبقة ليست طبقتي،وأن أقتحم مجال جوها
اشتريت 25 علبة سجائر كازا تسمى" ترس"دابا أرا برع،
كما اشتريت قطاني وعجائن ومصباح يدوي وبطاريات وشمع و و و
ولم يبق إلا 150 درهم
حين اعتدل الجو على الساعة الرابعة زوالا، ودعت زملائي في المركزية،وأوصيتهم أن يبعثوا لي كراطني إلى الفرعية مع أول صاحب دابة( بغلة)
كنت ارتدي قميص وسروال جينز وحذاء رياضي وعلى رأسي قبعة،
تقيني أشعة الشمس،وعلى كتفي حقيبتي ،بها ماء
اتبعت التوضيحات التي قدمها لي زملائي من قبل،لمعرفة الطريق المؤدية إلى الفرعية ،مسيرة ساعتين، في نصفها تنحرف الطريق ليصبح مسرب(ممر)على أنه طريق الفرعية ،كما نبهني إخواني الأساتذة،
وصلت مفترق الطرق، حينها أحسست بالجوع لأني لم أتغذ جيدا،
فتحت حقيبتي وأخرجت كرواصة، تلك التي كانت أعدت لي والدتي
قبل رحيلي،وجدتها يبست،تذوقتها ،وجدتها حلوة،كل قضمة ، أرتشف
من ورائها ماء، ملأت بطني،حمدت ربي، وواصلت طريقي . . .
اعترضني جبل،صعدت إلى قمته، نظرت، إنها الفرعية
في أسفل الجبل،الوادي ضيق ومتعرج، ونخيل في كل مكان،
منظر رائع، قلت : آخذ نفسا قبل النزول،أخرجت آخر سيجارة ماركيز
وبدأت أنفث دخانها في ما يشبه التأمل،وأقول مع نفسي:هنا كتب عليك العيش يا سي الأستاذ . . .