الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
إخواني أخواتي الدفاتريون،
بادىء ذي بدء أشكركم على اهتمامكم بكتاباتي المتواضعة ثانيا سأنتقل لبعض الأمور التي ربما لم تكن واضحة.
توجيه رسالتي هذه إلى كل الناس كان بسبب في غاية الأهمية ألا وهو مصير الإنسانية الذي يتحكم فيه كل من المسلمين والنصارى واليهود... وكذلك الملحدون.
مسؤولية الجميع...
لهذا أناشد كل الناس من أجل التبصر والتمعن في القضايا التي ورثوها عن أهلهم ومجتمعاتهم والتأكد من إيمانهم واعتقادهم بها.
أنظروا إلى ما هو واقعي،
اليهودي يلد يهوديا
النصراني يلد نصرانيا
المسلم يلد مسلما
والملحد يلد ملحدا
كل ولد يتبع دين والده، وهذا واقع لا شك فيه ولا مغير له إلا في حالة ماإذا أينع الشخص ودرس وتثقف وجال واختلط وعرف الآخرين، في هذه الحالة فقط يصبح من الممكن لهذا الشخص أن يختار الملة الصحيحة ولا أستثني هنا الهداية الإلهية التي تسع من يشاء سبحانه قادر على كل شيء.
إن الظروف المتوترة التي يمر بها العالم حاليا لا تسمح للإنسان بأن يقف وقفة جريئة كهذه، ومن الملاحظ أن الديانات تتصارع فيما بينها وهذا ماسيزيد الطين بلة بتشدد كل واحد لدينه .
والسبب الرئيسي في هذا الصراع هو تخوف أعداء الإسلام من القوة التي يمتلكها هذا الدين العجيب ومما يمكن أن تصل إليه أمته من تقدم باستخدامها. ولهذا السبب صنعوا كل هذه الأساليب التي نراها ونلمسها من أجل محاربته.
هذا من جهة،
من جهة أخرى، لم أجعل في كتابتي من الفكر مصححا للعقل لأنني أؤمن بأن العقل هو صانع الفكر وهو مؤسسه. فعلا لقد قلت أن ما يتطلبه تطوير المعرفة الإنسانية هو تطهير العقل وتنقيته وما أردت قوله من هذا هو أن على العقل تصحيح نفسه بنفسه لكي يكون بمقدوره تصحيح الفكر. وعليه، فهو يحتاج إلى نقد ذاتي مثلما تخضع له العلوم لما تقوم الإبستومولوجيا.
أما فيما يخص الأسس العلمية التي يمكنكم استفساري عنها والتي من الواجب أن تنبني عليها نشأة الكون فينبغي أن تتمثل في النظريات التي توفق ببداهة منطقية بين الظواهر وقوانينها ونجد منخلالها تفسيرا للصور التي تبدو أمامنا كل مرة بشكل مختلف. إن الصور التي نراها بأعيننا المجردة أو تلك التي نراها بمساعدة الآلات هي صور حقيقية بالفعل لكن المشكلة في قراءتها وهو ما اختلف فيه الفلاسفة والعلماء منذ البداية. إن قراءة وتحليل صور الأشياء ومحاولة الربط بين الظواهر والأسباب كل هذا يحتاج إلى المنطق الذي يعد مقياسا للعقل في تعامله مع الأمور. فمثلا لو قلت لكم أنني استيقضت على الساعة السابعة صباحا ثم وصلت إلى العمل على الساعة السابعة إلا ربع صباحا ستردون علي قائلين إنه كلام بلا معنى ومخالف للمنطق. لهذا السبب يجب على الأمور أن تسير على مقياس المنطق لفهم الأشياء الكبيرة "نظام الكون" كما هو الشأن بالنسبة للأشياء الصغيرة "نظام الذرة".
إن النموذج الذي وضعته لتركيب الكون سوف لن تجدون فيه عبارة واحدة تخالف المنطق كما أن ما هو علمي فيه فهو محض يعتمد على القواعد الفيزيائية التجريبية التي لا تحتاج إلى تجارب للتحقق منها. إضافة إلى هذا كله هناك أشياء لا يمكن أن تخضع إلى التجربة كتفكيك الأرض مثلا لمعرفة ما بداخلها.
أما قضية كيف تم ذلك من وجود أو من عدم فهي مسألة يجب توضيحها.
لاشيء يأتي من عدم، فالعدم هو لاشيء فكيف يخرج منه شيء؟
كل ما في الأمر هو أن الكون الموجود الفاني يوجد ضمن وجود دائم.
إن الكون الذي حير العقول لا قيمة لعظمته أمام أبدية مجال الله اللامنتهي. إن حجم الكون بالمقارنة مع حجم الوجود الأبدي يعد مهملا ومهما كبر الكون في أعيننا ومهما وصلت أبعاده فالبحث فيه ودراسته يتطلبان تصغيره مثلما يتطلبان الربط بين العالمين العالم الفاني والعالم الدائم
وفيما يخص البيغ بانغ واتخاذه كبداية لتفسير طبيعة ونشأة الكون فكما قالت سيدة الطرب، كوكب الشرق، السيدة أم كلثوم:
أهُ دا إللي مش ممكن أبدا.
لقد ترتب على كون كل شيء في الكون يموت ويفنى كما سبق أن قلت، أن يكون لوجوده ابتداء وظهوره لم يكن مستقلا عن ذات الوجود الدائم الذي هو الله بل جاء منه وسيبقى فيه، وبمشيئته انطلقت نشأته ومن ذاته الممثلة للوجود جاء كل شيء. ومما لا شك فيه أن جوهر الأشياء له ارتباط شديد بهذه الذات وبالتالي يكون هذا الجوهر هو مادة الكون، مثلما نقول عن الخشب مادة السبورة، فهو صلة الوصل بين الصانع والمصنوع بمعنى أنه الوسيلة التي سخرها الله من ذاته لصنع الكون ما دام هو منه، ولا يصح أن نقول أن الجوهر مادة الله لأن ليست لله مادة يمكن للعقل البشري تصورها، وإنما أعني بالجوهر هنا أصل السلسلة السببية الكامن وراء كل الأشياء الموجودة ومدعوم بقوة الله.
تذكير
إن ذات الوجود الأزلي غير قابلة للوصف لأن الوصف لا يتم إلا بإسقاط أو تشبيه الشيء المراد وصفه بشيء آخر معروف ومألوف لدى الشخص السائل، وحسب ماهو معروف أن الأشياء التي لم يسبق لنا رؤيتها أو لمسها يصعب علينا تخيلها أو بالأحرى التحدث عنها إضافة إلى أننا نعيش في عالم كله من الذرات لأن بين كل ما هو موجود في الكون يوجد قاسم مشترك وحيد هو الذرة ممـا يعني أن عــالمـنا هو عــالم النواة والإليكترون، والأشياء تتميز لنا فيه عن بعضها البعض باختلاف تركيباتها، أما عالم الوجود الأبدي فليس فيه ذرات لأنه ببساطة لو كانت فيه مثل هذه الأشياء لكان فانيا لأن الذرات تفنى.
إن فكرة الانفجار العظيم هذه يغلب عليها الطابع الأسطوري أكثر مما يغلب عليها الطابع العقلاني، والحديث عن أصل الأشياء لا يجوز أن يبدأ من شيء مركب كالغاز أو الغبار الكوني أو...، مما يستلزم أن يبدأ الترتيب التسلسلي للتطور الذي عرفته المادة من شيء لا يقبل التقسيم. ومن ثمة لا يصح اعتبار الموجود المتغير موجودا جوهريا بل يجب البحث عن الشيء الذي يوجد في كل الأشياء الذي يحتفظ بخصائصه رغم اختلاف وتنوع ظروف الأنواع التي تتكون منه حتى يؤهله ذلك بأن يعتبر قضية البداية.
إن قضية البداية تبدأ مع البروتونات وكل ما يمكن قوله عن هذه الأخيرة هو أنها عند الأشياء الفانية أي داخل الكون تعمل مقيدة خاضعة لنظام معين وحركتها الدورية والمغلقة ولَدت ما نسميه الذرات التي تشكل كل ما هو موجود في هذا الكون ويتجسد لنا فيه على شكل أشياء، أما عند الجسم الأبدي فالأمر يختلف لكون هذا الأخير لا يفنى وهي بذلك لا تعمل فيه بشكل دوري ومغلق وإنما كل ما يمكن قوله أنها تعمل بشكل مفتوح وما دام الأمر بهذا الشكل فلا أحد يمكن تصور ذلك.
أنتظر ردودكم