ذلك المساء، انتهى من المهام التي كلفه بها رئيسه في المصنع، و استقل سيارة أجرة للذهاب إلى بيته.
في الطريق إلى المنزل، توقفت السيارة لتصعد إليها امرأة عجوز و شاب. جلسا في المقعدين الخلفيين.
كان استغراب العجوز من ارتفاع سعر نقل ( التاكسي) الصغير كفيلا بإعلان افتتاح جلسة من جلسات الإعتراف بهموم و مشاكل كل فرد.
بدأ السائق يسرد القصة المألوفة للزيادة في أسعار البترول بعد الأزمة العراقية و تأثير ذلك على تكلفة الوقود الذي يعتبر ارتفاعه سببا رئيسيا في ارتفاع سعر النقل.
ثم بعد ذلك انتقلت الكلمة إلى العجوز التي اقتبست الزيادة في سعر الوقود لتثير انتباه الراكبين إلى زيادة أخرى في الزيت و السكر و الدقيق و المواد الأولية.
أما الشاب، فقد كان همه و شاغله الأكبر هو الحصول على شغل أو الهجرة إلى إيطاليا للمتاجرة في المخدرات، و عبر عن إحباطه الدائم و المتكرر من سوق الشغل.
تطلع الكل إلى صديقنا انتظارا لمشاركته بالكلام، فإذا به يبدأ في الضرب على حقيبته عدته، ويغني ضاحكا و مرددا:" المازوط زادوا فيه... الزيت زادوا فيه... الخدمة ما كايناش... " ثم استطرد قائلا :" مالكوم سادين عليكم في تاكسي و تا دْوِيوْ بشْويَّا حشمانين و خايفين لا يسمعكم شي حد، ... غَوْتُو.. غَوْتُو!!
نزل من السيارة، و دفع للسائق أجرته، ثم دخل إلى منزله.