يحل في العاشر من أكتوبر اليوم الوطني للمرأة، و هي فرصة لنساء المغرب من أجل الوقوف على مختلف الإنجازات في مجال المرأة
:حيث تُشرع أبواب القنوات الوطنية للناشطات النسائية من أجل ترديد الخطوات التي تم قطعها في ما يسمِّينهُ "النهوض بأوضاع المرأة المغربية " مُصورات وضعها بالجيِّد و مُستشهدات بما حققنه من إنجازات لصالح المرأة ،عاقدات العزم على مواصلة نضالهن من أجل نيل المزيد من الحقوق و المكتسبات.
و المتمعِّنُ في الواقع ،سيَتَفَطَّنُ إلى أنَّ واقع النساء في المغرب اليوم لا يسرُّ صديقا و لا عدو ،حيث تواجهن مُشكلات كبرى تعصف مستقبلهن النفسي و الإجتماعي و تُنَكِّد حياتهن اليومية.
فاليوم بلغت العنوسة أرقاماً خيالية تجاوزت كل الخطوط الحمراء ، حيث تجاوز عدد العانسات اللواتي تجاوزن سن 35 سنة المليون و نصف مليون عانس .هذه المشكلة العويصة ما فتئت تلقي بتداعياتها على نفسية النساء في المغرب اللواتي أضحين يبحثن عن النصف الآخر بشتى الطرق و السُبل :كالشبكة العنكبوتية و إغراء الرجال، بل و طرق أبواب السَّادات و العرَّفات ، هذه المظاهر و السلوكات أصبحت مادة دسمة لعديد الأفلام والمسلسلات و التي تظهر النساء في أحقر الصور راكضات خلف أطياف الرِّجال مستجديات نظرتهنَّ و عطفهن.
المجتمع المغربي أيضاً كان له حظٌّ من التأثيرات السلبية للعنوسة،فلا يخلو شارع من شوارع أي مدينة مغربية من جَحَافِل النساء بلباس العُري و السفور و اللواتي يُبدين زينتهن لمن هبَّ و دب رغبة في تصيُّد زوج أو تماشياً مع آخِر صيحات الموضى... كل هذا زاد من استفحال سوء الأخلاق و الزنا و المواليد خارج إطار الزواج و تجارة الرقيق الأبيض في أوربا و الخليج ، لتصبح سُمعة المرأة في هذه البلاد سيئةً داخل و خارج المغرب ،فمؤخراً طالعنا أخباراً حول مسلسل مصري يسمى "العار" ،المسلسل يعطي صورة قبيحة حول المرأة المغربية: ففي إحدى حلقاته يعرض مشهدا داخل ملهى ليلي يتنافس فيه مصري مع شخص خليجي على فتاة مغربية يظهرها المسلسل كبائعة هوى .
إلى جوار استفحال ظاهرة العنوسة و سلبياتها ، نجد كذلك تصاعداً جنوني لنسبة الطلاق، حتى باتت محاكم المملكة تعج بملايين الملفات و أبوابها غاصة بالنساء اللوتي ينتظرن البث في ملفات طلاقهن ،و من الملاحظ أن طلبات الطلاق إرتفعت بشكل ملموس بعد دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ ،ما دامت قد فتحت المجال أمام النساء لتطليق أنفسهن -و لأتفه الأسباب- دون الرجوع إلى الزوج ،من خلال نوع جديد من الطلاق جاءت به "المدونة الجديد" يسمى التطليق "للشِّقاق".
وجود عدد كبيرٍ من المطلقات ساهم أيضاً في التفسُّخ الأخلاقي ما دام أن بعض النساء يضطررن إلى بيع أجسادهن من أجل إعالة أسرهن ،كما تدفع هذه الظاهرة بالكثيرات إلى الإشتغال في أعمال تفتقد إلى أبسط الشروط الإنسانية و يتقاضين أبخس الأجور،بل إنَّ البعض يضطررن إلى التسوُّل و هذا حال يعرفه الجميع.
الجمعيات النسائية تتحَّدَّثُ فقط عن حقوق المرأة عند الطلاق و تشتيت الأسر و تتبجَّح بأنَّ المرأة المغربية إعتلت أسمى المراتب فصارت رُبان طائرة و وزيرة و مهندسة ... و تطمح إلى ما هو أكثر،إنجازاتٌ حُقِّقَتْ على حساب الأسرة والمُجتمع :فعمل المرأة يكون على حساب أسرتها و أولادها الذين يكونون الضحية الأولى لخروج المرأة للعمل ،فأصبحنا نشاهد أطفالا رضَّعا ينشؤون و يترعرعون في الحضانات بعيداً عن حنان الأم و عطفها بل إن من الأطفال من لا يتسنى له رؤية والدته و اللهو معها ما دامت لا تَدْلِفُ باب البيت إلّا من أجل النوم و الرَّاحة حتى تستيقظ ليوم عمل جديد.
هذا الإهمال في الرعاية خلَّف أجيالا من المراهقين و الأطفال الناهمين من مختلف الإختلالات النفسية كالإكتئاب و انفصام الشخصية و فساد الأخلاق .
الجمعيات النسائية لا تُكلِّف نفسها عناء البحث عن حلول لمثل هذه المشكلات التي يكتوي منها المُجتمع المغربي رجالا و نساءَ، ما دامت المقاربة الأخلاقية غائبة في تعاطي هؤلاء مع شؤون المرأة في هذا البلد، لأنها (الجمعيات النسائية) تخدم أجندات أخرى ترمي إلى تمزيق المجتمع من خلال تفكيك نواته الصغرى (الأسرة) و لتحقيق ذلك وَجبَ تحطيم عمودها الضعيف و هو المرأة.
موكال عزيز