الحوار الاجتماعي بين مصداقية الحكومة ومصداقية النقابات بقلم الأستاذ سعيد مندريس - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالأخبار والمستجدات الوطنية المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم المدرسي و التكوين المهني

أدوات الموضوع

ابن خلدون
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 7 - 2 - 2008
المشاركات: 2,478
معدل تقييم المستوى: 448
ابن خلدون على طريق التميزابن خلدون على طريق التميزابن خلدون على طريق التميز
ابن خلدون غير متواجد حالياً
نشاط [ ابن خلدون ]
قوة السمعة:448
قديم 30-01-2009, 16:45 المشاركة 1   
افتراضي الحوار الاجتماعي بين مصداقية الحكومة ومصداقية النقابات بقلم الأستاذ سعيد مندريس

الحوار الاجتماعي بين مصداقية الحكومة ومصداقية النقابات ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹبقلم الأستاذ سعيد مندريس

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
- مقدمة
2مفهوم الحوار الاجتماعي
- مفهوم الحوار الاجتماعي التشاوري
- مفهوم الحوار الاجتماعي التفاوضي
3 - الحوار الاجتماعي و مصداقية الحكومة
4- الحوار الاجتماعي و مصداقية النقابات
5- شروط الحوار الاجتماعي
6- سياق الحوار الاجتماعي في المغرب
7- خلاصات

1- مقدمة :
لقد أصبح الحوار الاجتماعي في المغرب يحتل مكانة هامة في تنظيم العلاقات المهنية باعتباره احد الركائز الأساسية إن لم نقل أفضلها لتطوير العلاقات الاجتماعية و المهنية بين المكونات الثلاث الحكومة والنقابات وأرباب العمل، حيث إن أسلوب التعامل الذي كان سائدا بين هذه المكونات خلال فترات ما قبل منتصف التسعينات هو سياسية شد الحبل ، فالنقابات لم تكن تجد من آلية تضغط بها لتحقيق مطالبها سوى النضال والإضرابات والاعتصامات والمسيرات ، فكانت الحكومة تواجهها بالاعتقالات والتضييق على الحريات، فساهم هذا الوضع طيلة عقود في إنهاك قوة جميع الأطراف، إلى أن اهتدت في سياق ما شهده العالم بفعل انتشار مفاهيم الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وبفعل العولمة وانتشار النظريات الليبيراليّة لاقتصاد السوق وتحرير التجارة التي أصبحت واقعا على بلدنا ، من الاقتناع بان لا مناص لحل الإشكاليات الاجتماعية وإقامة التماسك الاجتماعي من الحوار الاجتماعي كخيار حضاري يبرز مدى أهمية التعاون والتنسيق وكوسيلةٍ لخلق ظروفٍ يستطيع الأطراف الاجتماعية بواسطتها مناقشة المصالح المجتمعية وسط أجواء سليمة و هادئة تمكن من الوصول إلى قرارات فعالة وقابلة للتطبيق ميدانياً، تراعي حقوق ومتطلبات كل طرف ، وتضمن إقرار سلم اجتماعي على مختلف المستويات ،
لكن الحوار الاجتماعي في بلدنا رغم انه أصبح يحظى بمزيدٍ من القبول فلازال يبنى على التناقضات في المصالح إذ يستعمله كل طرف في النسيج الاجتماعي لتحقيق أهداف تختلف عن أهداف المكونات الأخرى، فالحكومة لا تلجا إليه إلا عند بلوغ درجة الاحتقان أو ارتفاع درجة التوتر في صفوف الطبقة العاملة، بينما أرباب العمل يعتبرونه غير ذي جدوى وأنهم غير معنيين به ولا يأتون إليه إلا مجبرين، أما النقابات فتجد نفسها غير قادرة على التحكم في جولاته فتتعاطى مع الحوار الاجتماعي كما تريد الأطراف الأخرى، هذا الشكل من الحوار الاجتماعي وبهذه المقاربة يؤثر بدون شك على مصداقية الحكومة والنقابات وهو ما يجعلنا أمام طرح إشكالية أي مفهوم لحوار اجتماعي نريد؟ وما تأثيره على مصداقية الحكومة و النقابات ؟ وما هي شروط بناء حوار اجتماعي حقيقي ؟ وهل من بديلٍ حالياً عن الحوار الاجتماعي ؟
2- مفهوم الحوار الاجتماعي :
لقد ساعد انتشار مفاهيم الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان على تطوير مفهوم الحوار الاجتماعي، كما حظي هذا المفهوم باهتمام منظمة العمل الدولية، حيث صادق المؤتمر الدولي للعمل سنة 1949 على الاتفاقية رقم 98 المتعلقة بالتنظيم والمفاوضة الجماعية، كما صادق سنة 1981 على الاتفاقية 154 حول المفاوضة الجماعية،وفي نفس السياق صادق مؤتمر العمل العربي لسنة 1979 على الاتفاقية رقم 11 بشأن المفاوضة الجماعية والتي جاء في ديباجتها: "أن المفاوضة الجماعية هي الوسيلة الفعالة لتنظيم علاقات العمل على أسس عادلة بما يتماشى مع التطور الاقتصادي والاجتماعي، وأنها تكتسي سمة خاصة حيث تلتقي فيها إرادة جميع الأطراف لتنظيم شروط وظروف العمل وتحديد الحقوق والمزايا التي تقرر للعمال بما يحقق السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية".
و بتعريف أشمل يمكن اعتبار الحوار الاجتماعي كل مفاوضةٍ أو مشاورةٍ أو أيّ نوعٍ آخر من التفاعل بين أطراف الإنتاج الاجتماعي من أجل البحث عن حلولٍ للمشاكل والقضايا الاجتماعية التي تؤدي للتوصل إلى صياغة أو اتخاذ قراراتٍ مقبولةً و تحقيق فهمٍ أكبر للمصالح المتعارضة للأطراف بهدف المصلحة العامة مع ضمان الفرص المتزايدة لتقبّل هذه النتائج التي تحقّقها لدى مجموعة أوسع من المجتمع ، و يعتبر الحوار الاجتماعي كما أكدته تشريعات الشغل التي جاءت بها مدونة الشغل المتوافق حولها " إن الحوار الاجتماعي يعتبر عاملا هاما في تحريك وتنشيط الحياة الاقتصادية وتوفير المناخ الملائم و الفعال لتطوير الإنتاج ، كما أنه يتضمن مدلول التفاعل بين الأطراف الثلاث للإنتاج (أصحاب العمل والعمال والحكومة) باعتباره عاملا أساسيا لدفع عجلة التنمية، من خلال صياغة وتنفيذ السياسات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي على أساس التعاون و تحقيق توافق أكبر بين المصالح التي يمكن أن ينظر إليها على أنها متعارضة بالنسبة للأطراف، فالحوار و التشاور في العلاقات المهنية يُعتبر إستراتيجية لتحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي المتوازن، واستقرار العلاقات الاجتماعية و المهنية و استتباب السلم الاجتماعي الذي يعتبر من أهم الأهداف التي يسعى إليها الحوار الاجتماعي "، إن الحوار الاجتماعي يمكنه أن يتّخذ شكل مشاوراتٍ ثابتةٍ أو منتظمةٍ بين الأطراف بهدف تبادل الأفكار والآراء حول بعض الشؤون الاقتصادية أو الاجتماعية، ويمكنه أيضا أن يأخذ شكل مفاوضاتٍ ، بهدف صياغة اتفاقات مُلزِمة أو أي أنواع أخرى من المواثيق أو المعاهدات لتطبيقها على المستوى المُتَّفق عليه، سواء اتّخذ هذا الحوار شكل مشاوراتٍ أو مفاوضاتٍ ، او كان على مستوى قطاع وظيفي بأكمله أو قطاع صناعي او داخل مؤسسة أو مصنع .
2- أ - مفهوم الحوار الاجتماعي التشاوري : التشاور الاجتماعي يكون حول قضايا محددة يفضي إلى صياغة توصيات واقتراحات وملاحظات، وقد يفضي إلى اتفاقية جماعية لا يترتب عنها سوى التزامات معنوية وأحياناً سياسية، نموذج الحوارات الاجتماعية التشاورية التي تمت بين الحكومة والنقابات حول : مدونة الشغل ، وملف التغطية الصحية، وملف التقاعد، و ملف التشغيل، فهذا الشكل من الحوارات يحتاج على الأقل إلى إيجاد الهياكل والآليات التي تيسر الحوار وخاصة لجان التشاور واللجان التقنية والموضوعاتية، ويتضمن أيضا لقاءات عامة موسعة، وجلسات للاستماع لتبادل الأفكار وفهم أفضل للآراء المختلفة التي يعبر عنها المشاركون، ولا يحتاج بالضرورة أن يفضي إلى إجماع الآراء، وإنما يحقق تقريب وجهات النظر من اجل الوصول إلى تفاهم مشترك ، قد يكون ملزما أثناء اتخاذ الإجراءات المتوقعة والنتائج التي يتم تحقيقها خاصة من الطرف الداعي إلى هذا الشكل من الحوار، كما حدث في جولة الحوار الاجتماعي ( ابريل 2008 ) التي تحولت من جولة حوار اجتماعي تفاوضي إلى حوار اجتماعي تشاوري بعدما لم يتم التوصل إلى اتفاق اجتماعي مما حدا بالحكومة الانفراد بالإعلان من طرف واحد يوم فاتح ماي 2008 عن التزامها بتسوية بعض القضايا كالزيادة في التعويضات العائلية وزيادة طفيفة في الأجور دون رضى المركزيات النقابات.
2- ب - مفهوم الحوار الاجتماعي التفاوضي : الحوار التفاوضي بمفهوم اشمل يعني جلوس فريقين أو مجموعتين أو أكثر في تكافؤ للأعضاء، تمثل كل واحدة منها مصالح جهة معينة (العمال، و الحكومة أو أصحاب العمل ) من اجل التفاوض والمناقشة والتعبير عن الآراء والمواقف والمطالب حول موضوع أو مواضيع معينة، تفضي في نهاية المطاف الوصول إلى اتفاق مشترك يعرف "بالاتفاق الاجتماعي" نموذج الاتفاقات الاجتماعية التي تم التوقيع عليها في غشت 1996 ، و23 ابريل 2000 و30 ابريل 2003 ، يكون وثيقة مرجعية ملزمة لكل الشركاء الاجتماعيين .
إن الحوار الاجتماعي في المغرب الذي انطلق منذ 1994 سواء كان في صيغته التشاورية أو التفاوضية لازال يعرف إشكالا حقيقيا على مستوى مأسسته ومبادئه، ففي صيغته الحالية كما تتعاطى معه الحكومة وأرباب العمل وكذا المركزيات النقابية لا يمكنه أن ينمي أو يطور العلاقات المهنية ويقود إلى تحسين المناخ الاجتماعي أو يسمح بتوسيع رقعة المكاسب الاجتماعية وإنما يؤثر بشكل ملحوظ على مصداقية الحكومة والنقابات على السواء.
3 - الحوار الاجتماعي و مصداقية الحكومة :
لازال رهان مصداقية الحكومة في تعاطيها مع الحوار الاجتماعي يحتاج إلى مقاربة جديدة لتجاوز الصيغة الحالية، إذ لازالت الحكومة تنطلق في علاقتها مع الفرقاء الاجتماعيين على أنها المؤسس الرئيسي لكل العلاقات الاجتماعية، وأنها المالكة لسلطة القرار النهائي ، كما أنها تستعمل الحوار من باب التوظيف الاجتماعي وتتحكم في توقيته ولا تبادر إليه إلا في مناسبات معروفة كالمحطات العمالية السنوية (مناسبة فاتح ماي ) أو عند اقتراب استحقاقات سياسية أو مهنية كما حدث في سنوات 2000 و2003 وهذه السنة أيضا، كما أن طريقة تعاملها مع الشركاء الاجتماعيين بدلا من أن يكون الحوار معهم متكافئاً وشفافاً ، فإنها تمارس دوراً مسيطراً وتمييزيا إما من خلال حرصها للحفاظ على منظمات تمتاز بالتمثيل المطلق والسعي لتقويتها و تمتين العلاقات العمودية معها وتوفر لها الانتفاع بامتيازات عديدة وجعلها خاضعة لعلاقة زبائنية مقابل تقديم الولاء والدعم السياسي، كما حدث خلال حقبة الثمانينات وأيضا مع عهد حكومة التناوب ، أو من خلال سعيها إلى إفشال كل تحالفٍ ممكن بين المنظمات النقابية او إقامة علاقات أفقية بينها وتوحيد جهودها، مما ساهم في إضعاف تماسكها ولم تسمح ببروز منظمات مهنية قوية قادرة على إقامة حوار اجتماعي حقيقي وجدي ، كما أن من أوجه ضعف مصداقية الحكومة في الحوار الاجتماعي انحيازها المبالغ فيه إلى جانب أرباب العمل في القطاع الخاص على حساب الطبقة العاملة، من خلال تكريس مفاهيم جديدة في القاموس الاجتماعي كمرونة التشغيل والتأجير، وارتفاع عقود الشغل المحددة الآجال، وتسهيل مسطرة التسريح والإحالة على البطالة، مقابل توسيع الامتيازات والدعم للاستثمار الخاص الداخلي والخارجي وإعطاء الأولوية لدعم رأس المال الخاص عبر الإعفاءات الجبائية والحوافز المالية على حساب الجانب الاجتماعي، ودون أن تساهم هذه المقاولات رغم التكاليف الباهضة التي وفرتها لها الحكومة في تحقيق النسب المرتقبة للنهوض بحركة النمو وتمتين هياكل الإنتاج و تطوير مؤشرات الاستثمار ، بل على العكس من ذلك ساهمت عددا من وحدات الإنتاج من افتعال توترات مع العمال والدفع بهم إلى الطرد والتشريد وارتفاع وثيرة النزاعات الاجتماعية أمام أعين الحكومة، كل هذه الاختلالات ساهمت في إضعاف مصداقية الحكومة في تعاطيها مع الحوار الاجتماعي ، هذا إلى جانب محدودية وهشاشة نتائج الجولات الاجتماعية السابقة 96 و2000 و2003 و2008 كما سيتم التطرق إلى ذلك لاحقا في فقرة السياق التاريخي للحوار الاجتماعي، وبذلك يبقى مصداقية الحوار الاجتماعي وصيانة مصداقية الحكومة رهين ببناء مؤسسات حوار حقيقي و تدعيم هيئاته، وإيجاد الآليات الفعّالة لتنفيذ الالتزامات والحفاظ على التعهدات والرقي بالحوار الاجتماعي لكي يشكل منظومة أخلاقية يحافظ على صيانة واستقرار المعاملات والعلاقات بين أطراف النسيج الاجتماعي .
4- الحوار الاجتماعي ومصداقية النقابات :
إن مدى مصداقية الحكومة في التعاطي مع الحوار الاجتماعي يؤثر بشكل مباشر على مصداقية الشركاء الاجتماعيين وفي مقدمتهم المركزيات النقابية، فالحكومة مطالبة من اجل الحفاظ على مصداقية الحوار الاجتماعي خلق بيئة وثقافة حوار حقيقي مع النقابات عبر إرساء علاقات تعاقدية مستقرة ومستمرة وواضحة تبنى على أساس التمثيل العمالي الذي تفرزه انتخابات المأجورين، وليس على أساس الولاء أو التواطؤ السياسي، فلابد للحوار من منظمات عمال حقيقية تتمتّع بما يكفي من المستوى التمثيلي والشرعيّة التي تجعلها فعّالةً وقادرة على أن تتحدّث باسم أعضائها وتكون مستقلّةً في اتخاذ قراراتها ، وتتمتّع بالاستقلالية المالية والتنظيمية والمعرفة التقنية اللازمة التي تؤهلها للمشاركة بكفاءةٍ في الحوارات الاجتماعية، وقدرتها على إبرام الاتفاقيات الاجتماعية نيابة عن العمال والمنخرطين فيها (وغير المنخرطين) مما يجعلهم ملتزمين بأحكامها ومقتضياتها وكأنهم قد شاركوا جميعاً في إبرامها ، غير أن مصداقية النقابات العمالية الأساسية قد اهتزت خاصة (ا م ش ) عندما اصطفت طيلة عقود إلى جانب الحكومات المتعاقبة، كما اهتزت مصداقية (ك د ش و ا ع ش ) بعد مجيء حكومة التناوب عندما اصطفّت هذه المركزيات إلى جانب أحزابها السياسية الحاكمة، وضعف أداؤها في جولات الحوار الاجتماعي خلال هذه المرحلة نتيجة سقوطها في ازدواجية الخطاب وعدم قدرتها على إحراج الحكومة ، فدب الشك والارتياب في صفوف العمال ومناضلي هذه المنظمات مما أدى إلى انشقاق في (ك د ش) التي أنجبت ف د ش ( الفدرالية الديمقراطية للشغل ) وانشقت عنها أيضا م د ش ( المنظمة الديمقراطية للشغل)، كما تمت الإطاحة برئيس الاتحاد العام للشغالين ولم يسلم الاتحاد المغربي من الهزات التنظيمية الداخلية، فساهم هذا الوضع في تفتيت الحركة النقابية واثر على قوتها وحضورها، فنتج عن ذلك تنامي ظاهرة تناسل النقابات الصغيرة واللجان الفئوية ، ومما عمق من أزمة مصداقية النقابات أيضا في علاقتها مع الحوار الاجتماعي عدم قدرتها على التخلص من آلياتها القديمة واستمساكها بالإشكال النضالية التقليدية التي تنحصر في أشكال الاحتجاج، وعجزها مسايرة التحول من النضال الاحتجاجي إلى النضال من خلال الحوار الاجتماعي، فبرز عند أغلب المنظمات العمالية ضعف التكوين النقابي في مجال الحوار والتفاوض الاجتماعي سواء لدى الإطارات النقابية العليا، أو المتوسطة أو الدنيا، وخاصة في مجال تقنيات وأساليب الحوار والتفاوض مع الأطراف الأخرى الرسمية أو غير الرسمية ، وتشكل نقطة ضعف دائمة لدى أغلب المنظمات النقابية، وأصبحت تعتبر من بين التحديات الذاتية التي على المنظمات النقابية مواجهتها، فقوة مصداقية المنظمة النقابية تتطلب دعم وتكوين القيادات المتخصصة التي تتولى الحوار الاجتماعي ،عبر اكتساب مهارات الثقافة الحوارية وكيفية التفاوض والإقناع والتدريب واكتساب التجربة في شؤون السياسات الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الصناعية، نظرياً وبالممارسة، والقدرة على فهم وصياغة الاقتراحات الاقتصادية أوالقانونية التي غالباً ما تكون معقّدة، فالنضال من داخل الحوار الاجتماعي يحتاج إلى حنكة وتجربة وتحكم في قواعده وتقنياته، وقدرة فائقة على المناورة والتكيف مع تغير المعطيات، وبراعة في اختيار البدائل والقرارات المناسبة لكل وضع مستجد، وتسند مهمة القيام بها إلى فريق ذو تكوين علمي وعملي ميداني، له القدرة على تحليل المعطيات وتقديم البدائل اللازمة ، فالحوار معركة يحتاج إلى تحضير مسبق، وإستراتيجية محكمة واضحة المعالم والأهداف، وهذا ما تفتقده اغلب النقابات التي تشارك بارتجالية ودون دراسة للملفات وليس لها اقتراحات موحدة ومواقف مدروسة غير ما يجتهد فيه الحاضرون في جولات الحوار بالاعتماد على تراكماتهم وتجربتهم ،
كما أن من بين التحديات التي أصبحت تفرض نفسها على النقابات كذلك في عصر الثورة الرقمية اكتساب المهارات التكنولوجية واكتساب الآليات الحديثة في مجال تقنيات الاتصال لمسايرة متطلبات الحوارات وتجميع المعطيات، وإيصال المطالب بأشكال واضحة ومبررة ومقنعة إلى الشركاء الآخرين، فارتهان التنظيمات النقابية إلى الطرق والأساليب التقليدية التي لم تعد ذات فاعلية في تحقيق النتائج المطلوبة من الحوار والتفاوض، يضعف من أدائها ويؤثر على مصداقيتها في أعين مناضليها ويشكل عنصر إعاقة في طريق تطور الفكر والوعي النقابي ،
هذه التحديات المعنوية التي رغم وعي الجميع بأهميتها، إلا أن فعل ما يجب فعله من أجل ربح رهان المصداقية لا زال دون المستوى المطلوب، وأحياناً لا زال لم ينطلق بعد، بسبب المعوقات التي تعترض المنظمات النقابية ، وهي معوقات البعض منها موضوعي كنقص الموارد البشرية و المالية الكافية للنقابات، ومع ذلك فمهما كانت جوانب التحدي الذاتي للمنظمات النقابية عويصة ومعقدة، فلا يمكن لها كسب رهان المصداقية إلا إذا كانت لها الشجاعة الكافية لممارسة النقد الذاتي دون مجاملة فيما بين أعضائها وإطاراتها، واعتماد أسلوب التشخيص الموضوعي لمواقع الضعف الذاتي، ومعالجتها بواقعية، أخذة بعين الاعتبار المصلحة العامة للنقابة قبل المصالح الضيقة للأشخاص، كما لا يمكن إغفال أن مصداقية النقابات في مشاركتها في الحوار الاجتماعي رهين بعنصرين أساسيين، العنصر الأول هو توفير المعلومات والإحصائيات والموارد والتسهيلات، فتبادلٍ منتظمٍ للمعلومات بين الأطراف يؤمن مستوىً أكبر من الفهم المتبادَل للمواقف حول موضوعٍ ما ، كما أن حجب المعلومات أو عدم توفيرها بيسر أمام الأطراف المشاركة يعتبر تغييباً للحقائق ويعد مساهمة مباشرة في إضعاف مصداقية النقابات وإضعاف موقفها في الحوار الاجتماعي، طبقا للقاعدة المعروفة " الذي يمتلك المعلومة يمتلك القرار"،العنصر الثاني الذي يتحكم في مصداقية النقابات هو مدى الالتزام بتنفيذ التعهدات من طرف الحكومة او أرباب العمل واحترام الاتفاقات التي تشكل شريعة الأطراف الاجتماعية ، فنجاح الحوار الاجتماعي وصيانة مصداقية مكوناته يتأسس على قيم الثقة والصدق والاحترام كمبادئ ثابتة .

5- شروط نجاح الحوار الاجتماعي:
إن مسألة الحوار الاجتماعي ليست بالمسالة الهينة او السهلة كما يتم التعاطي معها في المغرب خاصة من طرف الحكومة وأرباب العمل ، ولا من طرف النقابات أيضا، فالحوار الاجتماعي له مقوّمات أساسية لا بد أن يبنى عليها خاصة مع المنظمات العمالية ومنها:
5- 1 - ضمان الحرية النقابية كشرط أول:
فقد أقرّت معايير العمل الدولية والعربية (ونخص بالذكر منها: اتفاقيات العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية الحق النقابي، ورقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، ورقم 151 بشأن علاقات العمل في الوظيفة العمومية، واتفاقيات العمل العربية رقم 1 بشأن مستويات العمل معدّلة بالاتفاقية رقم 6، ورقم 8 بشأن الحريات والحقوق النقابية ورقم 11 بشأن المفاوضة الجماعية جملة من المبادئ والضمانات الهادفة إلى حماية ودعم الحريات النقابية، ولعلّ من أهمها حق تكوين المنظمات المهنية وحرية ممارسة نشاطها.
5- 2 - الشرط الثاني حق تكوين النقابات:
لا يمكن إقامة حوار بنّاء بين الحكومة و منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال ما لم تكن هذه المنظمات مشروعة ومعترف بها، ولنا أن نشير في هذا المجال أن اتفاقية العمل العربية رقم 8 بشأن الحقوق النقابية التي جاءت أكثر تفصيلاً من معايير العمل الدولية في تعرَضها لإجراءات تكوين النقابات، أوجبت في مادتها الثانية بأن تقتصر هذه الإجراءات على مجرد إيداع أوراق التكوين لدى الجهة المختصة، وأكدت في مادتها الرابعة على أن تمارس منظمات العمل وأصحاب العمل نشاطها بمجرد إيداع أوراق تكوينها، هذه الاتفاقية لم تحظ إلى حد الآن بتصديق المغرب .
5- 3 - الشرط الثالث حرية ممارسة النشاط:
لكي تستطيع النقابات القيام بمهامها وتحقيق أهدافها، يتعيّن منحها الحرية في ممارسة نشاطها، التي تتضمن عدة جوانب كرّستها معايير العمل الدولية والعربية، نذكر من أهمها:
ـ حرية تسيير الشؤون الإدارية والمالية.
ـ حرية وضع البرامج ووسائل تنفيذ الأهداف.
ـ حق تكوين اتحاداتها وهياكلها الوطنية والإقليمية والمحلية.
5- 4 - الشرط الرابع ضمان حق التمثيلية :
من شروط نجاح الحوار الاجتماعي في المغرب الذي يعتمد تعدد التنظيم النقابي، الحسم في مسألة معايير تمثيل المنظمات المعنية بالمشاركة في الحوار والتشاور مع الحكومة، أو في حضور مؤتمرات منظمات دولية أو عربية، وهنا تطرح إشكالية المنظمة الأكثر تمثيلاً، التي تحددها نتائج انتخابات المأجورين وكذلك عدد المنخرطين والمساهمين في كل إطار نقابي وغيرها من المعايير التي تطرقت إليها مدونة الشغل، التي حددت الحصول على 6%على الأقل من مجموع مقاعد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاع العام والخاص على الصعيد الوطني وكذا الاستقلال الفعلي للنقابة وقدرتها التعاقدية، أما بالنسبة لتحديد النقابة الأكثر تمثيلا على مستوى المقاولة، فيؤخذ بعين الاعتبار الحصول على نسبة 35% على الأقل من مجموع مقاعد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة وكذا القدرة التعاقدية للنقابة .
5- 5 - الشرط الخامس مأسسة الحوار و تطوير هياكله:
إن توفير مقومات الحوار شرط أساسي لتأكيد التوجه الديمقراطي وحقوق الإنسان على المستوى الاجتماعي، ويعتبر مدخلا لتحسين شروط وظروف العمل وضمان السلم الاجتماعي واستقرار العلاقات الاجتماعية، لذلك وجب توفير هياكل حقيقية للحوار، عبر انتظام توقيت جولاته، وتأمين إطاره التشريعي و التنظيمي و المؤسسي، وتشجيع ثقافة الحوار من خلال توفير التسهيلات اللازمة للنقابات وممثلي العمال ، وإعطاء المثل للحوار في القطاعات والمؤسسات التي تكون فيها الدولة هي المؤجّر حتى يسير على منواله الحوار الثنائي بين العمال وأصحاب العمل، ولتحقيق ضمانات أقوى لمقومات الحوار الاجتماعي فقد أعلن جلالة الملك في خطاب العرش 2008 عن تأسيس المجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي الذي سيكون بحكم تركيبته المتعددة من القطاعات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية وحتى السياسية، منبراً وإطاراً مميزاً للحوار والتشاور حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والذي تنكب الحكومة على إعداد النص التشريعي لهذه المؤسسة الدستورية قبل عرضه على أنظار البرلمان.
.
5 - 6 - الشرط السادس وجود الأطراف المؤهلة لإبرام الاتفاقيات الاجتماعية توفر الإرادة والنية الحسنة وروح المسؤولية:
فمن شروط ضمان نجاح الحوار الاجتماعي اضطلاعَ كلّ طرف من الأطراف بمهامه بفعاليّة، والإيمان الكامل والالتزام الصادق بأهمية الحوار الاجتماعي والمشاركة فيه بفاعلية وشفافية، فالحوار الاجتماعي لا يمارس دائماً بصفة سهلة وتلقائية، بل أنه كثيراً ما تتخلله صعوبات وعراقيل ناتجة عن إكراهات كثيراً ما تجعل توصل الأطراف الثلاثة إلى مواقف متقاربة أمراً صعباً إذا لم نقل مستحيلاً في الكثير من الحالات، لولا توفر الإرادة والنية الحسنة وروح المسؤولية لدى جميع الأطراف لتجاوز هذه الصعوبات، وذلك بتحمل الكثير من التضحيات، والمواقف الجريئة، والمسؤولية الكاملة في تحمل تبعات ما ينتج عن هذا الحوار.
5- 7- الشرط السابع تحري الموضوعية وتفادي التأزيم:
فمن شروط نجاح الحوار الاجتماعي تحري الموضوعية وتغليب نفس الوفاق الاجتماعي،والابتعاد عن منطق الصراع الطبقي فلا يمكن التوصّل إلى تحقيق تقارب اجتماعي عبر القوّة أو الإكراه بل فقط عبر المناقشة والتشاور والتفاوض، فقد أثبت التاريخ البشرى أنه حينما يتوقف الحوار كأداة للتواصل والاتفاق يسود القهر ويشتد الصراع و التعصب، فلطالما فقدت الطبقة العاملة عددا من المكاسب ، نتيجة للمزايدة و التساوم والتوظيف السياسي، إن المهمّ في الحوار الاجتماعي بالنسبة إلى جميع الأطراف السعي إلى إمكانيّة تطوير المكاسب الاجتماعية، باعتماد الأسلوب الأمثل في الخطاب الذي يجسده قوله تعالى » أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن« وقوله تعالى أيضا » ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين«، وايضا باستحضار القواعد النقابية الذهبية » خذ وطالب« وقاعدة » اكسب اكسب « وقاعدة »المحصلة ليست صفرا« ، فالحوار وفن التفاوض هو »تحقيق الممكن« .
بتحقيق هذه الشروط السبعة يمكن حقيقة أن تصبح الحوارات الاجتماعية نقطة تحول وانطلاق إلى آفاق جديدة في واقعنا الاجتماعي، وهذا ما يفتقده الحوار الاجتماعي كما سيؤكده السياق التاريخي للجولات الحوارية التي عقدتها الحكومات المتتالية مع الفرقاء الاجتماعيين طيلة العقود السابقة.
6 – السياق التاريخي للحوار الاجتماعي بالمغرب :
يمكن تقسيم السياق التاريخي للحوار الاجتماعي في المغرب إلى 3 مراحل بارزة ، مرحلة ما قبل السبعينيات، ومرحلة مابين السبعينيات ومنتصف التسعينيات، ومرحلة ما بعد منتصف التسعينيات إلى الآن :
6- 1- مرحلة ما قبل السبعينيات: تميزت هذه المرحلة في السنوات الأولى للاستقلال بإنشاء عدة أجهزة وطنية للتشاور والمفاوضة المهنية، وكانت أهمها:
*إنشاء المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية: كأول جهاز وطني للتشاور والمفاوضة المهنية، والذي صدر الظهير المنظم لاختصاصاته في 29 نونبر 1960، حيث كانت تتمثل مهمته الأساسية في دراسة مختلف القضايا المرتبطة بالشغل والعلاقات المهنية.
*إنشاء اللجنة المركزية للأسعار والأجور : تم إحداث هذه اللجنة في إطار تطبيق نظام السلم المتحرك للأسعار والأجور بمقتضى ظهير 31 أكتوبر 1959،وتكلفت هذه اللجنة بمتابعة تقلبات المعدلات القياسية لأسعار المعيشة، وتأثيرها على الطبقات الاجتماعية، دون أن تستمر في ممارسة مهامها .
*إحداث المجلس الاستشاري لطب الشغل : تم إنشاء هذا المجلس بمقتضى مرسوم 8 فبراير 1958 الصادر بتطبيق ظهير 8 يوليوز 1957 بشأن تنظيم المصالح الخاصة بالشغل، كان الهدف منه هو توفير إطار للتشاور الثلاثي في ميدان طب الشغل وتدابير السلامة والصحة داخل المقاولات.
* إحداث المجلس الأعلى لليد العاملة: بموجب مرسوم ملكي مؤرخ في 14 غشت 1967، احدث هذا المجلس وأسندت له مهمة إبداء الرأي في جميع القضايا المتعلقة بالشغل واليد العاملة على الصعيد الوطني، بدوره لم يفعل واقبر في مهده .
6- 2 – مرحلة ما بين السبعينيات ومنتصف التسعينيات :عرفت العلاقات المهنية في هذه المرحلة تدهورا مضطردا لازالت مخلفاتها إلى اليوم تلقي بظلالها على فصول جولات الحوار الاجتماعي، من اهم المحطات التي ميزت هذه المرحلة:
*30 مارس 1979: إضراب عام دعت له (ك د ش) بعد شهور من تأسيسها انخرطت للتضامن مع الشعب الفلسطيني بمناسبة ذكرى يوم الأرض شاركت فيه الطبقة العاملة بقوة إربك حسابات الحكومة.
* 10-11 أبريل1979: إضراب وطني عام لأساتذة التعليم،وموظفي الصحة العمومية وعمال قطاع البترول والغاز دعت له ( ك دش ) من أجل تحقيق ملفاتهم المطلبية، هذا الإضراب واجهته الحكومة بطرد الآلاف من المضربين من وظائفهم و اعتقال المئات، وأغلقت باب الحوار والتشاور أمام جميع المنظمات النقابية.
* دجنبر 1990 : أمام التدهور الحاد للحالة المادية والمعنوية للعمال، وامتدادا للحركة السياسية للمعارضة من خلال تقديم ملتمس الرقابة على الحكومة، وتشكيل الكتلة الديمقراطية، طالبت المركزيتان الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لشغالين بالمغرب في أول خطوة مشتركة بفتح حوار اجتماعي، وأمام رفض الحكومة وفي خطوة تنسيقية بينهما دعت النقابتين لإضراب عام وطني 14 دجنبر 1990، هذا الإضراب عرف أحداثا دامية في عدد من المدن المغربية. *إحداث المجلس الوطني للشباب والمستقبل: تم إنشاء هذا المجلس بمقتضى ظهير 20 فبراير 1991، وتتمثل اختصاصاته في المساهمة في تكييف أنظمة التعليم والتأهيل حسب ما تستلزمه متطلبات الاقتصاد المغربي وإعداد الشباب لمواجهة المستقبل ومساعدتهم على الاندماج في عالم الشغل.
*أبريل1992: بعد الحوار الذي أجراه الكاتب العام للكدش السيد نوبير الأموي مع الجريدة الإسبانية (EL PAIS)، والذي احتج فيه على تبديد المال العام من طرف الحكومة، حوكم بسنتين سجنا نافدة. 6-3: مرحلة ما بعد منتصف التسعينيات إلى الآن:
* أحدث المجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي : بمقتضى ظهير 24 نونبر 1994، عهد إليه إنعاش الحوار الاجتماعي والسهر على انتظام ممارسته.
*حدد الخطاب الملكي ليوم 16 ماي 1995 إطار وفلسفة الحوار الاجتماعي وأهدافه، وأكد على أهمية التشاور المستمر بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين بهدف الوصول إلى تحقيق شراكة حقيقية تضم كل من المقاولات والنقابات العمالية وتأخذ بعين الاعتبار ضرورة ضمان التوازن بين حاجيات العمال والضرورات الاقتصادية والمالية، وكان ذلك بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للحكومة لفتح الحوار الاجتماعي مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
* 5 يونيو 1996 : دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والإتحاد العام للشغالين بالمغرب إلى إضراب عام وطني، نتج عنه فتح حوار اجتماعي ثلاثي لأول مرة ما بين الحكومة والمشغلين الممثلين في الاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات العمالية، دامت هذه الجولة ما بين 3 يونيو وفاتح غشت 1996 استغرقت ما يناهز 71 ساعة.
* 1غشت 1996: تم التوقيع على أول اتفاق ثلاثي منذ الاستقلال ، وقعه كل من أعضاء الحكومة (ممثلة بالوزارات المعنية بالحوار الاجتماعي) من جهة، والاتحاد العام لمقاولات المغرب (ممثلا للمشغلين) وتسع مركزيات نقابية ممثلة للأجراء والعمال، إذ أجمعت كل الأطراف إن الروح التي طبعت هذه اللقاءات، اتسمت لأول مرة بأسلوبها الجديد والشعور بالمسؤولية والحوار الصريح والارتقاء في طرح القضايا والمطالب ومعالجتها، حيث تم الاتفاق على:
-1 آليات الحوار والتفاوض الاجتماعي :
-1.1 عقد اجتماعين في السنة، الأول في الخريف قبل نهاية شهر شتنبر، والثاني في الربيع قبل نهاية
شهر مارس.
-2.1 تشكيل لجنة ثلاثية دائمة على الصعيد الوطني لمتابعة الملفات وتنفيذ القرارات والالتزامات
المتخذة وذلك بالتنسيق مع المجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي.
-3.1 متابعة الحوار سواء على صعيد القطاعات أو على صعيد الإدارات والعمالات والأقاليم.
2- ممارسة الحريات النقابية :
1.2 - تنمية روح الشراكة الحقيقية بين الأطراف الثلاثة.
2.2- السهر على احترام قانون الشغل والاتفاقيات الدولية التي صادق أو سيصادق عليها المغرب
خاصة منها اتفاقيات المنظمة الدولية للشغل.
3.2- تنظيم حوار ثلاثي حول مشروع مدونة الشغل، بغية التوصل إلى نص توافقي.
4.2- الالتزام باحترام حق الإضراب كحق مضمون في الدستور.
5.2- إرجاع باقي الموقوفين والمطرودين المعفى عنهم.
6.2- إيجاد حل سريع لنزاعات الشغل الجماعية بإرجاع العمال الذين ثبت طردهم لأسباب نقابية، والبحث عن الحلول الممكنة لإعادة فتح المعامل المغلقة.
7.2- دعم الحكومة للمنظمات النقابية على أساس معايير التمثيلية المتعارف عليها وطنيا ودوليا. 8.2- احترام التمثيلية النقابية في التفاوض وفي تمثيل المأجورين في المحافل الوطنية والدولية.
9.2- التزام الحكومة بالحوار مع النقابات القطاعية في شأن ملفاتها المطلبية.
3- الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية :
1.3- تم الاتفاق على توسيع التغطية الاجتماعية وصناديق الحماية الاجتماعية والتعاضديات، وتوفير التأمين الإجباري عن المرض وصياغة مقترحات حول حوادث الشغل والأمراض المهنية .
4- السكن الاجتماعي :
1.4- تم الاتفاق على تخصيص 3% من الأرباح لتمويل إنجاز السكن الاجتماعي لفائدة المأجورين. 2.4-التزام الحكومة بتخصيص 2% من ميزانية الدولة للتجهيز لتمكين الموظفين من امتلاك سكناهم.
3.4- التزام النقابات بحث مجموع مأجوري القطاعين العام والخاص على المساهمة بنسبة 1% من أجورهم في "صندوق التضامن الوطني للسكن الاجتماعي" .
5- تحسين الأجور والمداخيل :
1.5- تمتيع جميع العاملين بالحد الأدنى للأجر 10 % بالمائة ابتداء من فاتح يوليوز 1996.
2.5- استفادة الموظفين في التعليم من الترقية الاستثنائية.
6- تحسين نظام المعاشات . 7- الرفع من التعويضات العائلية . 8- التشغيل .
* 29 أكتوبر1997: أمام تماطل الحكومة في تطبيق الالتزامات المنصوص عليها في اتفاق 1 غشت 1996أعلنت المركزيات النقابية عن إضراب عام قصد إرغام الحكومة على تنفيذ الاتفاق. * 23أبريل2000 : بعد الإعلان عن الإضراب العام بتاريخ 25 أبريل 2000، نتيجة الاحتقان الذي عرفته أوضاع الشغيلة المغربية، فتحت الحكومة جولة جديدة من الحوار الاجتماعي في مفاوضات ثلاثية أسفر عنها توقيع اتفاق 23 أبريل 2000 المعروف باتفاق 19 محرم 1421، هذا الاتفاق شمل جميع الاهتمامات النقابية منها: - معالجة النزاعات الاجتماعية . - معالجة أزمة التشغيل والبطالة . - الزيادة في الحد الأدنى للأجر ومعالجة ملف الترقية الداخلية . - ترسيم المؤقتين .
- المراجعة العادلة للنظام الضريبي المطبق على الأجور.
- التزام والتوافق حول مدونة الشغل .
- إصلاح ودمقرطة المؤسسات الاجتماعية .
- توفير السكن للأجراء .
- إصلاح نظام التقاعد .
- توفير التكوين والتكوين المستمر لفائدة الأجراء .
- تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة العمال.
وبغية تفعيل مقتضيات هذا الاتفاق اتفق الأطراف الثلاثة على إحداث لجنة وطنية ثلاثية التركيب (حكومة - مشغلين - نقابات) برئاسة وزير التشغيل للسهر على تنفيذ محتويات هذا الاتفاق، على أن تجتمع هذه اللجنة مرتين في السنة وكلما دعت الضرورة لذلك، كما تم الاتفاق على إحداث لجان تقنية ثلاثية التركيب تعمل تحت إشراف اللجنة الوطنية، ويعهد لكل لجنة بتتبع مجال من مجالات هذا الاتفاق، وهو ما لم يتم الالتزام به ولم يتم تفعيل اغلب بنود هذا الاتفاق.
* 05 يونيو 2002:بسبب تجاهل حكومة التناوب لمقتضيات اتفاق 19 محرم وأمام غياب فتح الحوار على المستوى القطاعي، وبسبب الانتهاكات المتواصلة للحريات النقابية وتصاعد وثيرة التسريح التعسفي للعمال، دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى إضراب عام بتاريخ 05 يونيو 2002 وذلك في خطوات تصعيدية بعد الانشقاق الذي تعرضت له والذي تمخض عنه تأسيس نقابة (ف د ش) .
* بعد رفض الحكومة الجلوس على مائدة المفاوضات لإيجاد حلول للمشاكل المطروحة، دعت (ك د ش) مرة أخرى إلى إضراب عام آخر بتاريخ 28 يونيو 2002 في سابقة من نوعها يتم فيها الإعلان عن إضرابين عامين في شهر واحد .
* مع مجيء حكومة إدريس جطو: عرفت العلاقات الاجتماعية في عمومها استقرارا ملحوظا نتيجة سياسة القرب من النقابات التي نهجها إدريس جطو وتوسيع الاستشارة معها ، حيث باشر شهورا فقط من تنصيب حكومته فتح عدة حوارات مركزية وقطاعية.
* يناير 2003: جولة جديدة من الحوار الاجتماعي في مفاوضات جماعية ثلاثية بين الحكومة وأرباب العمل والمركزيات النقابية اشتغلت فيها 5 لجان طيلة 4 أشهر وهي:
- لجنة التشريع والعلاقات المهنية والحريات النقابية ؛
- لجنة الأجور والتعويضات والاتفاقيات الجماعية ؛
- لجنة الشؤون الاجتماعية والتغطية الصحية والسكن الاجتماعي ؛
- لجنة الانتخابات المهنية ؛
- لجنة نزاعات الشغل.
أفضت في نهاية أشغالها ليلة فاتح ماي العيد العمالي السنوي إلى التوقيع على اتفاق اجتماعي سمي باتفاق 30 أبريل 2003، ومن أهم ما جاء فيه:
-1 مدونة الشغل :تم التوافق فيها حول القضايا العالقة.
-2 الحريات والحقوق النقابية :
- إلغاء مقتضيات الظهير الصادر في 13 شتنبر 1938 المتعلق بالسخرة.
- إلغاء المادة 5 من المرسوم الصادر في 5 فبراير 1958 والمتعلق بالتوقف المدبر عن العمل
من طرف الموظفين.
- مراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي.
- إدراج الأحكام المتضمنة في الاتفاقية الدولية رقم 87 حول الحريات النقابية، والاتفاقية الدولية
رقم 135 حول حماية ممثلي الأجراء، والاتفاقية الدولية رقم 151 حول حماية حق التنظيم
وشروط الاستخدام في القطاع العام، ضمن مقتضيات مدونة الشغل.
- تعميم وزارة الداخلية دورية لإثارة انتباه الولاة والعمال الى ضرورة تفادي الممارسات التي تؤدي الى عرقلة حرية تأسيس النقابات، مع حث جميع الجهات المعنية على تسليم وصل إيداع ملفات تأسيس النقابات بمجرد تقديم هذه الملفات إلى المصالح المختصة.
- إصدار مرسوم حول التفرغ النقابي.
- تبسيط مسطرة صرف الاعتمادات المخصصة لدعم أنشطة المركزيات النقابية في مجال التكوين.
- الرفع من قيمة الدعم المالي للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلا.
-3 فض النزاعات الجماعية:
- يوجه وزير الداخلية دورية الى الولاة والعمال لحثهم على السهر شخصيا على التدخل لتسوية
النزاعات الجماعية للشغل محليا وإقليميا وذلك فور نشوبها.
- دراسة الطلبات التي تقدمت بها المركزيات النقابية والرامية إلى حل نزاعات الشغل المستعصية.
-4 تسوية وضعية الموقوفين والمطرودين المسجلين باللوائح المسلمة للسلطات المختصة.
-5 دعم جهاز تفتيش الشغل وذلك بالإسراع في إقرار مشروع القانون الأساسي لهيئة تفتيش الشغل
وإحداث مناصب مالية تسمح بمد الجهاز بالموارد البشرية الكافية.
-6 النهوض بالاتفاقيات الجماعية للشغل وذلك عن طريق :
- تعديل القانون الحالي المنظم للاتفاقيات الجماعية.
- وضع اتفاقيات جماعية نموذجية في جميع القطاعات المهنية.
- تفعيل دور المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية .
-7 إحداث نظام يتعلق بالتعويض عن فقدان الأجير لعمله لأسباب اقتصادية.
-8 التغطية الصحية والاجتماعية :
- في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 65.00 المتعلق بمدونة التغطية الصحية الأساسية، ثم
الاتفاق على الإسراع بإخراج المرسوم المتعلق بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
- تمديد عطلة الأمومة من 12 إلى 14 أسبوع.
-9 السكن الاجتماعي وسكن الأجراء :
- إحداث صناديق للضمان يساهم فيها المشغلون سواء كانوا عموميون أو خواص.
- الاستفادة من قروض بفوائد تفضيلية وعلى أمد طويل.
-10 التقاعد :
- تم الاتفاق على عقد مناظرة وطنية بهدف الوصول الى نتائج متفق عليها.
- التقاعد النسبي التطوعي ابتداء من 55 سنة في القطاع الخاص.
- استئناف الحوار ابتداء من شهر ماي 2003 من أجل تفعيل مسألة المغادرة الطوعية للتقاعد.
-11 الأجور والتعويضات:
- الزيادة في الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 % في القطاع الخاص على مرحلتين ابتداء من يوليوز
2003 و يوليوز 2004.
-اعتماد الحد الأدنى للأجور في القطاع العمومي وشبه العمومي بما يمثل مبلغ تكميلي جزافي قدره
300 درهم لكل موظف من السلم 1 إلى 9 على مرحلتين ابتداء من يوليوز 2003ويوليوز. 2004
- تسوية التعويضات بالنسبة للمتصرفين والأطر المشابهة والتقنيين والإعلاميين والأساتذة الجامعيين.
- الاستمرار في ترسيم ما تبقى من الأعوان باحترام الوثيرة السنوية(أي 6000 عون.(
- تسوية القضايا المترتبة عن الترقية الاستثنائية بالنسبة لسنوات 2000- 2001 -2002 .
* شهر شتنبر 2003 : بدأت الحكومة في تفعيل بعض مضامين اتفاق 30 أبريل 2003، كما باشرت سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين عن المركزيات النقابية، والنقابات القطاعية بمقر الوزارة الأولى، جمعت ممثلين عن القطاعات الوزارية المعنية وممثلي الفئات القطاعية والنقابات المركزية، تمت فيها الاستجابة إلى القضايا التالية:
أولا:الزيادة في التعويضات الخاصة بالموظفين والأعوان المرتبين في السلاليم من 1 إلى 9.
ثانيا : تسوية وضعية هيئة التقنيين.
ثالثا: تسوية وضعية المتصرفين والأطر المماثلة.
رابعا: تسوية وضعية الإعلاميائيين.
خامسا: تسوية وضعية المهندسين العاملين بالمؤسسات العمومية.
سادسا: حل إشكالية الترقية الداخلية برسم سنوات 2000 – 2001 – 2002،
سابعا: تصحيح بعض بنود النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية.
ثامنا: تخصيص دعم مالي للمركزيات النقابية، حيث تم صرف هذا الدعم برسم سنتي2004 و2005.
ولقد استطاع إدريس جطو في ظل ظروف السلم الاجتماعي الذي ميز هذه المرحلة، تمرير عدد من القضايا الاجتماعية التي ظلت عالقة ومستعصية طيلة سنوات، نذكر منها:
- إصدار القانون رقم 99-65 المتعلق بمدونة الشغل الذي شرع في تطبيقه ابتداء من 08 يونيو 2004 بتوافق مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين رغم الاعتراضات القوية التي كانت تعبر عنها الطبقة العاملة ؛
- إصدار المرسوم رقم 402-03-2 في 20 رجب 1424 (17 شتنبر2003) بتطبيق أحكام القانون رقم 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية ، حيث تم الشروع في الاقتطاعات الخاصة بالتغطية الصحية ابتداء من غشت 2005، كما تمت إعادة هيكلة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ليتسنى للجهازين مسايرة عملية التغطية الصحية.
- إنعاش الصندوق المغربي للتقاعد، بفرض زيادة على الموظفين ب 3 %على مدى ثلاث سنوات 2004 و2005 و2006 ، والانكباب على ملف المعاشات لإيجاد حل للأزمة المرتقبة التي سيعرفها .
- كما حاول الوزير الأول إدريس جطو في عهده أيضا تمرير قانون الإضراب، لكنه لم يتمكن من ذلك نظرا للتوترات الاجتماعية وتنامي وثيرة نزاعات الشغل وخاصة في القطاع الخاص، حيث بقي هذا الملف عالقا وموضوع على طاولة الحكومة الحالية.
* أبريل 2008: فتحت حكومة عباس الفاسي جولة جديدة من الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية وأرباب العمل، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، أثرت بشكل كبير على وضعية الأجراء عمال وموظفين، مما جعل المركزيات ترفض التوقيع على مقترحات الحكومة التي اعلنت عنها منفردة ليلة فاتح ماي2008 ، وما جاء فيما أعلنت عنه الحكومة :
1 - الرفع من الحد الأدنى للأجر بنسبة 10 % للأجراء في القطاع الصناعي والتجاري والخدماتي وكذا الفلاحي وذلك بنسبة 5 % ابتداء من فــاتح يوليوز 2008 و 5 % من فاتح يوليـوز 2009 مع إجراءات استثنائية لمصاحبة قطاع النسيج والألبسة لمواجهة الإكراهات التي يعاني منها هذا القطاع في الظرف الراهن.
2- الرفع من الأجور مع الاستفادة من تخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة للموظفين المرتبين في سلالم الأجور من 1 إلى 9 وذلك على مرحلتين ، الأولى ابتداء من فاتح يوليوز 2008 والثانية ابتداء من فاتح يوليوز 2009 .
3- الرفـع من الحد المـُعفى من الضريبة على مرحلتين :
* من 24.000 إلى 27.000 درهم ابتداء من فاتح يناير 2009.
* من 27.000 إلى 30.000 درهم ابتداء من فاتح يناير 2010.
4- تخفيض نسبة الاقتطاع من الأقساط العليا للضريبة على الدخل على مرحلتين:
* من 42% إلى 40% ابتداء من فاتح يناير 2009.
* من 40% إلى 38% ابتداء من فاتح يناير 2010.
5- الزيادة في التعويضات العائلية من 150 درهم إلى 200 درهم بالنسبة للأطفال الثلاثة للموظفين والأجراء في القطاع الخاص ، مع توسيع الاستفادة من التعويضات العائلية لفائدة أجراء القطاع الفلاحي على غرار ما هو معمول به بالنسبة للأجراء في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات .
6- الزيادة في المعاشات الدنيا من 500 إلى 600 درهم ؛
7- إحداث بعض التعويضات لفائدة الموظفين العاملين بالمناطق النائية والصعبة بالعالم القروي بالنسبة لقطاعات التربية الوطنية والصحة والعدل.
II- مأسسة الحوار الاجتماعي :
1- تلتزم الحكومة بتنظيم جولتين للحوار الاجتماعي مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين خلال شهري أبريل وشتنبر من كل سنة تزامنا مع إعداد قانون المالية والدخول الاجتماعي.
2- التشريع والحريات والحقوق النقابية : تلتزم الحكومة بــ :
*العمل على تذليل الصعوبات التي تحول دون التصديق على اتفاقية الشغل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية في أفق المصادقة عليها .
* تلتزم الحكومة بمراجعة الإعانات الممنوحة للنقابات من خلال الرفع من الدعم النقابي إلى 15 مليون درهم ابتداء من سنة 2008 والدعم المخصص للتكوين النقابي إلى 2 مليون درهم، وذلك ابتداء من فاتح يناير 2009، مع التزام المركزيات النقابية بإعداد تقارير توضح أوجه صرف هذه الإعانات.
III- مـمارسة حـق الإضراب :
- تم اتفاق الأطراف الثلاث على إعداد مشروع القانون التنظيمي للإضراب من أجل احترام الدستور، قانون يقضي بالأساس استمرار العمل في الحد الأدنى بالنسبة للقطاعات الحيوية.
IV - الحماية الاجتماعية :
1- تلتزم الحكومة بإعداد مشاريع النصوص التطبيقية الخاصة بنظام المساعدة الطبية.
2- تلتزم الحكومة بمواصلة إصلاح أنظمة التقاعد بتشاور مع الشركاء الاجتماعيين.
V- استكمال التشريعات المتعلقة بقانون الشغل:
1- تلتزم الحكومة، في إطار التشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين بإخراج النصوص التطبيقية لمدونة الشغل التي هي في طور الإقرار أو في مرحلة الإعداد، وكذا تسريع اعتماد القوانين الخاصة الواردة في المدونة: القانون المتعلق بشروط تشغيل خدم البيوت والقانون المتعلق بشروط تشغيل الإجراء في القطاعات ذات الطابع التقليدي الصرف،
2- تلتزم الحكومة، في إطار التشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، بتسريع اعتماد مشروع قانون البحارة ومشروع النظام الأساسي لمستخدمي المقاولات المنجمية.
3- التعويض عن فـقدان الشغل وحوادث الشغـل.
4- تعميم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
5- النهوض بالعـلاقات المهـنـية داخل المقاولات والمؤسسات الإنتاجية .
6- إصلاح صناديق العمل .
7- إصلاح النظام التعاضدي .
VI – بالنسبة للقطاع العام:
1- تحسين منـظومة التــرقــي : تلتزم الحكومة برفع الحصيص من 22إلى 25 % (11 % لامتحان الكفاءة المهنية ، و14 % للاختيار).
2- معالجة وضعية الموظفيـن المرتبـيـن في سلالـم الأجور من 1 إلى 4.
3- مراجعة منظومة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.
4- مراجعة النظـام الأساسي الـعام للوظيفة العمومـية، والأنظمة الأساسية الفئوية.
5- مراجعة منظومة التنقيط والتقييم.
6- مراجعة منظومة الأجور.
7- الـتكويــن المسـتـمر.
ولقد اعتبرت النقابات انفراد الحكومة الإعلان من طرف واحد عن خلاصات جولة الحوار الاجتماعي ، ضربا لمصداقية الحوار ولا تستجيب لقواعد التشاور والتفاوض والتعاقد الجماعي ، وأنها غير مقتنعة بمقترحات الحكومة ، مما حدى بأغلبها الإعلان يوم 13 ماي 2008 عن إضرابات في القطاعات العمومية والجماعات المحلية، وطلبت الحكومة باعادة فتح الحوار من اجل التوصل الى اتفاق مشترك .
* أكتوبر 2008 فتحت الحكومة دورة جديدة من الحوار الاجتماعي يوم 13 اكتوبر برئاسة الوزير الاول الذي اكد على ان الحوار سيتم "وفق منهجية عمل تسمح بسن قواعد المفاوضة الجماعية، لبلورة ميثاق اجتماعي جديد" وذلك استجابة لطلب النقابات، حيث ان الحوار بدأ يسلك منحا جديدا عبر فتح الحوار في لجان موضوعاتية وفق جدول زمني محدد، ينتظر منه أن يخلص إلى نتائج متوافق حولها، لعرضها على الجلسات العامة، التي يترأسها الوزير الأول، وبذلك تم تشكيل 4 لجان موضوعاتية في القطاع العام تشرف عليها وزرارة تحديث القطاعات العامة ، واربع لجان موضوعاتية للقطاع الخاص تشرف عليها وزارة التشغيل،
اللجان الموضوعاتية للقطاع العام هي :
 اللجنة القانونية وتنكب على المحاور التالية: مرسوم حذف السلالم من 1 إلى 4
2- مرسوم الخاص بالترقي – 3 مرسوم التنقيط والتقييم – 4 مشاريع الأنظمة الأساسية الخاصة بالفئات – 5 النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
 لجنة تحسين الدخل : وتنكب على المحاور التالية 1- الرفع من مستوى الأجور؛2- التخفيف من العبء الضريبي؛ 3- إحداث تعويض لفائدة الموظفين العاملين بالمناطق النائية، 4- تطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور؛ 5- الزيادة في المعاشات؛ 6- إصلاح منظومة الأجور.
 لجنة تحسين ظروف العمل وتنكب على " التوقيت المستمر - الحريات – القضايا الاجتماعية – والحقوق النقابية- الدعم النقابي "
 اللجنة المكلفة بمراجعة منظومة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء : تنكب على بمراجعة المرسوم رقم 2.59.0200 المتعلق بتطبيق الفصل 11 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية حول انتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.
 اللجان الاربع الموضوعاتية المكلفة بالقطاع الخاص فتنكب على:
1ـ مشروع قانون حول النقابات
2ـ مشروع القانون التنظيمي حول الإضراب
3 ـ تعزيز الحماية الاجتماعية
4 ـ الإعداد لانتخابات ممثلي المأجورين
غيران مجريات الحوار الاجتماعي داخل اللجان الموضوعاتية تدل على صعوبة التوصل في ظرف الغلاف الزمني المحدد ( شهر ) إلى حلول واتفاقات نهائية ، وهو ما يجعل المركزيات النقابية تشعر بالقلق وتتخوف من أن يكون المراد من المنهجية المعتمدة من قبل الحكومة هي محاولة لتمطيط الوقت فاغلب النقابات تجمع على الحوار الاجتماعي لا يسير في الاتجاه الصحيح، لذلك إذا لم تتوفر الإرادة اللازمة لتجاوز كل العراقيل والصعوبات فان الحوار الاجتماعي سيصل بدون شك الى الباب المسدود.

7 - خلاصة: يتضح إذن من خلال السياق التاريخي الذي مر منه الحوار الاجتماعي في المغرب ان الحوار الاجتماعي بمفهومه الحقيقي لازال لم ينطلق بعد، فلا زال الحوار مناسباتيا، وان أغلب بنوده لم تفعل، كما أن اغلب المنظمات النقابية تفتقر إلى المؤهلات المطلوبة لتكون في مستوى تطلعات الطبقة العمالية، كما أن الحوار بذاته يعرف عدة اختلالات على مستوى الأدوات والأساليب المعتمدة، حيث يتضح أن عددا من المطالب والمحاور تتكرر مع قدوم كل حكومة، فلو أن الحكومة وشركائها عمدت إلى إدماج جميع الاتفاقات الاجتماعية السابقة ووضعت برنامجا لتنفيذ بنودها لكان ذلك مجديا بدلا من فتح جولات جديدة للحوار حول نفس المطالب والقضايا، إننا حقيقة أمام أزمة للحوار الاجتماعي كما هو متعارف عليه في المجتمعات الراقية،
فالحوار بين الشركاء آو الفرقاء الاجتماعيين كما يصح القول تحكمه تناقضات أصبحت ثقافة مسلم بها لدى الأطراف المتحاورة، فالحكومة تحاول عند كل جولة الخروج بأقل تكلفة ممكنة نظرا لحجم الاكراهات والمطالب الاجتماعية المتراكمة، بالمقابل تجد النقابات تسعى جاهدة لتحقيق اكبر قدر من المكاسب لإرضاء الطبقة العاملة، وبعد التوصل إلى اتفاق حول قضايا معينة، فإن الحكومة تحاول ربح أكبر وقت ممكن في تنفيذ الاتفاقات حتى لا تكون أمام فتح مطالب جديدة،أما النقابات فتسعى بكل الوسائل تحقيق مكاسبها في اقل وقت ممكن لتناضل من جديد حول المطالب العالقة، لتبقى المعركة مستمرة بين الحكومة والنقابات حول هذه المفارقات حيث يستند كل طرف على وسائله لترجيح كفة الموازنة، وتبقى الطبقة العاملة رهينة الحسابات والتوازنات.
في مثل هذا الوضع لا يمكن للطبقة العاملة أن تضع ثقتها لا في الحكومة ولا في النقابات خصوصا أمام استمرار تدهور أوضاعها المادية وأمام ارتفاع الأسعار وضعف قدرتها الشرائية، وبذلك في غياب الفعل النضالي للنقابات بدأت تظهر في الساحة الاجتماعية مجموعات اجتماعية أخرى في المجتمع المدني , ومنهم الجمعيات الاجتماعية والحقوقية والمنظمات غير الحكومية التي أصبحت تلعب دوراً مهماً فى المطالبة بالحماية و الخدمات الاجتماعية، وتحسين الإدارة ومحاربة الفساد، والمطالبة بإصدار العديد من التشريعات لحماية المستهلك والمواطن.. الخ،
إن أسلوب الحوار الاجتماعي الذي اعتمدته بلادنا منذ 1996،وإن كان قد تـُوّجَ بعدة اتفاقات اجتماعية كان لها أثـر ايجابي- وان كان محدودا- في تحسيـن الأوضاع الاجتماعية بالقطاعين الخاص والعام من جهة وفي تكريس ثـقافة الحوار بيـن أطراف الإنتاج من جهة أخرى، فان الحكومة والنقابات أمامهما أشواطا كبيرة في ظل تراجع جل المكاسب الاجتماعية (ارتفاع البطالة،تصاعد الفوارق الاجتماعية، وتراجع العدالة الاجتماعية، تصاعد ظاهرة القطاع الغير منظم وظاهرة المناولة، تفكيك أنظمة التأمين عن المرض وأنظمة التقاعد الخ) من اجل إرجاع مصداقية الحوار الاجتماعي الذي يعلق عليه الأجراء انتظاراتهم بكل فئاتهم وأطيافهم واختلاف مطالبهم ورغباتهم الاجتماعية،
إننا في المغرب في حاجة إلى إرساء علاقات ثقة جديدة بين مكونات الحقل الاجتماعي
عبر الالتزام بقواعد الحوار الاجتماعي، واحترام التعهدات وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة، واعتماد الحكامة الاجتماعية كمفهوم وأسلوب جديد يدعم تذويب الحدود بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ويشجع على التشارك الحقيقي بين الأطراف في إطار من الشفافية والوضوح والاحترام، من خلال بناء منظومة إجتماعية متكاملة ومتينة تراعي تنظيم الحقوق والواجبات والالتزامات.




الموقع 22/1/2009









آخر مواضيعي

0 نتائج الحركة الانتقالية الجهوية الخاصة بهيئة التدريس بجهة طنجة تطوان
0 بلاغ تنسيقية خريجي المدارس العليا للاساتذة
0 الصحة الجسدية والعقلية للطفل موضوع برلمان الطفل في أكاديمية الجهة الشرقية
0 المغرب يشارك في الدورة ال61 لمجلس المكتب الدولي للتربية
0 فروع النقابة الوطنية للتعليم في الجديدة تحتج
0 وقفة احتجاجية لثلاث نقابات في طانطان
0 التعيين المباشر أهم من التكوين في سلك التبريز!.. ا
0 العصبة الوطنية للدكاترة تطالب بالتعجيل بتغيير إطارها
0 ددوشي: قطاع التربية البدنية يعاني عدة إكراهات في المدرسة المغربية
0 أعوان الجامعة الحرة للتعليم في الجديدة يطالبون بتنظيم عملهم


tahamansour
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية tahamansour

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: مكناس
المشاركات: 471

tahamansour غير متواجد حالياً

نشاط [ tahamansour ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 30-01-2009, 17:12 المشاركة 2   

السلام عليكم
شكرا أخي ابن خلدون على المجهود . تحياتي


صخرة سيزيف
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية صخرة سيزيف

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
المشاركات: 1,153

صخرة سيزيف غير متواجد حالياً

نشاط [ صخرة سيزيف ]
معدل تقييم المستوى: 307
افتراضي
قديم 30-01-2009, 17:37 المشاركة 3   

الحوار الاجتماعي بين مصداقية الحكومة ومصداقية النقابات ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹبقلم الأستاذ سعيد مندريس

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
- مقدمة
2مفهوم الحوار الاجتماعي
- مفهوم الحوار الاجتماعي التشاوري
- مفهوم الحوار الاجتماعي التفاوضي
3 - الحوار الاجتماعي و مصداقية الحكومة
4- الحوار الاجتماعي و مصداقية النقابات
5- شروط الحوار الاجتماعي
6- سياق الحوار الاجتماعي في المغرب
7- خلاصات

1- مقدمة :
لقد أصبح الحوار الاجتماعي في المغرب يحتل مكانة هامة في تنظيم العلاقات المهنية باعتباره احد الركائز الأساسية إن لم نقل أفضلها لتطوير العلاقات الاجتماعية و المهنية بين المكونات الثلاث الحكومة والنقابات وأرباب العمل، حيث إن أسلوب التعامل الذي كان سائدا بين هذه المكونات خلال فترات ما قبل منتصف التسعينات هو سياسية شد الحبل ، فالنقابات لم تكن تجد من آلية تضغط بها لتحقيق مطالبها سوى النضال والإضرابات والاعتصامات والمسيرات ، فكانت الحكومة تواجهها بالاعتقالات والتضييق على الحريات، فساهم هذا الوضع طيلة عقود في إنهاك قوة جميع الأطراف، إلى أن اهتدت في سياق ما شهده العالم بفعل انتشار مفاهيم الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وبفعل العولمة وانتشار النظريات الليبيراليّة لاقتصاد السوق وتحرير التجارة التي أصبحت واقعا على بلدنا ، من الاقتناع بان لا مناص لحل الإشكاليات الاجتماعية وإقامة التماسك الاجتماعي من الحوار الاجتماعي كخيار حضاري يبرز مدى أهمية التعاون والتنسيق وكوسيلةٍ لخلق ظروفٍ يستطيع الأطراف الاجتماعية بواسطتها مناقشة المصالح المجتمعية وسط أجواء سليمة و هادئة تمكن من الوصول إلى قرارات فعالة وقابلة للتطبيق ميدانياً، تراعي حقوق ومتطلبات كل طرف ، وتضمن إقرار سلم اجتماعي على مختلف المستويات ،
لكن الحوار الاجتماعي في بلدنا رغم انه أصبح يحظى بمزيدٍ من القبول فلازال يبنى على التناقضات في المصالح إذ يستعمله كل طرف في النسيج الاجتماعي لتحقيق أهداف تختلف عن أهداف المكونات الأخرى، فالحكومة لا تلجا إليه إلا عند بلوغ درجة الاحتقان أو ارتفاع درجة التوتر في صفوف الطبقة العاملة، بينما أرباب العمل يعتبرونه غير ذي جدوى وأنهم غير معنيين به ولا يأتون إليه إلا مجبرين، أما النقابات فتجد نفسها غير قادرة على التحكم في جولاته فتتعاطى مع الحوار الاجتماعي كما تريد الأطراف الأخرى، هذا الشكل من الحوار الاجتماعي وبهذه المقاربة يؤثر بدون شك على مصداقية الحكومة والنقابات وهو ما يجعلنا أمام طرح إشكالية أي مفهوم لحوار اجتماعي نريد؟ وما تأثيره على مصداقية الحكومة و النقابات ؟ وما هي شروط بناء حوار اجتماعي حقيقي ؟ وهل من بديلٍ حالياً عن الحوار الاجتماعي ؟
2- مفهوم الحوار الاجتماعي :
لقد ساعد انتشار مفاهيم الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان على تطوير مفهوم الحوار الاجتماعي، كما حظي هذا المفهوم باهتمام منظمة العمل الدولية، حيث صادق المؤتمر الدولي للعمل سنة 1949 على الاتفاقية رقم 98 المتعلقة بالتنظيم والمفاوضة الجماعية، كما صادق سنة 1981 على الاتفاقية 154 حول المفاوضة الجماعية،وفي نفس السياق صادق مؤتمر العمل العربي لسنة 1979 على الاتفاقية رقم 11 بشأن المفاوضة الجماعية والتي جاء في ديباجتها: "أن المفاوضة الجماعية هي الوسيلة الفعالة لتنظيم علاقات العمل على أسس عادلة بما يتماشى مع التطور الاقتصادي والاجتماعي، وأنها تكتسي سمة خاصة حيث تلتقي فيها إرادة جميع الأطراف لتنظيم شروط وظروف العمل وتحديد الحقوق والمزايا التي تقرر للعمال بما يحقق السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية".
و بتعريف أشمل يمكن اعتبار الحوار الاجتماعي كل مفاوضةٍ أو مشاورةٍ أو أيّ نوعٍ آخر من التفاعل بين أطراف الإنتاج الاجتماعي من أجل البحث عن حلولٍ للمشاكل والقضايا الاجتماعية التي تؤدي للتوصل إلى صياغة أو اتخاذ قراراتٍ مقبولةً و تحقيق فهمٍ أكبر للمصالح المتعارضة للأطراف بهدف المصلحة العامة مع ضمان الفرص المتزايدة لتقبّل هذه النتائج التي تحقّقها لدى مجموعة أوسع من المجتمع ، و يعتبر الحوار الاجتماعي كما أكدته تشريعات الشغل التي جاءت بها مدونة الشغل المتوافق حولها " إن الحوار الاجتماعي يعتبر عاملا هاما في تحريك وتنشيط الحياة الاقتصادية وتوفير المناخ الملائم و الفعال لتطوير الإنتاج ، كما أنه يتضمن مدلول التفاعل بين الأطراف الثلاث للإنتاج (أصحاب العمل والعمال والحكومة) باعتباره عاملا أساسيا لدفع عجلة التنمية، من خلال صياغة وتنفيذ السياسات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي على أساس التعاون و تحقيق توافق أكبر بين المصالح التي يمكن أن ينظر إليها على أنها متعارضة بالنسبة للأطراف، فالحوار و التشاور في العلاقات المهنية يُعتبر إستراتيجية لتحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي المتوازن، واستقرار العلاقات الاجتماعية و المهنية و استتباب السلم الاجتماعي الذي يعتبر من أهم الأهداف التي يسعى إليها الحوار الاجتماعي "، إن الحوار الاجتماعي يمكنه أن يتّخذ شكل مشاوراتٍ ثابتةٍ أو منتظمةٍ بين الأطراف بهدف تبادل الأفكار والآراء حول بعض الشؤون الاقتصادية أو الاجتماعية، ويمكنه أيضا أن يأخذ شكل مفاوضاتٍ ، بهدف صياغة اتفاقات مُلزِمة أو أي أنواع أخرى من المواثيق أو المعاهدات لتطبيقها على المستوى المُتَّفق عليه، سواء اتّخذ هذا الحوار شكل مشاوراتٍ أو مفاوضاتٍ ، او كان على مستوى قطاع وظيفي بأكمله أو قطاع صناعي او داخل مؤسسة أو مصنع .
2- أ - مفهوم الحوار الاجتماعي التشاوري : التشاور الاجتماعي يكون حول قضايا محددة يفضي إلى صياغة توصيات واقتراحات وملاحظات، وقد يفضي إلى اتفاقية جماعية لا يترتب عنها سوى التزامات معنوية وأحياناً سياسية، نموذج الحوارات الاجتماعية التشاورية التي تمت بين الحكومة والنقابات حول : مدونة الشغل ، وملف التغطية الصحية، وملف التقاعد، و ملف التشغيل، فهذا الشكل من الحوارات يحتاج على الأقل إلى إيجاد الهياكل والآليات التي تيسر الحوار وخاصة لجان التشاور واللجان التقنية والموضوعاتية، ويتضمن أيضا لقاءات عامة موسعة، وجلسات للاستماع لتبادل الأفكار وفهم أفضل للآراء المختلفة التي يعبر عنها المشاركون، ولا يحتاج بالضرورة أن يفضي إلى إجماع الآراء، وإنما يحقق تقريب وجهات النظر من اجل الوصول إلى تفاهم مشترك ، قد يكون ملزما أثناء اتخاذ الإجراءات المتوقعة والنتائج التي يتم تحقيقها خاصة من الطرف الداعي إلى هذا الشكل من الحوار، كما حدث في جولة الحوار الاجتماعي ( ابريل 2008 ) التي تحولت من جولة حوار اجتماعي تفاوضي إلى حوار اجتماعي تشاوري بعدما لم يتم التوصل إلى اتفاق اجتماعي مما حدا بالحكومة الانفراد بالإعلان من طرف واحد يوم فاتح ماي 2008 عن التزامها بتسوية بعض القضايا كالزيادة في التعويضات العائلية وزيادة طفيفة في الأجور دون رضى المركزيات النقابات.
2- ب - مفهوم الحوار الاجتماعي التفاوضي : الحوار التفاوضي بمفهوم اشمل يعني جلوس فريقين أو مجموعتين أو أكثر في تكافؤ للأعضاء، تمثل كل واحدة منها مصالح جهة معينة (العمال، و الحكومة أو أصحاب العمل ) من اجل التفاوض والمناقشة والتعبير عن الآراء والمواقف والمطالب حول موضوع أو مواضيع معينة، تفضي في نهاية المطاف الوصول إلى اتفاق مشترك يعرف "بالاتفاق الاجتماعي" نموذج الاتفاقات الاجتماعية التي تم التوقيع عليها في غشت 1996 ، و23 ابريل 2000 و30 ابريل 2003 ، يكون وثيقة مرجعية ملزمة لكل الشركاء الاجتماعيين .
إن الحوار الاجتماعي في المغرب الذي انطلق منذ 1994 سواء كان في صيغته التشاورية أو التفاوضية لازال يعرف إشكالا حقيقيا على مستوى مأسسته ومبادئه، ففي صيغته الحالية كما تتعاطى معه الحكومة وأرباب العمل وكذا المركزيات النقابية لا يمكنه أن ينمي أو يطور العلاقات المهنية ويقود إلى تحسين المناخ الاجتماعي أو يسمح بتوسيع رقعة المكاسب الاجتماعية وإنما يؤثر بشكل ملحوظ على مصداقية الحكومة والنقابات على السواء.
3 - الحوار الاجتماعي و مصداقية الحكومة :
لازال رهان مصداقية الحكومة في تعاطيها مع الحوار الاجتماعي يحتاج إلى مقاربة جديدة لتجاوز الصيغة الحالية، إذ لازالت الحكومة تنطلق في علاقتها مع الفرقاء الاجتماعيين على أنها المؤسس الرئيسي لكل العلاقات الاجتماعية، وأنها المالكة لسلطة القرار النهائي ، كما أنها تستعمل الحوار من باب التوظيف الاجتماعي وتتحكم في توقيته ولا تبادر إليه إلا في مناسبات معروفة كالمحطات العمالية السنوية (مناسبة فاتح ماي ) أو عند اقتراب استحقاقات سياسية أو مهنية كما حدث في سنوات 2000 و2003 وهذه السنة أيضا، كما أن طريقة تعاملها مع الشركاء الاجتماعيين بدلا من أن يكون الحوار معهم متكافئاً وشفافاً ، فإنها تمارس دوراً مسيطراً وتمييزيا إما من خلال حرصها للحفاظ على منظمات تمتاز بالتمثيل المطلق والسعي لتقويتها و تمتين العلاقات العمودية معها وتوفر لها الانتفاع بامتيازات عديدة وجعلها خاضعة لعلاقة زبائنية مقابل تقديم الولاء والدعم السياسي، كما حدث خلال حقبة الثمانينات وأيضا مع عهد حكومة التناوب ، أو من خلال سعيها إلى إفشال كل تحالفٍ ممكن بين المنظمات النقابية او إقامة علاقات أفقية بينها وتوحيد جهودها، مما ساهم في إضعاف تماسكها ولم تسمح ببروز منظمات مهنية قوية قادرة على إقامة حوار اجتماعي حقيقي وجدي ، كما أن من أوجه ضعف مصداقية الحكومة في الحوار الاجتماعي انحيازها المبالغ فيه إلى جانب أرباب العمل في القطاع الخاص على حساب الطبقة العاملة، من خلال تكريس مفاهيم جديدة في القاموس الاجتماعي كمرونة التشغيل والتأجير، وارتفاع عقود الشغل المحددة الآجال، وتسهيل مسطرة التسريح والإحالة على البطالة، مقابل توسيع الامتيازات والدعم للاستثمار الخاص الداخلي والخارجي وإعطاء الأولوية لدعم رأس المال الخاص عبر الإعفاءات الجبائية والحوافز المالية على حساب الجانب الاجتماعي، ودون أن تساهم هذه المقاولات رغم التكاليف الباهضة التي وفرتها لها الحكومة في تحقيق النسب المرتقبة للنهوض بحركة النمو وتمتين هياكل الإنتاج و تطوير مؤشرات الاستثمار ، بل على العكس من ذلك ساهمت عددا من وحدات الإنتاج من افتعال توترات مع العمال والدفع بهم إلى الطرد والتشريد وارتفاع وثيرة النزاعات الاجتماعية أمام أعين الحكومة، كل هذه الاختلالات ساهمت في إضعاف مصداقية الحكومة في تعاطيها مع الحوار الاجتماعي ، هذا إلى جانب محدودية وهشاشة نتائج الجولات الاجتماعية السابقة 96 و2000 و2003 و2008 كما سيتم التطرق إلى ذلك لاحقا في فقرة السياق التاريخي للحوار الاجتماعي، وبذلك يبقى مصداقية الحوار الاجتماعي وصيانة مصداقية الحكومة رهين ببناء مؤسسات حوار حقيقي و تدعيم هيئاته، وإيجاد الآليات الفعّالة لتنفيذ الالتزامات والحفاظ على التعهدات والرقي بالحوار الاجتماعي لكي يشكل منظومة أخلاقية يحافظ على صيانة واستقرار المعاملات والعلاقات بين أطراف النسيج الاجتماعي .
4- الحوار الاجتماعي ومصداقية النقابات :
إن مدى مصداقية الحكومة في التعاطي مع الحوار الاجتماعي يؤثر بشكل مباشر على مصداقية الشركاء الاجتماعيين وفي مقدمتهم المركزيات النقابية، فالحكومة مطالبة من اجل الحفاظ على مصداقية الحوار الاجتماعي خلق بيئة وثقافة حوار حقيقي مع النقابات عبر إرساء علاقات تعاقدية مستقرة ومستمرة وواضحة تبنى على أساس التمثيل العمالي الذي تفرزه انتخابات المأجورين، وليس على أساس الولاء أو التواطؤ السياسي، فلابد للحوار من منظمات عمال حقيقية تتمتّع بما يكفي من المستوى التمثيلي والشرعيّة التي تجعلها فعّالةً وقادرة على أن تتحدّث باسم أعضائها وتكون مستقلّةً في اتخاذ قراراتها ، وتتمتّع بالاستقلالية المالية والتنظيمية والمعرفة التقنية اللازمة التي تؤهلها للمشاركة بكفاءةٍ في الحوارات الاجتماعية، وقدرتها على إبرام الاتفاقيات الاجتماعية نيابة عن العمال والمنخرطين فيها (وغير المنخرطين) مما يجعلهم ملتزمين بأحكامها ومقتضياتها وكأنهم قد شاركوا جميعاً في إبرامها ، غير أن مصداقية النقابات العمالية الأساسية قد اهتزت خاصة (ا م ش ) عندما اصطفت طيلة عقود إلى جانب الحكومات المتعاقبة، كما اهتزت مصداقية (ك د ش و ا ع ش ) بعد مجيء حكومة التناوب عندما اصطفّت هذه المركزيات إلى جانب أحزابها السياسية الحاكمة، وضعف أداؤها في جولات الحوار الاجتماعي خلال هذه المرحلة نتيجة سقوطها في ازدواجية الخطاب وعدم قدرتها على إحراج الحكومة ، فدب الشك والارتياب في صفوف العمال ومناضلي هذه المنظمات مما أدى إلى انشقاق في (ك د ش) التي أنجبت ف د ش ( الفدرالية الديمقراطية للشغل ) وانشقت عنها أيضا م د ش ( المنظمة الديمقراطية للشغل)، كما تمت الإطاحة برئيس الاتحاد العام للشغالين ولم يسلم الاتحاد المغربي من الهزات التنظيمية الداخلية، فساهم هذا الوضع في تفتيت الحركة النقابية واثر على قوتها وحضورها، فنتج عن ذلك تنامي ظاهرة تناسل النقابات الصغيرة واللجان الفئوية ، ومما عمق من أزمة مصداقية النقابات أيضا في علاقتها مع الحوار الاجتماعي عدم قدرتها على التخلص من آلياتها القديمة واستمساكها بالإشكال النضالية التقليدية التي تنحصر في أشكال الاحتجاج، وعجزها مسايرة التحول من النضال الاحتجاجي إلى النضال من خلال الحوار الاجتماعي، فبرز عند أغلب المنظمات العمالية ضعف التكوين النقابي في مجال الحوار والتفاوض الاجتماعي سواء لدى الإطارات النقابية العليا، أو المتوسطة أو الدنيا، وخاصة في مجال تقنيات وأساليب الحوار والتفاوض مع الأطراف الأخرى الرسمية أو غير الرسمية ، وتشكل نقطة ضعف دائمة لدى أغلب المنظمات النقابية، وأصبحت تعتبر من بين التحديات الذاتية التي على المنظمات النقابية مواجهتها، فقوة مصداقية المنظمة النقابية تتطلب دعم وتكوين القيادات المتخصصة التي تتولى الحوار الاجتماعي ،عبر اكتساب مهارات الثقافة الحوارية وكيفية التفاوض والإقناع والتدريب واكتساب التجربة في شؤون السياسات الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الصناعية، نظرياً وبالممارسة، والقدرة على فهم وصياغة الاقتراحات الاقتصادية أوالقانونية التي غالباً ما تكون معقّدة، فالنضال من داخل الحوار الاجتماعي يحتاج إلى حنكة وتجربة وتحكم في قواعده وتقنياته، وقدرة فائقة على المناورة والتكيف مع تغير المعطيات، وبراعة في اختيار البدائل والقرارات المناسبة لكل وضع مستجد، وتسند مهمة القيام بها إلى فريق ذو تكوين علمي وعملي ميداني، له القدرة على تحليل المعطيات وتقديم البدائل اللازمة ، فالحوار معركة يحتاج إلى تحضير مسبق، وإستراتيجية محكمة واضحة المعالم والأهداف، وهذا ما تفتقده اغلب النقابات التي تشارك بارتجالية ودون دراسة للملفات وليس لها اقتراحات موحدة ومواقف مدروسة غير ما يجتهد فيه الحاضرون في جولات الحوار بالاعتماد على تراكماتهم وتجربتهم ،
كما أن من بين التحديات التي أصبحت تفرض نفسها على النقابات كذلك في عصر الثورة الرقمية اكتساب المهارات التكنولوجية واكتساب الآليات الحديثة في مجال تقنيات الاتصال لمسايرة متطلبات الحوارات وتجميع المعطيات، وإيصال المطالب بأشكال واضحة ومبررة ومقنعة إلى الشركاء الآخرين، فارتهان التنظيمات النقابية إلى الطرق والأساليب التقليدية التي لم تعد ذات فاعلية في تحقيق النتائج المطلوبة من الحوار والتفاوض، يضعف من أدائها ويؤثر على مصداقيتها في أعين مناضليها ويشكل عنصر إعاقة في طريق تطور الفكر والوعي النقابي ،
هذه التحديات المعنوية التي رغم وعي الجميع بأهميتها، إلا أن فعل ما يجب فعله من أجل ربح رهان المصداقية لا زال دون المستوى المطلوب، وأحياناً لا زال لم ينطلق بعد، بسبب المعوقات التي تعترض المنظمات النقابية ، وهي معوقات البعض منها موضوعي كنقص الموارد البشرية و المالية الكافية للنقابات، ومع ذلك فمهما كانت جوانب التحدي الذاتي للمنظمات النقابية عويصة ومعقدة، فلا يمكن لها كسب رهان المصداقية إلا إذا كانت لها الشجاعة الكافية لممارسة النقد الذاتي دون مجاملة فيما بين أعضائها وإطاراتها، واعتماد أسلوب التشخيص الموضوعي لمواقع الضعف الذاتي، ومعالجتها بواقعية، أخذة بعين الاعتبار المصلحة العامة للنقابة قبل المصالح الضيقة للأشخاص، كما لا يمكن إغفال أن مصداقية النقابات في مشاركتها في الحوار الاجتماعي رهين بعنصرين أساسيين، العنصر الأول هو توفير المعلومات والإحصائيات والموارد والتسهيلات، فتبادلٍ منتظمٍ للمعلومات بين الأطراف يؤمن مستوىً أكبر من الفهم المتبادَل للمواقف حول موضوعٍ ما ، كما أن حجب المعلومات أو عدم توفيرها بيسر أمام الأطراف المشاركة يعتبر تغييباً للحقائق ويعد مساهمة مباشرة في إضعاف مصداقية النقابات وإضعاف موقفها في الحوار الاجتماعي، طبقا للقاعدة المعروفة " الذي يمتلك المعلومة يمتلك القرار"،العنصر الثاني الذي يتحكم في مصداقية النقابات هو مدى الالتزام بتنفيذ التعهدات من طرف الحكومة او أرباب العمل واحترام الاتفاقات التي تشكل شريعة الأطراف الاجتماعية ، فنجاح الحوار الاجتماعي وصيانة مصداقية مكوناته يتأسس على قيم الثقة والصدق والاحترام كمبادئ ثابتة .

5- شروط نجاح الحوار الاجتماعي:
إن مسألة الحوار الاجتماعي ليست بالمسالة الهينة او السهلة كما يتم التعاطي معها في المغرب خاصة من طرف الحكومة وأرباب العمل ، ولا من طرف النقابات أيضا، فالحوار الاجتماعي له مقوّمات أساسية لا بد أن يبنى عليها خاصة مع المنظمات العمالية ومنها:
5- 1 - ضمان الحرية النقابية كشرط أول:
فقد أقرّت معايير العمل الدولية والعربية (ونخص بالذكر منها: اتفاقيات العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية الحق النقابي، ورقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، ورقم 151 بشأن علاقات العمل في الوظيفة العمومية، واتفاقيات العمل العربية رقم 1 بشأن مستويات العمل معدّلة بالاتفاقية رقم 6، ورقم 8 بشأن الحريات والحقوق النقابية ورقم 11 بشأن المفاوضة الجماعية جملة من المبادئ والضمانات الهادفة إلى حماية ودعم الحريات النقابية، ولعلّ من أهمها حق تكوين المنظمات المهنية وحرية ممارسة نشاطها.
5- 2 - الشرط الثاني حق تكوين النقابات:
لا يمكن إقامة حوار بنّاء بين الحكومة و منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال ما لم تكن هذه المنظمات مشروعة ومعترف بها، ولنا أن نشير في هذا المجال أن اتفاقية العمل العربية رقم 8 بشأن الحقوق النقابية التي جاءت أكثر تفصيلاً من معايير العمل الدولية في تعرَضها لإجراءات تكوين النقابات، أوجبت في مادتها الثانية بأن تقتصر هذه الإجراءات على مجرد إيداع أوراق التكوين لدى الجهة المختصة، وأكدت في مادتها الرابعة على أن تمارس منظمات العمل وأصحاب العمل نشاطها بمجرد إيداع أوراق تكوينها، هذه الاتفاقية لم تحظ إلى حد الآن بتصديق المغرب .
5- 3 - الشرط الثالث حرية ممارسة النشاط:
لكي تستطيع النقابات القيام بمهامها وتحقيق أهدافها، يتعيّن منحها الحرية في ممارسة نشاطها، التي تتضمن عدة جوانب كرّستها معايير العمل الدولية والعربية، نذكر من أهمها:
ـ حرية تسيير الشؤون الإدارية والمالية.
ـ حرية وضع البرامج ووسائل تنفيذ الأهداف.
ـ حق تكوين اتحاداتها وهياكلها الوطنية والإقليمية والمحلية.
5- 4 - الشرط الرابع ضمان حق التمثيلية :
من شروط نجاح الحوار الاجتماعي في المغرب الذي يعتمد تعدد التنظيم النقابي، الحسم في مسألة معايير تمثيل المنظمات المعنية بالمشاركة في الحوار والتشاور مع الحكومة، أو في حضور مؤتمرات منظمات دولية أو عربية، وهنا تطرح إشكالية المنظمة الأكثر تمثيلاً، التي تحددها نتائج انتخابات المأجورين وكذلك عدد المنخرطين والمساهمين في كل إطار نقابي وغيرها من المعايير التي تطرقت إليها مدونة الشغل، التي حددت الحصول على 6%على الأقل من مجموع مقاعد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاع العام والخاص على الصعيد الوطني وكذا الاستقلال الفعلي للنقابة وقدرتها التعاقدية، أما بالنسبة لتحديد النقابة الأكثر تمثيلا على مستوى المقاولة، فيؤخذ بعين الاعتبار الحصول على نسبة 35% على الأقل من مجموع مقاعد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة وكذا القدرة التعاقدية للنقابة .
5- 5 - الشرط الخامس مأسسة الحوار و تطوير هياكله:
إن توفير مقومات الحوار شرط أساسي لتأكيد التوجه الديمقراطي وحقوق الإنسان على المستوى الاجتماعي، ويعتبر مدخلا لتحسين شروط وظروف العمل وضمان السلم الاجتماعي واستقرار العلاقات الاجتماعية، لذلك وجب توفير هياكل حقيقية للحوار، عبر انتظام توقيت جولاته، وتأمين إطاره التشريعي و التنظيمي و المؤسسي، وتشجيع ثقافة الحوار من خلال توفير التسهيلات اللازمة للنقابات وممثلي العمال ، وإعطاء المثل للحوار في القطاعات والمؤسسات التي تكون فيها الدولة هي المؤجّر حتى يسير على منواله الحوار الثنائي بين العمال وأصحاب العمل، ولتحقيق ضمانات أقوى لمقومات الحوار الاجتماعي فقد أعلن جلالة الملك في خطاب العرش 2008 عن تأسيس المجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي الذي سيكون بحكم تركيبته المتعددة من القطاعات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية وحتى السياسية، منبراً وإطاراً مميزاً للحوار والتشاور حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والذي تنكب الحكومة على إعداد النص التشريعي لهذه المؤسسة الدستورية قبل عرضه على أنظار البرلمان.
.
5 - 6 - الشرط السادس وجود الأطراف المؤهلة لإبرام الاتفاقيات الاجتماعية توفر الإرادة والنية الحسنة وروح المسؤولية:
فمن شروط ضمان نجاح الحوار الاجتماعي اضطلاعَ كلّ طرف من الأطراف بمهامه بفعاليّة، والإيمان الكامل والالتزام الصادق بأهمية الحوار الاجتماعي والمشاركة فيه بفاعلية وشفافية، فالحوار الاجتماعي لا يمارس دائماً بصفة سهلة وتلقائية، بل أنه كثيراً ما تتخلله صعوبات وعراقيل ناتجة عن إكراهات كثيراً ما تجعل توصل الأطراف الثلاثة إلى مواقف متقاربة أمراً صعباً إذا لم نقل مستحيلاً في الكثير من الحالات، لولا توفر الإرادة والنية الحسنة وروح المسؤولية لدى جميع الأطراف لتجاوز هذه الصعوبات، وذلك بتحمل الكثير من التضحيات، والمواقف الجريئة، والمسؤولية الكاملة في تحمل تبعات ما ينتج عن هذا الحوار.
5- 7- الشرط السابع تحري الموضوعية وتفادي التأزيم:
فمن شروط نجاح الحوار الاجتماعي تحري الموضوعية وتغليب نفس الوفاق الاجتماعي،والابتعاد عن منطق الصراع الطبقي فلا يمكن التوصّل إلى تحقيق تقارب اجتماعي عبر القوّة أو الإكراه بل فقط عبر المناقشة والتشاور والتفاوض، فقد أثبت التاريخ البشرى أنه حينما يتوقف الحوار كأداة للتواصل والاتفاق يسود القهر ويشتد الصراع و التعصب، فلطالما فقدت الطبقة العاملة عددا من المكاسب ، نتيجة للمزايدة و التساوم والتوظيف السياسي، إن المهمّ في الحوار الاجتماعي بالنسبة إلى جميع الأطراف السعي إلى إمكانيّة تطوير المكاسب الاجتماعية، باعتماد الأسلوب الأمثل في الخطاب الذي يجسده قوله تعالى » أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن« وقوله تعالى أيضا » ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين«، وايضا باستحضار القواعد النقابية الذهبية » خذ وطالب« وقاعدة » اكسب اكسب « وقاعدة »المحصلة ليست صفرا« ، فالحوار وفن التفاوض هو »تحقيق الممكن« .
بتحقيق هذه الشروط السبعة يمكن حقيقة أن تصبح الحوارات الاجتماعية نقطة تحول وانطلاق إلى آفاق جديدة في واقعنا الاجتماعي، وهذا ما يفتقده الحوار الاجتماعي كما سيؤكده السياق التاريخي للجولات الحوارية التي عقدتها الحكومات المتتالية مع الفرقاء الاجتماعيين طيلة العقود السابقة.
6 – السياق التاريخي للحوار الاجتماعي بالمغرب :
يمكن تقسيم السياق التاريخي للحوار الاجتماعي في المغرب إلى 3 مراحل بارزة ، مرحلة ما قبل السبعينيات، ومرحلة مابين السبعينيات ومنتصف التسعينيات، ومرحلة ما بعد منتصف التسعينيات إلى الآن :
6- 1- مرحلة ما قبل السبعينيات: تميزت هذه المرحلة في السنوات الأولى للاستقلال بإنشاء عدة أجهزة وطنية للتشاور والمفاوضة المهنية، وكانت أهمها:
*إنشاء المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية: كأول جهاز وطني للتشاور والمفاوضة المهنية، والذي صدر الظهير المنظم لاختصاصاته في 29 نونبر 1960، حيث كانت تتمثل مهمته الأساسية في دراسة مختلف القضايا المرتبطة بالشغل والعلاقات المهنية.
*إنشاء اللجنة المركزية للأسعار والأجور : تم إحداث هذه اللجنة في إطار تطبيق نظام السلم المتحرك للأسعار والأجور بمقتضى ظهير 31 أكتوبر 1959،وتكلفت هذه اللجنة بمتابعة تقلبات المعدلات القياسية لأسعار المعيشة، وتأثيرها على الطبقات الاجتماعية، دون أن تستمر في ممارسة مهامها .
*إحداث المجلس الاستشاري لطب الشغل : تم إنشاء هذا المجلس بمقتضى مرسوم 8 فبراير 1958 الصادر بتطبيق ظهير 8 يوليوز 1957 بشأن تنظيم المصالح الخاصة بالشغل، كان الهدف منه هو توفير إطار للتشاور الثلاثي في ميدان طب الشغل وتدابير السلامة والصحة داخل المقاولات.
* إحداث المجلس الأعلى لليد العاملة: بموجب مرسوم ملكي مؤرخ في 14 غشت 1967، احدث هذا المجلس وأسندت له مهمة إبداء الرأي في جميع القضايا المتعلقة بالشغل واليد العاملة على الصعيد الوطني، بدوره لم يفعل واقبر في مهده .
6- 2 – مرحلة ما بين السبعينيات ومنتصف التسعينيات :عرفت العلاقات المهنية في هذه المرحلة تدهورا مضطردا لازالت مخلفاتها إلى اليوم تلقي بظلالها على فصول جولات الحوار الاجتماعي، من اهم المحطات التي ميزت هذه المرحلة:
*30 مارس 1979: إضراب عام دعت له (ك د ش) بعد شهور من تأسيسها انخرطت للتضامن مع الشعب الفلسطيني بمناسبة ذكرى يوم الأرض شاركت فيه الطبقة العاملة بقوة إربك حسابات الحكومة.
* 10-11 أبريل1979: إضراب وطني عام لأساتذة التعليم،وموظفي الصحة العمومية وعمال قطاع البترول والغاز دعت له ( ك دش ) من أجل تحقيق ملفاتهم المطلبية، هذا الإضراب واجهته الحكومة بطرد الآلاف من المضربين من وظائفهم و اعتقال المئات، وأغلقت باب الحوار والتشاور أمام جميع المنظمات النقابية.
* دجنبر 1990 : أمام التدهور الحاد للحالة المادية والمعنوية للعمال، وامتدادا للحركة السياسية للمعارضة من خلال تقديم ملتمس الرقابة على الحكومة، وتشكيل الكتلة الديمقراطية، طالبت المركزيتان الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لشغالين بالمغرب في أول خطوة مشتركة بفتح حوار اجتماعي، وأمام رفض الحكومة وفي خطوة تنسيقية بينهما دعت النقابتين لإضراب عام وطني 14 دجنبر 1990، هذا الإضراب عرف أحداثا دامية في عدد من المدن المغربية. *إحداث المجلس الوطني للشباب والمستقبل: تم إنشاء هذا المجلس بمقتضى ظهير 20 فبراير 1991، وتتمثل اختصاصاته في المساهمة في تكييف أنظمة التعليم والتأهيل حسب ما تستلزمه متطلبات الاقتصاد المغربي وإعداد الشباب لمواجهة المستقبل ومساعدتهم على الاندماج في عالم الشغل.
*أبريل1992: بعد الحوار الذي أجراه الكاتب العام للكدش السيد نوبير الأموي مع الجريدة الإسبانية (el pais)، والذي احتج فيه على تبديد المال العام من طرف الحكومة، حوكم بسنتين سجنا نافدة. 6-3: مرحلة ما بعد منتصف التسعينيات إلى الآن:
* أحدث المجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي : بمقتضى ظهير 24 نونبر 1994، عهد إليه إنعاش الحوار الاجتماعي والسهر على انتظام ممارسته.
*حدد الخطاب الملكي ليوم 16 ماي 1995 إطار وفلسفة الحوار الاجتماعي وأهدافه، وأكد على أهمية التشاور المستمر بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين بهدف الوصول إلى تحقيق شراكة حقيقية تضم كل من المقاولات والنقابات العمالية وتأخذ بعين الاعتبار ضرورة ضمان التوازن بين حاجيات العمال والضرورات الاقتصادية والمالية، وكان ذلك بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للحكومة لفتح الحوار الاجتماعي مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
* 5 يونيو 1996 : دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والإتحاد العام للشغالين بالمغرب إلى إضراب عام وطني، نتج عنه فتح حوار اجتماعي ثلاثي لأول مرة ما بين الحكومة والمشغلين الممثلين في الاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات العمالية، دامت هذه الجولة ما بين 3 يونيو وفاتح غشت 1996 استغرقت ما يناهز 71 ساعة.
* 1غشت 1996: تم التوقيع على أول اتفاق ثلاثي منذ الاستقلال ، وقعه كل من أعضاء الحكومة (ممثلة بالوزارات المعنية بالحوار الاجتماعي) من جهة، والاتحاد العام لمقاولات المغرب (ممثلا للمشغلين) وتسع مركزيات نقابية ممثلة للأجراء والعمال، إذ أجمعت كل الأطراف إن الروح التي طبعت هذه اللقاءات، اتسمت لأول مرة بأسلوبها الجديد والشعور بالمسؤولية والحوار الصريح والارتقاء في طرح القضايا والمطالب ومعالجتها، حيث تم الاتفاق على:
-1 آليات الحوار والتفاوض الاجتماعي :
-1.1 عقد اجتماعين في السنة، الأول في الخريف قبل نهاية شهر شتنبر، والثاني في الربيع قبل نهاية
شهر مارس.
-2.1 تشكيل لجنة ثلاثية دائمة على الصعيد الوطني لمتابعة الملفات وتنفيذ القرارات والالتزامات
المتخذة وذلك بالتنسيق مع المجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي.
-3.1 متابعة الحوار سواء على صعيد القطاعات أو على صعيد الإدارات والعمالات والأقاليم.
2- ممارسة الحريات النقابية :
1.2 - تنمية روح الشراكة الحقيقية بين الأطراف الثلاثة.
2.2- السهر على احترام قانون الشغل والاتفاقيات الدولية التي صادق أو سيصادق عليها المغرب
خاصة منها اتفاقيات المنظمة الدولية للشغل.
3.2- تنظيم حوار ثلاثي حول مشروع مدونة الشغل، بغية التوصل إلى نص توافقي.
4.2- الالتزام باحترام حق الإضراب كحق مضمون في الدستور.
5.2- إرجاع باقي الموقوفين والمطرودين المعفى عنهم.
6.2- إيجاد حل سريع لنزاعات الشغل الجماعية بإرجاع العمال الذين ثبت طردهم لأسباب نقابية، والبحث عن الحلول الممكنة لإعادة فتح المعامل المغلقة.
7.2- دعم الحكومة للمنظمات النقابية على أساس معايير التمثيلية المتعارف عليها وطنيا ودوليا. 8.2- احترام التمثيلية النقابية في التفاوض وفي تمثيل المأجورين في المحافل الوطنية والدولية.
9.2- التزام الحكومة بالحوار مع النقابات القطاعية في شأن ملفاتها المطلبية.
3- الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية :
1.3- تم الاتفاق على توسيع التغطية الاجتماعية وصناديق الحماية الاجتماعية والتعاضديات، وتوفير التأمين الإجباري عن المرض وصياغة مقترحات حول حوادث الشغل والأمراض المهنية .
4- السكن الاجتماعي :
1.4- تم الاتفاق على تخصيص 3% من الأرباح لتمويل إنجاز السكن الاجتماعي لفائدة المأجورين. 2.4-التزام الحكومة بتخصيص 2% من ميزانية الدولة للتجهيز لتمكين الموظفين من امتلاك سكناهم.
3.4- التزام النقابات بحث مجموع مأجوري القطاعين العام والخاص على المساهمة بنسبة 1% من أجورهم في "صندوق التضامن الوطني للسكن الاجتماعي" .
5- تحسين الأجور والمداخيل :
1.5- تمتيع جميع العاملين بالحد الأدنى للأجر 10 % بالمائة ابتداء من فاتح يوليوز 1996.
2.5- استفادة الموظفين في التعليم من الترقية الاستثنائية.
6- تحسين نظام المعاشات . 7- الرفع من التعويضات العائلية . 8- التشغيل .
* 29 أكتوبر1997: أمام تماطل الحكومة في تطبيق الالتزامات المنصوص عليها في اتفاق 1 غشت 1996أعلنت المركزيات النقابية عن إضراب عام قصد إرغام الحكومة على تنفيذ الاتفاق. * 23أبريل2000 : بعد الإعلان عن الإضراب العام بتاريخ 25 أبريل 2000، نتيجة الاحتقان الذي عرفته أوضاع الشغيلة المغربية، فتحت الحكومة جولة جديدة من الحوار الاجتماعي في مفاوضات ثلاثية أسفر عنها توقيع اتفاق 23 أبريل 2000 المعروف باتفاق 19 محرم 1421، هذا الاتفاق شمل جميع الاهتمامات النقابية منها: - معالجة النزاعات الاجتماعية . - معالجة أزمة التشغيل والبطالة . - الزيادة في الحد الأدنى للأجر ومعالجة ملف الترقية الداخلية . - ترسيم المؤقتين .
- المراجعة العادلة للنظام الضريبي المطبق على الأجور.
- التزام والتوافق حول مدونة الشغل .
- إصلاح ودمقرطة المؤسسات الاجتماعية .
- توفير السكن للأجراء .
- إصلاح نظام التقاعد .
- توفير التكوين والتكوين المستمر لفائدة الأجراء .
- تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة العمال.
وبغية تفعيل مقتضيات هذا الاتفاق اتفق الأطراف الثلاثة على إحداث لجنة وطنية ثلاثية التركيب (حكومة - مشغلين - نقابات) برئاسة وزير التشغيل للسهر على تنفيذ محتويات هذا الاتفاق، على أن تجتمع هذه اللجنة مرتين في السنة وكلما دعت الضرورة لذلك، كما تم الاتفاق على إحداث لجان تقنية ثلاثية التركيب تعمل تحت إشراف اللجنة الوطنية، ويعهد لكل لجنة بتتبع مجال من مجالات هذا الاتفاق، وهو ما لم يتم الالتزام به ولم يتم تفعيل اغلب بنود هذا الاتفاق.
* 05 يونيو 2002:بسبب تجاهل حكومة التناوب لمقتضيات اتفاق 19 محرم وأمام غياب فتح الحوار على المستوى القطاعي، وبسبب الانتهاكات المتواصلة للحريات النقابية وتصاعد وثيرة التسريح التعسفي للعمال، دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى إضراب عام بتاريخ 05 يونيو 2002 وذلك في خطوات تصعيدية بعد الانشقاق الذي تعرضت له والذي تمخض عنه تأسيس نقابة (ف د ش) .
* بعد رفض الحكومة الجلوس على مائدة المفاوضات لإيجاد حلول للمشاكل المطروحة، دعت (ك د ش) مرة أخرى إلى إضراب عام آخر بتاريخ 28 يونيو 2002 في سابقة من نوعها يتم فيها الإعلان عن إضرابين عامين في شهر واحد .
* مع مجيء حكومة إدريس جطو: عرفت العلاقات الاجتماعية في عمومها استقرارا ملحوظا نتيجة سياسة القرب من النقابات التي نهجها إدريس جطو وتوسيع الاستشارة معها ، حيث باشر شهورا فقط من تنصيب حكومته فتح عدة حوارات مركزية وقطاعية.
* يناير 2003: جولة جديدة من الحوار الاجتماعي في مفاوضات جماعية ثلاثية بين الحكومة وأرباب العمل والمركزيات النقابية اشتغلت فيها 5 لجان طيلة 4 أشهر وهي:
- لجنة التشريع والعلاقات المهنية والحريات النقابية ؛
- لجنة الأجور والتعويضات والاتفاقيات الجماعية ؛
- لجنة الشؤون الاجتماعية والتغطية الصحية والسكن الاجتماعي ؛
- لجنة الانتخابات المهنية ؛
- لجنة نزاعات الشغل.
أفضت في نهاية أشغالها ليلة فاتح ماي العيد العمالي السنوي إلى التوقيع على اتفاق اجتماعي سمي باتفاق 30 أبريل 2003، ومن أهم ما جاء فيه:
-1 مدونة الشغل :تم التوافق فيها حول القضايا العالقة.
-2 الحريات والحقوق النقابية :
- إلغاء مقتضيات الظهير الصادر في 13 شتنبر 1938 المتعلق بالسخرة.
- إلغاء المادة 5 من المرسوم الصادر في 5 فبراير 1958 والمتعلق بالتوقف المدبر عن العمل
من طرف الموظفين.
- مراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي.
- إدراج الأحكام المتضمنة في الاتفاقية الدولية رقم 87 حول الحريات النقابية، والاتفاقية الدولية
رقم 135 حول حماية ممثلي الأجراء، والاتفاقية الدولية رقم 151 حول حماية حق التنظيم
وشروط الاستخدام في القطاع العام، ضمن مقتضيات مدونة الشغل.
- تعميم وزارة الداخلية دورية لإثارة انتباه الولاة والعمال الى ضرورة تفادي الممارسات التي تؤدي الى عرقلة حرية تأسيس النقابات، مع حث جميع الجهات المعنية على تسليم وصل إيداع ملفات تأسيس النقابات بمجرد تقديم هذه الملفات إلى المصالح المختصة.
- إصدار مرسوم حول التفرغ النقابي.
- تبسيط مسطرة صرف الاعتمادات المخصصة لدعم أنشطة المركزيات النقابية في مجال التكوين.
- الرفع من قيمة الدعم المالي للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلا.
-3 فض النزاعات الجماعية:
- يوجه وزير الداخلية دورية الى الولاة والعمال لحثهم على السهر شخصيا على التدخل لتسوية
النزاعات الجماعية للشغل محليا وإقليميا وذلك فور نشوبها.
- دراسة الطلبات التي تقدمت بها المركزيات النقابية والرامية إلى حل نزاعات الشغل المستعصية.
-4 تسوية وضعية الموقوفين والمطرودين المسجلين باللوائح المسلمة للسلطات المختصة.
-5 دعم جهاز تفتيش الشغل وذلك بالإسراع في إقرار مشروع القانون الأساسي لهيئة تفتيش الشغل
وإحداث مناصب مالية تسمح بمد الجهاز بالموارد البشرية الكافية.
-6 النهوض بالاتفاقيات الجماعية للشغل وذلك عن طريق :
- تعديل القانون الحالي المنظم للاتفاقيات الجماعية.
- وضع اتفاقيات جماعية نموذجية في جميع القطاعات المهنية.
- تفعيل دور المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية .
-7 إحداث نظام يتعلق بالتعويض عن فقدان الأجير لعمله لأسباب اقتصادية.
-8 التغطية الصحية والاجتماعية :
- في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 65.00 المتعلق بمدونة التغطية الصحية الأساسية، ثم
الاتفاق على الإسراع بإخراج المرسوم المتعلق بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
- تمديد عطلة الأمومة من 12 إلى 14 أسبوع.
-9 السكن الاجتماعي وسكن الأجراء :
- إحداث صناديق للضمان يساهم فيها المشغلون سواء كانوا عموميون أو خواص.
- الاستفادة من قروض بفوائد تفضيلية وعلى أمد طويل.
-10 التقاعد :
- تم الاتفاق على عقد مناظرة وطنية بهدف الوصول الى نتائج متفق عليها.
- التقاعد النسبي التطوعي ابتداء من 55 سنة في القطاع الخاص.
- استئناف الحوار ابتداء من شهر ماي 2003 من أجل تفعيل مسألة المغادرة الطوعية للتقاعد.
-11 الأجور والتعويضات:
- الزيادة في الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 % في القطاع الخاص على مرحلتين ابتداء من يوليوز
2003 و يوليوز 2004.
-اعتماد الحد الأدنى للأجور في القطاع العمومي وشبه العمومي بما يمثل مبلغ تكميلي جزافي قدره
300 درهم لكل موظف من السلم 1 إلى 9 على مرحلتين ابتداء من يوليوز 2003ويوليوز. 2004
- تسوية التعويضات بالنسبة للمتصرفين والأطر المشابهة والتقنيين والإعلاميين والأساتذة الجامعيين.
- الاستمرار في ترسيم ما تبقى من الأعوان باحترام الوثيرة السنوية(أي 6000 عون.(
- تسوية القضايا المترتبة عن الترقية الاستثنائية بالنسبة لسنوات 2000- 2001 -2002 .
* شهر شتنبر 2003 : بدأت الحكومة في تفعيل بعض مضامين اتفاق 30 أبريل 2003، كما باشرت سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين عن المركزيات النقابية، والنقابات القطاعية بمقر الوزارة الأولى، جمعت ممثلين عن القطاعات الوزارية المعنية وممثلي الفئات القطاعية والنقابات المركزية، تمت فيها الاستجابة إلى القضايا التالية:
أولا:الزيادة في التعويضات الخاصة بالموظفين والأعوان المرتبين في السلاليم من 1 إلى 9.
ثانيا : تسوية وضعية هيئة التقنيين.
ثالثا: تسوية وضعية المتصرفين والأطر المماثلة.
رابعا: تسوية وضعية الإعلاميائيين.
خامسا: تسوية وضعية المهندسين العاملين بالمؤسسات العمومية.
سادسا: حل إشكالية الترقية الداخلية برسم سنوات 2000 – 2001 – 2002،
سابعا: تصحيح بعض بنود النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية.
ثامنا: تخصيص دعم مالي للمركزيات النقابية، حيث تم صرف هذا الدعم برسم سنتي2004 و2005.
ولقد استطاع إدريس جطو في ظل ظروف السلم الاجتماعي الذي ميز هذه المرحلة، تمرير عدد من القضايا الاجتماعية التي ظلت عالقة ومستعصية طيلة سنوات، نذكر منها:
- إصدار القانون رقم 99-65 المتعلق بمدونة الشغل الذي شرع في تطبيقه ابتداء من 08 يونيو 2004 بتوافق مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين رغم الاعتراضات القوية التي كانت تعبر عنها الطبقة العاملة ؛
- إصدار المرسوم رقم 402-03-2 في 20 رجب 1424 (17 شتنبر2003) بتطبيق أحكام القانون رقم 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية ، حيث تم الشروع في الاقتطاعات الخاصة بالتغطية الصحية ابتداء من غشت 2005، كما تمت إعادة هيكلة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ليتسنى للجهازين مسايرة عملية التغطية الصحية.
- إنعاش الصندوق المغربي للتقاعد، بفرض زيادة على الموظفين ب 3 %على مدى ثلاث سنوات 2004 و2005 و2006 ، والانكباب على ملف المعاشات لإيجاد حل للأزمة المرتقبة التي سيعرفها .
- كما حاول الوزير الأول إدريس جطو في عهده أيضا تمرير قانون الإضراب، لكنه لم يتمكن من ذلك نظرا للتوترات الاجتماعية وتنامي وثيرة نزاعات الشغل وخاصة في القطاع الخاص، حيث بقي هذا الملف عالقا وموضوع على طاولة الحكومة الحالية.
* أبريل 2008: فتحت حكومة عباس الفاسي جولة جديدة من الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية وأرباب العمل، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، أثرت بشكل كبير على وضعية الأجراء عمال وموظفين، مما جعل المركزيات ترفض التوقيع على مقترحات الحكومة التي اعلنت عنها منفردة ليلة فاتح ماي2008 ، وما جاء فيما أعلنت عنه الحكومة :
1 - الرفع من الحد الأدنى للأجر بنسبة 10 % للأجراء في القطاع الصناعي والتجاري والخدماتي وكذا الفلاحي وذلك بنسبة 5 % ابتداء من فــاتح يوليوز 2008 و 5 % من فاتح يوليـوز 2009 مع إجراءات استثنائية لمصاحبة قطاع النسيج والألبسة لمواجهة الإكراهات التي يعاني منها هذا القطاع في الظرف الراهن.
2- الرفع من الأجور مع الاستفادة من تخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة للموظفين المرتبين في سلالم الأجور من 1 إلى 9 وذلك على مرحلتين ، الأولى ابتداء من فاتح يوليوز 2008 والثانية ابتداء من فاتح يوليوز 2009 .
3- الرفـع من الحد المـُعفى من الضريبة على مرحلتين :
* من 24.000 إلى 27.000 درهم ابتداء من فاتح يناير 2009.
* من 27.000 إلى 30.000 درهم ابتداء من فاتح يناير 2010.
4- تخفيض نسبة الاقتطاع من الأقساط العليا للضريبة على الدخل على مرحلتين:
* من 42% إلى 40% ابتداء من فاتح يناير 2009.
* من 40% إلى 38% ابتداء من فاتح يناير 2010.
5- الزيادة في التعويضات العائلية من 150 درهم إلى 200 درهم بالنسبة للأطفال الثلاثة للموظفين والأجراء في القطاع الخاص ، مع توسيع الاستفادة من التعويضات العائلية لفائدة أجراء القطاع الفلاحي على غرار ما هو معمول به بالنسبة للأجراء في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات .
6- الزيادة في المعاشات الدنيا من 500 إلى 600 درهم ؛
7- إحداث بعض التعويضات لفائدة الموظفين العاملين بالمناطق النائية والصعبة بالعالم القروي بالنسبة لقطاعات التربية الوطنية والصحة والعدل.
Ii- مأسسة الحوار الاجتماعي :
1- تلتزم الحكومة بتنظيم جولتين للحوار الاجتماعي مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين خلال شهري أبريل وشتنبر من كل سنة تزامنا مع إعداد قانون المالية والدخول الاجتماعي.
2- التشريع والحريات والحقوق النقابية : تلتزم الحكومة بــ :
*العمل على تذليل الصعوبات التي تحول دون التصديق على اتفاقية الشغل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية في أفق المصادقة عليها .
* تلتزم الحكومة بمراجعة الإعانات الممنوحة للنقابات من خلال الرفع من الدعم النقابي إلى 15 مليون درهم ابتداء من سنة 2008 والدعم المخصص للتكوين النقابي إلى 2 مليون درهم، وذلك ابتداء من فاتح يناير 2009، مع التزام المركزيات النقابية بإعداد تقارير توضح أوجه صرف هذه الإعانات.
Iii- مـمارسة حـق الإضراب :
- تم اتفاق الأطراف الثلاث على إعداد مشروع القانون التنظيمي للإضراب من أجل احترام الدستور، قانون يقضي بالأساس استمرار العمل في الحد الأدنى بالنسبة للقطاعات الحيوية.
Iv - الحماية الاجتماعية :
1- تلتزم الحكومة بإعداد مشاريع النصوص التطبيقية الخاصة بنظام المساعدة الطبية.
2- تلتزم الحكومة بمواصلة إصلاح أنظمة التقاعد بتشاور مع الشركاء الاجتماعيين.
V- استكمال التشريعات المتعلقة بقانون الشغل:
1- تلتزم الحكومة، في إطار التشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين بإخراج النصوص التطبيقية لمدونة الشغل التي هي في طور الإقرار أو في مرحلة الإعداد، وكذا تسريع اعتماد القوانين الخاصة الواردة في المدونة: القانون المتعلق بشروط تشغيل خدم البيوت والقانون المتعلق بشروط تشغيل الإجراء في القطاعات ذات الطابع التقليدي الصرف،
2- تلتزم الحكومة، في إطار التشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، بتسريع اعتماد مشروع قانون البحارة ومشروع النظام الأساسي لمستخدمي المقاولات المنجمية.
3- التعويض عن فـقدان الشغل وحوادث الشغـل.
4- تعميم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
5- النهوض بالعـلاقات المهـنـية داخل المقاولات والمؤسسات الإنتاجية .
6- إصلاح صناديق العمل .
7- إصلاح النظام التعاضدي .
Vi – بالنسبة للقطاع العام:
1- تحسين منـظومة التــرقــي : تلتزم الحكومة برفع الحصيص من 22إلى 25 % (11 % لامتحان الكفاءة المهنية ، و14 % للاختيار).
2- معالجة وضعية الموظفيـن المرتبـيـن في سلالـم الأجور من 1 إلى 4.
3- مراجعة منظومة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.
4- مراجعة النظـام الأساسي الـعام للوظيفة العمومـية، والأنظمة الأساسية الفئوية.
5- مراجعة منظومة التنقيط والتقييم.
6- مراجعة منظومة الأجور.
7- الـتكويــن المسـتـمر.
ولقد اعتبرت النقابات انفراد الحكومة الإعلان من طرف واحد عن خلاصات جولة الحوار الاجتماعي ، ضربا لمصداقية الحوار ولا تستجيب لقواعد التشاور والتفاوض والتعاقد الجماعي ، وأنها غير مقتنعة بمقترحات الحكومة ، مما حدى بأغلبها الإعلان يوم 13 ماي 2008 عن إضرابات في القطاعات العمومية والجماعات المحلية، وطلبت الحكومة باعادة فتح الحوار من اجل التوصل الى اتفاق مشترك .
* أكتوبر 2008 فتحت الحكومة دورة جديدة من الحوار الاجتماعي يوم 13 اكتوبر برئاسة الوزير الاول الذي اكد على ان الحوار سيتم "وفق منهجية عمل تسمح بسن قواعد المفاوضة الجماعية، لبلورة ميثاق اجتماعي جديد" وذلك استجابة لطلب النقابات، حيث ان الحوار بدأ يسلك منحا جديدا عبر فتح الحوار في لجان موضوعاتية وفق جدول زمني محدد، ينتظر منه أن يخلص إلى نتائج متوافق حولها، لعرضها على الجلسات العامة، التي يترأسها الوزير الأول، وبذلك تم تشكيل 4 لجان موضوعاتية في القطاع العام تشرف عليها وزرارة تحديث القطاعات العامة ، واربع لجان موضوعاتية للقطاع الخاص تشرف عليها وزارة التشغيل،
اللجان الموضوعاتية للقطاع العام هي :
 اللجنة القانونية وتنكب على المحاور التالية: مرسوم حذف السلالم من 1 إلى 4
2- مرسوم الخاص بالترقي – 3 مرسوم التنقيط والتقييم – 4 مشاريع الأنظمة الأساسية الخاصة بالفئات – 5 النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
 لجنة تحسين الدخل : وتنكب على المحاور التالية 1- الرفع من مستوى الأجور؛2- التخفيف من العبء الضريبي؛ 3- إحداث تعويض لفائدة الموظفين العاملين بالمناطق النائية، 4- تطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور؛ 5- الزيادة في المعاشات؛ 6- إصلاح منظومة الأجور.
 لجنة تحسين ظروف العمل وتنكب على " التوقيت المستمر - الحريات – القضايا الاجتماعية – والحقوق النقابية- الدعم النقابي "
 اللجنة المكلفة بمراجعة منظومة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء : تنكب على بمراجعة المرسوم رقم 2.59.0200 المتعلق بتطبيق الفصل 11 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية حول انتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.
 اللجان الاربع الموضوعاتية المكلفة بالقطاع الخاص فتنكب على:
1ـ مشروع قانون حول النقابات
2ـ مشروع القانون التنظيمي حول الإضراب
3 ـ تعزيز الحماية الاجتماعية
4 ـ الإعداد لانتخابات ممثلي المأجورين
غيران مجريات الحوار الاجتماعي داخل اللجان الموضوعاتية تدل على صعوبة التوصل في ظرف الغلاف الزمني المحدد ( شهر ) إلى حلول واتفاقات نهائية ، وهو ما يجعل المركزيات النقابية تشعر بالقلق وتتخوف من أن يكون المراد من المنهجية المعتمدة من قبل الحكومة هي محاولة لتمطيط الوقت فاغلب النقابات تجمع على الحوار الاجتماعي لا يسير في الاتجاه الصحيح، لذلك إذا لم تتوفر الإرادة اللازمة لتجاوز كل العراقيل والصعوبات فان الحوار الاجتماعي سيصل بدون شك الى الباب المسدود.

7 - خلاصة: يتضح إذن من خلال السياق التاريخي الذي مر منه الحوار الاجتماعي في المغرب ان الحوار الاجتماعي بمفهومه الحقيقي لازال لم ينطلق بعد، فلا زال الحوار مناسباتيا، وان أغلب بنوده لم تفعل، كما أن اغلب المنظمات النقابية تفتقر إلى المؤهلات المطلوبة لتكون في مستوى تطلعات الطبقة العمالية، كما أن الحوار بذاته يعرف عدة اختلالات على مستوى الأدوات والأساليب المعتمدة، حيث يتضح أن عددا من المطالب والمحاور تتكرر مع قدوم كل حكومة، فلو أن الحكومة وشركائها عمدت إلى إدماج جميع الاتفاقات الاجتماعية السابقة ووضعت برنامجا لتنفيذ بنودها لكان ذلك مجديا بدلا من فتح جولات جديدة للحوار حول نفس المطالب والقضايا، إننا حقيقة أمام أزمة للحوار الاجتماعي كما هو متعارف عليه في المجتمعات الراقية،
فالحوار بين الشركاء آو الفرقاء الاجتماعيين كما يصح القول تحكمه تناقضات أصبحت ثقافة مسلم بها لدى الأطراف المتحاورة، فالحكومة تحاول عند كل جولة الخروج بأقل تكلفة ممكنة نظرا لحجم الاكراهات والمطالب الاجتماعية المتراكمة، بالمقابل تجد النقابات تسعى جاهدة لتحقيق اكبر قدر من المكاسب لإرضاء الطبقة العاملة، وبعد التوصل إلى اتفاق حول قضايا معينة، فإن الحكومة تحاول ربح أكبر وقت ممكن في تنفيذ الاتفاقات حتى لا تكون أمام فتح مطالب جديدة،أما النقابات فتسعى بكل الوسائل تحقيق مكاسبها في اقل وقت ممكن لتناضل من جديد حول المطالب العالقة، لتبقى المعركة مستمرة بين الحكومة والنقابات حول هذه المفارقات حيث يستند كل طرف على وسائله لترجيح كفة الموازنة، وتبقى الطبقة العاملة رهينة الحسابات والتوازنات.
في مثل هذا الوضع لا يمكن للطبقة العاملة أن تضع ثقتها لا في الحكومة ولا في النقابات خصوصا أمام استمرار تدهور أوضاعها المادية وأمام ارتفاع الأسعار وضعف قدرتها الشرائية، وبذلك في غياب الفعل النضالي للنقابات بدأت تظهر في الساحة الاجتماعية مجموعات اجتماعية أخرى في المجتمع المدني , ومنهم الجمعيات الاجتماعية والحقوقية والمنظمات غير الحكومية التي أصبحت تلعب دوراً مهماً فى المطالبة بالحماية و الخدمات الاجتماعية، وتحسين الإدارة ومحاربة الفساد، والمطالبة بإصدار العديد من التشريعات لحماية المستهلك والمواطن.. الخ،
إن أسلوب الحوار الاجتماعي الذي اعتمدته بلادنا منذ 1996،وإن كان قد تـُوّجَ بعدة اتفاقات اجتماعية كان لها أثـر ايجابي- وان كان محدودا- في تحسيـن الأوضاع الاجتماعية بالقطاعين الخاص والعام من جهة وفي تكريس ثـقافة الحوار بيـن أطراف الإنتاج من جهة أخرى، فان الحكومة والنقابات أمامهما أشواطا كبيرة في ظل تراجع جل المكاسب الاجتماعية (ارتفاع البطالة،تصاعد الفوارق الاجتماعية، وتراجع العدالة الاجتماعية، تصاعد ظاهرة القطاع الغير منظم وظاهرة المناولة، تفكيك أنظمة التأمين عن المرض وأنظمة التقاعد الخ) من اجل إرجاع مصداقية الحوار الاجتماعي الذي يعلق عليه الأجراء انتظاراتهم بكل فئاتهم وأطيافهم واختلاف مطالبهم ورغباتهم الاجتماعية،
إننا في المغرب في حاجة إلى إرساء علاقات ثقة جديدة بين مكونات الحقل الاجتماعي
عبر الالتزام بقواعد الحوار الاجتماعي، واحترام التعهدات وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة، واعتماد الحكامة الاجتماعية كمفهوم وأسلوب جديد يدعم تذويب الحدود بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ويشجع على التشارك الحقيقي بين الأطراف في إطار من الشفافية والوضوح والاحترام، من خلال بناء منظومة إجتماعية متكاملة ومتينة تراعي تنظيم الحقوق والواجبات والالتزامات.




الموقع 22/1/2009
شكرا أخي على تفضلك بهذا الموضوع الهام,و ب/ لمناسبة أدعو الجميع لقراءته بتمعن ويدلي كل واحد منا برأي.
السؤال الذي ينبغي طرحه هو :لماذا تنفرد الحكومة باتخاذالقرارات بعيدا عن النقابات؟هل لم تجد فيها الأهلية لتكون المتفاوض الحقيقي باسم الشغيلة؟


سمير الحاتم
:: دفاتري بارز ::


تاريخ التسجيل: 22 - 1 - 2009
المشاركات: 143

سمير الحاتم غير متواجد حالياً

نشاط [ سمير الحاتم ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 30-01-2009, 21:58 المشاركة 4   

الحديث عن فن الحوار او التفاوض ليس هو الاهم ولكن الاهم هو دمقرطة الحوار او التفاوض.....اطرح سؤالا على صاحب العرض والذي هو بالمناسبة القيادي في العدالة و التنمية.....من فبرك انتقالات مشبوهة من تاونات الى فاس ومكناس الى اخيه و صديقه ...رغم انهم لا يتوفرون على اقدمية مناسبة....اهذه هي تقنيات الحوار كما تدعي......؟؟؟؟؟؟؟

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مصداقية, مندريس, الأستاذ, الاجتماعي, الحوار, الحكومة, النقابات, بين, بقلم, صعيد, ومصداقية

« التعويض عن العمل في المناطق الصعبة | لا زيادة في الرواتب هذا الشهر؟؟؟؟؟؟؟ »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حول جولة يوم 3 يونيو 2009 من الحوار الاجتماعي بين ممثلي النقابات وممثلي الحكومة naqabi الأرشيف النقابي 0 04-06-2009 15:24
الحكومة تدشن جولة جديدة من الحوار الاجتماعي حول كل النقط الخلافية مع النقابات ابن خلدون دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 25 17-03-2009 17:14
النقابات تمهل الحكومة شهرا قبل قلب طاولة الحوار الاجتماعي في الأحداث المغربية persecuteur دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 17 09-11-2008 18:59


الساعة الآن 05:33


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة