السلام عليكم جميعا،
إن حصر مفهوم 'الهدر المدرسي' (كما يراد حصره من طرف المسؤولين عن القطاع) في:
1.الحصص التي يقضيها التلميذ خارج الفصل؛
2.نسبة التكرار؛
3.نسبة المغادرين للفصول الدراسية بصفة نهائية دون الحصول على أية شهادة؛
يبقى سطحيا و لا يلامس الواقع والحقيقة التعليمية الغائبة/المغيبة في أذهان من يرفعون شعار 'محاربة الهدر المدرسي'، ويعقدون حوله الموائد (وماأدراك ماالموائد ومصاريفها)، فالهدر المدرسي أعمق و أكبر من ذلك . إنه:
-هدر الزمن المدرسي من خلال تكديس تلاميذ مستويات مختلفة داخل حجرة واحدة حيث تنعدم شروط التعليم/التعلم.
-إنه هدر طاقات المدرسين الذين لا يجدون الظروف و الوسائل التعليمية المناسبة لأداء واجبهم كما يحبون.
-إنه هدر الزمن و قتل روح التعلم من خلال البرامج الدراسية غير الملائمة لسوق الشغل (إن وجد).
-إنه هدر الزمن و الإتيان على جيل بكامله من خلال تعريب أعمى لا ندري من المستفيد منه.
-إنه الإجهاز على حقوق المتعلمين في تعليم لائق من خلال الإكتظاظ الممنهج و تقليص المدة الزمنية للمواد المدرسة.
-إنه الضحك على الدقون و البحث عن الحلول السهلة لمشاكل تشيب الرضيع. فهل بإرجاع من لا رغبة له في التعليم للقسم (المنقطعون/المفصولون) سنحد من الهدر أم سنعمقه؟ كل منقطع عائد سيجر معه آخرين و بذلك نساهم في الهدر المدرسي و بشكل رسمي. وهنا نتساءل: هل بإرجاع المنقطعين للقسم -لأن الدولة عاجزة عن إيجاد مخرج لهم خارج الأقسام- نكون قد حققنا طفرة في نظامنا التعليمي؟ هل سنكون قد ربحنا زمننا التعليمي؟ هل سنكون قد حققنا نسبة عالية من الجودة؟ وهل وهل.......؟
إن 'الهدر المدرسي' يخص الدولة/المجتمع ككل و ليس طرفا بعينه. فالمسألة تتجاوز الحارس العام بكثير... وحتى إذا افترضنا أن للحارس العام دور في القضية فإن الحارس العام قد يجيبنا بما يلي:
'من أهم أدواري داخل المؤسسة المحافظة على السير العادي لتمدرس التلاميذ ولا يعقل أن يتغيب تلميذ وأحرمه أنا بتوقيفه حصصا أخرى: يكفيه الحصص التي تغيب فيها'.
فالحارس العام يتعامل،(وله العذر في ذلك) بنفس التعامل الرسمي مع المسألة. و ما يهمه هو أن تكون إحصائيات الغياب الأسبوعية و الشهرية متدنية. و بالتالي يكون –من موقعه- قد ساهم في التقليل نسبيا من نسبة الهدر... و إذا كان هذا هو جواب ال ح.ع. فما هو جواب أولياء الأمور؟
لقد انسحب أكثرهم من دورهم التربوي تجاه أبنائهم: كم من أب يزور المؤسسة ليطلع على ظروف تمدرس احد أولاده؟ كم من أب احتج على الإكتظاظ داخل قسم ابنه؟ كم من أب سأل أحد مدرسي إبنه عن سلوكه و اهتمامه بدروسه؟ كم من أب تساءل:' لماذا لا يريد ابني أن يدرس؟؟؟'
لكي أختم و قد أطلت، بالله عليكم، كيف لمسؤولين عجزوا عن تطبيق قانون إلزامية التعليم أن يتحدثوا عن الهدر المدرسي و هم أول من يهدره من خلال ترك آلاف الأطفال خارج جدران الأقسام.
تحياتي للجميع.