علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَاعَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّنيَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }(الأحزاب).
أما بعد، فهذه حلقات فيذكر الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وأمراء المؤمنين ورثة خير المرسلين وهم أربعة ومدة خلافتهم ثلاثون سنة.
وحديثنا اليوم عن علي بن أبي طالب رضي اللهعنه مدة خلافته أربع سنين وتسعة أشهر من سنة خمس وثلاثين من يوم وفاة عثمان بن عفانرضي الله عنه.
نسب الإمام علي و كنيته
هو أبو الحسن علي بن أبي طالببن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عمّ رسول الله صلى الله عليهوسلم، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ولد الإمام علي قبل البعثة بعشر سنين وتربى في حجرالنبيّ صلى الله عليه وسلم وفي بيته، أول من أسلم بعد خديجة وهو صغير، كان الإمام علي يلقب حيدرة وكنّاه النبيّ صلى الله عليه وسلم أبا تراب.
ولمّا هاجرالنبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة أمر الإمام علي أن يبيت على فراشه وأجله ثلاثة أيام ليؤدي الأمانات التي كانت عند النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابها ثم يلحق به إلى المدينة فهاجر الإمام علي من مكة إلى المدينة المنورةماشياً.
شهد الإمام علي المشاهد كلها مع النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا غزوةتبوك واصطفاه النبيّ صلى الله عليه وسلم صهراً له وزوجه بنته فاطمة الزهراء وأعطاه اللواء يوم خيبر ففتحها، واقتلع باب الحصن، كان الإمام علي رضي الله عنه آدم اللون، أدعج العينين عظيمها، حسن الوجه، ربعة القد، كثير الشعر عريض اللحية،أصلع الرأس، ضحوك السن، أشجع الصحابة وأعلمهم في القضاء، وأزهدهم في الدنيا لم يسجدلصنم قط رضي الله عنه.
فضائل الإمام علي هذا العالم العاملالزاهد:
كان الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه غزير العلم، زاهداً ورعاً شجاعاً وقد ورد عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال: "ما جاء لأحد من فضائل ما جاءلعلي".
ويكفي الإمام علي خصوصية أنه من المغفور لهم حيث جاء في حديث عبدالله بن مسلمة عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألاأعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك وإن كنت مغفورا لك؟
قال: قل لا إله إلاالله الحليم الكريم سبحان الله ربّ العرش العظيم الحمد لله ربّ العالمين" أخرجه الترمذي.
وعن عائشة بنت سعد قالت: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى اللهعليه وسلم يوم الجحفة فأخذ بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس إني وليكم" قالوا: صدقت يا رسول الله ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: "هذا وليي ويؤديعني دَيني وأنا موالي من والاه ومعادي من عاداه" أخرجه النسائي في خصائص أميرالمؤمنين.
الإمام علي رجل يحبه الله ورسوله:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: " لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه". قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذقال: فتشاورت لها رجاء أن ادعي لها قال: فدعا علي بن أبي طالب فأعطاه إياها ثم قال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك. قال فسار علي شيئاً ثم وقف ولم يلتفت فصرح: يارسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: "قاتلهم حتى يشهدوا أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله". رواه مسلم.
وكان الإمام علي كرّم الله وجهه لا يجد حراً ولابرداً بعد أن دعا الرسول له قائلا: "اللهم اكفه أذى الحر والبرد".
فكان الإمام علي رضي الله عنه يخرج في البرد في الملاءتين ويخرج في الحر في الخشن والثوب الغليظ". أخرجه النسائي في خصائص أمير المؤمنين.
وكان الإمام علي ذا قوة متميزة، فقد روى الطبراني عن أحد الصحابة أنه قال: "خرجنا مع علي بن أبي طالب حينبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطاح ترسه من يديه، فتناول الإمام علي بابا كان عندالحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه الإمام علي من يده حين فرغ فقد رأيتني في نفر سبعة نجهد على أن نقلب ذلك الباب فلم نستطع.
من أقوال الإمام علي ومواعظه المأثورة:
لقد كان لسيدنا الإمام علي رضي الله عنه أقوال ومواعظ كثيرة منها أنه قال: "إن أخوف ما أخاف أتباع الهوىوطول الأمل، فأما إتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسى الآخرة."
وقال الإمام علي أيضا: "ارتحلت الدنيا وهي مدبرة وارتحلت الآخرةوهي مقبلة ولكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناءالدنيا، اليوم العمل ولا حساب وغدا الجزاء ولا عمل" رواه البخاري.
وفاة الإمام علي رضي الله عنه:
لمّا كثر أهل الفتن وتعددت فرق الضلال تآمر بعضهم وتواعد لسبع عشرة ليلة من شهر رمضان سنة أربعين هجرية، فوثب ابن ملجم وقد خرج الإمام علي رضي الله عنه إلى صلاة الصبح فضربه بالسيف في جبهته فكانت وفاة أميرالمؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه لإحدى وعشرين من شهررمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين أو تسع وخمسين سنة من عمره فكانت خلافته أربع سنينوتسعة أشهر.
أخي المسلم:
إليك هذه النصيحة العظيمة: كن محبا لمن أحبهم الله ورسوله، معظماً لمن رفع الله من شأنهم وأعلى قدرهم، وليبق حب الصحابة محفوراً في قلبك، ولا سيما الخلفاء الراشدين العاملين الورعين أبي بكر الصديق و عمربن الخطاب وعثمان و علي.