الحرب على غزة كشفت الوجه القبيح للعلمانيين .
التواطؤ الصهيوني/العلماني/العربي على إبادة شعب غزة.
القذائف الفسفورية الإسرائيلية انهالت
على مدرسة تابعة للأونروا في بيت لاهيا .
نحن اليوم -بلا مواربة- في مرحلة الاشتراك العربي في المجازر الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني المؤمن و بخاصة في قطاع غزة الصامد.
و المشاركة المقصودة في هذه الجرائم لا تعني دخول جنود عرب إلى جانب جيش الاحتلال، باستثناء عصابات دحلان و أجهزة البطش في السلطة الفلسطينية الكرتونية، و إنما أصبح كثير من العرب يجاهرون بالانحياز السياسي إلى العدوان اليهودي تحت راية زائفة هي الخصومة مع حركة حماس. مع أن الاعتداءات تقع على الشعب كله بما في ذلك أراضي الضفة الغربية التي تقع -نظرياً- تحت يد سلطة عباس و شركائه!
فمستشار محمود عباس "نمر حماد" لم ينتظر انتهاء حمام الدم الفلسطيني في غزة بال*** الجوي و المدفعي الصهيوني، بل إنه سارع ليعبر عن الشماتة ببني جلدته، و يقدم الحجة نفسها التي قدمها الكيان الصهيوني ذريعة و مبرراً للعدوان البشع، فقد ألقى "نمر" بمسؤولية مجازر غزة على من أسماهم بـ"منفذي الأعمال الطائشة" بإعطاء الذريعة للكيان الصهيوني للقيام بمثل هذا العدوان، و هو كلامٌ واهٍ يكشف مدى التواطؤ العلماني الصهيوني لإبادة كل ما هو إسلامي، و للتذكير فقط فقد تبرأ الاتحاد الأوربي نفسه من هذا العدوان، و نأى بنفسه عن "جريمة الإبادة المكشوفة الجارية".
و بعض العرب تواطأ بتضليل أهل غزة بحديثه المكذوب عن تجديد التهدئة مع "تل أبيب"! بل صرح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بخصوص الغارات الصهيونية للقنوات الفضائية بقوله: "..حسب ما وردنا من أرض المعركة؟!"
فأي معركة تلك التي تجري في غزة؟
أعدوانُ و تدميرُ و ***ُ و قتلُ و إرهابُ دولةٍ من طرف واحد يسمى معركة؟!
لقد كان حَرِيا بالأمين العام للجامعة العربية أن يختار عباراته لا سيما أن الموقف دقيق و الوضع حساس، فكيف جاز له أن يصف المذبحة الصهيونية بالمعركة التي تعني حربا بين جيشين في حين أن ما وقع للفلسطينيين في قطاع غزة هو مذبحة أو قُلْ محرقة ذهب ضحيتها أكثر من 300 قتيل وأزيد من 1000 جريح (1)، أغلبهم من المدنيين العزل من الأطفال و النساء.
إن التباين في المفاهيم و المبادئ و القيم بين الشارع العربي المسلم و الفئة العلمانية المسيطرة على مصادر القرار أضحى واضحا، فالمسلمون الذين استاءوا من آلة التدمير الصهيونية عبّروا عن مواقفهم حسب قدرتهم و فهمهم و انتمائهم و بكل عفوية، و تقبلوا بارتياح واسع، بل و تعاطفوا كذلك مع الخطاب الشرعي الذي أعطى للقضية الفلسطينية بعامة و قضية غزة بخاصة أبعادها الحقيقة من المنظور الشرعي، باعتبار الصهاينة العدو اللدود للمسلمين، و أنهم يسعون في الأرض فسادا، و أنهم موقد الحروب.. و في المقابل تمعض المسلمون من الخطاب العلماني الرامي إلى الكذب على الذقون، و المؤسس على النظرة الغربية للصراع في فلسطين.
و الحقيقة، أن الموقف العربي (الرسمي) المتخاذل من محنة الشعب الفلسطيني المسلم ليس وليد اليوم، بل هو استمرار لستة عقود من عمر النكبة، و قد مرّ هذا الموقف بثلاث محطات أو مراحل مختلفة.
فقد كانت البداية مرحلة القتال المباشر ضد العدو اليهودي عام 1948م، عندما دخلت الجيوش العربية في مواجهة مسلحة مع عصابات الصهاينة، على ما اكتنف تلك المرحلة من قصور نتيجة تخلف الجيوش العربية الناشئة حينئذ مع ضعف تسليحها و قلة تدريبها، فضلاً عن خيانة بعض القادة من الساسة و العسكريين، و في تلك المرحلة وقعت هزيمة 1967م بكوارثها و تداعياتها و كانت حرب رمضان 1973م استثناء لم يكتمل.
في المرحلة الثانية بدأت رحلة الاستسلام للمشروع اليهودي التوسعي انطلاقاً من اتفاقات "كامب ديفيد"، ليصبح الموقف العربي الرسمي الفعلي في مقاعد المتفرجين على معاناة شعب فلسطين المجاهد، مع إصدار بيانات الشجب اللفظي و التنديد الصوتي.
أما المرحلة الحالية فهي الأشد انحداراً و قبحاً، علماً بأنها نقيض ذلك على المستوى الشعبي! فقد كان الدور غير الرسمي شبه غائب في فترة الحروب العسكرية التقليدية، ثم ظهر على السطح في مواجهة الاستسلام و مساعي التطبيع، و بلغ ذروته في المرحلة الثالثة، حيث بات هو الدور الفاعل من خلال المقاومة الفعلية التي تقوم بها فصائل مجاهدة لا تشبه الجيوش النظامية في التسلح و لا في الحركة و أساليب القتال.. و كذلك غدا الدعم الشعبي أكثر بروزاً و نجاعةً. و كأن الدرس المستفاد هو أن هنالك تناسباً عكسياً بين الأداءين: الرسمي و الشعبي!!
إن شلاّل الدم الذي يتدفق في غزة الآن لن يذهب هدراً، فهو -على مرارته- شهادة وفاة نهائية لكل مشاريع الرضوخ للإملاءات اليهودية الصهيونية المدعومة بتواطؤ المجتمع الدولي!!
أجل فقد سقطت مؤامرات التسوية التي تعني تصفية ما تبقى من القضية الأم، بإقامة كيان هزيل عميل يحمي العدو و يبطش بمن يبقى من أبناء فلسطين تحت قبضته، و ليس أدل على ذلك من عجز فُلُول(2) تلك الأجهزة عن إزالة قوى المقاومة و اضطرار العدو إلى القيام بمحاولات عسكرية.
و كم يحزن المرء و هو يتابع ردود فعل العرب رسمياً على أحدث صفحة دموية يهودية بالتداول في عقد قمة عربية لن تكون -إذا عقدت- سوى موسم خطابي للمزايدة و التنابز و تبادل الاتهامات..
و كيف يكون للعرب وزن يحسب له الآخرون حساباً، ما دامت بلدانهم متمسكة بالتطبيع المعلن أو الخفي و ربط علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني الهمجي الإرهابي؟
ألا يمكن عد قطع العلاقات السياسية و الاقتصادية.. و غيرها مع الكيان الصهيونية أضعف الإيمان في هذه المرحلة؟
أوليس فتح الحدود أمام الشعوب لتقديم المساعدة لأهلنا في القطاع الأسير تعد الحد الأدنى لكي نحترم أنفسنا فنجبر العدو على احترامنا؟
*************
م / ن