أعرفها منذ سنوات ,سيدة تجاوزت عقدها الثالث بقليل ,جمالها من النوع الذي يخطف الأبصار تأتي لاصطحاب طفلتها من المدرسة التي يدرس بها ابني أيضا فتتحول كل عيون الآباء و الأمهات اليها... الكل يقف مشدوها لمدى جمالها الصارخ ,تعرف أنها جميلة و يعرفون أنها ليست مغرورة ,تطوف بينهم كفراشة ربيعية تحدث و تسأل و تطلق ضحكات عالية بنغمة خاصة تجعل القريب و البعيد يبتسم و يفرح لمجرد رؤيتها تشع بالحياة.
هكذا ألفنا رؤيتها جميعا لكن ساحة معارفها لم تكن تخلوا من حساد ,نساء كثر غرن منها ووجدنها كارثة تهدد أزواجهن ,يتساءلن بينهنالا يغار زوجها عليها؟ انها تحدث الرجال المتزوجين بمنتهى الوقاحة ألا تستحيي من نفسها....
تعرف غيرتهن منها و تعلم أنهن بعيدات عما تتمتع به من مزايا ,تعلم أنه لا يوجد بينهن من تملك شعرها الذهبي الشديد النعومة و لا لون بشرتها الفائق البياض و لا توجد داخل المدرسة فتاة فاتنة كابنتها ذات العيون الزرق
تنزل عن سيارتها و تملأ المكان بعطر منعش, ترتدي غالبا ثيابا بيضاء فتبدوا ملاكا و نجد أنفسنا حولها غربانا فمعظمنا يتشح بالسواد ,أتحدث معها من وقت لأخر حين تسنح لي الفرصة و حين لا تكون محاطة بالكثيرين الذين لا ينقصهم سوى أجهزة التصوير و بطاقات التوقيع لتتحول هي الى مارلين مونرو و باب المدرسة الى مدخل مهرجان كان,يكون حديثنا عاديا غالبا حول الطقس و حول دراسة الأطفال .
مضت العطلة الصيفية كعادتها مشبعة بالحر و مليئة بالتحركات و الأحداث و عاد أطفالنا منها الى مدارسهم كعودة المحارب من ساحة القتال ,وجدتها تقف على غير عادتها بجانب سور المدرسة ,أشياء كثيرة كانت تنقصها سيارتها ,بسمتها,بريق عينيها تغطي شعرها بمنديل حريري سمح لبعض خصلات شعرها بالتسلل خارجا ,آخر من ظننته يتحجب بين النساء هي,بدا وجهها شاحبا و عيناها غارتا وسط هالات سوداء ,أدقق في وجهها ربما ليست هي ,من يدري؟
كانت هي ,أكدت لي الأيام التالية ذلك ,لقد تغيرت كثيرا لم نعد نسمع الضحكات العالية ولا نشم العطور الغالية ,عرفت بعدها أنها طلقت من زوجها... يا للخسارة لقد كان وسيما و محترما ,تمر بذائقة مالية كبيرةو زوجها سحب منها كل شيء: المال السيارة و اكترى لها منزلا حقيرا هي و ابنتها ,حسادها أقسموا على خيانتها لزوجها و أن ما أصابها قليل و تستحق من النوائب الأكثر.
ما حصل وحده كان كافيا لتظل وحيدة لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها كأنها تحمل مرضا معديا و تحول الاعجاب بها الى مقت و احتقار,كانت فرصتي مناسبة للاقتراب منها و أخذ راحتي في الحديث دون مقاطعة أحد .
أصبحنا بعد شهور صدقتين بل اختين,وجدت أن داخلها كان أجمل من خارجها بكثير ,وجدتها صادقة وفية وطيبة لقد كانت ضحية زميلة زوجها في العمل و التي سرقت منها زوجها و سعادتها ما حصل لها طبيعي أن يحصل لسيدة كان زوجها حب حياتها ,قالت لي لا أحب و لن أحب رجلا غيره له كنت ألبس و أتعطر و أضحك هو كان يحب أن يراني هكذا أما الآن فأنا على ما كنت عليه قبل أن ألقاه.
لقد تعلمت درسا لن أنساه أن الانسان لا يرى الا القشور و بالتالي فهو لا يأكل سوى القشور.