لما كنت طالبا في المدارس الابتدائية. كانت مناهج التعليم وخاصة، اللغة العربية، مليئة بدروس القراءة...
هذه الدروس كان يفترض بها تعليمنا القراءة والكتابة. لكن واضعي المناهج أردوا أن يعلموننا "الحكمة" منذ الصغر أيضا، على اعتبار أن :"العلم في الصغر كالنقش في الحجر".
مدرسي الفاضل بإحدى مدارس القنيطرة كان فلسطينيا ، يُصر على ان نحفظ عن ظهر قلب هذه الدروس، يعني لمّا كان التلميذ منا يعود الى بيته، ويجلس لمواجهة درسه، يطلب من اخيه او اخته "تسميّع" الدرس ويبدأ باستظهاره من جديد.
كانت المشكلة دائما في الكلمة الأولى او في السطر الأول، فما ان اتحمس للتسميّع حتى تضيع مني الكلمة الاولى وابدأ في توسل اخيّ او اختيّ لتقول ليّ ما هو "طرف الخيط" لأنه " ع طرف لساني ، يا الله"، لتبدأ بعد ذلك عملية التسميّع على طريقة "اعطي المجنون طرف الخبر"...
الدرس الاول:
الكلب الشره
يحكى ان كلبا سرق قطعة لحم من مسلخ قريب. وأثناء هروبه مر بنهر فرأى صورته في الماء. فاعتقد ان هناك كلبا اخر يحمل قطعة لحم اكبر من التي معه فترك قطعته تغرق في النهر وذهب يبحث عن الكلب الاخر..
الدرس الثاني:
غرسوا فأكلنا
مر كسرى انو شروان بفلاح عجوز وهو يزرع فسيلة زيتون. فقال له: اتزرع غرسة زيتون وانت شيخ كبير"
فرد عليه الفلاح العجوز: غرسوا فأكلنا ونغرس فيؤكلون"
فقال له كسرى: بخ بخ، أي حسن، حسن..
الدرس الثالث:
اضعت مالك:
مر رجل حكيم بفلاح تعيس. فقال له ما ليّ اراك حزينا ومكروبا.
فرد الفلاح: كنت حفرت حفرة طمرت فيها مالا ادخرته ليوم اسود.
فقال له الرجل: وهل جعلت لحفرتك علامة.
فرد الفلاح: سحابة كانت تظللني وقت دفنها.
فقال له الرجل: يا مسكين لقد اضعت مالك.
الدرس الرابع:
أحلام اليقظة
كان الفلاح سعيد ممدا تحت عريشة العنب الظليلة وفوقه جرة السمن التي جمعها من أهل القرية.
وكان سعيد يقول لنفسه: سوف اذهب غدا الى سوق المدينة وأبيع جرة السمن هذه واعود الى القرية واختار عروسا جميلة ابتني بها، أي أتزوجها، ولسوف تنجب ليّ طفلا صغيرا اسميّه "محمدا" وسوف يكون محمد هذا مشاكسا، كثير الغلبة، وسوف اهش عليه بعصاي.
فتناول الفلاح سعيد عصاه وهش بها إلى الأعلى فانكسرت جرة السمن، وسال كل ما فيها عليه فضاعت احلامه المسكين ادراج الرياح
الدرس الخامس
الطبل الاجوف
كانت الحيوانات ترتعد رعبا عند سماعها صوتا يشتد مع هبوب الريح في الغابة المجاورة، وكانت جميعها تعتقد أن وحشا كاسرا يقطن الغابة.
وفي ليلة اشتد يها عصف الرياح، عاد صوت الوحش يزمجر في الغابة فهربت الحيوانات ترتعد خوفا.
وحده الثعلب صمم أن يتبع الصوت. أحس الثعلب ان أذنيه على وشك الانفجار كلما ازداد اقترابا من مصدر الصوت، وعندما هيأ نفسه ليلقي مصيره على يد الوحش المرعب فوجيء بأن الصوت، ما هو إلا صوت طبل ضخم مربوط على غصن شجرة، وكلما اصطدمت الأغصان به أحدث دويا مرعبا..
ضحك الثعلب طويلا ولأنه كان يشعر بجوع شديد، منى نفسه بان يكون الطبل محشوا بلحم كثير، فقفز بقوة مخترقا الطبل إلا أنه وقع على ظهره في الطرف الآخر من الطبل، قام الثعلب ساخطا، وهو ينظر بسخرية إلى الطبل الأجوف الذي أرعب قومه بصوته زمنا طويلا ...