بواسطة: المسائية العربية
بتاريخ : الثلاثاء 31-03-2009 11:45 مساء
على المسؤولين الوعي بخطورة التسرب الدراسي و ترويج المخدرات بالمؤسسات وعدم احترام التلميذ لأستاذه.
لايختلف عاقلان في ملاحظة التردي الذي يعيشه القطاع التعليمي ببلا دنا ... وهذا راجع إلي أسباب معروفة. لكن أن يصنف المغرب ضمن الدول الأكثر سوءا فهذا ما يندى له الجبين حقيقة.. والعاملون في القطاع يحملون البنك الدولي والقيمين على الشأن التعليمي ببلادنا المسؤولية الكبرى في حالة التردي هذه.
إن وصفا سريعا لكل مايتعلق بتعليمنا، يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من مستقبل مجهول ينتظر فلذات أكبادنا :
- حجرات مهترئة
- انعدام أدنى شروط الحياة الآدمية
- اكتظاظ غير معقول يحول الأستاذ الى حارس وليس إلى مدرس
- برامج ومناهج مضطربة مملوءة أخطاء وهلوسات
- انسداد الأفق المستقبلي بسبب كثرة الكذب والنفاق الاجتماعي والثقافي و السياسي ...
إن هذه المشاكل، التي هي غيض من فيض، هي التي أفقدت الثقة في المدرسة المغربية، وترميم هذه الثقة و إعادة الاعتبار يحتاج الى مجهودات جبارة، وآثار ملموسة واقعية؛ بالمعنى الواضح الصريح : يحتاج المغاربة إلى أفعال وليس إلى أمان وأحلام.
بتاريخ 25 أبريل 2008 أصدر المجلس الأعلى للتعليم، الذى كلفه صاحب الجلالة تقييما للوضع التعليمي ببلادنا وقد لامس هذا التقرير إلى حد مقبول مشاكل التعليم وبسط وكشف المستور عن وضع بئيس للغاية :
- من كل مائة تلميذ 13 منهم فقط يحصلون على البكالوريا و 5 فقط يتابعون الدراسات العليا
- حوالي 390000 تلميذ يغادرون المدرسة سنويا
- ضعف التحكم في المعارف و الكفايات الأساسية (قراءة ،كتابة ،حساب)
- انخراط المدرسين في ظروف صعبة لمزاولة المهنة
بعد ذلك قدم المجلس في تقريره مقترحات وتوصيات للخروج من النفق المسدود، وأعتقد جازما أن الحلول والمبادرات العمودية لم تعد تجدي نفعا في عصر العولمة والفكر المتعدد المنفتح والشراكة والتعاون الذي صمت به آذاننا ولا نلمس له واقعا على الأرض. و من بعض هذه التوصيات:
- التقاء فعلي للإرادات
- التعليم الإلزامي إلى حدود 15 سنة
- تقوية انخراط المدرسين و الارتقاء بمهنتهم
- التحكم في اللغات
إن هذه المقترحا ت، رغم جديتها و أهميتها، لن توصلنا إلى بر الامان، اذ لابد من وضع التعليم في سياقه: السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الفني ...
إنه لمن السفه فعلا أن ننتظر نهوضا و إصلاحا وتقدما لمسار التربية والتكوين مع إغفال القطاعات الأخرى، إذ كيف نعلم الطفل الأمانة والأخلا ق والصدق و السلوك الديموقراطي، وهو يرى مثله الأعلى يقول ما لايفعل، ويضمر ما لا يظهر؟
ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وضعت الحكومة مخططا استعجاليا يمتد الى 2013. إنه على القيمين المسؤولين الوعي بخطورة التسرب الدراسي و ترويج المخدرات بالمؤسسات وعدم احترام التلميذ لأستاذه واقحام كائنات لاخلاق لها في الميدان التعليمي ... كل هذا وغيره أنتج و لايزال ينتج وسينتج جيشا من اليائسين المحبطين الذين لايشرفون وطنا ولا يبنون مستقبلا.
نتمنى صادقين أن يكون المسؤولون عند حسن الظن، فيعيدوا بناء استراتيجية وطنية بعيدة عن مطرقة الهيمنة و الاستعمار و سندان البورجوازية والمصلحة الشخصية الفردانية. ولاشك أن ذلك لم و لن يتم الا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ وبلادنا تزخر بكفاءات عالية و أطر مقتدرة تستطيع صنع المعجزات.
لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها *** ولكن أحلام الرجال تضيق
يوسف أعلا
استاذ التعليم الابتدائي - الراشيدية