الكفـايـات ومفاهيمهـا - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية منتدى عام متخصص في مواضيع التكوين والاستعداد للامتحانات المهنية والمباريات الوظيفية

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية ahmida
ahmida
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 5 - 7 - 2007
السكن: nador
المشاركات: 2,182
معدل تقييم المستوى: 424
ahmida على طريق التميزahmida على طريق التميز
ahmida غير متواجد حالياً
نشاط [ ahmida ]
قوة السمعة:424
قديم 26-12-2008, 08:33 المشاركة 1   
افتراضي الكفـايـات ومفاهيمهـا

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الكفـايـات ومفاهيمهـا
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
د. محمد الدريج
أستاذ باحث بكلية علوم التربية بالرباط
(المغرب)





أخذت هذه الدراسة من كتاب للباحث المغربي د . محمد الدريج ، عنوانه "الكفايات في التعليم ، من أجل تأسيس علمي للمنهاج المندمج " من منشورات رمسيس سلسلة " المعرفة للجميع" العدد 16 أكتوبر2000 ،و الكتاب يتطرق إلى مفهوم الكفايات في شتى المجالات و هو جدير بأن يحفظ في الخزانة الشخصية لكل مدرس وكل مهتم بالتربية.
تعريف الكفايات
1 ــ تقديم
الكفايات هي قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك و العمل في سياق معين ، ويتكون محتواها من معارف و مهارات و قدرات و اتجاهات مندمجة بشكل مركب . كما يقوم الفرد الذي اكتسبها ، بإثارتها و تجنيدها و توظيفها قصد مواجهة مشكلة ما و حلها في وضعية محددة .
هذا و إذا كان مفهوم الكفايات ارتبط في بداية ظهوره و انتشاره بمجال التشغيل و المهن و تدبير الموارد البشرية في الإدارات و المقاولات ، فإننا نقترح أن يتسع هذا المفهوم ليغطي كافة التغيرات التي ستصيب ليس فقط العمال و المهنيين ( و من بينهم المعلمين ) بل التلاميذ أيضا أثناء تواجدهم في المدرسة ، بحيث لا يبقى مدخل الكفايات قاصرا على إعداد الأطر المهنية بما فيها أطر التعليم ، بل ينبغي أن يتحول هذا النموذج إلى أداة لتنظيم المناهج و تنظيم الممارسات التربوية في المنظومة التعليمية . ذلك أننا نجد أن نفس المبررات التي يتم اعتمادها عادة في الدعوة إلى تنظيم الكفايات في المجال المهني . تبقى صالحة لتبرير دعوتنا لاعتماد هذا المدخل في الحقل المدرسي و في إطار علم التدريس ، خاصة و أن نموذج التدريس الهادف في صيغته السلوكية و الإجرائية أصبح عاجزا الآن عن حل العديد من المشكلات العالقة في الحقل المدرسي و نخص منها بالذكر صعوبة الأجرأة ( الصياغة الإجرائية للأهداف التربوية ) في العديد من المجالات و كذلك الفصل المصطنع الذي يتم بين ما هو عقلي و ما هو حركي و بينهما و بين ما هو وجداني في شخصية المتعلم .
إن التدريس الذي يتأسس على مدخل الكفايات ، لا بد أن يبلغ مقاصده ، لأنه لا يتناول شخصية التلميذ تناولا تجزيئيا . إن الكفاية ككيان مركب تفترض الاهتمام بكل مكونات شخصية المتعلم ، سواء على المستوى العقلي أو الحركي أو الوجداني . إن الكفاية تيسر عملية تكييف الفرد مع مختلف الصعوبات و المشكلات التي يفرضها محيطه، و التي لا يمكن أن يواجهها من خلال جزء واحد من شخصيته ، بل بالعكس من ذلك ، فإن تضافر مكونات الشخصية ، أي المعرفة و العمل و الكينونة هو الكفيل بمنح الفرد القدرة على مواجهة المستجدات و التغلب على التحديات .
وسنعمل في إطار تعريفنا للكفايات على تقديم جملة من التعاريف التي كانت تربط هذا المفهوم ببعض الحقول المعرفية و المهنية ، قبل أن نخلص إلى التعاريف التي بدأت توظف هذا المفهوم في مجال التدريس .
لكن لا بد من التذكير منذ البداية بالحقيقة الأساسية التالية :
وجدنا في تحليلنا لمختلف التعاريف التي قدمت للكفايات ، أنها تتأرجح بشكل عام ، بين الفهم السلوكي ( البيهافيوري ‎Behavioriste ) و الفهم الذهني ( المعرفي ‎Cognitiviste ) .
ذلك أن بعض الأعمال و البحوث تذهب إلى تعريف الكفاية باعتبارها سلسلة من الأعمال و الأنشطة القابلة للملاحظة ، أي جملة من السلوكيات النوعية الخاصة ( خارجية وغير شخصية ) و ينتشر هذا التفسير بالأساس في مجالين :
  • <LI dir=rtl>التكوين المهني .
  • و في بعض الكتابات المتعلقة بنموذج التدريس بواسطة الأهداف .
في حين ينظر إلى الكفاية تارة أخرى ، كإمكانية أو استعداد داخلي ذهني ، غير مرئي ‎Potentialité invisible من طبيعة ذاتية وشخصية . و تتضمن الكفاية حسب هذا الفهم و حتى تتجسد و تظهر ، عددا من الانجازات ( الأداءات ‎Performances ) باعتبارها مؤشرات تدل على حدوث الكفاية لدى المتعلم .
لكن الاتجاه الذي تبنيناه نحن في دراستنا هذه ، يندرج بشكل عام ضمن هذا المنظور الأخير و الذي يعتبر الكفاية قدرات عقلية داخلية و من طبيعة ذاتية وشخصية . و سنعمل في العناوين اللاحقة على استعراض جملة من التعاريف خاصة تلك التي ترفض التقيد بالفهم السلوكي للشخصية و تستبعد تفسير التعلم و التعليم بردهما إلى قانون "المثير و الاستجابة " .
ولا بأس أن نشير إلى معنى الكفاية في لغتنا ، ففي اللغة العربية فإن أهم تعريف للكفاية أو الكفاءة هو الذي يورده ابن منظور في " لسان العرب " ( دار الجيل ، بيروت ـ المجلد الخامس ـ ص 269 حيث ذكر: قول حسان بن ثابت : وروح القدس ليس له كِفاءُ ،أي جبريل عليه السلام ، ليس له نظير و لا مثيل .
والكَفىءُ : النظير ، و كذلك الكفء و المصدر الكفاءة .
والكُفاة : النظير و المساوي .
يقول تعالي : (( لم يلد و لم يولد و لم يكن له ، كُفُؤا أحد )) .
ويقال كَفَأْتُ القِدر و غيرها ، إذا كببتها لتفرغ ما فيها.
الكُفَاة : الخدم الذين يقومون بالخدمة ، جمع كاف ، و كفى الرجل كفاية ، فهو كاف ، إذا قام بالأمر .
مفهوم الكفاية في علم النفس
الحقيقة أن مفهوم الكفاية مفهوم جديد على اللغة العلمية ، سواء في علم النفس أو علوم التربية أو في مجال التشغيل و التسيير و تدبير المقاولات و الموارد البشرية و غيرها من المجالات ، حيث ساد الحديث عن الإمكانات و الاستعدادات ‎Aptitudes و عن الميول ‎Intérêts و عن سمات الشخصية ‎Traits de personnalité ، على اعتبارها تمثل الخصائص النفسية التي تميز الأفراد . لكن شيئا فشيئا بدأ مفهوم الكفاية يغزو مختلف الحقول العلمية و يحتل تلك المفاهيم أو يكملها و يغنيها .
و في مجال البحث التجريبي في علم النفس لم يتم الاعتراف بمفهوم الكفاية كمفهوم يمكن أن يخضع للضبط و القياس إلا في العشرية الأخيرة من القرن المنصرم .
و عند تصفحنا لمختلف القواميس المختصة في علم النفس ، نجدها لا تخص هذا المفهوم سوى بحصة ضعيفة تكاد لا تذكر . و هكذا فإننا لا نعثر على كلمة كفاية ‎Compétence في قاموس السيكولوجيا لروبير لافون ‎R . Lafon في حين يقدم المنجد الكبير للسيكولوجيا ، ‎Larousse 1991 معنيين لكلمة كفاية : المعنى الأول يخص مجال سيكولوجية النمو ، حيث يقد بها مجموع الإمكانات للاستجابات الأولية تجاه البيئة المحيطة .
في حين يتموضع المعنى الثاني ما بين علم النفس و اللسانيات و يندرج ضمن علم النفس اللغوي ‎Psycholinguistique ، حيث تعني الكفاية مجموع المعارف اللسنية لدى المخاطب تمكنه من فهم و إنتاج عدد لا نهائي من الجمل .
أما في مجال الشغالة ‎L'ergonomie ( و هي الدراسة التي تهدف تنظيم الشغل ) فإننا نجد ديمنطومولان ‎M . de Montemollin أول من كان له الفضل في إدخال هذا المفهوم إلى هذا الميدان (1984) ، حيث اعتقد أنه أصبح من الضروري استعماله ، "إذا رغبنا ليس فقط في الوصف بل أيضا وربما في الدرجة الأولى التفسير و التحليل ، أي تفسير السلوكيات المهنية " .
إن أشطة العمال تفترض : "شيئا ، هو عبارة عن بنية أو بنيات جاهزة و ملائمة لإنجاز بعض المهام" . و في مؤلف جماعي مخصص لنماذج تحليل وضعيات العمل ، يتساءل لوبلاط ‎J . Leplat : " لماذا إدخال في مجال الأركونومي ( الشغالة ) ، مفهوم الكفاية ؟ و ما الفائدة المرجوة من وراء ذلك ؟ " .
يعتقد لوبلاط أن مفهوم الكفاية لا يختلف كثيرا عن بعض المفاهيم القريبة مثل :
المهارة = ‎Habilité
حسن الأداء = ‎Savoir-faire
الخبرة = ‎Expertise
القدرة = ‎Capacité
و يُصرح أن هذه الكلمات عادة ما يشرح بعضها البعض الآخر و عادة ما يتم استعمال الواحدة منها مكان الأخرى . كما يميز لوبلاط بين تصورين مختلفين لمفهوم الكفاية :
التصور السلوكي = ‎Behavioriste
التصور المعرفي (الذهني) = ‎Cognitiviste
فإذا كان التصور السلوكي يعرف الكفاية بواسطة الأعمال و المهام ‎Tâches التي يقدر الفرد على إنجازها ، فإن التصور المعرفي على العكس ، ينظر إلى الكفاية كإستراتيجية و " نظام من المعارف يمكن من احتواء و تأطير النشاط "
و يستنبط لوبلاط للكفاية ثلاث خصائص :
  • <LI dir=rtl>الكفايات غائية : إننا أكفاء لأجل ... إن الكفايات حسب هذه الخاصية ، معارف إجرائية ووظيفية تتجه نحو العمل و لأجل التطبيق ، إي على اعتبار مدى الاستفادة منها في تحقيق الهدف .
    <LI dir=rtl>الكفايات مكتسبة : لأننا نصير أكفاء ، إن الكفايات تكتسب بالتعلم في المدرسة أو في مكان العمل و غيرهما.
  • الكفايات مفهوم افتراضي ـ مجرد : إن الكفايات داخلية لا يمكن ملاحظتها إلا من خلال نتائجها و تجلياتها و المؤشرات التي تدل على حصولها ، أي من خلال ما ينجزه الفرد المالك لها .
الكفايات في مجال التربية
وجدنا في تصفحنا لبعض قواميس التربية ، تفاوتا بينها في إدراجها لمفهوم الكفاية ضمن موادها ، من حيث الأهمية و من حيث الحيز المخصص لها .
فحسب القاموس التربوي لفولكيي ‎P . Foulquié - 1971 ، فإن كلمة ‎Compétence مشتقة من اللاتينية ‎Competens من الفعل ‎Competer أي : الذهاب - aller - Petere و مع ‎Cum avec بمعنى الملاءمة مع و المرافقة . " إن الكفاية هي القدرة ‎capacité سواء القانونية أو المهنية المكتسبة ، لإنجاز بعض المهام و الوظائف و القيام ببعض الأعمال " .
و في منجد التقويم و البحث التربوي ، يقدم ج . دولاندشير ‎G . de Landsheere ، تعريف للكفاية ينطلق من المفهوم الذي يقدمه تشومسكي و الذي يعتبرها " القدرة لدى الأفراد ، على إصدار و فهم جمل جديدة " كما سنرى بشيء من التفصيل في العنوان القادم . إن الكفاية في الاستعمال التشومسكي تعني المعرفة الضمنية و الفطرية Inneé التي يمتلكها جميع الأفراد عن لغتهم " إن النظام المستبطن (المتثمل) للقواعد المتحكمة في هذه اللغة ، يجعل الفرد قادرا على فهمها و على إنتاج عدد لا نهائي من الجمل " .
و في قاموس اللغة الذي أشرف على إنجازه سنة 1979 ، كاستون ميالاري ‎G . Mialaret ، فإن كلمة ‎Compétence مشتقة من اللاتينية القانونية : ‎Competentia و التي تعني العلاقة الصحيحة ‎Juste rapport . إن الكفاية هي حصيلة الإمكانية ‎Aptitude أو الاستعداد . في حين أن القدرة ‎Capacité أو المهارة ‎Habilité تحيل على تأثير الوسط بصفة عامة و خاصة التأثيرات المدرسية من خلال إنجازات الفرد .
كما يعرف القاموس الموسوعي للتربية و التكوين ، الكفاية بأنها الخاصية الإيجابية للفرد و التي تشهد بقدرته على إنجاز بعض المهام . و يقرر بأن الكفايات شديدة التنوع فهناك الكفايات العامة ‎ Compétence générales أو الكفايات القابلة للتحويل ‎Transférables و التي تسهل إنجاز مهام عديدة و متنوعة . و هناك الكفايات الخاصة أو النوعية ‎Compétences spécifiques و التي لا توظف إلا في في مهام خاصة جدا و محددة . كما أن هناك كفايات تسهل التعلم و حل المشاكل الجديدة ، في حين تعمل كفايات أخرى على تسهيل العلاقات الاجتماعية و التفاهم بين الأشخاص . كما أن هناك بعض الكفايات تمس المعارف في حين تخص غيرها معرفة الأداء أو معرفة حسن السلوك و الكينونة
مفهوم الكفاية عند تشومسكي و المنظور المعرفي
يندرج تعريف تشومسكي ‎N . Chomsky بصفة عامة ، ضمن التيار المعرفي . إذ يُعرف الكفاية اللغوية " أنها نظام ثابت من المبادئ المولدة " و التي تُمكن كل واحد منا من إنتاج عدد لا نهائي من الجمل ذات المعنى في لغته ، كما تمكنه من التعرف التلقائي على الجمل ، على اعتبار أنها تنتمي إلى هذه اللغة ، حتى و إن كان غير قادر على معرفة لماذا ، و غير قادر على تقديم تفسير لذلك .
إن هذه القدرة ، حسب تشومسكي ، غير قابلة للملاحظة الخارجية ، ويكون الشخص خلالها ، عاجزا على ذكر كيف يتمكن من إنتاج و توليد جمل مفهومة ، و لا كيف يكون بمقدوره فهم جمل ذات دلالة في لغته . و تتعارض الكفاية بهذا المعنى ، مع الإنجاز أو الأداء ‎Performance و الذي يعني " استعمال اللغة كما نلاحظها " .
إن ما يُمكِّن المخاطب ـ المستمع من الكلام و الفهم في لغته ، هو نظام من القواعد المستبطن . كما أن الشخص الذي يمتلك لغة يكون قد استدخل نظام القواعد الذي يحدد الشكل الصواتي للجملة و أيضا محتواها الدلالي الخاص : إن هذا الشخص طور ما يمكن تسميته كفاية لغوية خاصة . و هذه الكفاية اللغوية يمكن أن تصير نموذجا لكل الكفايات في مختلف المجالات . كما يصبح الفهم التشومسكي للكفاية أداة لنقد الاتجاه السلوكي ، إن المتعلم يكتسب اللغة بفضل الاشراط ، أي بواسطة سلسلة من الاستجابات للمنبهات ، فإنه لن يمتلك سوى عدد محدود من الصياغات ، و لن يكون بمقدوره تكرار سوى الصياغات التي سبق له سماعها و تعلمها . في حين أننا ، نلاحظ على العكس من ذلك ، أن كل متكلم قادر على إنتاج في لغته ، صياغات لم يسبق له سماعها . و هكذا نقول عنه إن لديه كفاية ، أي لديه معرفة إجرائية (عملية) بالبنيات اللغوية . إن هذه الكفاية هي التي تمكن المستمع من القدرة على القول بشكل فوري ، ما إذا كانت هذه الجملة التي يسمعها لأول مرة صحيحة لغويا أم لا ، حتى و إن لم يكن بمقدوره ذكر السبب .
و هكذا فإن الكفاية اللغوية التي يتحدث عنها تشومسكي ليست سلوكا . إنها مجموعة من القواعد التي تسير و توجه السلوكات اللغوية ، دون أن تكون قابلة للملاحظة و لا يمكن للفرد الوعي بها .
إن تشومسكي يعـطي للكـفاية بعدا جديدا . إذ يعتبرها ملكة " الانسجام و التلاؤم " ( ونضيف نحن الاندماج ) ، إنها تسمح بأن تصير الكلمات منسجمة و متلائمة حسب كل وضعية . و هكذا فالكفاية تكمن مع تشومسكي في التوافق مع جميع الوضعيات إنها الاستعداد لحسن الدراية و المعرفة .
و لم يكن تشومسكي وحيدا في إدراجه مفهوم الكفاية في التصور الذهني و المعرفي ، على عكس ما يفعل السلوكيون ، فقد قام العديد من الباحثين و من مجالات مختلفة ، بذلك و لعل في مقدمتهم بعض المهتمين بالتدريس الهادف ، و الذين انخرطوا في هذا التوجه أي التوجه الذهني المعرفي .
و منهم كانيي ‎Gagné على سبيل المثال و الذي نظر إلى التعلم ، انطلاقا من نظرية معالجة المعلومات . على الرغم من كون مفهوم القدرة الذي يستعمله ، يختلف تماما عن مفهوم الكفاية لدى تشومسكي ، لأن كانيي يعتبرها أمرا مكتسبا و ليس فطريا . لكن و من بين الخمسة مراقي التي يحددها في نموذجه حول التعلم ، فإن المهارة الفكرية و الاستراتيجيات المعرفية و الاتجاهات ، هي بالأساس عمليات ذهنية داخلية .
كما يصنف لوي دينو ‎D'hainaut . و الذي يبتعد عن التفسير السلوكي ، الهدف في المجال المعرفي ، على اعتبار أننا نعمل من خلاله على جعل التلميذ قادرا على إنجاز عمل عقلي ـ معرفي و بهذا يبتعد دينو في مجال التربية و التعليم عن السلوكيين من أمثال ماجر . إن كل من كانيي و دينو و هاملين و غيرهم ، يُدرجُون تصورهم في إطار السيكولوجية المعرفية على عكس ماجر و من نحا نحوه . إذ يتعلق الأمر بالنسبة إليهم بالتساؤل عما يوجد بين المنبه و الاستجابة ، أي أننا من الضروري أن نفتح " العلبة السوداء " لنكشف عن العمليات العقلية وراء السلوك . وهكذا فعلى العكس من الذين ينظرون إلى الكفايات على أنها سلوكيات ، فإن هؤلاء يتصورونها بشكل يجعل منها أمرا داخليا و غير مرئي ، لذلك يمكن إدراج تصورهم كما أسلفنا ، في إطار المدرسة المعرفية في السيكولوجيا ، ذلك التصور الذي سيمنح توجها خاصا لنموذج التدريس الهادف ، حيث سيجعله يبتعد عن الانغلاق في النظرة السلوكية و يتجنب بالتالي الانتقادات التي تتهمه بالتروع نحو التجزيئي و الآلية و السطحية .

الكفاية وظيفة وليست سلوكا
يعتقد راي ‎B . Rey 1998 أن نموذج التدريس الهادف ، خاصة لدى بعض رواده ممن تبنوا التصور السلوكي ، يختزل التَّعَلُّمَات ( مكتسبات التلاميذ ) في العمل على تحقيق سلسلة من الأهداف السلوكية ، التي تقود إلى تجزيء بل إلى تفتيت النشاط إلى الحد الذي يصبح التلميذ معه عاجزا عن تبيان ما هو بصدده ، ومن الصعب عليه معرفة مغزى نشاطه . إن هذه الترعة نحو التجزيء و التفكيك تجعل من الصعب على المقوم مثلا ، القول بأن مجموع السلوكات المكتسبة يحقق الغاية المرجوة و التي كان من المفروض أن تشكلها . فإذا قلنا مثلا إن على التلميذ لكي يكتسب مهارة الكتابة ، أن يتعلم الهدف رقم 1 و بعده الهدف رقم 2 ثم الهدف رقم 3 ... الخ ، فهل يشكل مجموع هذه الأهداف الجزئية الغاية المرجوة و هل يعي التلميذ مغزى تحقق هذه الأهداف السلوكية الجزئية و هل يتكون لديه إدراك واضح لذلك ؟
إن السلوك الملاحظ هو في نهاية الأمر ، سلوك إنساني و بالتالي يكون من الضروري الاعتراف له بقدر من المعنى و المغزى و القصدية . و إلا ما الفرق بين سلوك الإنسان و عمل الماكينة؟
إن التعرف على السلوك ، لا يعني فقط تعداد التغيرات الجسمية التي تحدث لدى المتعلم . بل إن التعرف عليه يعنى أساسا التعرف عليه باعتباره سلوكا منظما و منسقا حول نشاط معين . و هكذا نرى أن مفهوم السلوك ، يعني أن يتضمن شكلا من أشكال الغائية و أن يندرج مفهوم الكفاية بدوره و كذلك مفهوم الهدف العام ، في هذا السياق .
بطبيعة الحال فإن المتحمس لنموذج التدريس بالأهداف خاصة في جانبه السلوكي ، محق عندما يشكك في إدخال مفهوم الغائية في الاعتبار ، لأن هذا المفهوم يمكن أن يسرب إلى العلاقة بين المدرس و التلاميذ بل إلى النشاط التربوي برمته ، أبعادا ضمنية و غامضة و يؤدي بالتالي إلى الضبابية و العشوائية . لكن المؤكد هو أن سلوك التلميذ لكي يكون مفهوما و يكون قابلا للملاحظة ، لا بد من تناوله بقدر من الوظيفية .
إن ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار في موضوع الكفايات ، ليس السلوك كانعكاس (رد فعل) عضلي و غذي و حسي حركي كما يراه السلوكيون ، بل السلوك كنشاط ـ و مهام ذات مغزى . لذلك يعرف فيفيان دولاندشير ‎V . de Landsheere الكفاية بكونها " تعبير عن القدرة على إنجاز مهمة معينة بشكل مرض"
إن الكفاية سلوك يمكن التعبير عنه بأنشطة قابلة للملاحظة ، لكنها أنشطة تتجمع و تندمج في عمل مفيد و ذي مغزى ، و هكذا فإن الوظيفة العملية (التطبيقية) هي التي تغدو حاسمة في الموضوع . "إن الكفايات تشكل مجموعات مهيكلة تتفاعل عناصرها و تتداخل مكوناتها و تنتظم حسب تسلسل معين ، للاستجابة لمقتضيات الأنشطة التي ينبغي إنجازها " .
كما أن الكفاية يمكن أن تتألف من تشكيلة (مزيج) غير متجانسة من المعارف و المهارات و القدرات العقلية و الخطاطات الحسية ... الخ ، و ما يوحد بينها هو فائدتها و منفعتها ، أي النشاط التقني و الاجتماعي الذي سينتج عن توظيفها . إن الكفاية غير منسجمة من حيث العناصر التي تتألف منها و لكنها منسجمة من حيث النتيجة المستهدفة .
كما تتضمن الكفايات نتائج المكتسبات المعقدة و التي تظهر كما لو كانت حصيلة المكتسبات السابقة . مما يؤكد الطابع اللولبي (نسبة إلى اللولب) للكفاية حيث تعتبر تشكيلة و خليط من العناصر ، منها ما هو مكتسب الآن و منها ما تم اكتسابه في حصص ماضية، عناصر تتجمع شيئا فشيئا لتمكن صاحبها من التحكم في بعض المواقف و الوضعيات .

أعمال ‎CEPEC حول الكفايات
أصبحت أعمال مركز الدراسات البيداغوجية للتجريب و الإرشاد ‎Centre d'&Eacute;tudes Pédagogiques pour l'Expérimentation et le Conseil المعروف بـ : ‎CEPEC محط اهتمام المشتغلين بمجال التربية و التكوين ، وذلك لكون هذا المركز يقدم تصورا متكاملا للاشتغال بالكفايات في التعليم ، و يشكل نموذجا قائما بذاته ضمن منظور التدريس الهادف . انطلقت أشغال هذا المركز منذ سنة 1976 في فرنسا ، بالبحث في مجال التكوين ، سواء بالنسبة للتلاميذ أو بالنسبة للراشدين ، مع التركيز على بعض الجوانب و خاصة حدوث التعلم و التقويم و تنظيم التكوين .
و سيصدر المركز كتابا مرجعيا من تأليف جماعي و تحت إشراف بيير جيلي سنة 1994 تحت عنوان :
" بناء التكوين : أدوات للمدرسين و المكونين " .
‎" Construire la formation : Outils pour les enseignants et les formateurs "
و سنعمل على تقديم تصوره للكفاية بشكل مركز ، على النحو التالي : تعرف الكفاية كنسق من المعارف المفاهيمية و المهارية (العملية) و التي تنتظم على شكل خطاطات إجرائية تمكن داخل فئة من الوضعيات (المواقف) ، من التعرف على مهمة ـ مشكلة و حلها بإنجاز (أداء) ‎Performance ملائم .
و انطلاقا من هذا التعريف يمكن استخلاص جملة من الوضعيات ‎Situations و التي ليست سوى التقاء عدد من الشروط و الظروف . إن الوضعية حسب هذا التصور ، تطرح إشكالا عندما تجعل الفرد أمام مهمة عليه أن ينجزها ، مهمة لا يتحكم في كل مكوناتها و خطواتها ، و هكذا يطرح التعلم كمهمة تشكل تحديا معرفيا للمتعلم ، بحيث يشكل مجموع القدرات و المعارف الضرورية لمواجهة الوضعية و حل الإشكال ، ما يعرف بالكفاية .
إن التعريف الواضح للكفاية يساعد على اختيار المعارف بمراعاة الوضعيات الديداكتيكية (التدريسية) و المهنية ... التي تنطبق عليها . و للكفايات طابع شمولي و مدمج : ما دامت تجند المعارف و المهارات من مستويات مختلفة للاستجابة لطلب اجتماعي خارج عن منطق تطورها الداخلي . إن الكفايات تحدد الوسائل البعيدة المدى للتكوين ، و هي بالتالي محطات نهائية لسلك دراسي أو تكويني أو لفترة تدريبية .
أما عن كيفية بناء البرامج في مختلف المواد الدراسية باعتماد مدخل الكفايات ، فينطلق تصور ‎CEPEC من ضرورة التعرف في كل مادة دراسية ، على المعرف و المهارات الأساسية (المفاتيح) و ضرورة التعرف على المبادئ المنظمة و التي ستتمحور حولها المفاهيم و قواعد العمل . وحول تلك المهارات و المعرف و المفاتيح تنتظم المفاهيم و تكتسب معناها ، بحيث تشكل المعاني العقلية للمادة الدراسية . و من هنا يمكن تنظيم البرامج ، ليس بمنطق وصفي استعراضي و لكن بمنطق حل المشاكل و إنجاز المهمات . و يكون من الضروري بالتالي ، تنظيم تدرج المحتويات حول كفايات محددة انطلاقاً يُنظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات ـ مشاكل تتألف منها المواد الدراسية .
و من خصائص الكفايات حسب هذا التصور ، أنها و إن كانت غير قابلة للملاحظة في حد ذاتها باعتبارها قدرات داخلية ، فإننا نستدل على توفرها و على تحققها لدى المتعلم بالإنجازات (الأداءات) التي يتفوق فيها التلميذ ، و بالتالي فإن تقويمنا للحصيلة النهائية سيستند على مدى تحقق هذه المنجزات و دقة الأداءات و التي تصبح مؤثرات على تحقق الكفاية و ترسخها في شخصية التلميذ .
و من خصائص الكفاية أيضا حسب هذا التصور ، قابليتها للنمو و الاغتناء بما يكتسبه المتعلم من قدرات معرفية ووجدانية و حسية و حركية ، بحيث تصير هذه القدرات هي المغذي الأساسي للكفايات .
خصائص أخرى تميز الكفايات حسب ‎CEPEC .
أولا ، إن الكفاية محطة نهائية ‎Terminale لسلك دراسي أو لمرحلة لتكوين .
و ثانيا ، إنها شاملة ‎Globale و مدمجة ‎Integratrice أي تقتضي اكتساب تعلمات في المجالات الثلاثة التالية : المعرفي ، الوجداني ، الحسي ـ الحركي ، حسب أهميتها للاستجابة للحاجيات الاجتماعية .
و أخيرا ، فإن الكفاية يمكن حصرها و تقييمها انطلاقا من سلوكيات قابلة للملاحظة في وضعية ما ، وذلك من خلال المؤشرات و معايير التقويم ، أي من خلال ما يقوم به الفرد من إنجازات و التي تصير مؤشرا على حصول الكفاية و تحققها و تصلح في نفس الوقت كمعيارللحكم عليه

مثال : فإذا حددنا بالنسبة لطالب ـ أستاذ (أستاذ متدرب) مثلا ، الكفاية التالية : " إعداد و إنجاز في قسم للتطبيق ، حصة مبنية على أهداف في مجال تخصصه "
فإننا سنجد الخصائص الأساسية التالية :
مهمة منظمة في فئة من الوضعيات : إعداد في قسم للتطبيق ، حصة في مجال تخصصه
الطابع النهائي : في نهاية التكوين و عند الالتحاق بالمهمة .
خاصية الشمولية : سواء كانت معرفية (معرفة المادة و المنهجية) أو وجدانية (العلاقة مع الجماعة) أو حسية حركية (راحة جسمية ، إيقاع صوتي) في علاقة مع الطلب الاجتماعي .
طابع القابلية للتقويم من خلال المعايير التالية :
معيار المجال المعرفي : يقدم المدرس الهدف من الدرس ، بحيث يرده إلى كفاية في طور الاكتساب ، و ينظم وضعية تعليمية ملائمة للهدف ، ويعيد الصياغة قبل الإجابة عن السؤال الذي يطرحه التلميذ و إذا وجد صعوبة ، يُشْرِك المدرس جميع التلاميذ في تقويم أعمالهم .
معيار المجال الوجداني : يحافظ على العلاقة مع القسم بفضل أسئلة تثير التفكير و تحفز على البحث .
معيار المجال الحسي ـ حركي : يتحرك بطريقة تمكنه بواسطة الرؤيا ، من اتصال مستمر بجماعة الفصل (الصف) .

للمشاركة معنا راسلونا على العنوان التالي : [email protected]<div align="center"><b><font face="A...ont></b></div>









ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
آخر مواضيعي

0 التربية الجادة ضرورة
0 Le Petit Robert 2009
0 مواقع أكاديميات ونيابات تعليمية
0 punition infligée à un élève pour sanctionner un manque de travail ou de discipline.
0 روعة الابيض والاسود
0 من بقايا الأقمشة تستطعن الإبداع !!!
0 القواعد الاساسية للديكور
0 قبعات للصيف
0 اسطوانة لتعلم اللغة الانجليزية
0 هل تعلم ?


watson
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية watson

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
المشاركات: 1,036

watson غير متواجد حالياً

نشاط [ watson ]
معدل تقييم المستوى: 301
افتراضي
قديم 26-12-2008, 10:02 المشاركة 2   

merci khouya hmida


خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1868
افتراضي
قديم 23-04-2016, 22:17 المشاركة 3   

-******************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك..شكرا جزيلا لك
-**********************************-

الأحد01شـوال1441هـ/*/24مــاي2020م
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكفـايـات, ومفاهيمهـا

« بيداغوجيا المجموعات | التمثلات و العملية التعليمية التعلمية »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
د. محمد الدريج- الكفـايـات ومفاهيمهـا. kawa mohammed الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية 2 26-12-2008 11:10


الساعة الآن 16:36


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة