تسمرت العيون على الشاشة..حولنا و في كل بقاع العالم أناس تقطع أوصالهم حكايا الليل البهيم..تمضي ساعة و تأتي أخرى ..تسري كلمة السر كالهمس الطائر..لا يهم من يسمعها أو ينتظر قدومها ..المهم تنتقل عبر الأثير الى هناك..الى عوالم الآخرين... فتحاصر صمت المكان...أو تخنق تنفس السامع...صوتنا انه منا..يذكرنا بدفء الأيام..بصقيع الليالي..بجراحات الماضي..بعذوبة الحاضر....باستشراف مستقبل زاهر....تتعب الأعين من ملاحقة الألوان و الكلمات على الشاشة...يبدأ الكلام همسا متقطعا..تهدأ النفوس..ترتمي الأوصال على الأرائك و الكراسي..تنفلت الكلمات من الرقابة...تشرع في سرد الخفايا و الأسرار..تتحرك الأحلام في نسخها المعهودة..يتحكم فيها الليل..يخترق الأجسام و يرسم أشباحا تختلف في الأحجام و الأشكال..رنات و نوتات موسيقى هادئة أحيانا ..صاخبة أخرى تفض سكون الليل...تذهب الروح... تجر معها كل الأسرار...ننسى جراحاتنا القديمة ..نقتنع أن الموت فقط يقتل سطوة الارقام و لغو الأماسي المتناسخة..وبعد, لا يكون السؤال عن كل البلاوي في الوجوه..لا موت يختلف عن الآخرالا باختلاف الساعات و الأماكن......
هو موت ليلي لا مقام فيه و لا حياة الا لروحين تناسخت ..حللت..وتوحدت فيما بينها مكونة جسدين بروح...تمضي الساعات ..تجري الدقائق ..تطير الثواني ..يهلل المؤذن ببزوغ الفجر و اكتساح النهار ظلمة الليل..تتهادى الأجساد..الأنفس في تثاقل و حشرجة تعلن وفاة الليل..تنطفئ الأنوار..تقفل الأبواب و النوافذ عسى نستعيد بعضا من ظلمة الليل ..عبثا نتهالك على الأسرة..نسرع الى عالم الموت ...الموت المؤقت..في خضم هذا الموت ...تسرح الأعين الى بعيد..ترى كومات من المشاعر فوق الأسرة تطحنها ناعورة مكسورة من هيام....يصل النهار بطقوسه المعتادة..يمتد بنا الليل وسط النهار..نتحاشى الأضواء و الصراخ...و عندما نيأس...نستجمع أجسادنا من جديد..فينقطع صوت الحلم الخاطف...و تحت رشاشة الماء ....تعلن الخلايا الحياة من جديد..ليبدأ نهار آخر...نهار ينتظر ليلا أسمر......
في 29/07/2008