نساء حول الرسول (ص) 2 - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفــتــر السنة و السيرة النبوية علامة التعلق بنبينا و محبته : تعلم والتزام سنته ، و الإهتمام بمعرفة سيرته ...

أدوات الموضوع

عزيز الدعو
:: دفاتري متميز ::
تاريخ التسجيل: 1 - 11 - 2008
السكن: افورار
المشاركات: 181
معدل تقييم المستوى: 0
عزيز الدعو في البداية
عزيز الدعو غير متواجد حالياً
نشاط [ عزيز الدعو ]
قوة السمعة:0
قديم 10-11-2008, 10:05 المشاركة 1   
جديد نساء حول الرسول (ص) 2

عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها
هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، أخي رسول الله ، وصاحبه في الغار، والذي قال عنه: "إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ إِلاَّ بَابُ أَبِي بَكْرٍ...".
وأُمُّها هي أمُّ رومان بنت عامر الكناني، من الصحابيَّات الجليلات، التي قال عنها رسول الله يوم وفاتها: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أُمِّ رُومَانَ".
وكانت عائشة رضي الله عنها تخاطَب بـ "أمِّ المؤمنين"، وتكنى بـ "أمِّ عبد الله"، وقد ورد في ذلك أنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى. قَالَ: "فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ". يَعْنِي ابْن أخْتُهَا، قَالَ مُسَدَّدٌ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: فَكَانَتْ تُكَنَّى بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بـ "بنت الصدَّيق".. ذلك أنها لم تحمل قط ولم يكن لها ذرية. وكثيرًا ما ناداها النبي
وقد وُلدتْ رضي الله عنها في بيت يَدِينُ بالإسلام، فلم تُدْرِك أوثان الجاهليَّة، ولم تعرف غيرَ الإسلام، وتقول في ذلك: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ"
يروي ابن سعد أنها قالت: "تزوَّجني رسول الله في شوال سنة عشر من النبوَّة قبل الهجرة لثلاث سنين وأنا ابنة ستِّ سنين، وهاجر رسول الله (ص) فقدم على المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وأعرس بي في شوال على رأس ثمانية أشهر من المهاجر، وكنت يوم دخل بي ابنة تسع سنين"
وحتى لا يتقوَّل المتقوِّلون في شأن هذا الزواج، وكيف أنه زواج من طفلة صغيرة، نكفيهم الردَّ بأن هذا كان شائعًا في الجزيرة العربيَّة قبل وبعد زواج الرسول (ص) من السيدة عائشة رضي الله عنها.
ولم يدهش مكة نبأ المصاهرة بين أعزِّ صاحبين؛ بل استقبلته كما تستقبل أمرًا متوقَّعًا؛ ولذا لم يجد أي رجل من المشركين في هذا الزواج أي مطعن - وهم الذين لم يتركوا مجالاً للطعن إلاَّ سلكوه ولو كان زورًا وافتراء.
وقبل الزواج بها رآها النبي (ص) في المنام، فثبت في الأحاديث أن الرسول (ص) قال لعائشة رضي الله عنها: "أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا. فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ".
ولم يتزوَّج من النساء بكرًا غيرها، وهو شرفٌ استأثرت به على سائر نسائه، وظلَّت تفاخِر به طيلة حياتها، وتقول للنبي(ص): " يا رسول الله، أرأيت لو نزلتَ واديًا وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها، ووجدتَ شجرًا لم يُؤكل منها، في أيِّها كنت تُرْتِع بعيرك؟" قال: "فِي الَّتِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا" بكرًا، وما تزوَّج بكرًا غيري". وهي تعني أنه لم يتزوَّج بكرًا غيرها، وتقول أيضًا: " لقد أُعطيتُ تسعًا ما أُعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران - ثم قالت - لقد تزوَّجني رسول الله (ص).
وكان لعائشة -رضي الله عنها- منزلة خاصَّة في قلب رسول الله (ص)، حتى إنَّه لم يكن يَخْفَى حبُّها عن أحد، وبلغ من حبِّه لها أنه كان يشرب من الموضع الذي تشرب منه، ويأكل من المكان الذي تأكل منه، وعندما سأله عمرو بن العاص: أيُّ الناس أحبُّ إليك يا رسول الله؟ قال له: "عَائِشَةُ". وكان النبي (ص) يداعبها ويمازحها، وربّما سابقها في بعض الغزوات.
وقد روت عائشة -رضي الله عنها- ما يدلُّ على ملاطفة النبي لها فقالت: والله لقد رأيت رسول الله (ص) يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب، ورسول الله (ص) يسترني بردائه؛ لأنظر إلى لعبهم من بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف.
ولِعِلْمِ الناس بمكانة عائشة من رسول الله كانوا يتحرَّوْن اليوم الذي يكون فيه النبي عندها دون سائر الأيَّام ليقدِّموا هداياهم وعطاياهم، كما جاء في الصحيحين.
وممَّا اشتهرت به عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي(ص) ، التي كانت دليلاً صادقًا وبرهانًا ساطعًا على شدَّة محبَّتها له، وقد عبَّرت عن ذلك بقولها له: "وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟".
فذات يومٍ كان النبي (ص)عندها، فأرسلت إحدى أُمَّهات المؤمنين بوعاء فيه طعام، فقامت عائشة -رضي الله عنها- إلى الوعاء فكسرته، فجعل النبي (ص) يجمع الطعام، وهو يقول: "غَارَتْ أُمُّكُمْ".
وكُلَّما تزوَّج النبي (ص) بامرأة كانت تسارع بالنظر إليها؛ لترى إن كانت ستنافسها في مكانتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان النصيب الأعظم من هذه الغَيْرة لخديجة -رضي الله عنها- بسبب ذكر رسول الله لها كثيرًا، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما غرتُ على امرأة لرسول الله (ص) ما غرتُ على خديجة رضي الله عنها؛ ممَّا كنت أسمع من ذكره لها، وما تزوجني إلاَّ بعد موتها بثلاث سنين، ولقد أمره ربُّه أن يبشِّرها ببيت في الجنة من قَصَبٍ لا نَصَبَ فيه ولا صَخَبَ". فكان رسول الله (ص) إذا ذَكَرَ خديجة أثنى فأحسن الثناء، قالت عائشة رضي الله عنها: فغرت يومًا، فقلت: ما أكثر ما تذكر حمراء الشدقين! قد أبدلك الله خيرًا منها. قال: "أَبْدَلَنِي اللهُ خَيْرًا مِنْهَا؟! قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ أَوْلادَهَا وَحَرَمَنِي أَوْلادَ النَّاسِ".
وعندما خرج النبي (ص) في إحدى الليالي إلى البقيع، ظنَّت أنَّه سيذهب إلى بعض نسائه، فأصابتها الغيرة، فانطلقت خلفه تريد أن تعرف وجهته، فعاتبها النبي (ص)، وقال لها: "أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟".
والحديث عن فضائلها لا ينتهي، فقد كانت -رضي الله عنها- صوَّامة قوَّامة، تُكثر من أفعال البرِّ ووجوه الخير، وقلَّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها، حتى إنها تصدَّقت ذات مرَّة بمائة ألف درهم بالفضل، فقال: "فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ".، لم تُبق منها شيئًا، وقد شهد لها النبي(ص).
ومن فضائلها -رضي الله عنها- تسليم أمين الوحي جبريل عليها، فقد قال لها النبي (ص) ذات يوم: "يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ". فقالت: وعليه السلام ورحمة الله.
وعلى الرغم من صغر سنِّها، إلاَّ إنها كانت ذكيَّةً سريعة التعلُّم؛ ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبي (ص) حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث، ولا يوجد في نساء أُمَّةِ محمد (ص) امرأة أعلم منها بدين الإسلام.
وممَّا يشهد لها بالعلم قول الزُّهري عنها: لو جُمِع علم نساء هذه الأُمَّة، فيهن أزواج النبي ، كان علم عائشة أكثر من علمهنَّ.
وإلى جانب علمها بالحديث والفقه كان لها حظٌّ وافرٌ من الشعر وعلوم الطبِّ وأنساب العرب، واستقتْ تلك العلوم من زوجها ووالدها ، ومن وفود العرب التي كانت تَقْدَم على رسول الله .
ومن بركتها -رضي الله عنها- أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن، ومنها آية التيمُّم، وذلك عندما استعارت من أسماء -رضي الله عنها- قلادة، فضاعت منها، فأرسل رسول الله (ص) بعض أصحابه ليبحثوا عنها، فأدركتهم الصلاة، ولم يكن عندهم ماءٌ فصلَّوْا بغير وضوء، فلمَّا أتَوْا إلى النبي (ص) شكَوْا إليه، فنزلت آية التيمُّم، فقال أُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ لعائشة: جزاكِ الله خيرًا، فوالله ما نزل بكِ أمرٌ قطُّ إلاَّ جعل الله لكِ منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة.
وعندما ابتليتْ -رضي الله عنها- بحادث الإفك أثناء عودة النبي (ص) من غزوة بني المصطلق أنزل الله براءتها من السماء قرآنًا يُتلى إلى يوم الدين، وتروي عائشة -رضي الله عنها- القصَّة قائلة: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ.
واستغلَّ المنافقون وعلى رأسهم ابن سلولَ _ كعادتهم _ الواقعة واختلقوا حادثة الإفك بكلِّ أبعادها الإجراميَّة، وحاولوا أن يزرعوا بها الريب في قلوب المؤمنين والصادقين، وانطلى الأمر على بعض الصحابة مثل: حسان بن ثابت، ومِسْطَح بن أُثَاثة، وحمنة بنت جحش، ولكنَّ الغالبية من الصحابة كان لسان حالهم ومقالهم كما قال القرآن: "وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ".
واشتد البلاء على أم المؤمنين الصديقة العفيفة، وكانت مريضة، ولم تعلم بالقصَّة، إلاَّ أنها شعرت بفتور غير معتاد في حنان النبي ، ولما علمت من أمِّ مسطح الخبرَ، زاد عليها المرض، واستأذنت النبي (ص) في الذهاب لوالديها، فأذن لها، ولما اشتدَّ الكرب كانت تتمثَّل قول نبي الله يعقوب: "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ".
وعاش البيت النبوي بل وعاش كل الصادقين شهرًا كاملاً في جوِّ الشائعة المغرضة، والحزن يخيِّم على الناس، ولكن لكلِّ نبأ مستقرٍّ، والفرج مع الكرب.
فإذا بالوحي يتنزَّل من السماء يحمل البراءة الدائمة، والحجَّة الدامغة الخالدة، التي تشهد بعفاف أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وتفضح كل منافق أثيم، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا الآخرة لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (16) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيات وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا والآخرة وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (17) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ]".
ولم تكن حادثة الإفك شرًّا كلها، بل حملت في جنباتها خيرًا وحِكَمًا جليلة؛ حيث قال تعالى: "لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ"، والمتأمِّل في قصَّة الإفك يرى أن فيها عبرًا وعظات؛ أولها بيان نفاق ومكر ابن سلولَ وغيره من المنافقين، وأنَّ الحبيب محمدًا (ص) ما كان يعلم الغيب حتى يُعْلِمَهُ الله، فكيف إذًا بغيره ممَّن يدَّعون علم الغيب والمكاشفة تغريرًا بالمسلمين وتضليلاً لهم لاستغلالهم، كما أُقيم حدُّ قذف المحصنات على مسطح بن أُثَاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، فطهَّرهم الله بذلك، ولم يُقَم الحدُّ على ابن أُبَيٍّ؛ لأنه كافر لا تُطَهِّرُهُ الحدود، ويتجلَّى الكمال النبوي، في عدَّة مواقف منها حلمه وأناته، صبره وكرمه، حسن تدبيره لأموره وأمور أصحابه، استشارته لأفراد آل بيته فيما يتعلق بهم دون غيرهم.
ومن حكمة الله تعالى أنه حبس الوحي شهرًا، فكان ذلك تمحيصًا للمؤمنين وامتحانًا وابتلاءً لرسوله (ص)، ولجميع الصحابة الكرام؛ حيث اشتاقت نفوسهم إلى نزوله معرفةً للحقِّ، وإيمانًا منهم ببراءة عائشة رضي الله عنها، فلو أُنزل الوحي على الفور بذلك لفاتت هذه الحِكَم.
واستمرَّت حياتها هنيئة مع الرسول (ص) إلى أن مَرِضَ،مَرَضَ الموت حيث تشرَّفت -رضي الله عنها- بخدمته (ص)، وتمريضه في الأيَّام الأخيرة، فعن عائشة قالت: إن كان رسول الله (ص) ليتفقَّد، يقول: "أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟" استبطاءً ليوم عائشة، قالت: فلمَّا كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري، وتقول -رضي الله عنها- أن ريقها خالط ريق النبي (ص) عند موته، فتقول رضي الله عنها: إن من نعمة الله علَيَّ أن رسول الله (ص) تُوُفِّيَ في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري، وأن الله تعالى جمع بين ريقي وريقه عند الموت. قالت: دخل عليَّ أخي بسواك معه، وأنا مسندة رسول الله (ص) إلى صدري فرأيته ينظر إليه، وقد عرفت أنه يحبُّ السواك ويألفه، فقلتُ: آخذه لك؟ فأشار برأسه، أي نعم، فليَّنْتُه له فأَمَرَّهُ على فيه، وبين يديه ركوة، أو علبة فيها ماء، فجعل يُدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه، ثم يقول: "لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ". ثم نصب إصبعه اليسرى، فجعل يقول: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى".
وعاشت السيدة عائشة بعد النبي (ص) ما يزيد على أربعين سنة بقليل، وكأنَّ الله تعالى قد زوَّج نبيَّه بالسيدة عائشة في عمرها الصغير ليجعلها وارثة النبوة في العلم ونشره، فقد كانت عالمة ملمَّة بما جاء به رسول الله (ص)، فقد قال أبو موسى الأشعري: ما أشكل علينا – أصحاب رسول الله (ص)- حديث قطُّ، فسألنا عائشة إلاَّ وجدنا عندها منه علمًا.
وقد اجتمعت عدَّة عوامل مكَّنت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن تتبوأ المكانة العلميَّة الكبيرة؛ منها: حدَّة ذكائها وقوَّة حافظتها، ثم زواجها من النبي في سنٍّ مبكِّرة، وحياتها في كنفه، ورعايته لها مدَّة ثماني سنوات وخمسة أشهر، وكان النبي (ص) طيلة هذه الفترة حفيًّا بها كثير الاهتمام بتعليمها، كذلك كثرة نزول الوحي في حجرتها، حتى سُمِّيت مهبط الوحي، ولسانها السَّئُول، فقلَّ أن تسمع شيئًا تستشكله إلاَّ وتسأل فيه رسول الله (ص)، ومثال ذلك أن النبي (ص) قال: "مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ". فقالت عائشة: أَوَلَيْس يقول الله تعالى: "فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا"، فقال(ص): "إِنَّمَا ذَلَكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ".. وغيرها من المسائل الكثيرة التي سألت فيها رسول الله(ص).
وقد بلغت أحاديثها التي روتها عن رسول الله (2210) ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، وهي أكثر أمهات المؤمنين نقلاً ودراسة للحديث النبوي، حتى نشأ على يديها جيل من كبار التابعين، كانوا سببًا في مجيء حديث رسول الله (ص) إلينا نحن المتأخِّرين.
وبعد حياة حافلة بالإخلاص والحُبِّ لله ولرسوله، وبعد حياة مليئة بنشر العلم، تُوُفِّيَتْ أمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في 17رمضان سنة (57هـ أو 58 هـ/ 677 أو 678م) ودُفِنَتْ بالبقيع، في ولاية مروان بن الحكم.
d8sولكم مني ازكى التحيات.d8s









آخر مواضيعي

0 ص ب 63 افورار 22050 ازيلال.
0 طريق القطار
0 الحرامي
0 اضحك معنا
0 دكاء الاطفال
0 اعرف نبيك اوصاف الرسول - ص - الجزء 2.
0 اعرف نبيك اوصاف الرسول - ص - الجزء 1.
0 زوجات الرسول (ص).
0 تفسير سورة الضحى.
0 نساء حول الرسول (ص) 3

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرسول, حول, نساء

« من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم...... | الرسول صلى الله عليه وسلم في عيون الغرب »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العمل الجمعوي نضال أم لا نضال ???? أشرف كانسي ثقافة العمل الجمعوي 3 25-01-2009 11:39
نساء حول الرسول(ص) 1 عزيز الدعو دفــتــر السنة و السيرة النبوية 11 15-12-2008 12:16
نساء حول الرسول (ص) 3 عزيز الدعو دفاتر المواضيع الإسلامية 6 15-11-2008 10:34
لسان الحال أبين من لسان المقال أبو فراس الأرشيف 4 10-11-2008 16:04
نساء حول الرسول abdouali دفــتــر السنة و السيرة النبوية 0 14-03-2008 20:26


الساعة الآن 08:29


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة