استيقظ علال في ساعة متأخرة صباح يوم من أيام الصيف الحار ،على نهيق حمار بائع الماء لسكان حيه.حمار ضخم الجثة منتصب الأذنين ، يتعالى نهيقه كلما وصل إلى هذا الحي وكأنه يعلن رفضه للقيام بهذه المهمة.وجه علال بصره إلى ساعة حائطية ورثها عن أبيه يرجع تاريخها إلى عهد الاستعمار الفرنسي . ساعة قديمة لكنها مضبوطة.العاشرة وخمس وأربعين دقيقة، وقت متأخر جدا.خلع منامته ،ارتدى ملابسه وانتعل الحذاء ثم نادى زوجته مقطب الوجه:
-آمال !
في لباس فضفاض تحضر كالفراشة، ابتسامة حمراء، وجه براق عليه ألوان ساحرة.
-كم مرة منعت عليك التبرج؟
-ماذا تعني؟
-تلك الألوان التي على وجهك !
-لكن هذا يهمني.
-لكنني أكره ذلك، أتسمعين؟
انصرفت ثم عادت وفي يدها كأس شاي منعنع وقشرة خبز يابسة كالعادة كل صباح. وجه علال إليها نظرة مليئة بالغضب وصاح في وجهها:
-انصرفي ! فات وقت الفطور!
استمرت واقفة،ابتسمت لعلها تهدئ من غضبه،كشر علال ردا على ابتسامتها قائلا:
-لماذا لم توقظيني مبكرا؟ تعرفين إنني بتت مرهقا.
-فضلت أن أتركك نائما حتى تأخذ راحتك أكثر.
-والعمل!؟
-لا يهم.
-والمصير؟ والمستقبل؟ والأمل المنشود؟
-لا يهم.
-وماذا يهمك إذن ؟
-أن أراك كل لحظة جانبي.
ضحك علال حتى استلقى،نظر إليها شزرا،أخذ الكأس وقطعة الخبز اليابسة،وضعهما جانبا وصاح:
-لا أحب أن أسمع مثل هذه الهرطقة للمرة الثانية أتسمعين؟
نظرة في عينيه ونظرة في رجليه كررتها عدة مرات، ضربت برجلها اليمنى على الأرض غضبا ثم اختفت...