العلم تنشر تفاصيل كاملة عن مضامين مشروعالدستور الجديد
اقتربت ساعة الحسم في إحدى أهم المحطات فيتاريخ المغرب الحديث والتي تعلق عليها آمالا عريضة جدا في ولادة مغرب جديد آخرمغاير، ينتقل بمقتضاها إلى دولة ديمقراطية منظمة على أساس القانونوالمؤسسات.
فلقد أجمعت المصادر أن الاجتماع المطول جدا الذي عقدته لجنة الآليةالسياسية وحضره ممثلون عن جميع الأحزاب السياسية الوطنية والمركزيات النقابيةالوطنية وترأسه مستشار جلالة الملك الأستاذ محمد المعتصم وحضره أيضا الأستاذ عبداللطيف المنوني رئيس لجنة مراجعة الدستور أشر على أن موعد الحسم في هذه المراجعةالدستورية بدأ في الاقتراب، وكان هذا الاجتماع الذي انعقد بمقر الديوان الملكيبالرباط واستغرق أكثر من عشر ساعات مناسبة مهمة تميزت بمناقشات مستفيضة، وعميقةومجدية تمكن من خلالها جميع المسؤولين السياسيين والنقابيين من إبداء وجهات نظرهمإزاء ما استمعوا إليه فيما يتعلق بمضامين الدستور الجديد.
وبداية نشير إلى أنكلا من ممثلي حزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الطليعة وممثل الكنفدراليةالديمقراطية للشغل (تغيب هذه المرة الأستاذ نوبير الأموي وانتدب من مثله فيالاجتماع) اعلنوا عن انسحابهم من هذا الاجتماع بدعوى مطالبتهم بمسودة للمشروع تكونمكتوبة. بعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ محمد المعتصم مستشار جلالة الملك الذي ألقىعرضا تقديميا فهم منه توجهات إرادة جلالة الملك التي تأكد من جديد، أنها تصب في روحخطاب تاسع مارس التاريخي، بل وتجاوزت هذه السقف في العديد من القضايا الرئيسية كماهو الشأن بالنسبة للقداسة وغيرها.
واتضح من خلال العرض التفصيلي الذي ألقاهالأستاذ عبد اللطيف المنوني رئيس لجنة مراجعة الدستور أن الأمر يتعلق بدستور جديدلا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالدستور الحالي ولا بجميع الدساتير السابقة،لا من حيث المعمار الدستوري ولا من حيث الفكر الدستوري ولا من حيث المضمون فيمايتعلق بما حفلت به الفصول الجديدة.
وعقب انتهاء الأستاذ عبداللطيف المنوني منتقديم العرض فتح المجال أمام المناقشات العامة حيث تدخل جميع ممثلي الأحزابالسياسية والمركزيات النقابية الحاضرين في هذا الاجتماع، وطرحوا أسئلة دقيقة حولقضايا لم يتطرق إليها العرض بإسهاب وتوضيح من قبيل كيفية تضمين المشروع الجديدللدين الإسلامي، بيد أن المناقشات أكدت وجود بعض الإعتراضات لما جاء به المشروعالجديد خصوصا ما يتعلق بمصير مجلس المستشارين حيث وقع إجماع كلي على المطالبةبالإبقاء على عضوية ممثلي المأجورين والغرف المهنية خصوصا وأن المجلس الإقتصاديوالإجتماعي هيئة استشارية ولا تناقش مشروع القانون المالي، بيد أن تباينات ظهرت بينممثلي الأحزاب السياسية أنفسهم في بعض القضايا من قبيل مثلا العضوية في المجلسالأعلى للأمن والدفاع.
وأكدت مصادر متطابقة أن الأستاذ المانوني كان بصدد تسجيلالملاحظات والإقتراحات الواردة في المناقشة العامة التي تميزت بالصراحة والجدية،وعقب نهاية الإجتماع وقع الإتفاق على الدعوة الى عقد إجتماع آخر لهذه اللجنة خلالالأيام القليلة المقبلة، حيث سيقع إطلاع أعضاء اللجنة على الصيغة النهائية لمشروعالدستور قبل أن يقدمها جلالة الملك إلى الشعب.
وتؤشر جميع الدلائل على أنالاستفتاء على الدستور الجديد سيقع خلال الأسبوع الأول من شهر يوليوزالقادم.
بقيت الإشارة إلى أن قادة الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية عبرواخلال مداخلاتهم عن ارتياحهم لمضامين الدستور الجديد.
أما فيها يتعلق بمضمونمشروع الدستور الجديد، فإن الخطوط العريضة والرئيسية التي استعرضها أكدت أن الأمريتعلق فعلا بدستور جديد، يضمن توزيعا منطقيا للسلط، ويمكن المؤسسات الدستورية خصوصاالحكومة والبرلمان من صلاحيات كبيرة ومهمة جدا.
ويكرس استقلالا حقيقيا للقضاءبحيث لم تعد للسلطة التنفيذية أية سلطة على القضاء من خلال إبعاء وزير العدل منالعضوية في المجلس الأعلى للقضاء أو رئاسته ومن خلال إحالة جميع الصلاحيات والسلطالمتعلقة بقضايا القضاة إلى هذه المؤسسة، ويجدر توجه المغرب نحو حماية فعلية لحقوقالإنسان ومحاربة الرشوة و ضمان الشفافية وتوسيع مجال المشاركة السياسية وصيانةالمؤسسات وتكريس الحريات العامة والفردية.
تأكد أن ديباجة الدستور الجديد ستكسبقوة دستورية إذ ستصبح جزءاً من الدستور وأن المشروع الجديد نص على دستورية العديدمن الحقوق بالحق في الحياة والصحة والشغل والسكن اللائق والتربية والبيئة السليمةكما أن الدستور الجديد سينص على مؤسسات جديدة من قبيل دسترة المجلس الوطني لحقوقالإنسان ومجلس المنافسة الوسيط والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة التي ستغيرإسمها، وستتم دسترتها كمجالس عليا، في حين سيتم إنشاء مجالس عليا جديدة من قبيلالمجلس الأعلى للغات والمجلس الأعلى للنساء والمجلس الأعلى للشباب والمجلس الأعلىللطفولة والأسرة. وسيضيف الدستور الجديد أكثر من ثلاثين اختصاصا جديدا لمجلس النوابالذي سيصبح المؤسسة التشريعية الأولى والرئيسية وستختص وحدها بالتشريع مما يعنيإلغاء أية إمكانية للتشريع خارج إطار البرلمان، وسيقرر في إصدار العفو الشاملوالمصادقة على جميع الإتفاقيات سواء التي تكلف خزينة الدولة مالا أم لا تكلف ذلك،وسينظر في التقطيع الإنتخابي.
وسيقرر الدستور الجديد ـ دائما حسب العرض الأولي ـاعتماد العربية والأمازيغية لغتين رسميتين على أساس إصدار قوانين تنظيمية تتعلقبدسترة الأمازيغية كلغة رسمية في إطار التأهيل وتسهيل دسترتها.
وأوضح العرض أنصفة القداسة لن تكون للملك والدستور سيغير ذلك بعبارة «الاحترام الواجب للملك» وسيختص جلالة الملك بتعيين السفراء والولاة والعمال ووالي بنك المغرب والمناصبالعسكرية، بيد أن جميع باقي الاختصاصات المتعلقة بالتعيينات في باقي جميع المناصبالعليا بما في ذلك الكتاب العامون للوزارات والمديرون المركزيون ومديرو المؤسساتالعمومية ستكون من صلاحيات الوزير الأول والمجلس الحكومي. وسيعطي الدستور الجديدالحق للوزير الأول الذي سيختار من الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخاباتالتشريعية لاقتراح جميع الوزراء على جلالة الملك الذي يقوم بتعيينهم، كما سيخول لهالدستور الجديد الحق في طلب إقالة وزير أو أكثر من وزير، والجديد أيضا أن الدستورالجديد سيعطي الحق للوزير الأول التقدم بطلب حل البرلمان، كما سينص الدستور علىضرورة أن يمتثل الوزير الأول أمام مجلس النواب مرة في الشهر كما سيكون مطالبابتقديم الحصيلة أمام البرلمان عدة مرات خلال ولايته، وسينص الدستور الجديد علىمساءلة وزير أو أكثر داخل مجلس النواب دون أن يصل الأمر حد إسقاطه أو إسقاطهم منالحكومة والقضية الجديدة المثيرة للانتباه حقا أن مشروع الدستور الجديد يتيحامكانية التقدم باقتراحات قوانين حتى بالنسبة لجمعيات المجتمع المدني في إطار مسطرةسينظمها القانون، كما سينص المشروع بصريح العبارة على منع الترحال السياسي وتنظيمعملية الحضور في جلسات البرلمان واجتماعات لجانه النيابية مع ترتيب الجزاء علىالمخالفين وبسط المشروع الجديد مسطرة طلب عقد دورة اسئنافية إلى الثلث وطلب تكوينلجان تقصي الحقائق إلى الثلث أيضا.
وسيوفر الدستور الجديد إمكانية تفويض منالمجلس الوزاري إلى المجلس الحكومي هذا الأخير الذي سيصبح هيئة دستورية. وبالنسبةلمجلس المستشارين فإن المشروع الجديد يقترح تقليص مدة ولايته إلى ست سنوات مع تخفيضفي أعداد أعضائه بعد حصر العضوية فيه على ممثلي الجماعات الترابية وتغيير اسمه إلى «مجلس الجماعات الترابية»، ولاتكون له صلاحية تقديم ملتمس الرقابة بهدف إسقاطالحكومة.
وفيما يتعلق بالقضاء فإن الدستور الجديد سيعترف به كسلطة دستورية علىغرار باقي السلط، وأن الأحكام ستصدر عن جميع المحاكم باسم جلالة الملك والقانون،أما المجلس الأعلى للقضاء فإنه سيتكون من قضاة منتخبين على أن تخصص لائحة للنساءالقاضيات، ورئيس المجلس الأعلى والوكيل العام به ورئيس المجلس الوطني لحقوق الانسانورئيس مؤسسة الوسيط وخمس شخصيات يعينهم جلالة الملك، وستناط الرئاسة لجلالة الملكعلى أن يكون هناك رئيس مفوض، كما سيلغي الدستور الجديد ماتبقى من مظاهر القضاءالاستثنائي حيث ستزول المحاكم العليا الخاصة بالوزراء الذين ستتكلف المحاكم العاديةبمتابعتهم.
وبالنسبة لطبيعة الملكية فإن المشروع الجديد يتحدث عن ملكية دستوريةاجتماعية ديمقراطية برلمانية. وبالنسبة للفصل 19 فإن المشروع قسمه إلى جزءين، فمنجهة لم يعد هذا الفصل في الد ستور الجديد لايتحدث إلا عن إمارة المؤمنين، بيد أنهنقل باقي الأجزاء الأخرى إلى الفصول المناسبة لها في باقي أجزاء الدستور، بمعنى أنهميز بين الصفات والصلاحيات.
وسينص الدستور الجديد على سمو المعاهدات والاتفاقياتالدولية عن القوانين الوطنية، وسيقوي المجلس الدستوري الذي سيتحول الى المحكمةالدستورية وستلغى عضوية ممثلي الأحزاب في هذه المحكمة.
ويتحدث المشروع الجديد عنرئيس الحكومة ويسطر صلاحياته واختصاصاته بما في ذلك رئاسة المجلس الوزاري نيابة عنالملك، وينص المشروع أيضا على إنشاء المجلس الأعلى للدفاع والأمن يرأسه جلالة الملكويضم في عضويته إضافة الى الشخصيات العسكرية الوزير الأول ورئيسى مجلسي النوابوالجماعات الترابية، والجديد أيضا أن المشروع يتيح إمكانية تعديل الدستور بواسطةممثلي الأمة بالبرلمان كما هو عليه الشأن في فرنسا مثلا.