فبعد أن كانت الشغيلة المغربية تنخرط في المسيرات الاحتجاجية تضامنا مع الشعب الفلسطيني أو العراقي، أو إدانة الإرهاب، ستجد نفسها في صفوف مسيرة احتجاجية تندد بما آلت إليه أوضاعها الاجتماعية، وتشجب فشل الحوار الاجتماعي، وتستنكر قرار الحكومة القاضي باقتطاع سيشمل أجور كل من شارك في إضراب يوم 10 فبراير المنصرم. فهذه المسيرة غير مسبوقة أيضا، لأنها أيضا تعكس وعي ممثلي الشغيلة بأهمية وملحاحية وحدة الصف النقابي، وتنسيق الجهود، ولو على قاعدة ملفات محددة.
المسيرة، التي ستنظم يوم 22 مارس الجاري، والتي تذكر بمسيرات التنسيقيات المنددة بارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، سيشارك فيها منخرطو أربع مركزيات نقابية، وحدها الهم النقابي والاجتماعي، رغم أن إحدى هذه النقابات محسوبة على حزب مشارك في الحكومة.
في الوقت الذي أقرت فيه الحكومة زيادة بنسبة 10 في المائة فقط، وإلى غاية سنة 2012، يسجل المراقبون والمتخصصون أن مؤشر تكاليف المعيشة فاق 6 في المائة سنة 2003، وفاق 15 في المائة حتى حدود سنة 2008، وإذا ما ظل هذا المؤشر يسير في الارتفاع، فإن مؤشر تكلفة العيش، سيرتفع إلى 20 أو 24 في المائة سنة 2012. ففشل الحوار الاجتماعي إذن، وقرار الاقتطاع، والزيادات المتتالية في الأسعار، كلها عوامل أججت احتجاجات الشغيلة، وأدت إلى توتر اجتماعي، يتطلب تحركا من الحكومة، من أجل إخراج الحوار الاجتماعي من المأزق الذي دخله، ورفع الإحراج عن الحكومة، التي ساهمت بقراراتها في توحيد رؤى ووجهات النظر داخل الصف النقابي.
رفع الإحراج، وإخراج الحوار الاجتماعي من خانة الجمود والفشل، أصبح ضروريا، للحد من هذا التوتر الذي بات يخيم على الساحة الاجتماعية، خاصة أن المغرب يعيش اليوم سنة الانتخابات بالنسبة للمأجورين والطبقة العاملة والموظفين، وحتى لا يجد المغرب نفسه، في هذه الانتخابات، أمام معضلة العزوف أو المقاطعة، على الحكومة والنقابات منح هذه الفئات فسحة أمل.
عبد القادر أزريع يعتبر أنه "لو جرى الحوار وفق التعاقدات التي أبرمت مع الحكومات السابقة، وجرى إبراز كل مكونات الوضع المغربي، على ما هو عليه، ولو جرى التراجع عن المخاطر التي ستهز مجتمعنا، وعلى رأسها اقتصاد الريع والعلاقات الزبونية، التي تسود المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لو جرى الحوار حول كل هذه المستويات، التي يزخر بها مجتمعنا، لاستطاعت الحكومة أن تقول، على الأقل، إننا وصلنا إلى مستوى من النقاش ولم نتوفق في إنجاز تعاقد أو توافق".
منطق التاريخ يرفض التعامل بمقولة "لو كان"، لذلك ينبغي الانفتاح على المستقبل، ومنح بصيص الأمل، من أجل زرع التفاؤل في صفوف الشغيلة المغربية لتحتفل بيومها العالمي المقبل، منتشية بمكاسب تضمن لها الكرامة.
مينة حوجيب | المغربية
14.03.2009