تقدم التصريحات الأخيرة لرجل الموساد الصهيوني دافيد ليتمان والمنشورة يوم الأربعاء 25 مارس 2009 بيومية لوسوار نموذجا للابتزاز الصهيوني المستمر للمغرب، فمجرم المخابرات وبعد اعترافاته الفضائحية عن مسؤوليته عن تهجير آلاف اليهود المغاربة وتغذية المشروع الاستيطاني العنصري للصهاينة بالعناصر البشرية المطلوبة لاستمراره على أرض فلسطين، لم يتردد في خطوة يواصل بها جريمته في حق المغرب، وذلك باختياره لهذه الظرفية المتزامنة مع الذكرى الثلاثين لاتفاقية كامب ديفيد الاستسلامية؛ من أجل القول بأنه ينبغي للملك محمد السادس أن يتوجه إلى القدس لتشجيع السلام، ليضيف ثانيا أنه يمكنه أن يخاطب الشعب الإسرائيلي عبر الكنيست، وخاصة ال 600 ألف شخص من ذوي الأصول المغربية، أما ثالثة الأثافي فهي زعمه بأن المدخل المغربي لتقوية الحضور الديبلوماسي للملكية المغربية هو مواصلة ما بدأه الملك الراحل الحسن الثاني في هذا المجال.
فما هي القراءة الممكنة لهذه التصريحات؟
من حيث ظرفية صدور هذه التصريحات المتزامنة مع صدور تقرير هيون رايت ووتش الفاضح للاستعمال المتعمد للكيان الغاصب للقنابل الفوسفورية، وأيضا تزامنها مع الإعلان عن مشروع حكومة نتنياهو الذي سبق للملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله أن رفض سياساته في النصف الثاني من التسعينيات، فهي تجعل من هذه الدعوة محاولة مقيتة لجر المغرب ليكون صمام إنقاذ للكيان الصهيوني من عزلته العميقة والحادة، ودلالاتها الخطيرة هي في هذا الاستفزاز المتعمد للموقف المغربي الرسمي والشعبي مع التضامن الواسع مع الشعب الفلسطيني بعد عدوان غزة والصمود البطولي له في مواجهته.
لكن من حيث المضمون، فهي تقدم المؤشر الأكبر عن استمرار هذا الرجل الذي قدم نفسه كرجل سابق للموساد في العمل لمصلحة المشروع الصهيوني، فقد كشف في حواره أن عمله في استدراج المغرب لمسار التطبيع ليس وليد اليوم، بل تعود جذوره إلى سنة 1990 وبعدها في 1993 حيث ذكر مراسلاته للوزير الأول الصهيوني إ**** رابين في الموضوع، والجميع يعلم ما حصل بعد ذلك من فتح لمكتب الاتصال الصهيوني بالرباط في 1994 وبعده تنظيم المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البيضاء، وتحركت قبل ذلك جهات معادية للمغرب في الكونغريس الأمريكي لتلعب ورقة الصحراء واستصدار مواقف مضادة للمغرب، وهناك بلغت أوجها بإيفاد بعثة من مجلس الشيوخ في 1992 للتقصي في سياسة المغرب إزاء المينورسو، وكان ذلك تعبيرا عن سياسة قديمة تفتعل فيها المشاكل للمغرب في قضية الصحراء ليستدرج إلى التطبيع مع العدو، وذلك منذ اندلاع مشكلة الصحراء وخاصة بعد 1976.
ولهذا فإن ما يقع اليوم هو تجدد لمشروع صهيوني لم يربح منه المغرب شيئا؟ فهل من صحوة لمواجهته؟
عن التجديد