في كل مرة أبحث فيها عن أناشيد إلا و أفاحأ بحقيقة مذهلة : لا وجود لأناشيد مغربية تتوجه أساسا لأطفالنا . بالمقابل ، تجد عددا هائلا من الأناشيد التي وضعت بلهجات أخرى مصرية و لبنانية و خليجية لا يصح في الحقيقة أن تبقى هي المرجع الوحيد لتلقين أبنائها تربية موسيقية صحيحة ، خصوصا و أن بعض مفرداتها تستعصي على إدراك أطفالنا بحكم خصوصية الواقع الثقافي و الاجتماعي المغربي الذي يعيشون فيه .
و هذا الفراغ الكبير في خزانة ثقافة الطفل المغربي ، وسط ضجيج صاخب في ساحة الأغنية الشعبية ، يؤثر سلبا على تكوين و تربية أطفالنا لأنه يجعلهم يقبلون على أغاني الكبار التي تخاطبهم بلهجة يتداولونها و بالتالي يشكلون تمثلات خاطئة عن الواقع من خلالها .
و من المعلوم أن للطفل عالـما خاصا به تطبعه البراءة و حب اكتشاف الحياة ، و لهذا ينبغي أن نقدم لـهم القدوة الحسنة التي تحميهم من السقوط في فخ الاغتراب الثقافـي من جهة و تكسبهم مناعة ضد الابتذال و ترقى بأذواقهم الفنية من جهة ثانية .
على صعيد آخر ، أثار انتباهي وجود كتب و قصص للأطفال بعيدة عن واقعهم الزمني و مستوى إدراكهم ، فهي في الغالب قصص خرافية تتناول واقعا زمنيا غابرا لا ينخرط الطفل في معطياته و لا يتفاعل معها نتيجة ذلك ، فضلا عن أن اللغة المستخدمة تتجاوز في الغالب الطاقة الاستيعابية للمستوى المعرفي المرحلي لديه .
لهذا ، أدعو من هذا المنبر الجميل جميع الإخوان إلى الانخراط في مشروع التفكير في تأصيل ثقافة الطفل المغربي و تحصينها ضد كل المؤثرات السلبية ، و ذلك من خلال البحث في الموروث الثقافي المغربي الذي يزخر بالعديد من الأناشيد و إعادة الاعتبار لها و إعادة إخراحها في حلة جديدة بأصوات أطفالنا ، و كذلك كتابة قصص و كتب للأطفال تستوحي مادتها الخام من واقعنا المغربي .