رأيت الشيب من نذير المنايا=== لصاحبه و حسبك من نذير
تقول النفس غير لون هذا=== عساك تطيب في عمر يسير
فقلت لها المشيب نذير عمري=== و لست مسوداً وجه ******
و قال آخر :
و قائلة تخَضّب فالغواني=== نوافر عن معاينة ******
****
و للقاضي منذر بن سعيد البلوطي رحمة الله تعالى عليه :
كم تصابى و قد علاك المشيب=== و تعامى جهلاً و أنت اللبيب
كيف تلهو و قد أتاك نذير===و شباك الحمام منك قريب
يا مقيما قد حان منه رحيل===بعد ذاك الرحيل يوم عصيب
إن للموت سكرة فارتقبها=== لا يداويك إذا أتتك طبيب
كم تعدني حتى تصير رهيناً=== ثم يأتيك دعوة فتجيب
بأمور المعاد أنت عليم=== فاعلمن جاهداً لها يا أريب
و تذكر يوماً تحاسب فيه=== إن من يذكر الممات ينيب
ليس في ساعة من الدهر إلا=== للمنايا عليك فيها رقيب
كل يوم ترميك منها بسهم=== إن يخطىء يوماً فسوف يصيب
و له أيضاً رضي الله عنه :
ثلاث و ستون قد جزتها ===فماذا تؤمل أو تنتظر
و حل عليك نذير المشيب ===فما ترعوي أو فما تزدجر
تمر الليالي مراً حثيثاً ===و أنت على ما أرى مستمر
فلو كنت تعقل ما ينقضي=== من العمر لاعتضت خيراً بشر
فما لك ـ ويحك ـ لا تستعد إذا=== لدار المقام و دار المقر
أترغب عن فجأة للمنون ===و تعلم أن ليس منها وزر
فإما إلى الجنة أزلفت ===و إما إلى سقر تستعر
****
و للفقيه أبي عبد الله محمد بن أبي ذمنين رحمة الله تعالى آمين :
الموت في كل حين ينشر الكفنا=== و نحن في غفلة عما يدار بنا
لا تطمئن إلى الدنيا و بهجتها ===و إن توشحت من أثوابها الحسنا
أين الأحبة و الجيران ما فعلوا ===أين الذين همو كانوا لنا سكنا
سقاهم الموت كأساً غير صافية ===فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا
التذكرة / القرطبي