تعليم أجنبي خاص بمراكش يسمح بولوج دائرة النخبة عبد الصمد الكباص

[ابن خلدون]

تعليم أجنبي خاص بمراكش يسمح بولوج دائرة النخبة

للمراكشية: عبد الصمد الكباص

إلى حدود السنوات القليلة الماضية كانت ابتدائية حليمة السعدية قرب ولاية أمن مراكش، مدرسة مغربية عادية تستقبل تلاميذ مغاربة وتدرس مقررات مغربية كباقي المؤسسات التعليمية العمومية ببلادنا.

في نهاية سنة 2004 تغيرت الأمور فيها جذريا، وأصبح اسمها جاك ماجوريل وغادرها الطاقم المغربي من معلمين وإداريين وحل محلهم طاقم فرنسي. أما التلاميذ فطبعا تحولوا بدورهم من أبناء البسطاء الى أطفال منحدرين من أوساط ميسورة أو أبناء الأسر الفرنسية المقيمة بمراكش.

جاك ماجوريل إحدى مؤسسات التعليم الأجنبي بمراكش انضافت مؤخرا الى مؤسسة كوستاف رونوار وثانوية فيكتور هيغو والمدرسة الامريكية ... الإقدام على فتحها يترجم الإقبال الكبير الذي يعرفه هذا الطراز من التعليم من قبل فئة معينة من الأسر المغربية

تقول إحدى المدرسات بها: ارتفع الإقبال على مدرسة كوستاف رونوار بشكل غير مسبوق في السنوات القليلة الاخيرة• ذلك طبعا ناتج عن ارتفاع عدد الأسر الفرنسية التي أصبحت تقطن بالمدينة وكذلك الأسر المزدوجة الجنسية إضافة الى المغاربة الذين يرغبون في استفادة أبنائهم من التعليم الفرنسي

ارتفع ضغط الطلبات بشكل لافت• في سنة 2003 ، لم يعد في استطاعة رونوار الاستجابة لطلبات الالتحاق فارتأت الادارة الفرنسية المشرفة على التعليم الفرنسي بالبلدان غير الفرنكفونية (ويزو) فتح مدرسة جديدة للتخفيف من هذا الضغط

قبل يومين فقط من حلول شهر شتنبر (2006) كانت فضاءات مدرسة جاك ماجوريل تحفل بحضور العشرات من آباء وأولياء التلاميذ الذين حضروا قصد الوقوف على الترتيبات الاخيرة لانطلاق الموسم الدراسي، مديرة المؤسسة منشغلة باستقبالهم لتقديم كل البيانات التي تكفل رؤية واضحة لأجواء تمدرس أطفالهمالطاقم التربوي كذلك حاضر وحالة من الاستنفار والجدية تسود المؤسسة

لم ترغب المديرة في تقديم أية بيانات للصحافة مهما كانت بساطتها لأن ذلك حسب تعبيرها يستلزم تصريحا من رؤسائها• تقول إحدى الفرنسيات العاملات بالمدرسة رغم حداثة عهدها إلا أن مدرسة جاك ماجوريل تعرف إقبالا كبيرا
في موسم 2006 تسجل فيها 70 تلميذا جديدا، هذه السنة تستقبل 50 تلميذا جديدا، والمثير في الأمر هو الرغبة المتزايدة للفئات المتوسطة المغربية في خضوع أبنائها للتعليم الفرنسي• المبرر مفهوم في هذه الحالة ويكمن في سعيهم للحصول على بكلوريا دولية وولوج المعاهد الفرنسية

بدرة سيدة مغربية يتابع ابنها دراسته بجاك ماجوريل، لا تخفي ارتياحها للمستوى التربوي بهذه المؤسسة• تقول في هذا الصدد منذ سنة 2002 وأنا أتقدم بطلب التحاق ابني لمدرسة كوستاف رونوار لكن دون جدوى لأن الضغط كان كبيرا• انتظرت الى أن فتحت مدرسة ماجوريل، فكنت محظوظة بالتحاق ابني بالفوج الاول بها• اليوم أضحت الطلبات أكثر ويمكن أن يؤول الامر بها الى ما آل إليه رونوار• تؤدي بدرة عن ابنها شهريا مبلغ 2700 درهم للمدرسة• أما مصاريف التسجيل فتؤدى مسبقا وتبلغ 12 ألف درهم• هذا المبلغ يغطي كل مصاريف التسجيل على مدى الاسلاك الثلاثة الابتدائي والإعدادي والثانوي• ورغم ضخامة المبلغ الشهري إلا أن الاهم بالنسبة للأم هو استفادة ابنها من تعليم بجودة عالية يفتح أمامه فرصا كبيرة ومتنوعة ويسمح له بالتحكم في مستقبله
وبثانوية فيكتور هيغو المحاذية للمعهد الثقافي الفرنسي والثكنة العسكرية تجرى حيوية أكبر استعدادا لانطلاق الموسم الدراسي• تشرف على المدرسة وكالة التعليم الفرنسي التابعة للحكومة الفرنسية• تستقطب هذه الثانوية ثلاث فئات من الفرنسيين المقيمين بالمغرب ثم مزدوجي الجنسية (مغربية ـ فرنسية) أو الأسر المختلطة، ثم المغاربة الذين يفضلون متابعة دراستهم في ظل النظام الفرنسي

خليل أحد تلاميذ المستوى النهائي بالمدرسة، أمه فرنسية ووالده مغربي يتحدث عن مساره بفيكتور هيغو قائلا: تابعت دراستي الابتدائية برونوار ثم انتقلت الى فيكتور هيكو• لم أخضع للتعليم المغربي لذلك ليس لدي ما يمكنني من المقارنة بينه وبين التعليم الفرنسي لكن هناك شيء جيد في مدرستي هي أنها لا تفصلنا عن اللغة العربية ـ والثقافة المغربية• فهذه اللغة مقررة بإشراف مفتشين مغاربة• وفي الشعبة الدولية ندرس العربية ومادة الاجتماعيات باللغة العربية بمعامل كبير...
تكمن ميزة الانخراط في معهد فرنسي بالنسبة لخليل في كونه يفتح أبواب المعاهد الفرنسية الكبرى أمام خريجيه• ويضمن لهم حضورا قويا حتى بالمؤسسات الجامعية والمعاهد العلمية العليا بالمغرب ككليات الطب التي تطلب معدات أقل بالنسبة للحاصلين على البكالوريا الفرنسية كشرط لولوجها
بالنسبة للشعبة الدولية المقررة لتلاميذ فيكتور هيغو والتي تضم مواد تدرس بالعربية بمعامل كبير يشرف عليها مركز الدراسات العربية الذي يوجد مقره بالرباط

حميد منسوم أستاذ مغربي درس بالمدرسة العمومية المغربية• و يدرس حاليا بفيكتور هيغو• وهو الموقع الذي يسمح له بالمقارنة بين النظامين• بالنسبة له وبناء على تجربته تكمن ميزة فيكتور هيغو كنموذج للتعليم الفرنسي بتدبيره التربوي الجيد وطابعه المتفاعل مع كل مكوناته إضافة الى الدور الهام الذي يقوم به التلميذ في المساهمة في التدبير

بهذه الثانوية يوجد قسم هام يسمى الحياة المدرسية يعرف أدق التفاصيل والمعطيات عن كل تلميذ على مستوى وضعه الاجتماعي والنفسي ووسطه العائلي وعلاقة والديه ببعضهما• ويلعب هذا القسم دورا هاما في مجال تتبع كل تلميذ على حدة وتقييم تطور مساره وعطائه بالمؤسسة• وفي المداولات يحضر مندوبو الاقسام وهم تلاميذ ينتخبون ويخضعون الى تكوين ويحق لهم إعطاء ملاحظات وتوجيه استفسار أثناء التداول• كما تحضرها جمعية الآباء وأولياء التلاميذ التي يحق لممثليها التدخل وطلب توضيحات وتقديم ملاحظات
التكوين الجيد في اللغات يمثل ميزة أخرى للدراسة في فيكتور هيغو حسب الاستاذ المنسوم فإضافة الى الإتقان الجيد للغة الفرنسية يدرس التلاميذ لغات أخرى كاللاتينية والإسبانية ناهيك عن العربية

يلاحظ أحد إداريي فيكتور هيغو ان لأوساط معينة من المغاربة تفضيل خاص للتعليم الفرنسي على التعليم العمومي المغربي وعلى التعليم الخصوصي ينبني ذلك على قناعة مفادها أن الاندماج في الثقافة الفرنسية والاستفادة من تكوين فرنسي داخل المعاهد التابعة له هو ما يسمح باحتلال موقع مهم داخل نخبة المغرب وهذه القناعة تترجم نفسها في ارتفاع الضعط على الثانوية من خلال طلبات الالتحاق المتزايدة التي يبت فيها عن طريق الروائز بالنسبة للقادمين من التعليم العمومي

في الآونة الاخيرة توجه اهتمام الفئات الميسورة الى التعليم الامريكي ولاسيما بعد إنشاء أول مدرسة أمريكية بمراكش بطريق آيت أورير• ورغم التكلفة الباهظة التي يستلزمها التسجيل بها إلا أن الالتحاق بها ليس أمرا سهلا والطلبات عليها تتزايد بقوة. ربما سيكون ذلك إيذانا بصراع خفي بين هذه المدارس الاجنبية ذاتها: لغاتها وثقافاتها

[aboyassir7]

شكرا على الخبر