توماس ماكلاناهان
أحد الإجراءات الرئيسية في صحة الأمة الاقتصادية هي قدرتها على جذب رأس المال، ليس فقط من النوع المالي، ولكن رأس المال من كل نوع.
والجدل والنقاش الدائر حول الهجرة في السنوات الأخيرة قد أهمل وأسقط إسهام الوافدين الجدد، بينما كان يعني ضمنا أحيانا أن الولايات المتحدة كانت ستكون أفضل حالا إذا عاد معظم المهاجرين ببساطة إلى ديارهم.
حسنا، يجب أن نكون حذرين فيما نرغبه. إن كثيرا من المهاجرين، وبالتحديد أولئك الذين يعرضون المهارات التي يحتاجها اقتصادنا بالأساس من أجل الإبداع والنمو الاقتصادي، إنما يفعلون ذلك أي يعودون إلى ديارهم.
لقد بدأ التدفق والنزوح للخارج قبل الركود الحالي والأزمة المالية الحالية، وهذا وفقا لدراسة جديدة أُعلنت في الأسبوع الماضي من قبل مؤسسة " كاوفمان فاونديشن ". وتذكرنا نتائجها بأن أميركا لم يعد بمقدورها التسليم بقدرتها على جذب المواهب الكبيرة في العالم. والبحث، الذي أشرف عليه فيفيك وادهوا من جامعة هارفارد، وجد أن المهاجرين المهرة كانوا يغادرون الولايات المتحدة ويعودون لبلدانهم الأصلية بأعداد أكبر. وهم تستقطبهم فرص عملية أفضل ونوعية حياة أفضل والحاجة إلى أن يكونوا قريبين من الأسرة والأصدقاء.
والدراسة، والتي عنوانها "خسارة أميركا مكسب للعالم"، بحثت في حالة 1.203 مهاجرين (هنود وصينيين)، كلهم قد عملوا أو درسوا في الولايات المتحدة الأميركية ثم عادوا تباعا إلى الوطن.
إن نزوح هذه المواهب هو تهديد للتنافسية الأميركية. فكما أشار العالم وادهوا في مقالة حديثة بدورية " بيزنيس ويك "، فإن المهاجرين بدأوا نسبة 52 % من تقنية شركات وادي السليكون وأسهموا في العمل في أكثر من ربع براءات الاختراع العالمية الأميركية.
وفي عام 2006، وظفت الشركات الأميركية التي أسسها مهاجرون 450.000 شخص وأوردت أنها حققت ريعا قدره 52 مليار دولار. لا توجد هيئة أو وكالة حكومية أميركية تتابع مسار المهاجرين العائدين إلى أوطانهم. ولكن مديري الموارد البشرية في الهند والصين أخبروا فريق وادهوا البحثي بأنه على مدى السنوات القليلة الماضية، ارتفعت طلبات الوظائف التي تلقوها إلى عشرة أضعاف.
ما هو مقلق ومزعج هو أن حوالي ثلث العائدين إلى ديارهم كان لديهم إقامة دائمة في الولايات المتحدة أو كانوا متجنسين بالجنسية الأميركية.
وما يقرب من النصف كانوا يخططون لبدء مشاريع وشركات تجارية في بلدانهم الأصلية. ورأوا فرص النجاح أفضل في الوطن عما في الولايات المتحدة الأميركية.
وحوالي ثلث الهنود وخُمس الصينيين المبعوثين قالوا إن مسائل التأشيرة كانت عاملا قويا في قرار عودتهم.
على أن معظمهم ذكروا أسبابا أخرى مثل الطلب المتزايد بالوطن على مهاراتهم وفرص أفضل للنمو المهني والاحترافي أو مشاكل تتعلق بالتكيف مع الحياة في الولايات المتحدة.
وكان معظمهم شبانا إلى حد كبير. وكان متوسط عمر الهنود هو 30 عاما. وكان متوسط عمر الصينيين هو 33 عاما. ومعظمهم كانوا ذكورا ومتزوجين وليس لديهم أولاد.
وكانوا متعلمين تعليما عاليا، بدرجاتٍ جامعية في مجال الإدارة أو التقنية أو العلوم. وكان معظمهم يحمل درجة الماجستير أو الدكتوراة.
ووفقا للدراسة، فإن " هؤلاء العائدين هم على قمة التوزيع التعليمي بالنسبة للجماعات ذات التعليم العالي المهاجرة هذه وبالتحديد ذلك النوع من الناس الذين يقدمون الإسهام الأكبر للاقتصاد الأميركي والمشاريع والشركات الأميركية والنمو الوظيفي الأميركي".
وللأسف، وعلى ضوء المناخ السياسي والأزمة الاقتصادية، فإنه من المحتمل أن نخسر حتى أكثر من هذه المواهب البشرية.
وحزمة التحفيز الاقتصادي ـ على سبيل المثال ـ فرضت قيودا جديدة قاسية على تأشيرات الهجرة بالنسبة للعمال المهرة الذين تعينهم الشركات التي تحصل على أموال خطة الإنقاذ المالي - وهي علامة أخرى على أن البلد يتحول إلى الداخل وينكفئ على نفسه، بالرغم من التكلفة إزاء التنافسية الأميركية طويلة المدى.