هلل الكثيرون للإعلان عن سحب العمل بالمذكرة رقم 4 الصادرة بشأن تطبيق دليل الأداء المهني لموظفي وزارة التربية الوطنية ، لكن قراءة واعية و متأنية لما جاء في بلاغ النقابات تبين أن هذا الإجراء المتخذ ، و العهدة على النقابات في انتظار تأكيد الخبر من الجهة الرسمية المعنية ، يكتسي طابعا ظرفيا و لا يعني أن الدليل المذكور قد تم إلغاؤه نهائيا ، بل ما يفهم أن الأمر – حسب ما يبدو - لا يعدو كونه مجرد سحب مؤقت تحت "ضغوط" النقابات ، و المثير للاستغراب ، في حالة تأكد الخبر ، هو سرعة استجابة الوزارة لمطلب النقابات المتعلق بهذا الدليل في خطوة لم نعهد لها مثيلا من قبل على الأقل على مستوى سرعة الاستجابة وإن كانت تعتبر تصحيحا لمسار خاطئ من الإجراءات و إنصافا لفئات عريضة من شغيلة التعليم .
و لعلنا ، و الحالة هذه ، لا نستطيع تجنب بعض التساؤلات التي أصبحت تطرح نفسها بحدة على خلفية مجموعة من التطورات التي شهدتها الساحة التربوية هذه السنة ، و التي اتسمت بكثير من التسرع في الإخراج و افتقدت إلى نوع من المهنية في التنظيم ، و منها مثلا تعجيل الوزارة بفتح مركز تكوين المفتشين وسط السنة الدراسية غير عابئة بما يمكن أن يحدثه ذلك من إرباك لسير الدراسة بالعديد من المؤسسات التعليمية ، و كذلك إصدار الدليل الذي يستند إلى مرجعية قانونية قديمة شيئا ما تعود تفاصيل مقتضياتها إلى المرسوم الوزاري رقم 01.99 .
لكن لماذا انتظرت الحكومة كل هذه المدة و اختارت أن تخرج هذه الأوراق في آن واحد و خلال هذه الفترة بالذات على بعد أشهر قليلة من الاستحقاقات الانتخابية ؟
ثم لماذا يتم سحب الدليل في خطوة تبدو توافقية بين الوزارة و بعض النقابات التي أصبحت تتكلم عن الأمر و كأنه مكسب كبير ؟
ألا يجرنا هذا إلى الاعتقاد بأن ذلك كان بقصد تحويل الأنظار عن مطالب أخرى جاءت في اتفاق 1 غشت الذي تملص منه الجميع و إشغالنا لمدة زمنية بقضايا ثانوية كان الهدف من إثارتها ربح الوقت أمام كثرة القضايا المطروحة و في الوقت ذاته وضع العصي في عجلة الوعي المتزايد لرجال التعليم بحقوقهم بعد أن فشلت في تحقيق ذلك من خلال الاقتطاعات المتكررة و محاولة صياغة مفهوم جديد لمهنة التدريس ؟
ألا يمكن القول في النهاية بأن الأمر يشمل أيضا ضمن استراتيجيته تقديم خدمات مسبوقة الدفع لجهات نقابية و حزبية فقدت الكثير من بريقها و مصداقيتها في نظر شريحة واسعة من رجال و نساء التعليم في وقت حرج و حساس ؟