يوم الأحد الخامس من أبريل، آخر يوم في العطلة البينية الثانية، يوم عودة تلاميذ القرى المجاورة إلى القسم الداخلي بثانوية الحسن الثاني الإعدادية
المتواجدة في قرية عين اللوح .هذه الداخلية التي تضم أكثر من ثلاثمائة تلميذ بين أسوارها، منهم من يتابع دراسته بالثانوية الإعدادية الحسن الثاني، ومنهم من يواصل دراسته بالثانوية التأهيلية أبي بكر الصديق المتواجدة بضواحي القرية.
عاد التلاميذ للالتحاق بالقسم الداخلي ليجدوا أسوأ المفاجآت في انتظارهم: أشغال ترميم وإصلاح بالقسم الداخلي دون علم المسؤولين المباشرين أو سابق إشعار للتلاميذ. ومن منا لا يحب الإصلاح؟ و لكن حينما نختار الوقت غير المناسب للإصلاح فإننا نخلق الفوضى و الهدم. ذلك هو واقع نيابتنا التعليمية بالمنطقة. أو ليس أحرى برب البيت قبل أن يعيد بناء بيته أو إصلاحه أن يهيئ لأبنائه مأوى يجمعهم لحين تتمة الأشغال أم يتركهم تائهين بين أزقة و شوارع القرية ليلا وعرضة لكل الأخطار إلى حين إتمام ترميم البيت، فيبني البيت و يضيع الأبناء؟ ...
هذا بعض ما وقع في تلك الليلة حينما حل التلاميذ بباب القسم الداخلي ليجدوا الأشغال والفوضى تعم أماكن إقامتهم و ليتم إخبارهم بأن يتدبروا أمرهم إلى حين إتمام الإصلاحات و أن لا مجال للأكل أو النوم بالداخلية إلى إشعار آخر.
لم يعد مجال للعودة إلى البيت بعد حلول الليل. فاجتمعوا في وسط القرية في حيرة من أمرهم يبحثون عن ملاذ آمن. قصدوا جمعية الآباء بعد أن ضاقت بهم كل السبل. لا علم لهم هم الآخرون بموعد الإصلاح هذا. قامت الجمعية بالاتصال بالإدارة الوصية.لا أحد اهتزت مشاعره لصبية صغار وسط البرد و الجوع و العراء. كلما حاولت الجمعية الاتصال بأحد المسؤولين إلا ووجدت هواتفهم مغلقة، لتجيبهم سيدة محترمة: يتعذر الاتصال بمخاطبكم....
حارت الجمعية في أمرها و لم تجد بدا من البحث عن وسيلة نقل تقل بها تلك الجموع من التلاميذ إلى مقر سكناهم بالقرى المجاورة و تكتري لبعضهم الآخر غرفة في الفندق الوحيد المتواجد وسط القرية.
اجتمع التلاميذ من جديد في اليوم الموالي بمقر القسم الداخلي ليتناولوا وجبة غذاء تفتقر إلى كل مواصفات الوجبة فوق سور المؤسسة أو في العراء فوق أكوام الأحجار والرمال ليتم إخبارهم أنه لا يمكن إيقاف الأشغال و عليهم إما الرضا بوضعهم المرير والتنقل بين حجرات القسم الداخلي كلما فرض عليهم عمال البناء ذلك أو الذهاب للاستقرار عند أولياء أمورهم .
قامت الجمعية- بمساعدة السيد القائد- بمحاولة إيجاد حل و لو مؤقت وذلك بتوفير جناح بدار الطالب المجاورة . إلا أن المسؤولين عن الدار بعين اللوح سرعان ما أغلقوا هواتفهم و علقوا كل اتصالاتهم أسوة بإخوتهم بالنيابة الإقليمية بإفران لتجيبنا السيدة نفسها ....
فبعد أن سدت كل الآفاق و تخلى المسؤولون عن تحمل مسؤولياتهم ضاربين المصلحة العامة عرض الحائط غير آبهين إلا بمصالحهم الخاصة ( توفير فضاء للمصطافين ممن سيحلون بالقسم الداخلي صيفا)،لم يكن من حل سوى أن يقيم و ينام التلاميذ في جناح واحد ليهدأ بال من كلفهم المجتمع ليكونوا خير راعين لأبنائها و لأمل المستقبل.
ألف سؤال يتبادر إلى الذهن: متى نجد من يقدم المصلحة العامة للوطن على مصلحته الخاصة؟ متى نجد أناسا يفكرون ويصلحون،ولا يرتجلون ؟ من هؤلاء الضحايا اليوم؟ أليسوا أمل الغد؟
صورة من داخل الجناح الداخلي للثانوية الإعدادية الحسن الثاني بعين اللوح
صورة من داخل الجناح الداخلي للثانوية الإعدادية الحسن الثاني بعين اللوح
صورة من داخل الجناح الداخلي للثانوية الإعدادية الحسن الثاني بعين اللوح: المطبخ
صورة من داخل الجناح الداخلي للثانوية الإعدادية الحسن الثاني بعين اللوح: المطبخ