[تقرير] عن كتاب
"النهج الجديد في تعليم الأطفال الصغار القراءة"
الكتاب: النهج الجديد في تعليم الأطفال الصغار القراءة
المؤلف: د.حسن مرضي حسن
الناشر: بايونير هاوس ليمتد ـ لندن
عرض: يوسف غريب
هذا الكتاب هو فاتحة (النهج الجديد) الذي أطلقه المؤلف في العالم العربي. ويمثل نهجًا علميًا جديدًا في فهم القدرات الهائلة للطفل الصغير وتثميرها في تنشئة طفل متقدم وخارق يتعلم القراءة بسرعة وسهولة ويسر، ويفهم الحساب والعلوم والمعرفة الموضوعية، وكل هذا قبل أن يدخل الطفل سن المدرسة.
يضم الكتاب سردًا ملخصًا لنتائج أهم الأبحاث العلمية التي تجري منذ أكثر من عقدين من الزمن حول إمكانية تعليم الطفل الصغير القراءة، كما يضم شرحًا وافيًا ومبسطًا للنهج الجديد الهادف لتحقيق هذه الإمكانية وبرنامجين مفصلين لتعليم الطفل القراءة العربية (بدءًا من لا شيء).
أول البرنامجين يفصل الخطوات خطوة خطوة ويومًا بعد يوم (من قراءة الكلمات إلى قراءة الكتب)، وثانيهما يفصل المراحل المهمة بحسب سن الطفل عند البدء بتعليمه، أي البدء بطفل السادسة نزولاً حتى البدء بالطفل الوليد حيث تقتصر المادة التعليمية على التحفيز البصري، ويضم الكتاب المواد التعليمية المطلوبة للبرنامجين وفي كل المراحل.
السنوات التشكيلية من عمر الطفل
في صدارة كتابه يقول المؤلف إنه إذا نجح هذا الكتاب في إعطاء طفل واحد فرصة القراءة المبكرة التي أعطيت له عن طريق المصادفة فقط، أو إذا نجح في إعطاء هذه الفرصة لطفل معاق واحد، فأنقذته هذه الفرصة من أن يوصم بصفة التخلف، فهذا أقصى ما يطمح إليه من المجد.
يقول الدكتور مرضي إن واقع قيامه بهذه الدراسة في لندن وفر له الفرصة للاطلاع على معظم الدراسات التي نشرت وعلى نتائج معظم الأبحاث التي أجريت في معظم الدول الغربية، وأنه فوجئ بنتيجة هذه الدراسة بحقيقتين:
الأولى: أن هناك عددًا كبيرًا من الأبحاث التي أجريت حول تفاصيل هذا الموضوع (من نمو دماغ الطفل إلى تعليم القراءة للطفل الصغير جدًا - من عمر السنة وأقل - مرورًا بتعليمهما للطفل المعاق)، فهناك مثلاً مؤسسة في أميركا تقوم بهذه الأبحاث منذ ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن، ومؤسسة في إيطاليا متخصصة منذ مطلع هذا القرن في تعليم الأطفال الصغار القراءة على مستوى الروضات.
ثانيًا: أن هناك عددًا قليلاً جدًا من الكتب التي نشرت حول هذا الموضوع، ويؤكد المؤلف أن عدد الكتب الجدية أو الجيدة منها لا يزيد على عدد أصابع اليد الواحدة.
وحول النهج الجديد، يوضح المؤلف أن النهج الجديد هو توجه علمي حديث يرتكز إلى آخر الأبحاث العلمية التي تجري في حقول علم النفس المعرفي وعلم نفس الطفل وعلم التربية في مختلف أنحاء العالم، وليس في العالم العربي فحسب، فالطفل هو الطفل في كل مكان، خاصة قبل أن يكتسب شيئًا من اللغة والتقاليد.
وهدف هذا التوجه تحقيق فهم علمي حديث لقدرات الطفل الهائلة ولأهمية السنوات الخمس الأولى من حياته، والتي يسميها بعض علماء النفس بالسنوات التشكيلية، حيث يجري فيها تشكيل الخطوط العامة لشخصيته وقدراته كمًا ونوعًا، فالطفل في هذه المرحلة يكون عقله منفتحًا على كل أنواع المعلومات، ويستطيع أن يستوعب ويحفظ المعلومات دون جهد واع.
تعلم القراءة وجميع أنواع العلوم والمعارف
هذه الفترة من عمر الطفل يستطيع فيها - كما يذكر المؤلف - أن يتعلم ليس القراءة فقط، بل جميع أنواع العلوم والمعارف، إذا قدمت له بالشكل الصحيح، وهو في هذه المرحلة يستطيع أن يتعلم القراءة (وهي أساس وواسطة كل المعارف المستقبلية) بسرعة وسهولة وبشكل طبيعي.
ويشير الكاتب إلى أن الطفل في هذه المرحلة قادر على تعلم أي لغة أجنبية وحتى أربع أو خمس لغات في نفس الوقت، بينما نعرف جيدًا أن هذه اللغات الأجنبية نفسها التي إن لم يتعلمها الآن، فسوف يجهد نفسه في تعلمها (وربما عبثًا) في الصفوف التكميلية أو الثانوية لاحقًا، وهو الآن يستطيع أن يتقنها، بينما غدًا سيتعلمها بصعوبة كبيرة، ويستطرد قائلاً «ألم يقل حكماؤنا منذ القدم: العلم في الصغر كالنقش على الحجر».
لقد عرف الإنسان منذ القدم هذه الحقيقة حول قدرة الطفل الهائلة على التعلم، لكنه لم يعرف السبب ـ كما يستدرك المؤلف ـ إلا عندما بدأت تطلع علينا نتائج الأبحاث بفهم جديد ومختلف جذريًا عن فهمنا السابق للدماغ البشري.
وحتى عندما عرف الإنسان المتعلم والمطلع بهذه النتائج، فإنه لم يفعل الكثير في تثميرها لفائدة الطفل وتطوير قدراته المستقبلية، ويستطرد الدكتور حسن مرضي بأن ما نعرفه الآن هو أن الدماغ البشري منذ حدوث الإخصاب ينمو بسرعة مذهلة أشبه بسرعة الانفجار، لكنها سرعة قائمة على سلم انحداري متواصل.. إذا هي سرعة انفجارية وانحدارية في آن، وتكتمل عملية نمو الدماغ هذه في الثامنة من العمر.
ويواصل المؤلف حديثه حول هذه النقطة بأن الحقائق تعني أن مقدرة الطفل على استيعاب وحفظ المعلومات بدون جهد تتناقص مع مرور الوقت، لكن مقدرته المنطقية تزداد مع مرور الوقت أيضًا، ويقر أنه في النهاية لا بد لهذين المؤشرين (المؤشر الهابط والمؤشر الصاعد) من أن يتقاطعا، لكن الطفل قبل حدوث هذا التقاطع يظل في الواقع متفوقًا بدرجة كبيرة جدًا على الشخص البالغ في تلك المظاهر المعينة للقدرات العقلية (الحفظ والاسترجاع) والقدرة على تعلم اللغة هي واحدة من أهم القدرات التي يبزّ بها الطفل الشخص الراشد.
سحر القراءة
هناك ثلاث مراحل فهم متميزة عن بعضها بعضًا في عملية تعلم الطفل للقراءة، وكلما اجتاز مرحلة منها ملأه الحماس والتشوق لما ينتظره بعد مرحلة الاكتشاف السابقة.
ويربط المؤلف مقارنًا بأن حماس كريستوف كولمبوس لاكتشافه عالمًا جديدًا بالكامل، قد لا يقارن بما يَخبرُه الطفل من الانبهار في كل مرحلة من هذه المراحل.
المرحلة الأولى من مراحل الاكتشاف الممتع بالطبع هي مرحلة اكتشافه بأن الكلمات المكتوبة لها معنى، وهذا بالنسبة للطفل - طبقًا للمؤلف - أشبه باكتشاف شفرة سرية يستخدمها الأشخاص الراشدون، وواقع مشاركته في فهم هذه الشفرة السرية سيملؤه بحبور ظاهر.
ويكتشف الطفل أن هذه الكلمات التي يقرؤها يمكن أن توضع معًا في ترتيب معين فتعني شيئًا كبيرًا أكبر من مجرد أسماء للأشياء (طاولة - كرسي... إلخ)، وإنما فكرة كاملة أو معلومة من المعلومات التي يريد أن يعرفها، وهذا بحد ذاته يمثل كشفًا مضاعفًا بالنسبة للطفل.
الاكتشاف الأخير هو أعظم هذه الاكتشافات جميعًا وهو أن الكتاب الذي يقرؤه يمثل أكثر بكثير من متعة حل شفرة الكلمات أو ترجمة مجموعة من الكلمات إلى فكرة أو معلومة، وإنما يمثل سرًا كبيرًا ينكشف فجأة للطفل فيبهره وهو أن هذا الكتاب يتحدث إليه، إلى الطفل بالذات ولا أحد سواه.
ويرى الكاتب أن هذا الكشف لا يتأتى للطفل من جراء قراءة كتاب واحد بالضرورة، لكنه سيحدث حتما بعد قراءة الطفل لعدد من الكتب، وعندئذ فلن تستطيع إيقافه عن القراءة، إذ سيصبح قارئًا بكل معنى الكلمة، فهو يعرف الآن أن الكلمات التي تعلمها يمكن إعادة ترتيبها لخلق أفكار جديدة بالكامل، وأنه يستطيع أن يتعلم المزيد وبدون حدود كلما قرأ أكثر.
لا ترغم الطفل على القراءة
في نهاية الكتاب ختم المؤلف بهذه النصيحة، قائلاً: لا تكره الطفل على القراءة، كما لو أنها يجب أن تتم لمجرد أنك عزمت عليها، ولا تخش الفشل أو تفكر حتى بضياع جهدك، فليس هناك فشل ولا جهد ضائع في هذا النشاط، لأننا نعتبر أنه حتى لو تعلم الطفل قراءة عشر كلمات (في أقل الاحتمالات واقعية) وأحب القراءة، وأضاف أنه يعتبر أن هذا أفضل بكثير من عدم تعلمه لأي شيء وعدم محبته للقراءة أو عدم معرفته بها إلى حين انتهاء سنوات التعلم السهل وبدء سنوات الدراسة.
وتساءل: لماذا نعتبر هذا؟ وقال إن الجواب البسيط هو أن الطفل الذي يشب على حب القراءة واعتبارها لعبة ممتعة (بغض النظر عن عدد الكلمات التي يتعلمها) هو طفل سيربط بين هذه اللعبة والمدرسة عندما تبدأ سنوات الدراسة.
المصدر: مجلة المعرفة
2013-02-26