تذَكَّرَ هذه اللحظات بعد سنوات مضت.. كيف تغيرت الأحوال وصار في موضعٍ كان بالأمس ينخلع قلبه له خوفاً ورهبة ... إن الأمور دول تدور على صاحبها ليجد نفسه اليوم- من غير سابق موعد- يفعل ما كان يرهبه بالأمس. إنها نفس اللحظات ونفس الشعور،لم يتغير شيء،إلا أن الأمر مختلف قليلا هذه المرة. كان يجلس وتحوطه العيون وأصبح اليوم يحيط الجالسين بعينيه.هكذا دوامة الحياة لا شيء يستقر على حال.. أن ينظر إلى العمل الذي كان لا يحس بمرور الوقت فيه..كان سريعاً.
ذلك أن الموقف أشد من مجرد خطوط يضعها عل ورقة عذراء لم يَستَحلِّ بياضها قلم بعد.صُنِعت له منذ أيام،له وحده صُنعت وزُفَّت له في ذلك اليوم في أبهى الحلل ترافقها وصيفاتها التي تكون غالباً في لون زهري أو أخضر أو أصفر أو غيره..كما أن وليها الذي يحدد مهرها وحفل عرسها قد حضر أيضاً
مملوءاً بالأسئلة والمطالب ولا يمكن للعريس في أي حال من الأحوال أن يرفض أي طلب لهما. فالعروس العذراء تنتظر أن يوقع العريس عقد قرانه عليها ليصبح مُلزما بها دون رجعة.إنها ستغير حياته،من يدري قد تكون فأل خير وقَدم السَّعد عليه ،وقد تجعله يسقط ويهوي شر سقوط.إنها في الحقيقة لحظة صعبة.
لكن ما يُعْجَبُ له في هذه اللحظات أن بعض العِرسان يُطَلِّق عروسه قبل حفل الزفاف والتزامه بها. هؤلاء يكونون أكثر تَعقُّلا،فهم يدركون أخطاء اختياراتهم في الوقت المناسب مما يجعلهم يغيرون العروس ويستفيدون من ذلك،كما أن البعض يستعين بأهل الخبرة من حوله-خِلسَة-في أمور يجب عليه في الحقيقة أن يقرر فيها بنفسه،فالحُسَّاد كثيرون من حوله والجُهَّال أيضاً.فالاستشارة في هذه الأحوال قد تؤدي إلى السقوط في مستنقعٍِ متتابع للأخطاء.
والذين يغيرون عرائسهم في هذا الوقت منهم من يخطئ فيستبدل الذي هوأدنى بالذي هوخير فالشيطان دائما حاضر في هذه المواقف والتقديرات التي يتخذها أصحابها في لحظات تعتبر أكثر من حرجة.
بعد الزفاف والعرس البهيج يضع العريس عروسه في موكب أعد لها ويوقع عقد الأبدية معها عند العدول.
بعد أيام من شهر العسل تأتيه وثيق الزواج ليتضح له قيمة ومدى جدوى وصحة قرار اختيار عروسه.
وصدق الشاعر حين قال:
سترى حين ينجلي الغبار *** أفرس تحتك أم حمـار؟