حميد مجدي..... ضريبة النضال
ذ .مولاي نصر الله البوعيشي
إهداء : إلى الاخ العزيز المناضل حميد مجدي ، عربون محبة وتضامن
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل
تعرض اخونا حميد مجدي الناشط الحقوقي والفاعل الجمعوي والسياسي، حميد مجدي المعروف في أوساط زملائه وبين أصدقائه وعند أساتذته بالمصداقية والنزاهة وذماتة الخلق ،لمؤامرات دنيئة ومكشوفة تذكرنا بالعهود البائدة من مضايقات ومتابعات وحصار تتغيا كلها النيل من سمعته ، و هذه الدسائس ما هي الا رسائل موجهة من خلال مجدي إلى كل المدافعين عن حقوق الإنسان المغربي الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية و في العيش بعزة و بكرامة .
و تعتبر المؤامرة الدنيئة الاخيرة تتويجا لسيل من الإستفزازات التي طالته واسرته من مرابضة امام بيته واستفزازه و ترهيبه وابتزازه لثنيه عن المضي قدما نحو الدفاع عن بناء دولة يسود فيها الحق و يعلو فيها القانون .و قد حول خفافيش الظلام حياة عائلة مجدي الى كابوس لا يطاق ، حتى اصبح كل همه ومعه باقي المناضلين الشرفاء رفاق دربه في النضال بورززات بذل الدفاع عن حقوق المستضعفين اصبح دفع التهم والحيطة والحذر من السقوط في المحظور ومن أن يطال أي مكروه فلذات كبده ، رغم انهم سلكوا سبل الاحتجاج الحضاري والقانوني و رغم انتمائهم الى كائنات سياسية ونقابية وطنية معترف بها .
ويذكرني الإخراج الفاشل لمسرحية دس المخدرات في سيارة المناضل مجدي بدسائس العهد البائد و بمكائد زبانية الوزير "المرحوم " إدريس البصري ، حيث تطبخ الملفات ويزج بالمناضلين الشرفاء في السجون فيما يرفل الوشاة والقوادون والمناضلون/ المخبرون في نعيم ريع الاكراميات والعطايا والمناصب و الهبات ، ولكن لسوء حظهم ولان المناضل مجدي انقى من النقاء ، انقلب عليهم سحرهم كما انقلب على من يحرك - من وراء الستار- خيوط تلك المؤامرة الخسيسة ، و تحولت قضية الاخ مجدي الى قضية راي عام واصبحت محاكمته مناسبة لمحاكمة سياسة النظام وبقايا فلول العهود البائدة . وحركت هذه المهزلة في نفوس الناس المتعطشين الي الديمقراطية الحقيقية هواجس الخوف من عودة ممارسات اعتقدوا واهمين انها ماتت وتم تجاوزها , ولكن كما يقول المثل الشعبي المغربي " تيموت الغياط وصباعو باقيين كيتحركو" يبدو ان الظلم لا زال قائما وان اقامة نظام ديمقراطي تكون فيه الكلمة للشعب لازال حلما بعيد المنال , وان الربيع المغربي الذي عقدت عليه كثير من الآمال لم تونع أزهاره . ومازال المغرب – مع الاسف الشديد - بعد أكثر من نصف قرن على الاستقلال , يراوح مكانه ـ ويخيل إلينا أنه يسير إلى الأمام في حين أنه يخطو عشرا ت الخطى الي الوراء . فمن أزمة إلى أخرى ومن نكسة الى نكسة , فالصحافة مكممة ، وقضاؤنا لم يجد طريقه بعد الى الاستقلال التام ، والريع في تزايد و بؤر للفساد في تكاثر وتنوع ، وصحتنا عليلة وتعليمنا فاشل يفرخ العاطلين ، وبرلماننا مهزلة ، واحزابنا في طور الصبيانية ، ونقاباتنا كثيرة وكلمتها مشتتة . وقائمة انتكاساتنا طويلة .
و بسبب كل هذه الاوبئة يعيش مواطنونا الشرفاء أقصى درجات الشعور بالمرارة ..
تلك المرارة التي نستشفها في رسالة أخينا حميد مجدي ، كيف لا يشعر بالمرارة وهو المواطن الذي بالغ في تفانيه و في حرصه وصدقه وفي إخلاصه للقضايا التي يؤمن بها ويدافع عنها بكل استماتة .
كيف لا يشعر بالمرارة وقد قوبل كل نضاله وتضحياته بمحاولة توريطه وتدنيس شرفه وتهديد أبنائه بذل الشكر والتقدير والعرفان . وأنت تقرأ رسالة مجدي تشم في ثناياها إحساسا واضحا بخيبة الأمل.، خيبة الأمل في أولائك الذين كان ينتظر أن يناصروه و يعضدوه ويؤازروه ، هو لا يطلب النصر والمؤازرة لشخصه ولذاته ، بل كل ما يتغياه أن يساندوا القضايا العادلة التي يتبناها ويتحمل فوق طاقته بسببها . كيف لا يشعر المرء في مثل وضعه بأقصى درجات المرارة والحزن .. وهو يلاحظ صمت وتخاذل تلك الكائنات النقابية التي كان يعتبرها سندا والتي يا ما قدم من تضحيات لأجلها وباسمها .. وكم كان يظن اليوم أنها ستقف في صفه .. فيتفاجأ بأن البعض ربما يتحاشون حتى السلام عليه ... لكي لا تنتقل إليه العدوى عدوى عدم رضى المخزن ....... انا اعرف حميد مجدي ، انه ليس من تلك الطينة التي تلقي السلاح عند اول معركة ، واعرف ان هذه المحنة لن تشل قدرته ، ولن تؤثر على مزاجه ونفسيته.. ومشاعره ولن تحوله الى انسان مهزوم ولن تزيل تلك الابتسامة الرائعة من محياه . فكم ضحي وتحمل من اجل الاخرين وهانت عليه نفسه وأوقاته وممتلكاته . لقد قدم مجدي في ورززات - بشهادة خصومه قبل اصدقائه - دفاعا عن حقوف الأخرين أروع مثال للتضحية سواء في عمله او في علاقته مع الآخرين لقد وقف بشموخ في وجه الظلم ، وهو يعلم انه سيدفع ضريبة النضال والتضحية في سبيل المبادئ، ويعلم كذلك علم اليقين أن طريق النضال ليست مفروشة بالورود، لذلك لم يجد اليأس والقنوط طريقا إلى نفسه طوال اقامته بمدينة ورززات مدينة الشموخ والتحدي وبين سكانها المناضلين الأباة الطيبين .
وختاما أود ان اذكر الاخ حميد مجدي وهو الذي لا يحتاج الى تذكير أن قلعة السراغنة لا تختلف في شيء عن ورززات ، قلعة السراغنة ليست هي سويسرا او السويد لتكون منفى اختياريا ، ويقينا أنك يا أخي ستجد فيها نفس الأشكال والتمظهرات الهادفة إلى استعباد واستغلال الإنسان . وانسجاما مع مبادئك وتوجهاتك ستجد نفسك من جديد مطالبا بالدفاع على المطالب العادلة للمستضعفين وعلى فضح المخططات الرامية الى الاجهاز على حقوق العمال والفلاحين والمقهورين . ولأن النضال يجري منك مجرى الدم فستواصل أداء عملك النبيل الهادف إلى تحقيق الإنصاف الاجتماعي، وكما كان شأنك في ورززات . وستتحرك الآلة المخزنية ضدك كما تحركت قبلك ضد المناضلين الموجودين هناك في القلعة ، وستجد في استقبالك أطباقا من كل وسائل التهديد والترهيب و المضايقات . إنها يا أخي نفس الثقافة ونفس السلوكات و نفس الممارسات التي تنم عن العقلية المخزنية البائدة هي السائدة سواء في ورززات أو في القلعة أو في زحيليكة أو في دمنات ..., و هل تعلم يا أخي مجدي أن ملفك الاداري الواضح والمرموز قد يكون سبقك بالتفاصيل المملة الى مقر عملك الجديد ؟؟؟ و أنا على يقين بأن نفس التجاوزات الخطيرة المتمثلة في عدم احترام شروط الممارسة النقابية والسياسية والحقوقية من سلوكات استفزازية مجانية وتلفيق التهم للنقابيين الشرفاء و الرامية الى تحطيم الكرامة الإنسانية هي التي ستسود .....وأن أول ما سيستقبلك به رئيسك المباشر الجديد هو : " أهلا .... هاذاك اللي راسو سخون ... ايوا اهنا غاديين نهرسوك ليك... أو نبردوه ليك ..." أو " الله اهديك اسي حميد داكشي راه ما غادي اطلع ليك منو والو... راه الخير ماكين فهاد كحل الراس... سير ديها فراسك و اديها فاولادك ...."
خلاصة القول أنه رغم ما قيل عن دستور جديد وعن ......وعن ........فلا زالت دار لقمان على حالها فلا زالت المرحلة تتميز بنهج المقاربة الامنية في التعاطي مع المطالب الاجتماعية ولازالت سياسة كسر شوكة النضال وتصفية الحسابات مع النشطاء والحقوقيين واعتقالهم وتلفيق التهم لهم لإسكات أصواتهم ومنع الإضرابات والإعتصامات وضرب وسحل المضربين والاقتطاع من أجورهم هي التي تميز المرحلة ، و لازالت الإطارات السياسية والحقوقية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني و ممثلو الشعب صامتون ولا يبدون أية ردود أفعال ازاء استمرار سياسة الإهانة اليومية للمواطنين و سلب وضياع حقوقهم و ازدياد حالات العنف والاستعمال المفرط للقوة و الذي تصادفه يوميا .... و امام برلمان الأمة .. يا حسرة ، مما يؤكد أن بين الإنسان المغربي ودولة الحق والقانون سنوات ضوئية .
ومقاما سعيدا لك الأخ مجدي أنت وأسرتك في قلعة السراغنة .