إذا كانت قضية التعليم شأنا وطنيا يعني الجميع فما بال وزير التربية ينفرد به؟
إذا كانت قضية التعليم شأنا وطنيا يعني الجميع فما بال وزير التربية ينفرد به ؟؟
محمد شركي/ وجدة البوابة
لا زال المغاربة يتداولون فقرات الخطاب الملكي السامي الصيف الماضي والمخصص لقضية التعليم ببلادنا ، ولا زالوا يترقبون وينتظرون فتح أوراش إصلاح المنظومة التربوية يشارك فيها الجميع حسب منطوق هذا الخطاب إلا أن وزير التربية الحالي واصل نهج سلفه الذي شملته عبارات نقد واضحة في الخطاب الملكي بسبب التسرع في اتخاذ قرارات طائشة ومتهورة في حق المنظومة التربوية .
فإذا كان الوزير السابق قد عطل أمورا في المنظومة ذكر منها الخطاب الملكي تعطيل أقسام التعليم الأولي بالمؤسسات العمومية ، وتعطيل أقسام التميز في التعليم التأهيلي ، فإن الوزير الحالي قد أبرم اتفاقية مع نظيره الفرنسي تتعلق بشهادة الباكلوريا وبالتكوين المهني دون استشارة الشعب المغربي من خلال المؤسسات التي تمثله ، ودون أن تفتح أوراش إصلاح المنظومة التربوية بمشاركة الجميع كما نص على ذلك الخطاب الملكي السامي .
فهل يعتبر الوزير الحالي نفسه وصيا على الشعب المغربي في قضية مصيرية هي الثانية في الترتيب بعد قضية الوحدة الترابية ؟
ومن قال للوزير أن المغاربة يريدون تعليم أبنائهم باللغة الفرنسية دون غيرها من اللغات الأجنبية ؟
خصوصا في الوقت الذي تتوجه فيه فرنسا إلى اقتفاء نهج الدول الأنجلوسكسونية في تعليم أبنائها .
ولماذا لم يعقد الوزير لقاءات مع وزراء التعليم في مختلف الدول ذات الصيت الذائع في مجال التعليم المتطور قبل أن يغامر بتوقيع اتفاقية مع نظيره الفرنسي ؟
فهل قدر التعليم في بلادنا أن يخضع لأمزجة الوزراء الذين يتناوبون عليه ، ذلك أن وزير جامع الفنا قرر طرد بوشعكوكة صاحب بيداغوجيا الإدماج ، والوزير المفرنس أو الفرنكوفوني الحالي يوقع اتفاقية مع شعكوكة أخرى لا تختلف عن الشعكوكة التي طردها سلفه .
ومعلوم أنه لا أحد من المغاربة يعارض تطوير تعليمنا نحو الأفضل أو توقيع اتفاقيات مع دول ذات تجارب ناجحة في مجال تعليمها ،ولكن لا يمكن توقيع الاتفاقيات بهذا الشكل مع وجود مجلس أعلى للتربية والتكوين ـ يا حسرتاه ـ ومع وجود خارطة طريق وضعها الخطاب الملكي السامي ، والتي قضت بضرورة انخراط الجميع في إصلاح المنظومة التربوية .
فهل كان توقيع الوزير الاتفاقية مع نظيره الفرنسي بأمر من المجلس الأعلى للتربية والتكوين ؟
وإذا كان الجواب بالإيجاب ، فهل أخذ هذا المجلس برأي الأمة في قراره ؟
و لا شك أن للمغاربة ما يقولونه في قضية تعليمهم ، لهذا كان من اللازم أن تكون هذه السنة سنة فتح أوراش وطنية لمناقشة قضية التعليم من أجل التوافق حول صيغة موحدة لإصلاحه قبل عقد الاتفاقيات مع الشركاء الأجانب ، وقبل اتخاذ القرارات الوزارية الانفرادية والمزاجية حسب الميول والأهواء .
فإذا كان الوزير الحالي مفرنس الهوي ـ إن صح التعبير ـ فإن هوى الشعب المغربي بعيد عن التفرنس . ولا شك أن الشعب المغربي قد ضاق من التبعية الثقافية والفكرية لفرنسا كما يضيق الطفل بزوج أمه الذي لا يمكن أن يسد مسد والده . والشعب المغربي يريد أن يخرج من دائرة التبعية لفرنسا ثقافيا وفكريا ، ويريد أن يفك عقدة هذه التبعية التي هي من آثار الاحتلال الغاشم الذي أفسد علينا مسيرتنا الحضارية حين احتل بلادنا ، وطمس معالمها من خلال فرض ثقافته وفكره علينا بطريقة استعلائية .
وأعتقد أن طوابير فرنسا الخامسة على المستوى الثقافي والفكري هي التي تحاول إبقاء الوطن رهينة لدى فرنسا ، لأن اتجاه المغرب نحو التحرر من الثقافة والفكر الفرنسيين سيجعل هذه الطوابير الخامسة خارج اللعبة أو في حالة شرود لهذا هي تحرص على امتيازاتها شديد الحرص .
ومع اقتراب حلول العقد السادس على استقلال بلادنا لا زالت نشرات الأخبار عندنا بلغة المحتل تقدم بتنطع وفخر واعتزاز ، ولا زال المسؤولون عندنا من الطوابير الخامسة المستلبين لغويا وثقافيا يخجلون من الحديث بلغتهم الأم أمام وسائل الإعلام ، ويتكلفون اللغة الفرنسية تكلفا مثيرا للسخرية والشفقة في نفس الوقت مقابل عجزهم التام عن الحديث بلغة عربية سليمة لبضع دقائق ، وقد لا تخلو جملة ينطقون بها من أخطاء لغوية مخجلة في حين يحرصون كل الحرص على تغيير قسمات وجوههم ويمدون شفاههم مدا بشكل مضحك من أجل أن يخرجوا الحرف الفرنسي سالما حتى لا تلحقهم لعنة الجهل بالفرنسية التي هي أكبر سبة في نظرهم ، وهو ما لا يلقون له بال في نطقهم بلغتهم الأم حيث لا يميزون بين حرف مهمل وآخر معجم يرسم بنفس الشكل ، بل يسخرون أو يزدرون من ينبههم إلى جهلهم المركب بلغتهم شاهدين على أنفسهم بلعب دور الطابور الخامس الفرنسي ، وهو ما يذكرنا بمواقف الفرنسيين الذين استمر وجودهم في المغرب بعد الاستقلال من أجل تعليمنا لغتهم ، والذين كانوا يبتسمون ساخرين منا حين نصوب نطقهم للغتنا في حين يغضبون منا حين نخطىء في نطق لغتهم بسبب عقدة الاستعلاء التي تحكم الثقافة الفرنسية.
وأخيرا نقول للسيد وزير التربية الوطنية توجد في العالم نماذج من الباكلوريات العالمية ، فلماذا يا معالي الوزير الباكلوريا الفرنسية بالضبط وهي في مرتبة متدنية عالميا حسب خبرة الخبراء ؟