استضافت نفيسة بلبركة الاعلامية خلال حلقتين من برنامجها ( مع الناس ) الذي ذيع عبر إذاعة مراكش يومي الاثنين 3 و 10 مارس 2014 عدد من الكتاب الجهويين للنقابات التعليمية ذات التمثيلية وسمير مزيان النائب الاقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بنيابة مراكش لمناقشة وتسليط الضوء على مداخل إصلاح منظومة التربية والتكوين، وذلك عبر المحاور التالية ( الموارد البشرية والحكامة ــ العرض التربوي ــ المناهج والبرامج )
وقد برمجت حلقات هذا البرنامج للمسألة التعليمية في بلادنا وذلك مساهمة من إذاعة مراكش ومن الاعلام العمومي بصفة عامة في فتح نقاش مع أحد الفاعلين في الحقل التربوي آلا وهي النقابات التعليمية للتعرف عن رؤيتها لأي إصلاح مستقبلي وذلك على ضوء الخطاب الملكي السامي ل 20 غشت والذي اتسم بالصراحة والجرأة في تشخيص واقع المنظومة التربوية والمشاكل والصعوبات التي تعتريها .
ولفتح نقاش مواز وشامل يتناول كل محاور المنظومة التربوية وكل الفاعلين والشركاء الاجتماعيين ( المسألة النقابية ) ، ارتأيت أن أنشر تدخلي هذا في البرنامج السالف الذكر على صفحات هذه الجريدة الاليكترونية الغراء ( فضاءات ) .
نــص الــتــدخــل : تحية ليك الأخت نفيسة وتحية لضيوفك في البلاتو ولجنود الخفاء وراء القمطر .
ــ لذي ملاحظة وعتاب وتدخل في صلب الموضوع .
ــ بالنسبة للملاحظة : ألاحظ أن حلقة اليوم من البرنامج ستكون حلقة متوازنة ومفيدة لأن فيها الرأي والرأي الآخر عكس الحلقة السابقة الذي كان فيها رأي واحد أي رأي النقابات فقط ، اليوم بحضور الادارة ممثلة في النائب وبالمناسبة
لا بد أن أوجه له الشكر على حضوره لأنه كثير من المسؤولين يتهربون من مواجهة الاعلام ومن مواجهة النقابات والأحزاب والجمعيات، ولا يقدر على المواجهة إلا من كانت ( كرشو خاوية ما فيها أعجينة ) كما يقول المغاربة .
ــ أما بالنسبة للعتاب : هو أنني سبق لي أن طرحت في الحلقة الأولى من البرنامج سؤالا جاء كالتالي : هل نحن كنقابات لا نتحمل أية مسؤولية فيما وصل إليه تعليمنا ، وهل نمتلك الشجاعة والجرأة الكافية لقول الحقيقة ووضع اليد على الجرح ؟
ولم أتلق أية إجابة عن هذا السؤال ، وكان من المفروض فيك الأخت نفيسة كمسيرة للبرنامج أن تستوقفي أو تنبهي ضيوفك إلى ذلك ‘ لأنه من الواجب على الإخوة المسؤولين النقابيين أن يجيبوا عن أسئلة المستمعين وأسئلة نساء ورجال التعليم ، خصوصا أنهم مستضافون في قناة عمومية وليس في مقرات نقابية يقولون ما يريدون هم وليس ما نريد نحن فحتى نذهب عندهم إلى مقراتهم النقابية وإذاك يمكن لهم أن يقولوا ما يريدون ، أما داخل الاذاعة وفي برنامج مباشر فيجب عليهم أن يجيبوا عن أسئلة المستمعين وأسئلة نساء ورجال التعليم كيفما كان نوعها ولو كانت حارقة في بعض الأحيان .
أما بالنسبة لتدخلي : فللتوضيح أولا : فأنا عندنا طرحت في الحلقة السابقة من البرنامج ــ الجرأة والشجاعة في قول الحقيقة وتحمل المسؤولية فيما آلت إليه أوضاعنا التعليمية ــ فأنا لم أقصد بالجرأة والشجاعة كما تبادر إلى ذهن أحد الاخوة في البلاتو أي القدرة على الكلام بصوت مرتفع أو قلب الطاولة أو تخراج العنين أو وضع دجاجة في الفم والإعلان عن الاضراب عن الطعام ، فما أقصد بالجرأة والشجاعة قدرة نقاباتنا على النقد الذاتي والاعتراف ولو بجزء من المسؤولية فيما آلت إليه أوضاعنا التعليمية ، فلا يمكن للشعب المغربي اليوم أن يصدقنا إذا قلنا له بأن أزمة تعليمنا لا تتحمل فيها نقاباتنا وأحزابنا أية مسؤولية ، سيكون خطابنا خطاب الهروب إلى الأمام ، خطاب مغالطات وكذب .
أما بالنسبة لبعض الأفكار التي سبق للإخوة في البلاتو أن طرحوها عند مناقشتهم لمحور الموارد البشرية بحيث أجملوا مشكل الموارد البشرية فيما يلي :
ــ غياب التدبير التشاركي .
ــ المحسوبية والزبونية في اسناد مناصب المسؤولية وأن أغلب المسؤولين ليست لهم رؤية واضحة أو برنامج عمل .
ــ غياب التحفيز والظروف الصعبة التي يشتغل فيها نساء ورجال التعليم .
ــ ثم أن الوزير السابق ألغى المخطط الاستعجالي بجرة قلم .
فإذا سمحت الأخت نفيسة فلي وجهة نظر في كل هذه النقط .
ــ
فالبنسبة للتدبير التشاركي : جميع المناظرات والمخططات والمنتديات منذ الاستقلال إلى الآن شاركت فيها النقابات والأحزاب و مؤخرا تشكيل اللجنة الوطنية التي صاغت الميثاق الوطني للتربية والتكوين كذلك كانت فيها تمثيلية الجميع .
أما التدبير التشاركي على صعيد الجهة أو النيابة فقد كانت اللجن المشتركة التي تسهر على الحركة الانتقالية المحلية والجهوية أسمى تجليات التدبير التشاركي .
وقد كان عبد الله الضعيف هذا عضوا في هذه اللجن ، ولكن صدقيني الأخت نفيسة أنه ما كان يقع داخل تلك اللجن يندى له الجبين ، فداخل تلك اللجن لا يمكن الحديث عن الديموقراطية و تكافؤ الفرص ، فالسائد هو منطق لوزيعة ، وكان محضر الحركة المسماة اجتماعية إذا لم توقعه أغلب النقابات تبقى الحركة معلقة ويبقى التلاميذ بدون دراسة ، حتى جاء السيد الوزير محمد الوفا وكانت عنده الشجاعة ولغى هذه اللجن ، وجعل الحركة كلها تعالج بواسطة الحاسوب عن طريق الانترنيت .
وبهذا القرار الحاسم في تاريخ المنظومة التربوية يكون السيد وزير التربية الوطنية السابق قد قدم عدة خدمات :
1 ــ قدم خدمة للتلاميذ بحيث أن الحركة لم تعد تتأخر أو تتعطل كما كان في السابق وبالتالي تقلصت مشاكل الدخول المدرسي وأصبح أغلب التلاميذ يلجون أقسامهم في التاريخ المحدد في المقرر الوزاري .
2 ــ قدم خدمة لنساء ورجال التعليم إذ أصبح العنصر البشري لا يتدخل في الحركة إذ حل محله الحاسوب وبالتالي تحقق مبدأ تكافؤ الفرص .
3 ــ قدم خدمة لمدراء الأكاديميات وللنواب الاقليميين إذ لم يعد هناك صداع للرأس اسمه الحركة الانتقالية المحلية والجهوية .
4 ــ قدم خدمة أيضا للنقابات بحيث أصبح الانخراط في نقابة معينة مبني على أساس المبدأ والقناعة بتوجهات النقابة وأهميتها بالنسبة للموظف والوظيفة ولم يعد هناك مجال للانتهازيين الذين ينخرطون في النقابات بدافع الانتقال وبمجرد الانتقال يغادرون النقابة .
إذن كخلاصة من الذي كان وراء سبب إلغاء اللجن المشتركة ؟ وما الذي أزعج النقابات في هذا القرار ؟ وهل قرار السيد الوزير كان له ما يبرره على أرض الواقع ؟ بالطبع نعم ، لأنه باسم التدبير التشاركي تم في كثير من الأحيان الاضرار بمصلحة التلاميذ وتم سوء توزيع الموارد البشرية بحيث وصل الفائض في مؤسسة محدثة سنة 2010 / 2011 بنيابة مراكش إلى (4 +) وكلهم انتقالات جديدة .
ــ أما بالنسبة للمحسوبية والزبونية في توزيع مناصب المسؤولية :
فجميع المسؤولين الذين تناوبوا على تدبير الشأن التربوي من وزارة إلى أكاديمية إلى نيابة ، أتوا تحت مظلة حزب معين ( من اليمين إلى اليسار ، ومن الذين كانوا في المعارضة وأصبحوا في الحكومة والعكس صحيح ) أو نقابية معينة وحتى التقنوقراط لهم من يدعمهم ، لذلك لا يجب تحميل المسؤولية لجهة دون الأخرى ، وإذا كانت هناك محسوبية أو زبونية ، فالنقابات هي الأخرى لها مسؤولية في ذلك .
ــ أما بالنسبة للظروف الصعبة التي يشتغل فيها نساء ورجال التعليم :
فظروف اليوم أفضل بكثير من ظروف الأمس التي اشتغلت فيها أنا وجيلي والجيل الذي سبقنا ، فاليوم الكثير من القرى تتوفر على الكهرباء والماء والطرقات والربط بوسائل الاتصال ، عكس ما كان عليه المغرب منذ 20 سنة إلى الوراء .
ثم أن الأطفال أينما كانوا في قرن الجبل أو في الفيافي في الصحراء فمن حقهم أن يصلهم التعليم لأنهم في نهاية المطاف مغاربة ولا يجوز تحت أي مبرر حرمانهم من هذا الحق .
فنساء التعليم ورجاله كما ضحوا في الأمس ، قادرين اليوم على التضحية من أجل إيصال رسالتهم النبيلة لتعليم الناشئة ومحاربة الجهل والتخلف .
فنساء التعليم ورجاله عبر تاريخ المنظومة التربوية لم يتخلفوا ولن تحل الظروف الطبيعية دون أدائهم الواجب .
الشيء الذي يؤرق نساء ورجال التعليم هي ( الحكرة ) أي عدم الانصاف والشعور بالظلم بمعنى عندما يشاهدون أن أحد المحظوظين أو المحظوظات حديث العهد بمهنة التدريس استفاد من انتقال إلى داخل المدينة أو الوسط الحضري ، وآخرين شابوا أو تقاعدوا في الوسط القروي ، فهذا هو الشيء الذي يقلق نساء ورجال التعليم ويصيبهم بالإحباط ، ولكن من يساهم في هذه الوضعية المتأزمة التي كان يشعر بها نساء ورجال التعليم إزاء حركتهم الانتقالية ؟ ألم تكن النقابات مشاركة في هذه الوضعية ؟
ــ أما بالنسبة أن الوزير السابق قد ألغى المخطط الاستعجالي بجرة قلم كما جاء على لسان أحد المسؤولين النقابيين في البلاتو ، فهذا غير صحيح لأن المخطط الاستعجالي استوفى مدته الزمنية ، ثم أن الوزير لم يلغ المخطط الاستعجالي وإنما ألغى بيداغوجيا الادماج ، وحتى الالغاء لم يكن بقرار شخصي وإنما جاء نتيجة رضوخ لمطالب نقابية ، بحيث أن النقابات التعليمية نظمت وقفات احتجاجية عبر طول وعرض التراب الوطني منددة ببيداغوجيا الادماج مما دفع بالوزيرالسابق إلى إلغائها.
وفي الأخير وحتى لا يؤول كلامي في خانة أنني ضد النقابات أو عندي موقف أو نية مبيتة ، فأنا وغيري من نساء ورجال التعليم ضد الممارسات النقابية المشينة ، ولكنني أومن حتى النخاع أنه لا يمكن بناء مجتمع ديموقراطي بدون أحزاب سياسية مؤهلة ونقابات قوية ومجتمع مدني فعال .
المصدر
*محمد بوعقلين مدير مدرسة سيد الزوين نيابة وزارة التربية الوطنية ـ مراكش