المدير(ة) والمدرس(ة): بين المواكبة والمصاحبة

[مصطفى بتي]

المدير(ة) والمدرس(ة):
بين المواكبة والمصاحبة

* مصطفى بتي، مفتش تربوي*
طفت على السطح مؤخرا في الساحة التربوية مفاهيم جديدة، لعل أهمها مفهوما "المواكبة و"المصاحبة"؛ مواكبة المديرات والمديرين ومصاحبة المدرسات والمدرسين. فبعد مفاهيم "الشراكة" و"الجودة" و"التعاقد" و"الافتحاص"... المستوحاة من عالم الاقتصاد والتدبير، جاء مفهوما المواكبة والمصاحبة كأهم المستجدات التي جاء بها الإصلاح الأخير لمنظومة التربية والتكوين وفق الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030، والتدابير ذات أولوية في شققها المرتبط بتفعيل دور "المواكب" والأستاذ المصاحب".
المفتش(ة) المواكب(ة) "Accompagnateur":
ارتبط دور المفتش(ة) المواكب(ة) بجماعات الممارسات المهنية ( CPP)، والتي جاءت في إطار مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب ( PAGESM) الذي يهدف - كما تم تقديمه - إلى تحسين جودة التربية الأساسية للمتمدرسات والمتمدرسين بجميع مؤسسات التعليم العمومي بالمغرب، ويتمحور حول منهجية "مشروع المؤسسة" من قبل المديرات والمديرين.
إن مواكبة المفتش(ة) للمديرات والمديرين داخل جماعات الممارسات المهنية ( CPP) من شأنه المساهمة في تكسير العزلة وفي خلق شبكة للتعاون بينهم ، مع خلق فضاء مناسب لتيسير الاندماج المهني للوافدات والوافدين الجدد على مهام الإدارة المدرسية، وتبادل الصعوبات والإشكالات التي تواجههم أثناء الممارسة المهنية اليومية، مما سيتيح لكل عضو الحصول على مجموعة من الإرشادات والمقترحات والتجارب والحلول وطرق العمل. فضلا عن إثراء المعارف والخبرات والمواقف والسلوكيات لدى جميع الأعضاء عبر النقاش والتفكير الجماعي من أجل إيجاد الحلول المناسبة. الأمر الذي سيِؤهل كل فرد من الجماعة للتعلم حسب إيقاعه الخاص، ووفقا لاحتياجاته ومستوى حافزيته دون بناء بيداغوجي مهيكل، عن طريق المصاحبة والمواكبة "coaching".
هكذا إذا، بالمنظور الجديد للمواكب(ة) يمكن تحقيق الأهداف التالية:
- تشجيع التعليم المستمر لمديرات ومديري المؤسسات التعليمية؛
- تبادل الأفكار والخبرات؛
- ضمان وتيرة موحدة للتدبير في جميع المؤسسات التعليمية؛
- تتبع تطور المتعلمات والمتعلمين في جميع أسلاك التعليم؛
- تعزيز الحياة المدرسية في جميع المؤسسات التعليمية...
الأستاذ(ة) المصاحب(ة):
أتت فكرة الأستاذ المصاحب بناء على المذكرة الإطار رقم 15/99 بتاريخ 12/10/2015، في شأن التنزيل الأولي للرؤية الاستراتيجية 2015/2030، من خلال تفعيل التدابير ذات الأولوية. ذلك أن اعتماد صيغة " المصاحبة" - حسب نفس المذكرة- جاء لدعم الأستاذات والأساتذة، بغية تجويد ممارساتهم داخل الفصول الدراسية وتحسين أدائهم المهني.
وبموجب هذه المذكرة تتحدد مهام الأستاذ(ة) المصاحب(ة) فيما يلي:
- المصاحبة المهنية للأستاذات والأساتذة في مختلف المجالات التربوية التي من شأنها تجويد الممارسات الصفية ودعم التعلم؛
- مواكبة الممارسة الصفية للخريجين الجدد من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وتقديم المساعدة البيداغوجية والديدكتيكية الممكنة وتسهيل اندماجهم في الحياة المهنية؛
- مساعدة الأستاذات والأساتذة على تشخيص صعوباتهم وإعداد خطط لتجاوزها بناء على تقويمهم الذاتي؛
- مساعدة الأستاذات والأساتذة على تأطير التلاميذ المتعثرين وبلورة مقاربات وحلول تربوية لمعالجة الصعوبات التعليمية المشخصة؛
- اقتراح مواضيع التكوين المستمر لفائدة الأستاذات والأساتذة على اللجنة الإقليمية لتتبع عملية المصاحبة؛
- العمل على تقاسم وتبادل الممارسات الجيدة في إطار شبكات الممارسات المهنية بين المصاحبين والمستفيدين من المصاحبة؛
- تشجيع الأستاذات والأساتذة على تبني مقاربات تجديدية وتنويع صيغ العمل للتغلب على الصعوبات المتصلة بالعملية التعليمية التعلمية؛
- استغلال كل ما تتيحه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومختلف التكنولوجيات التربوية، لتجويد الفعل التربوي والارتقاء به؛
- الانفتاح والتعاون مع آباء التلميذات والتلاميذ وأمهاتهم وأوليائهم وشركاء المؤسسة التعليمية.
إشكالات مرتبطة بتفعيل دور المفتش(ة) المواكب(ة) والأستاذ(ة) المصاحب(ة):
تتخلل مواكبة المدير(ة) ومصاحبة الأستاذ(ة) مجموعة من الإشكالات تتصل بسبل التفعيل والأجرأة على أرض الواقع.
فبالنسبة لمواكبة المدير(ة) في إطار جماعات الممارسات المهنية نذكر:
- الدور الجديد للمفتش(ة) المواكب(ة) والمتمثل في مجرد المصاحبة وإبداء الرأي والاقتراح كلما طلب منه ذلك، والتخلي عن أدواره الاعتيادية من إشراف وتقويم...
- صعوبة ضبط التواصل بين المواكب(ة) والمنسق(ة) في ظل تداخل المهام؛
- ضبابية الإطار القانوني للمواكب(ة) والمنسق(ة) على حد سواء داخل الجماعة؛
- عدم توفير وسائل العمل اللازمة لتفعيل عمل كل من المواكب(ة) والمنسق(ة)؛
- توقف عملية المواكبة بانتهاء المدة المخصصة لمشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب ( PAGESM) وفق مذكرة التفاهم بين الحكومتين المغربية والكندية...
أما بخصوص الأستاذ(ة) المصاحب(ة)، فإن تفعيل مهامه حسب صيغة المصاحبة المعتمدة قد تعترضها مجموعة من الإشكالات، نجملها فيما يلي:
- ضبابية الإطار القانوني والإداري للأستاذ(ة) المصاحب(ة)، سواء في علاقته بمدير المؤسسة أو بالمفتش التربوي؛
- تداخل المهام المنوطة بالأستاذ(ة) المصاحب(ة) مع المهام التخصصية للمفتش التربوي؛
- صعوبة القيام بالمهام المنتظرة من الأستاذ(ة) المصاحب(ة)في غياب أي تكوين أساسي أو مستمر متين، إذ سيستفيد فقط من دورات تكوينية للقيام بالمصاحبة؛
- غياب تحفيز حقيقي للأستاذ(ة) المصاحب(ة) حيث سيستفيد من تعويض عن التنقل عند الضرورة؛
- تقويم عمل الأستاذ(ة) المصاحب(ة) مبني أساسا على استقراء آراء المدرسات والمدرسين المستفيدين من المصاحبة؛
- إشكالية المصادقة على جدول الحصص الخاص بالأستاذ(ة) المصاحب(ة) والذي يشتمل على نصف حصة للتدريس، وهو ما يتعارض مع التوجيهات الرسمية الخاصة باستعمال الزمن في سلك الابتدائي...
على سبيل الخاتمة:
بين مواكبة المدير(ة) ومصاحبة الأستاذ(ة) والرهانات المنتظرة من هكذا مقاربة في التعامل مع المديرات والمديرين والمدرسات والمدرسين، يبقى التساؤل مطروحا حول ماهية الصيغ التي تنوي الوزارة الوصية اعتمادها وفق الرؤية الاستراتيجية من أجل التعامل مع محور العملية التعليمية التعلمية المفترض، والذي ليس إلا الطفل عموما والمتعلم(ة) على وجه الخصوص؟


المراجع المعتمدة:
- المذكرة الوزارية الإطار رقم 2440/2 بتاريخ 01/10/2012 في شأن تنزيل مضامين المخطط التنفيذي لمشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب ( PAGESM)؛
- دليل إرساء جماعات الممارسات المهنية؛
- الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030(التدابير ذات أولوية)؛
- المذكرة الإطار رقم 15/99 بتاريخ 12/10/2015، في شأن التنزيل الأولي للرؤية الاستراتيجية 2015/2030، من خلال تفعيل التدابير ذات الأولوية.