زارني المفتش....أعطاني نقطة الامتياز...فغضبت غضبا شديدا..!
بعد عشرين سنة تقريبا من العمل التربوي داخل حجرة الدرس ، و من جديد يزورني " السيد المفتش" ...انتفضت ونفضت غبار العقدين عن أطرافي .. لأجدد الأستاذ ، أستاذ الكفايات و الكتاب الأبيض و مدونة الإصلاح ....قمت بدوري المعتاد...و انصرف صاحبي وقد خط ما خط على مسودته ...لتتوصل الإدارة بالتقرير المفصل الذي أعده ، بعد أسبوع من زيارته ...سلمني المدير التقرير مبتهجا ... ربما أصابته امتنانات المفتش أيضا..
انزويت إلى مكتبي ، وتعجلت بقراءة التقرير و تتبع عباراته التي نسجها " السيد المفتش " بلباقة فائقة و بأسلوب بليغ فصيح يثني من خلاله على مجهوداتي و كفاءتي و سلوكي و..و..و فختم التقرير بعبارة : أستاذ كفء وناجح....
حينها أصبت بخيبة الأمل و شعرت بانقباض شديد شل أعصابي ، وغضبت حتى كادت تفور عروقي ...
هل تعرفون لماذا ؟
لأني - بكل بساطة - أستاذ ناجح في منظومة تربوية فاسدة ، أليس نجاحي هو سبب هذا الإفساد؟
باعتبار أن الناجح في المجال الفاسد كمن يصطاد في الماء العكر ... أو كالخائن زمن الاستعمار .. أو كمن يلقح الصغار بلقاح فاسد و هو يعلم ...
وإني و الله لأستغرب لأولئك الذين يقومون بزيارات تفتيشية ، قبل إصلاح ما فسد....
ألا يخشون أن تكون تقاريرهم أيضا فاسدة ....؟
...ولكم كامل الحرية في التعليق ....