القراءة وكرم الرب
ان الاية الكريمة-- اقرا وربك الأكرم-- تنال التقديس من المسلمين لأنه كلام الله تعالى .لكن هذه القداسة ستزداد وتتعزز وتتوظف عمليبا عندما يرى المسلم هذه الآية في آيات الله في الآفاق والأنفس.
ان الآية تدل على الأمر بالقراءة .ويتبع الأمر بأن الرب أكرم .أي ان القراءة وكرم الرب اقترنا في مكان واحد . وحين ننظر الى العالم تاريخيا وجغرافيا سنرى الاقتران متلازما. أي ان الذين ينالون كرم الرب وغناه هم القراء أو أكثر الناسقراءة في العالم . ويمكن أن نسوق أمثلة :
المثال الأول: اليونانيون كانوا أكثر الناس قراءة وكتابة أيام حضارتهم .ولا يزال نتاج فلاسفتهم وشعرائهم وحكمائهم يشهد على أنهم كانواالمنتجين أكثر والمتصلين بالقراءة في عالمهم اتصالاً أوثق،وهم الذين نالوا كرم الرب وكرامته بين العالم، فقد سيطروا على أكبر رقعة في العالم، من الهند إلى مصر زمن الاسكندر الذي كان تلميذاً لارسطوا المسمى بالمعلم الأول.
المثال الثاني: المسلمون الاوائل الذين انطلقوا من الكلمة –اقرأ-كانوا في عصرهم أقرأالناس وأشدهم بالقراءة والكتاب والعلم الذي يطلبونه في كل مكان ومن كل مصدر . ولسنا في حاجة الى ان نذكر المسلم بهذا فقدقيل له هذا الكلام كثيرا .ولكن ربما لم يشعر المسلم بارتباط هذا الحديث بالتوحيد . وارتباط التوحيد بالعلم وارتباط العلم بالقراءة : -اقرأ وربك الأكرم- وفي عصرهم لم يكن عند أحد في العالم ما عندهم من العلم والاتصال بوسائله قراءة وكتابة ومكتبات ....
المثال الثالث: إذا نظرنا حولنا في هذا العصر الذي نعيش فيه نجد أن الذين يتمتعون بخيرات العالم وينالون الكرم والكرامة هم قراء هذا العصر وأكثرهم صلة بالقراءة وما يتصل بها،كما تبينه الإحصاءات التي تعدُّ المؤلفين والكتب والجرائد والمجلات والمكتبات ونصيب كل فرد من الورق المطبوع . حتى لقد اضطر توينبي أن يقرر: ( إن ارتفاع نسبة قراء الكلمة المطبوعة هو الأساس الحضاري لتصنيف البلدان في العالم إلى دول متخلفة أو نامية أو متقدمة ...
المثال الرابع: إنه اليابان - هذا العملاق القزم - حيث محيت فيه الأمية منذ القرن التاسع عشر ( وإن نسبة تعليم الفتيات ازدادت في اليابان،فقد وصلت نسبة من ينهين الثانوية العامة ( 95%).. ويلعب الكتاب دوراً بارزاً في حياة الفرد الياباني، فمؤسسات النشر اليابانية تصدر35ألف عنوان جديد سنوياً تقريباً، وهذا يمثل ضعفيّ ما ينشر في الولايات المتحدة الأمريكية،كما أن اليابان ثاني أعظم قوة صناعية في العالم
إن الإنسان ليتصاغر أمام من هو أقرأ منه، سنة الله-- هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون -- سورة الزمر / 9،حسبك من صدق هذا ما عند الناس من نظر إلى العالم أو من يحمل شهادة أعلى.. إن
النظر التقديري يرتفع الى درجة الخرافة أحيانا...
أجل إن من يقرأ أكثر ينل أكثر . إنه قانون الله. -- ليس بأمانيكم ولا
أماني أهل الكتاب. من يعمل سوءا يجز به –سورة النساء 123
.... إن النهم في القراءة والبروز في العلم مجال دراسة مهمة لكشف الأسباب والنتائج ومساعدة الناس على التوجو بوعي الى الدراسة والقراءة ليتبين لهم ان الانسان بالقراءة ينال كرم الرب وكرامته.
من كتاب اقرأ وربك الأكرم لجودت سعيد.