كلمة السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي في افتتاح الملتقى الوطني لإعطاء انطلاقة تفعيل البرنامج الاستعجالي
16 يناير 2009
السيدات والسادة مديرات ومديري المصالح المركزية بالوزارة؛
السيدات والسادة مديرات ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين؛
السيدات والسادة نائبات ونواب الوزارة؛
السيدات والسادة الأطر
يسعدني أن أرحب بكم في هذا اللقاء الوطني الذي لا تخفى عليكم أهميته البالغة، باعتباره ينعقد في لحظة حاسمة من مسار تدبير إصلاح منظومتنا التربوية، وذلك بالنظر إلى ما يعلق عليه من آمال لإنجاز المحطات القادمة من تفعيل البرنامج الاستعجالي، وتطبيق ما ورد في مجالاته الأربعة وامتداداتها على مستوى المشاريع المنبثقة عنها. وإنكم واعون تمام الوعي، بأن هذا البرنامج يمثل فرصة ثمينة لربح رهان الإصلاح، ومناسبة لتجديد المقاربات وتغيير الممارسات، حتى نرتقي جميعا إلى ما يعلق علينا من آمال، استجابة للإرادة الملكية السامية بتسريع التفعيل الأمثل لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، واعتماد الحلول الشجاعة والناجعة لهذا القطاع الحيوي الذي يستأثر باهتمام مجموع مكونات الأمة.
وإنه لمن الضرورةبمكان، أن نستحضر اليوم المبدأ الموجه للبرنامج الاستعجالي، والهادف إلى جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين عن طريق توفير تعلمات ترتكز على المعارف والكفايات الأساسية عبر مدرسين مستوعبين لأدوارهم، ومتمكنين من الطرق والوسائل البيداغوجية، ويعملون
في فضاءات توفر لمجموع الفاعلين التربويين ظروف تمدرس وعمل ملائمة.
في هذا السياق، فإن البرنامج الاستعجالي، وبانسجام مع تقرير المجلس الأعلى للتعليم، حدد مجالات التدخل ذات الأولوية في أربعة مجالات ذات منظور متكامل تترابط فيما بينها بشكل وظيفي، وتتعلق بـ:
e التحقيق الفعلي لإلزامية التعليم إلى غاية 15 سنة؛
e حفز روح المبادرة والتميز في الثانوي التأهيلي والجامعي؛
e مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية؛
e تحديد وسائل النجاح عبر ترشيد الموارد المالية وتوفيرها بشكل دائم، مع حفز التواصل والتعبئة حول المدرسة.
وإذا كنت قد أشرت سابقا إلى الترابط الحاصل بين مختلف المجالات والتكامل الوظيفي بين مجموع المشاريع، فإن ما يحدوني في ذلك هو التأكيد وبكل قوة على أن هذه المشاريع لا تشكل وصفات جاهزة، بقدر ما تطرح علينا تحديات كبرى تشكل مختبرا حقيقيا لقدراتنا التدبيرية، ولطرق عملنا ،ومدى استطاعتنا تحقيق التعبئة الشاملة والمستمرة لمجموع مواردنا البشرية بكل فئاتها، في إطار مقاربة جديدة تتجاوز أشكال التدبير البيروقراطي الروتيني، وتحول عملية الإصلاح إلى هندسة محكمة تزاوج بين المسؤولية والمحاسبة وفق منطق النتائج المحققة من جهة، والحرية في اتخاذ كل المبادرات من جهة ثانية.
ولبلوغ ذلك، اعتمد البرنامج الاستعجالي على العمل بمقاربة المشروع، التي تنبني، من جهة، على التدبير المرتكز على النتائج والتقويم المواكب، ومن جهة ثانية،على اعتماد محددات أساسية تتمثل في تحديد الأهداف وصياغتها بدقة، ووضع جدولة زمنية مضبوطة مع الحرص على توفير الوسائل الضرورية، وتحديد المسؤوليات بشكل يمكن من التحديد الدقيق للمهام المطلوبة والإنجازات المنتظرة.
من هذا المنطلق، فإننا مطالبون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتعبئة كل الطاقات لتحقيق الترجمة الفعلية للإصلاح التربوي في شموليته على أرض الواقع، مستثمرين الثقة الملكية الغالية في قدرة رجال ونساء التعليم على الانخراط في هذا الورش الإصلاحي الكبير بروح وطنية عالية، سندهم في ذلك انتظارات المجتمع من المدرسة العمومية ووفاء منهم لرسالتهم التربوية النبيلة.
إن التحدي الذي يواجهنا، هو بمثابة اختبار لقدرتنا على وضع نظام لقيادة مختلف مراحل إنجاز مشاريع البرنامج الاستعجالي، وتحديد مجموع الأدوات والمؤشرات الكفيلة برصد مجموع العمليات، وتتبع مختلف مراحل الإنجاز، والتي تمكننا من التدخل السريع لتجاوز الاختلالات الطارئة.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد قطع البرنامج الاستعجالي أشواطا مهمة، وشاركت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بشكل متفاوت، بجانب الإدارة المركزية في مواكبة وإنجاز عدد من مستلزمات التحضير الفعلي لإنجازه، ونجدنا اليوم بين إنهاء المرحلة الرابعة المتعلقة بتحضير العدة الإجرائية، وبلورتها في إجراءات وتدابير عملية، وتحديد متطلبات ووسائل التطبيق، وبين مباشرة المرحلة الخامسة، التي ينصب الاهتمام فيها على الجانب التنظيمي، وخاصة ما يتعلق بأجهزة القيادة على مختلف المستويات، ومد قنوات التواصل فيما بينها، وإعداد أدوات وخطاطات القيادة والتتبع، وإعطاء الانطلاقة للمخطط التواصلي الذي سيواكب البرنامج الاستعجالي في المراحل المقبلة.
وسيقوم السيد الكاتب العام للوزارة بإطلاعكم على خلاصات اجتماع التنسيق مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المنعقد يوم السبت المنصرم حول تفعيل البرنامج الاستعجالي، وعلى برنامج العمل الذي تم إعداده لتأطير هذا اللقاء، والأهداف المباشرة المتوخاة منه، والذي سيخصص حيز منه للتذكير بالبرنامج الاستعجالي ومشاريعه الثلاثة والعشرين بشكل يمكنكم من الاستيعاب الكافي لها وللأدوار والمهام التي ستناط بكل منكم من أجل تفعيلها.
وأود بهذه المناسبة أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى كافة المسؤولين والأطر، إن على المستوى المركزي أو على المستوى الجهوي، على المجهودات الجبارة التي بذلوها من أجل تجريب منهجية وعدة العمل خلال المرحلة التحضيرية للتفعيل الميداني للبرنامج الاستعجالي، وأن أنوه بروح التعبئة العالية التي طبعت أشغالهم.
حضرات السيدات والسادة؛
إننا على يقين بأن تجربتكم الميدانية وكفاءاتكم التدبيرية ستساعد دون شك على التطبيق الفعلي لمقتضيات البرنامج الاستعجالي، الذي نتطلع إلى أن تتملكوه، وأن تحتضنوه في تفاصيله الدقيقة، وأن تضبطوا آلياته ومستلزمات إنجاحه، لتكونوا قادرين عمليا على تمثله وقيادة تطبيقه في الميدان، وأن هذا البرنامج الاستعجالي الذي ننطلق اليوم في الاستعداد لبلورته في الواقع، وتطبيقه في الميدان، والذي يتوخى أن تطال تغييراته كافة مستويات المنظومة، هذا البرنامج، يركز بقوة على أن يكون للقسم وللعملية التعليمية، وللعلاقات داخل المدرسة والحياة المدرسية، نصيب وافر من هذا الإصلاح التواق إلى جعل التلميذ في قلب منظومة التربية والتكوين، وجعل كافة الإجراءات في خدمته أولا وأخيرا، ولن يتأتى ذلك إلا بحرصنا جميعا على أن نكون أقرب من أي وقت مضى إلى المدرسة لجعلها جذابة ومفعمة بالحياة.
وستظل الإدارة المركزية بكل مكوناتها تعمل إلى جانبكم من أجل مواكبة تنفيذ المراحل المقبلة، ومساعدتكم على تجاوز كل ما يعترضكم من صعوبات، وتوفير الوسائل المادية والبشرية من داخل القطاع ومن خارجه لدعمكم ومؤازارتكم.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد حلت مرحلة الانطلاقة العملية للبرنامج الاستعجالي، التي تتطلب تعبئة ويقظة متواصلة تمنحنا القدرة على عدم التأثر بالصعوبات والعوامل السلبية، وخاصة العوامل الفردية، فتحصين الذات الجماعية وتماسكها وتحفيزها أساسي
في المراحل القادمة.
حضرات السيدات والسادة؛
إننا جميعا مؤمنون بأن مغربنا لم يعد قادرا على تفويت فرصة أخرى، وعلى تحمل مزيد من تأجيل المواعيد الحاسمة في مسيرته نحو التقدم المنشود، لذلك فإن الأمل معقود في أن يخرج هذا الملتقى بتصورات واضحة وإجراءات عملية تضمن التعبئة الشاملة من أجل قضية ظلت وما تزال قضية المغرب الأولى وقاطرته نحو التنمية الشاملة.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير ناشئتنا ووطننا العزيز تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
والســـلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.