الحاسوب و التعليم
انبثقت فكرة استخدام الحاسوب في التعليم من خلال الإمكانات التي استطاعت هذه الآلة تقديمها في مختلف دروب الحياة وفي فترة قياسية إداما قورنت بمتيلاتها من الاختراعات التي توصل إليها العقل البشري والفترات الزمنية التي احتاجتها هده الاختراعات لتطويرها.
تلك الإمكانات جعلت من الحاسوب المعيار الأساس للحياة العصرية. فمن ابرز الخصائص التي ساهمت في تفرده وبزوغ فجره بين عشرات بل مئات الاختراعات التي توصل إليها الإنسان الحديت انه ليس بالآلة التي بقي استخدامها مقتصراَ على فئة محدودة من الاختصاصيين أو في أماكن معينة كالدوائر الحكومية أو المصانع الكبيرة ولكنه تعدى ذلك ليصبح استخدامه جزءاَ مهماَ في حياتنا وان هناك الكثير ممن لا يستطيعون تسيير أمورهم اليومية دون اللجوء إلى الحاسوب.
أدت التطورات السريعة والمتلاحقة في تقنية الحاسوب إلى زيادة قوة أدائه وتقليص حجمه إضافة إلى انخفاض كلفته وسهولة استخدامه مما ساعد في انتشاره بشكل كبير. فمن الأوساط التي دخلها الحاسوب وأضفى على عملية الأداء فيها السرعة والدقة واختصار الوقت هي المؤسسات التعليمية. فكما هو الحال بالنسبة للمؤسسات الأخرى تعمل المؤسسات التعليمية جاهدة على استغلال الحاسوب ليس فقط في أمور الأرشفة والتسجيل والمالية والمكتبات وما إلى ذلك وإنما تقوم باستغلال إمكاناته في التعليم أيضا.
كانت البدايات الأولى في الاستفادة من الحاسوب في التعليم ترتكز على ما يعرف بالتعليم المبرمج حيث يتم تجزئة المعلومة المراد إيصالها للمتعلم إلى أجزاء من خلال أطر يتم التعامل معها تدريجياَ لتصل بالمتعلم إلى الهدف وهو اكتساب تلك المعلومة. ترتكز هذه الطريقة على مبادئ أساسية هي تقليص عدد الأطر التي تكون المعلومة المراد إيصالها للطالب من خلال الإعداد الجيد للمادة المراد تعلمها و اعتماد مبدأالتعلم الذاتي بحيث يكون من السهل على المتعلم التعامل مع هذا النوع من التعليم بمفرده و التعزيز الفوري بتوفير إجابات الأسئلة التي يتم عرضها على المتعلم لمعرفة مدى تقدمه أثناء تعلمه.
استفاد مطورو برامج الحاسوب التعليمية من فكرة التعليم المبرمج وبدأت المحاولات الجادة في استغلال الحاسوب متزامنة مع التطور السريع الذي شهدته هذه الآلة من حيث السهولة في التعامل و القدرة الفائقة على التخزين إضافة لإمكاناتها على التفاعل مع المتعلم. هذا التفاعل لم يكن موجوداَ في أية وسيلة تعليمية مستخدمة. فعلى سبيل المثال وسائل تعليمية مثل الكتب وأجهزة التسجيل والتلفاز وغيرها ليس بمقدورها سوى سرد قوانين وقواعد وتوضيحها من خلال أمثلة معينة وبيان الحلول الصحيحة لمسائل متعلقة بتلك القوانين والقواعد. أما تحليل إجابة المتعلم وتعيين الخطأ والتعامل معه بطريقة تقود هذا المتعلم لتصحيحه أوتوضيح السبب الذي أدى إلى هذا الخطأ فلا تستطيع توفيرها كما هو الحال في الحاسوب.
من المميزات الأخرى التي يمتاز بها الحاسوب عن سواه من الوسائل التعليمية المعروفة مقدرته على الاهتمام الفردي بالنسبة للمتعلمين من خلال تلبية المتطلبات الخاصة بكل متعلم على حده، فتقود المتعلم إلى الوجهة المناسبة لأدائه بشكل يجبر في هذا المتعلم الالتزام بتتبع الخطوات المرسومة لعملية التعلم والحيلولة دون وصوله إلى الإجابة الصحيحة قبل أن يحاول التوصل إليها بنفسه مثلاَ. فاذا ما وصل المتعلم إلى الإجابة الصحيحة تابعأ دائه، أما إدا كانت إجابته خاطئة فيتم معالجتها بالطرق المناسبة .
إضافة إلى ذلك هناك عامل الدقة الذي يجب على الطالب التحلي به فأثناء التعامل مع الحاسوب من الواجب على الطالب أن يكون دقيقاَ في ما يمليه عليه و إلا فلن يكون بمقدوره المتابعة. من الناحية العملية فان هذه الدقة مطلوبة حيث تعوَد الطالب أن يكون دقيقاً فيما يفعل وهذه ميزة يجب تنميتها لدى الطالب فيستفيد منها في حياته المستقبلية.
يلاحظ المعلمون بعض الظواهر السلبية الشائعة بين ا لطلاب ومن بينها خجل الطالب من الوقوف أمام زملائه للإجابة على سؤال يطرح داخل الصف أو الخوف من أن تكون تلك الإجابة خاطئة فيكون عرضة لسخرية واستهزاء زملائه ، إلا أن مثل هده الظواهر تتلاشى من خلال استخدام الحاسوب الذي يحافظ على سرية التعامل في جوٍ يناسب مثل هؤلاء الطلاب فيمنحهم الثقة والأمان وهذان عنصران أساسيان في عملية التعلم.
لعل الجو الذي يخلقه الحاسوب لا يفيد فقط شريحة معينة من الطلاب عن سواها، ولكن الفائدة تصل الجميع على اختلاف مستوياتهم العلمية وتباين نواحيهم النفسية. فكما أنه يوفر الأجواء المناسبة لبطيئي التعلم حيث يساير عملية الأداء لديهم بما يناسبهم فانه يوفر كذلك أجواء مناسبة لمن لديهم استجابات سريعة لعملية التعلم وبحاجة إلى مادة إضافية تساعد في تفوقهم.
الفائدة من استخدام الحاسوب في التعليم لا تنحصر على الطالب وحده، ولكن المعلم أيضاَ يجني ثمار هذا التقدم في الوسائل التعليمية. فالوقت الذي كان يقضيه المعلم في متابعة أداء طلابه وتصحيح أخطائهم وكذلك تحضير المطبوعات التقييمية كل ذلك أصبح في غنى عنه وأصبحت لديه الفرصة لاستغلال وقته وخبرته في أمور تخدم العملية التعليمية أكثر من تلك الأمور الروتينية التي يستطيع الحاسوب القيام بها على أحسن وجه.
أضف إلى ذلك أن ما يستطيع الحاسوب القيام به من متابعات للطلاب وتقييم لأدائهم بطريقة مفصلة لا يمكن المدرس فقط من متابعة الحالات الفردية في صفه وإنما يساعده أيضاَ في تقييم المادة التي يقوم بتدريسها وكذلك طريقة تدريسها.
المخاطبة والتفاعل سمتان أساسيتان تمتاز بهما تطبيقات الحاسوب التعليمية ، ففيها من خلال الشاشة يتمعرض توضيح وتفصيل للمعلومة المراد إيصالها للطالب وعرض تعليمات حول كيفية التعامل مع ذلك إضافة إلى الأسئلة التي يجب على الطالب الإجابة عليها بواسطة أداة الإدخال المستخدمة في التطبيق . يقوم بعد ذلك الحاسوب بمعالجة ما ادخل إليه من إجابات وبناءً عليها يتم تحديد الإجراء التالي المناسب.
تحتوي هذه التطبيقات نوعان من التعليمات ، الأولى : خاصة بالحاسوب تعمل على توجيهه وتعريفه بالمهام الموكلة إليه , والثانية : تتحكم بالمادة المراد التعامل معها من قبل الطالب ومن خلال شاشة العرض. بالنسبة للتعليمات الأولى فهي من اختصاص معدي تطبيقات الحاسوب (المبرمجين) أما التعليمات الأخرى فيقوم بإعدادها المعلم الذي يكون دوره ليس فقط إعداد هذه المادة المراد إيصالها للطالب وانما الطريقة التي يرتئيها مناسبة لذلك إضافة إلى التقييم المستمر للتطبيق سواءً أكان خلال مرحلة التطوير أو بعدها .
وعليه يكون إعداد التطبيقات التعليمية مهمة مشتركة للمعلم دوره البارز فيها والتي بدونها يفقد الحاسوب أهميته بل يصبح عديم الفائدة ..