رسالة إلى الذين يطالبون بجودة التعليم
الحمد لله الذي نستعينه و نستغفره
أما بعد
ما فتئ المسؤولون عن التعليم ببلادنا يطالبون بالجودة في التعليم، ولأجل بلوغ هذا الهدف قاموا بعدة محاولات يتركونها كما العادة في منتصف الطريق وليس آخرها المخطط الإستعجالي لإنقاذ التعليم، و لكن النتيجة على الأرض تبقى غير مرضية وأسباب الفشل متعددة كثيرة و متداخلة، ولست هنا بغرض توضيح أن الإصلاح لن يكون إلا بتضافرجهود جميع المتدخلين في العملية التربوية التعليمية، وبتنمية الإحساس بالواجب التربوي لدى المربين ولكن هناك مجموعة من التصرفات تدفع المربي إلى البحث عن المصلحة الشخصية والضرب بعرض الحائط بمبادئ من قبيل الواجب الديني و الوطني و التضحية في ظل منظومة تعليمية فاسدة و نقابات نفعية، وأسوق هنا مثالا بسيطا جدا وحيا عايشته هذه السنة من خلال عملي بنيابة مراكش التي تميزت عن نظيراتها في باقي ربوع المملكة بحركة انتقالية فريدة من نوعها تميزت بالزبونية و الإنتقائية و العشوائية.
فما حدث هذه السنة الدراسية التي أعتبرها بيضاء بالنسبة للمتعلمين أبلغ من أن يوصف وترك غصة في حلوق الأساتذة المغبونين خاصة الذي لا انتماء لهم غير الإنتماء إلى هذا الوطن الكريم بمعنى عدم انتمائهم إلى أي نقابة، فهؤلاء الأساتذة ( خاصة المنسيين بجماعات اولاد دليم و المنابهة و حربيل و سيدالزوين ...باعتبارها الأكثر بعدا عن المجال الحضري و لصعوبة ظروف العمل بها ) وجدوا أنفسهم خارج حسابات الحركة الإنتقالية لكونهم لا ينتمون لأي نقابة فسبحان الله، أأصبح الإنتماء النقابي فرضا على كل معلم ؟ فالأساتذة المذكورين ضحوا بصحتهم البدنية و النفسية و العقلية واستمروا في عملهم بتفان لسنين عديدة في تلك المناطق الصعبة كما أنهم كانوا يمارسون العمل مضاعفا ففي بعض الأحيان يكون الواحد منهم مسؤولا عن التدريس بالوحدة المدرسية لوحده( سياسة لكل مدرس مدرسة) وفي أغلب الأحوال تجده يدرس 3+4+5+6 عربية فرنسية، ومع ذلك لم يشتكوا وواصلوا التحدي و تحملوا في انتظار دورهم للانتقال لكن المسؤولين جازوهم بالحرمان وتقاسموا المناصب للإدارة حصتها و للنقابة حصتها يوزعونها كما شاؤوا، فأصبحت تحس و كأنك في سوق كل يعرض بضاعته.
فكيف يمكننا أن ننتظر من الأساتذة الإخلاص و الجودة بينما المسؤولون الإداريون أو النقابيون ممن ينطبق عليهم ًُإن لم تستح فاصنع ما شئتًُ ماذا كان سيضرهم لو أعلنوا حركة شفافة شارك فيها الجميع أما المرضى فيعرضون على لجن طبية تبين صحة دعواهم وتطبق الشروط على الجميع ثم تعرض النتائج بشفافية فتكون قلوب الجميع صافية ويعود الكل إلى عمله و هو مطمئن أنه متى استحق الإنتقال فسينتقل، و تصبح بذلك الحركة عملية بسيطة و ثانوية بخلاف ما هي عليه الآن فهي هم الأساتذة الأول، فلتذهب الجودة إلى الجحيم فالكل الآن مشغول بالبحث عن طريقة للإستفادة من الإنتقال و ذلك عن طريق (التخلويض) كحل لا مناص منه فليس أمامك إلا الرشوة + الوساطة + الكذب بافتعال ملف مرضي مزور وغير ذلك من الطرق الحرام. و إني أقول أنه لولا ذرة صغيرة لازالت مشتعلة في القلوب من الخوف من الله والعطف على أولئك الأطفال الصغار التي تأتي مراعاة مصلحتهم في آخر سلم الإهتمامات، لما وجدت أحدا في مقر عمله يقوم بواجبه كما يجب.
كنت سأختم مقالي بالمطالبة بلجنة للتحقيق و غير ذلك...إلا أنه و للأسف أصبحت لدينا قناعات بأن الكل متواطئ فمن سيحاسب من، و لا يبقى لي إخواني إلا أن أقول اصبروا فإن الله مع الصابرين.
والسلام