إن الدور الذي يلعبه الكتاب المدرسي في المنظومة التربوية، جعل المربين يتطرقون إلى قضاياه المتعددة.
فمنهم من اعتبره محور نقاشات لمكانته على امتداد تاريخ التربية الطويل داخل السيرورة التعليمية التعلمية.
ومنهم من اعتبره قمة الأدوات التعليمية ومنهم من جعله عائقا للتعليم و التعلم.ومهما كانت الآراء حوله فلا احد يشكك في أن ظهوره شكل ثورة في الميدان البيداغوجي وان الشكل المتطور و المتقدم الذي ينتج به و يهيأ أكسب المتعلمين نوعا من الاستقلالية عن هيمنة المدرسين في عملية التعلم، فما هي إذن الأدوار التي يمكن أن يلعبها؟ و ما هي العوامل التي ساعدت على تطويره؟ و ماهي الأهداف المتوخاة من إدخاله في العملية التربوية؟ وماهي الشروط التي يجب أن تتوفر فيه وكيف يمكننا أن نختاره من بين مجموعة من الكتب حتى يلاءم وسطنا المهني و التعليمي؟
قبل الاجابة عن هذه الأسئلة لابد من تقديم بعض التعاريف للكتاب المدرسي:
vنوع خاص من الكتب موجه كما يدل عليه اسمه ليكون في متناول المتعلم وهو يتعلق بمادة معرفية معينة وما ينبغي معرفته فيها، يعرضها بطريقة سهلة و مبسطة.
vكل مطبوع موجه إلى التلميذ قد تصاحبه بعض الوثائق أو وسائل أخرى بيداغوجية تعالج مجموعة من العناصر الهامة في مقرر دراسي أو لمجموعة من السنوات المدرسية.
vمؤلف ديداكتيكي تم إعداده لتقديم معارف مقررة لبرامج معينة، أو انه يشكل مضمون علم أو مجموعة علوم محددة يمكن استيعابها.
vيضم بين دفتيه المحددات العلمية و المعرفية الملزمة لكل من المعلم و المتعلم في إطار منهج دراسي خاص و بالبنية المقبولة.
vكتاب يشمل كلا أو جزءا من منهج معين يدرس بشكل شائع في عدة مؤسسات.
من خلال التعاريف المقدمة يمكن القول بأنه" كتاب تعليمي بالدرجة الأولى أي يتضمن مجموعة المعارف منظمة حسب منهاج معين وملائم للوصفات التعليمية التعلمية لطبقة دراسية معينة".
فما إذن هي العوامل التي ساعدت في تطويره؟
من ناحية المضمون شكل ظهور علوم التربية في القرن العشرين نقلة نوعية في تطويره من خلال مجموعة من النظريات التي ساعدت على معرفة نفسية المتعلم كما أن ظهور مجموعة من الطرق البيداغوجية في التدريس ذلل العديد من الصعاب على المتعلمين و المعلمين على حد سواء.
من ناحية الشكل فقد ساعدت الطباعة العصرية و التصوير الفوتوغرافي و فن التصميم على إغناء الكتب و تقديمها في شكل أنيق و جذاب يغري المتعلمين للإقبال عليها و يسهل عملية التعلم لهذا فقد لوحظ أن الكتب المدرسية عرفت تطورا هاما مما ساهم في ظهورها في حلتها الجديدة و الفاخرة.
لهذا فقد بدأ يلعب أدوارا مهمة في الميدان التربوي و يمكن ذكر بعضها كما يلي:
×دور ثقافي و إيديولوجي: يتمثل في كونه يشكل أهم الأدوات التربوية و التعليمية المشحونة بالبنيات الثقافية للمجتمع و التي تعكس طبيعته الاجتماعية،السياسية،الدينية، الثقافية و العلمية عبر مضمون نصوصه التي تم اختيارها من طرف الدولة حتى تقوم هذه الأداة بمهمتها التربوية، لذلك فان الكتاب المدرسي لا ينقل للمتعلمين معلومات و معارف مجردة أو محايدة بل تنقل إليهم معلومات و معارف مشبعة بطابع إيديولوجي و تصور بيداغوجي معين، ومن أجل تحقيق هذه الغاية جند كل نظام تربوي و تعليمي جيشا من المراقبين أو المفتشين للسهر على التطبيق الحرفي لمضامين الكتاب المدرسي نصا و روحا.
×الدور الديداكتيتي: يتمثل هذا الدور في كونه من أهم الوسائط الديداكتيكية الأساسية بالنسبة لكل من المدرس و التلميذ، لكون المدرس لا يستطيع أن يقول كل شيء و أن يعرض كل التفاصيل و الشروح و أن يكتب كل النصوص و الخرائط و البيانات على السبورة كما أن الاختلاف الناتج عن التكوين الثقافي و الشخصي لكل مدرس قد يؤثر على الطريقة المستعملة لتقديم الدروس و يؤثر على محتوى المواضيع و التعلمات المقدمة، ومن هنا تظهر أهميته حيث يعد مرجعا أساسيا يوفر الجهد و الوقت و يحقق توحدا في المواد التعليمية ويعطي حظوظا متساوية لكل المتعلمين،و بفضله أيضا يمكن للمتعلمين أن يشارك في بناء الدرس و إعداده، وذلك عن طريق الإعداد القبلي الذي يقوم به في كل حصة و الذي من شأنه أن يقوي لديه الاعتماد على النفس و يسهل على المعلم تأدية عمله التربوي داخل الفصل.
فما هي الأهداف التي يساهم الكتاب المدرسي في تحقيقها؟
üربط المدرسة بمحيطها بكل ما يتضمنه من عناصر و سمات و مكونات ذات الصيغة العلائقية بحياة الطفل.
üتذويب الفروق و عناصر التباعد و التنافر بين تلاميذ الفصل الواحد.
üتنظيم المادة الدراسية مما يساعد المدرس على إعداد درسه و تنظيمه دون إلزامية بالتنفيذ الحرفي لنصوصه.