السيدوزير الداخلية المحترم.. أرجو من سيادتكم أن تسمحوا لي بالحديث عن الفسادالانتخابي، بالرغم من علمي المسبق أن المسألة لا تهمكم وحدكم، ولكنها تهم أطرافاحكومية أخرى، بنفس القدر الذي تهم كل الأحزاب التي يتشكل منها مشهدنا السياسي.. لكن، وبصفتكم الشخص المعني أكثر بتنظيم الانتخابات، والمعني أكثر بالسهر علىنزاهتها وحمايتها من الفساد والمفسدين.. فقد ارتأيت مكاتبكم في الموضوع، لأقترحعليكم طريقة مجربة لتسفيه اللصوص في ماليزيا، قد تكون صالحة لتسفيه محترفي الفسادالانتخابي في مملكتنا الشريفة...! بداية سيدي الوزير المحترم.. أرى أنه من واجبي أنأستعرض على نظركم السديد، الطريقة الماليزية المجربة في تسفيه اللصوص، انطلاقا منثقافة ذلكم البلد الأسيوي.. وهكذا، قررت الحكومة الماليزية أن تخرج كل اللصوصالمدانين من السجون إلى الشارع العام، لينظفوا المدن، وهم يحملون على ظهورهم لافتات كتبت عليها بحروف بارزة عبارة "أنا لص"...! ومن باب الشيء بالشيء يذكر.. فأنتتعلم السيد الوزير المحترم، أن الفساد الانتخابي يضرب أطنابه في بلادنا، وأنالمفسدين استحوذوا بأساليبهم الخاصة، وبفضل سلطة المال والجاه على مؤسساتناالدستورية، وأفرغوها من محتواها الديمقراطي، وحولوها إلى أوكار موجهة لتبذير المالالعام والاغتناء السريع.. وكما في علكم، فإن وزير الداخلية السابق إدريس البصري،صرح نهاية الثمانينيات في البرلمان، أن وزارتكم تتوفر على لائحة تضم حوالي 350 منرؤساء الجماعات المتورطين.. ومن دون شك أن عددهم قد تفاقم خلال العقدين الأخيرين.. وأنتم أدرى سيدي بتقاريراللجان المركزية المختصة.. مما يفيد أن الإشكالية قد تعقدتعلى حد تعبير الفلاسفة.. وأن عدد اللصوص الانتخابيين قد تكاثر.. في حين ظل القضاءعاجزا عن القيام بدوره...! وبناء على ما سبق سيدي الوزير المحترم.. ألا ترون أنه منالأليق ببلدنا استعارة الطريقة الماليزية، لتسفيه كل المفسدين الذين تتوفرون علىأسمائهم وأوصافهم، وكذا الأحزاب التي تقلبوا فيها، ثم غادروها في اتجاه الحزبالجديد، الذي فتح خيمته لاحتضانهم واحدا واحدا، دون تمييز أو شروط مسبقة... فلنتخيلمعالي الوزير درجة الانتشاء عند المغاربة، وهم يتفرجون على المفسدين ينظفون شوارعالمدن التي لوثوها، وعلى ظهورهم كتبت عبارة "أنا مفسد انتخابي"...! قد يكون هذا منباب الحلم الجميل.. لكنه حلم مستحيل، لا مكان له في ثقافتنا الانتخابية.. فاعذرنيسيدي الوزير، إن تجرأت على الحلم هذا الصباح بصحبتكم.. فأنتم أدرى بالحقيقة مني.. فأنا مجرد مواطن...
جريدة بيان اليوم