فوبيا التغيير
23/05/2009
صدر مقال بموقع وجدة سيتي تحت عنوان"تبدال السروج راحة" للسيد حومين تطرق فيه لعملية تبادل لجن مراقبة امتحانات الباكالوريا بين الثانويات التأهيلية.وهو موضوع يشكل بالفعل حديث الساعة سواء بين رجال ونساء التعليم لكونهم المعنيون أساسا بهذه العملية أو داخل الأسر لكون موضوع الامتحانات يشغل بالها. ويتضمن مقال الأخ الفاضل،الكثير من الصواب وبعض من الرفض المتأصل فينا لكل تغيير (رغم أن عنوان المقال يوحي بعكس ذلك) وشيء يسير من الذاتية الجهوية، التي إن تضخمت، صارت بغيضة كونها تكشف عن ملامح ثقافة ماضوية مقيتة ما زال صداها يتردد في حلقات جامع الفنا. وجه الصواب يكمن في بطلان خطاب التدبير التشاركي، الذي صم آذاننا لكثرة ماتردد في القول وغاب في الفعل.لا أحد من "الفاعلين التربويين" تمت استشارته في موضوع تبادل لجن المراقبة بين الثانويات التأهيلية ،وحتى الذين تم إخبارهم من قبل وعبر البعض منهم عن تحفظه لم يتم الأخذ برأيهم. وجه الصواب يكمن كذلك في القول أن ظاهرة الغش في الامتحان هي جزء من كل، وعلاجها يتجاوز بعض الترتيبات التقنية المتخذة في هذا المجال أو ذاك من قبيل ما نحن بصدده. صحيح أيضا أن القرار جاء متسرعا ولم يعطى الوقت الكافي لتدبيره بشكل جيد،والتفكير مليا في الصعوبات التقنية التي قد يطرحها تطبيقه،من قبيل عملية التصحيح والمشاكل المرتبطة بانتقال الأستاذات والأساتذة عبر مسارات جديدة.......
لكن القول أن هناك تشكيك في نزاهة نساء ورجال التعليم ، قول لا أساس له من الصحة، مادام لم يتم الاستعانة بموظفي قطاع آخر. فالممتحن تلميذة أو تلميذ والمراقب أستاذة أو أستاذ ،هنا أو هناك .الفرق الوحيد، ويجب أن نعترف به نحن نساء ورجال التعليم أن عطفنا على تلامذتنا تجاوز كل الحدود ،وانتقالنا إلى مؤسسة أخرى قد يخفف من وطأة هذا العامل السلبي أي غض الطرف عن ممارسات تسيء لنظامنا التعليمي السيئ أصلا. لا أتفق ،أيضا مع الأخ المحترم،في قوله أن التجربة كان معمولا بها في الماضي وتم التخلي عنها لكونها لم تثبت نجاعتها لعدة أسباب :أولها أن التخلي عن التجربة نهاية الثمانينات ،جاء على خلفية الانتقال إلى تجربة الأكاديميات واعتماد نظام الدورات الثلاث ولا علاقة له بفشلها أو نجاحها.ثانيا مرورنا بتجربة ،وتخلينا عنها ثم اعتمادها من جديد ليس بالأمر المرفوض مبدئيا ،فالظروف تتغير وما لم يصلح في زمن قد يصلح في زمن آخر .ولا أريد أن أعلق على كون التجربة مستوردة من سوس،"المعروفة بصادراتها من الفواكه"، فهذا كلام لا يليق بهذا المقام.وحسب علمي فالتجربة سيتم تعميمها على المستوى الوطني كل ما أمكن ذلك. من موقعي كرجل تعليم وكأب،أعتقد أن خوض التجربة له ما يبرره ،لعل أدناها "من اجتهد فأصاب....." فيما يلي بعض الإيجابيات فيما نحن مقبلون عليه:
المؤسسات التعليمية ،رغم الحديث المتواتر ،عن الانفتاح والتواصل ...تعيش عزلة كاملة وكأنها جزر معزولة و لا أعتقد أن رجل التعليم لايحس بنفسه غريبا كلما وطأت قدماه أرضية مؤسسة أخرى غير تلك التي يشتغل بها.وهذه فرصة لاكتشاف مؤسسات أخرى والاطلاع عن كثب عن الأجواء ونوعية التلاميذ والأطر الإدارية والبنايات و...ومقارنتها بواقع المؤسسة الأصلية.
التحرر من الاكراهات التي تعيق أحيانا رجل التعليم ،من انتهاج الصرامة اللازمة لمحاربة ظاهرة الغش، التي أصبحت فعلا تهدد مصداقية شواهدنا و منتوجنا التعليمي.بحكم أن الأستاذ المراقب سيتحرر من الاعتبارات ذات الصلة بموقعه وعلاقاته داخل المؤسسة وسيصبح من واجبه تطبيق القانون ضمانا لتكافؤ الفرص.
بالنسبة للإدارات التربوية سيتم تحريرها من شبهة تفضيل تلاميذ على آخرين من خلال تخصيص طاقم للمراقبة متساهل لفوج بعينه . منظومتنا التربوية ليست على ما يرام وبالتالي فكل تغيير مهما كانت طبيعته ومداه مرحب به فالأمور لن تسوء أكثر مما هي سيئة...