لاشك أننا نعلم ما للغذاء من أهمية قصوى في حياتنا التي نعيشها على وجه هذه البسيطة، وفي ظني أن الإنسان قد بدأ حياته ككائن نباتي التغذية منذ أن وجد في الجنة، أو ربما يكون العنصر النباتي كان يشكل الجانب الأكبر في حياته الغذائية:
قال تعالى: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمينكذلك تشير العديد من الأدلة والبراهين - التي قد تكون شبه قاطعة هذا إن لم تكن قاطعة للشك باليقين - إلى أن الأفضل للإنسان هو الغذاء النباتي، وذلك للأسباب التالية:
1 - ألا نلاحظ أن أضخم الحيوانات على سطح الأرض «اليابسة» هي من آكلة الأعشاب النباتات، وليست من آكلات اللحوم؟ كالفيل ووحيد القرن وفرس النهر والزرافة، وغيرها من الحيوانات النباتية، ولا يتوقف الأمر عند الضخامة الجسدية فقط، بل نجد أن الحيوانات النباتية أطول عمرًا من تلك التي تتغذى على اللحوم، فالسلحفاة تعيش عمرًا مديدًا يصل إلى مئات السنين، وهي بلاشك نباتية الغذاء. ولو أننا أمعنا النظر لوجدنا أن الحيوانات النباتية أكثر رشاقة ونشاطًا وجمالاً كالغزلان والخيول مثلاً.
2 - أثبتت الكثير من الدراسات أن الزيوت الحيوانية أكثر ضررًا - لجسم الإنسان - من الزيوت النباتية، لأنها تعمل على ارتفاع أو زيادة نسبة الكولسترول في الدم، مما يتسبب في أمراض عدة كتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم والسمنة... وغيرها من الأمراض التي استشرت في العالم الحديث بكثرة في الآونة الأخيرة. في حين أننا نجد العكس في الزيوت النباتية، فهي تعمل على تقليل الكولسترول في الدم، الأمر الذي يساعد الجسم على التخلص من السمنة والنمو بشكل متوازن.
وإذا أردت أن تتعرف على وزنك بشكل علمي دقيق، فما عليك إلا أن تقوم بإجراء عملية حسابية ليست معقدة كثيرًا وهي: احسب وزنك بالكيلوجرامات ثم اقسم وزنك بالكيلوجرامات على طولك بالمتر مرتين. ولنضرب مثلاً:
شخص وزنه 80 كجم وطوله 183سم.
أ / نحول السم إلى متر فيصبح طول الشخص هو 1.83 مترًا.
ب / نقوم بقسمة الوزن وهو: 80 كجم على الطول بالمتر وهو: 18.3 سم = 43.7
ج/ نقسم الناتج (43.7) على الطول مرة أخرى. والنتيجة هي: 23.9 تقريبًا وهو ما يمثل حجمًا مناسبًا لصاحبه.
- إذا كانت النتيجة أقل من 17 فيعتبر الشخص نحيفًا.
- ما بين 17 إلى 25 هو الحجم المثالي.
- أعلى من 25 إلى 30 تسمى زيادة وزن.
- أعلى من 30 إلى 35 سمنة.
- أعلى من 35 سمنة خطرة (مرضية).
ولنا في رائعة الفيلسوف ابن طفيل في قصته «حي ابن يقظان» مثال رائع على التغذية المثالية للفرد إن هو اتبع فطرته السليمة والنقية من كل شائبة. والقصة طويلة ولكننا نقتبس منها الجزء المتعلق بغذاء بطل قصتنا «حي بن يقظان»:
... ومازال «حي» يتعمّق في بحثه وتأمله في الموجودات إلى أن توصل إلى يقين جازم وراسخ لاشك فيه، وهو أن لهذا الوجود فاعل، ولابد لهذا الفاعل من صفات تميّزه عن غيره.
وتفكّر في حاله، فرأى أنه لا غنى له عن أحد أمرين هما: الحاجة إلى الغذاء حتى يبقي على حياته، والأمر الثاني هو حاجته لشيء يقيه من عوامل الطبيعة كالحر والبرد والمطر.. وغيرها، فهدته فطرته السليمة النقية إلى أن الحر يفرض عليه أن يحد لنفسه حدودًا لا يبعد عنها ولا يتعداها، ومقادير لا يتجاوزها، فنظر في أصناف الموجودات التي يتغذى عليها فوجد أنها: إما نبات لم تنضج بعد، أو ثمار اكتمل نموها لإخراج نوع آخر لحفظ النوع، وإما أنه من الحيوانات البرية والبحرية.
وبناءً على ذلك وضع «حي» لنفسه خطًا لا يخرج عنه في غذائه، لأنه ضرورة لبقاء الحياة والحفاظ عليها، كان يطعم نفسه من ما تيسر له، فإن توافرت العديد من أصناف الطعام، فعليه أن يأكل مما لاضرر فيه لفعل الموجود الواجب الوجود، وأن يجعل البذور في موضع يمكنها من النمو مرة أخرى.
كذلك عليه أن يتخير طعامه وغذاءه من أكثرها وفرة، وأقواها توليدًا وإنباتًا، محاذرًا ألا يبتر أصولها. أما إذا أخذ من الحيوان، فعليه أن يأخذ من أكثرها وجودًا وتوالدًا أو من بيضه. هذا ما كان من أمر غذائه أما من حيث المقدار، فعليه أن يكتفي بما يسد الرمق والخلة «الحاجة» أي أن لا يسرف في الأكل.