سبر الأغوار
أداري هموما تقــــض مضاجعي
غيرأني،يا ابن أمَ،لست بواجـــــد
وأكتم آهاتي بين جوانحــــــــي
وأمني النفس بقرب الأبـــــاعــد
أيا قلب كظـــــما فإني مــــودع
أحداق العيون وحبــــاتِ القلائد
ويا نفس صـــــــبرا فالنائبات لا
ولن تَمِيز يقظان عن راقـــــــــد
ويا رب رفقا بعُبيد لـــــك خاضع
راض بما قدرت عليه حامــــــــد
سعدت حينا وقاسيت أحــــــــيانا
كذا خفر الزمان ماضيَ وشاهدي
فما ضر نفسي ولا أذكى شجونها
إلا اغـتباط خـــــؤون و حاســـــد
وما نغص عيشي وأرق مهــجتي
إلا شمــــــــــاتة هــــماز و حاقد
إذا ما اللؤم ديـــــدن قوم فـــــما
يغني وعظ الكرام وزجر القصائد
ولو تســــــربل رِعديدٌ بخبث فمــــا
تجديه نفــــعا سجـــــيدات ساجــــد
فما كل من صقل الحسام محارب
ولا كل من ســــبق الجنود بقــائد
أصـــيبت شغاف قلبي ذات داهية
فما أبرأ نفسي غيرُخلوات المساجد
أغدو إليها والفؤاد معـــــــــتقل
وأروح منها وقد بــانت زوائدي
رميت بشح مـــستهلَّ وفــــادتي
ولست البخـــيلَ وما تلك عوائدي
إنا بــنو عز من ســـلالة حــاتـم
قد ورثنا البـــــذل والدا عن والد
نقري بني اللئام إذا حلوا بــنــا
فكيف بـــكم بني أبناء الأمـاجد؟
قلبــنا مفـــتوح وكذلك بــابــــنا
ما صُد يوما دون زنيم و ماجد
وما البخل عيبا لربات الحجــــا
لِ بل شان الرجال ثنيُ السواعد(1)
مهمـا أشاحت بوجــهها الدنيــــا
فلست لخيط آمال ،ولو دقَ،بفاقد
وإن تنكر لي الدهر يوم ضــائقة
فــما وجهي عن العصماء(2) بحائد
فهل ضيق الرزاق قوتا لجاحـد؟
أو ساق أرزاق الأنــــام لعابــد؟
أو أطال بقاء الثري لُحـــــيظة؟
أو عجل حتــــف الأنوف لزاهد؟
وما اتفاق الورى يجــــــدي إذا
قصدهم نفـــعُ أو مضرةُ واحد
إذ صحائف الأقدار مودعــــــة
لدى علام الغيـــــوب الواحـــــد
رأيت العالمين ضيوفَ فانـــــية
فمن ظـــاعنٍ قهرا(3) وآخر وافد
وأعمالَ العباد مثل بضــــــاعة
فمن رابح بيــــــعا وآخر كاسد
وأرى جواد العمر حثيثَ الخـطى
إذا ما كبا فقد حُلت معاقـــــــدي
وكل الورى أمام النار موقــفهم
فمـــن صادرٍ فضلا وآخر واردِ(4)
فمن زحزح عنها فقد حُقت نجاته
وإلا فأعـظم بذي الأهوال الشدائد
أفــــــق فلا أنت ولا أنا ولا أحـــد
فيها خـــــــــــلا ربِّ السماء بخالد .
علال. الجمعة – السبت 9 -10 ماي 2003
وهذه بعض الإشارات التي أراها معينة على التذوق الفني لمضمون القصيدة :
(1) كناية عن البخل قال تعالى : " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " الإسراء الآية 29 .
(2) دين الإسلام .
(3) إذ لا أحد يموت بإرادته بل يبقى التشبت بالحياة إلى آخر رمق .
(4) المعنى مقتبس من القرآن : يقول الباري عز و جل : " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " مريم 71 / 72 .
جعلني الله وإياكم من عتقائه من النار .