[ahmida]

message: زيادات صاروخية في أسعار الخضر والفواكه والأسماك

الإثنين 16 مارس 2009


زيادات صاروخية في أسعار الخضر والفواكه والأسماك
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

عادت حمى الارتفاعات لتغزو من جديد أسواق الخضر والفواكه والمواد الأكثر استهلاكا لدى عموم المواطنين، الذين لا يجدون مبررا لهذا الارتفاع،خاصة وان الموسم الفلاحي كان مطيرا، ولم يشمل تلف المنتجات كل ربوع المملكة، وانحصر على بعض أنواعها. ويكاد المتجول في الأسواق الشعبية يخال نفسه في بلد يشكو الجفاف على مدار السنة.فأغلبية أنواع الخضروات، والتي لم تكن أسعارها تتجاوز في المتوسط 3 دراهم، قفزت إلى 8 دراهم، أما الفواكه، وبصرف النظر عن تواضع جودتها، فلم تعد إطلاقا في متناول الفئات ذات الدخل الضعيف. فالبرتقال الذي يظل المنتوج التي استهلاكا بات سعره لا يقل عن 6 دراهم أما التفاح فطوت به بيدي المضاربين إلى ما فوق 12 درهما كحد أدنى. وعلى نفس المنحى سارت أسعار السمك بكل أنواعها والتي بات من المؤكد أن الوعود التي طالما روج لها المكتب الوطني للصيد بجعله في المتناول فور افتتاح سوق الجملة للسمك ذهبت من الرياح السبع لميكانيزمات أخرى خارج ميكانيزم العرض والطلب. الزيادات المهمة في أسعار الخضر والفواكه والأسماك، التي يرسم لهيب الأسواق، هذه الأيام، صورة ملموسة لها، تأكدها إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط التي أقرت بارتفاع قوي لمؤشر كلفة المعيشة الذي بلغ 3.9%، وشددت عليها جمعية المنتجين التي تتوقع مواصلة الارتفاع إلى غاية منتصف شهر أبريل، حين تصبح الأحوال الجوية ملائمة اكثر لممارسة الأنشطة المرتبطة بالجني والتخزين والتوزيع. المنحنى نفسه أكد عليه وسطاء بسوق الجملة بالدار البيضاء. بيد أن توضيحاتهم تذهب إلى تجاوز معطى الأحوال الجوية،ليشيروا إلى انسياقهم مكرهين وراء "لعبة الكبار" من خلال جاهزية رد فعلهم على كل جديد يقدمه تجار الجملة ونصف الجملة وما يواكبه من ممارسات احتكارية تبدأ بتجفيف السوق واختلاق الندرة للحفاظ على نفس مستوى أسعار البيع بالتقسيط، وبالتالي توسيع هوامش الربح. ويقر أحد القائمين على شؤون التجار بسوق الجملة بالدار البيضاء بالقفزة الكبيرة لموجة الغلاء العام التي تشهدها الأسواق منذ شهر فبراير الماضي، والتي اشتدت بشكل مفاجئ بداية من الأسبوع المنصرم والناتجة في جانب منها عن انكماش في العرض. لكنه يؤكد من جهة أخرى أن استغلال البعض لواقع تلف منتجات في مناطق محددة، وجعله مشجبا لتعليق سلوكات المضاربة يعمق جروح المواطنين ويلحق ابلغ الضرر بجيوبهم. وهو ما يفرض مجابهة الخصاص عن طريق تفكيك شبكة المحتكرين الكبار الذين اعتادوا جس نبض السوق واتخاذ ما يرونه ملائما لمصالحهم من قرارات. بل الأنكى من ذلك، يضيف مصدرنا، توجه هذه الشريحة من التجار دفة السوق من وراء الكواليس، ولا تعترف بشيء اسمه المراقبة أو المتابعة التي تقي القدرة الشرائية للمواطنين من أي انزلاق أو انزياح، مبررة هذا الاقتناع بتصريحات رسمية مفادها أن سعر العديد من المنتجات لايخضع لأي رقابة ولا يوجد ضمن قائمة الأسعار المقننة وأنه لامجال للدولة في التدخل في حال ارتفاع سعر بيعه المحرر. وضعية الغلاء، وما تخلفه من آراء تذهب حد التضارب اللامنطقي، يرجعها الاقتصادي فريد بنصغير،في تصريح لـ "بيان اليوم" إلى عوامل متداخلة منها الظروف المناخية والموسمية وارتفاع الطلب بالجملة وتقلص المبيعات على مستوى المستهلكين /المواطنين نتيجة نقص في السيولة تعود إلى ضعف القدرة الشرائية. بمعنى آخر، تعيش السوق المغربية تناقضا لا يمت لقوانين العرض والطلب بصلة. فالمسالة، يقول الأستاذ بنصغير، ليست مرتبطة بزيادة طلب، ولكن بنقصان طلب المستهلك، وبانحصار طبقة متوسطة شكلت صمام أمان ظرفي، بالإضافة إلى إشكالية بنيوية باتت تطرح مسالة غلاء المواد الغذائية الفلاحية أساسا، في بلد يصر على توجهه التقليدي القاضي بالاهتمام و إعطاء الأولوية للقطاع الأولي. وهو ما يطرح إشكالية ازدواجية التوجه في فلاحة مغربية تخصص نصف منتجاتها للسوق الداخلي، وتسعى في الوقت ذاته إلى تثمين فرص الانفتاح بالنظر إلى امتيازاتها المقارنة. كما يطرح أيضا إشكالية بلوغ الانفتاح المتحكم فيه الذي يحقق النمو بدل اللااستقرار الاقتصادي والاجتماعي. واقع ارتفاع الأسعار يسائل "تنسيقيات مناهضة غلاء المعيشة وتدهور الخدمات العمومية" التي سبق لأحد أعضائها بالدار البيضاء أن صرح لـ "بيان اليوم" أنها تعد المواجهة، بدءا بإعادة هيكلة سكرتاريتها وتشكيل لجانها في جمع عام ،إلى إعطاء لجان المناطق صلاحية تحديد برامج المحاربة الميدانية للغلاء،مرورا بتنظيم جملة من الندوات والوقفات الاحتجاجية ببعض الأحياء الشعبية وأمام مجلس مدينة الدار البيضاء. وقد عبر محمد بونصر، رئيس التنسيقية، عن تنديده بالغلاء الذي لم يعد للمواطن المغربي حدا أدنى من القدرة على الصمود أمامه، موجها، انتقادات لاذعة للحكومة التي أعلنت سابقا أنها ستتخذ تدابير استعجاليه تتمثل في تكثيف المراقبة على الأسعار والمضاربة، وفرض التقيد بإشهار الأسعار، وتكثيف البحوث الميدانية المتعلقة بالمواد التي تعرف ارتفاعات في أسعارها, وإحكام التنسيق مع المهنيين، إضافة إلى تقوية التواصل مع المواطنين وإحاطتهم علما بالتدابير الوقائية والزجرية التي قد تتخذها في هذا الموضوع.
16/3/2009