لأول مرة و منذ بداية أجرأة ميثاق التربية و التكوين، و تفعيل عشرية الإصلاح، و تطبيق قانون 00/07، تتأخر الدورة السنوية للمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية. هذه الدورات التي كانت تنطلق مع بداية كل سنة، و تستمر إلى ما بين شهري يناير وأبريل، حيث كان هذا الأخير يشكل موعدا معتادا لاختتام المجلس السادس عشر في الأجندة السنوية لانعقاد المجالس الإدارية الموزعة على 16 أكاديمية جهوية، و عادة ما كانت الأكاديميات التي لا يصلها دورها إلا مع شهر ابريل تشتكي من هذا التأخير، وتعزو تعطيل الكثير من التزاماتها المالية إليه، مطالبة في الوقت نفسه بتسريع وثيرة إقامة و تنظيم مجالسها الإدارية التي تعتبر من حيث القانون المنظم لاختصاصاتها نقطة الانطلاق في تطبيق برامجها السنوية و تفعيل المشاريع التي أعدتها لجانها و تمت المصادقة عليها. هذه السنة، يبدو أن التأخير قد عمم على جميع الأكاديميات ولا أحد من المشرفين على تدبير شؤونها اشتكى أو احتج أو حتى تساءل. لحد الساعة لم نسمع بانعقاد أي مجلس إداري لأي أكاديمية . فكيف حادت قاطرة هذه الدورة عن الدورات الست التي سبقتها؟ وكيف تدبر هذه الأكاديميات إكراهاتها وإلتزاماتها المادية، ومن أين لها تنفيذ برامجها ومشاريعها المرتبطة بصرف الميزانية المخصصة لها، والمرهونة قانونا بمصادقة مجالسها الإدارية على ما تتقدم به لجانها من مشاريع وتقارير وبرامج. هذه المجالس المرهونة هي الأخرى بشرط أساسي في انعقادها متمثل في رئاستها المسنودة لوزير التربية الوطنية حسب ما هو وارد في المادة الرابعة من الباب الثاني للقانون 07.00 المتعلق بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين والتي تقول "بترؤس السلطة الحكومية الوصية مجلس الأكاديمية" ، كما تعرف المادة الأولى من الباب الأول لنفس القانون هذه الوصاية بأنها "تمارس من لدن السلطة الحكومية المختصة طبقا للظهير الشريف المتعلق بتعيين أعضاء الحكومة والنصوص المتخذة لتطبيقه"• وكما هو معلوم، فقانون الميزانية لهذه السنة قد صودق عليه منذ شهور، الشيء الذي يعني توفر المخصصات المالية والاعتمادات المرصودة للأكاديميات، التي تنتظر من يترأس مجالسها الإدارية، حتى تنطلق في تفعيل و تطبيق ما خلصت إليه لجانها التقنية و المشتركة من برامج ومشاريع، لابد من المصادقة عليها من طرف أعضاء المجلس. وبالتالي فالسؤال الأبرز في هذا الشأو محصور حول موارد تدبير الأكاديميات لشأنها اليومي خلال هذه المدة التي استنزفت الثلث الأول من السنة الجارية، فمن أين لها سبل الإنفاق خلال هذه المدة؟. مصادر موثوقة من داخل وزارة التربية الوطنية أخبرتنا في رد مقتضب عن هذا التساؤل، أن هناك تعليمات بتسهيل عمليات حصول الأكاديميات على بعض المخصصات المالية، في انتظار المصادقة على ميزانياتها أثناء انعقاد مجالسها الإدارية. فما المانع إذن من انعقاد هذه المجالس، التي لا نعتقد أن هناك نقصا أو تعذرا في توفر أي شرط من شروطها اللوجستية والقانونية والبشرية والإدارية؟. لماذا هذا التأخير في ظرفية جد حساسة بالنسبة للشأن التربوي في بلادنا؟، وفي ظل جدل عارم حول الأوضاع التعليمية خاصة جوانبها المتعلقة بالبنيات التحتية والتجهيزات، إضافة إلى "الزوبعة" الكبيرة المثارة حول البرنامج الاستعجالي الذي أسال الكثير من المداد واستنزف الوقت والكلام دونما ترجمة حقيقية على أرض الواقع. ولن يختلف اثنان حول مواقع هذه الترجمة وأرضية هذا الواقع. الانتظارات كثيرة و كبيرة، والميزانية المرصودة هذه السنة لوزارة التربية الوطنية وبالتالي للأكاديميات على درجة متقدمة من الأهمية، والبرامج المعدة والمقترحة لا تقل هي الأخرى عن الأهمية، فمتى "يطلقون اللعب"؟ ويعطون للناس وسائل وأدوات العمل المادية والقانونية التي طال انتظارها؟
المصدر: بيان اليوم - 2009/04/21