في بداية موسم دراسي، دخل الأستاذ أحمد إلى قسمه المعتاد وكله حيوية ونشاط. حجرة دراسية رتبها بعنايةترتيبا يليق بالمستوى الدراسي الذي ظل لصيقا به منذ حلوله بالمؤسسة، صور علقت علىالجدران ذات صلة بالمجالات الدراسية، متحف مليء بوسائل الإيضاح، سبورة الملصقات..
رحب أحمد بتلاميذه الجدد ، أخذالسجل ، نادى كل واحد باسمه.بعد ذلك، استدعاهم واحدا تلو الآخر إلى مكتبه من أجلالإدلاء بمعلومات تخص جانبهم الاجتماعي.عملية روتينية يقوم بها بعض الأساتذة بغيةالتعرف عن كثب على تلاميذهم وعلى محيطهم .خلال هذه العملية،أثار انتباه أحمد تلميذحافي القدمين .لم يصدق ما رأته عينيه.أمعن النظر، بالفعل صحيح ما رأى. طفل قصيرالقامة، أشعت الرأس، عيناه جاحظتان تدلان على أن صاحبهما ذو ذكاء مميز.ركز الأستاذانتباهه على التلميذ ولم يوح له بشيء.
شرع في إلقاء أول دروسه:بناء وضعيات،أسئلة ،أجوبة،استنتاجات..كان حافيالقدمين أكثر التلاميذ مشاركة.
استمر الأستاذ في إلقاء دروسه ، مادة بعد أخرى،واستمرت مشاركة التلميذبنفس الإيقاع.في نهاية الحصة، أمر أحمد تلاميذه بجمع أدواتهم ومغادرة الحجرة، لكنحافي القدمين ظل في مكانه بأمر من أستاذه الذي لم يحسس باقي التلاميذ بذلك.اقتربمنه، وضع يده على كتفه وقال:
-ذكرنيباسمك!
-عبد الله بن علي.
-أعجبتني مشاركتك داخل الفصل.لديكمقدرات عالية .إذا ثابرت هكذا ، سيكون لك مستقبل زاهر.
تواضعا منه ،طأطأ التلميذ رأسه مبتسما دون أن يرد علىأستاذه.
-قل لي يا عبد الله،أينحذاءك؟
نظر عبد الله إلى رجليه وقداحمرت وجنتاه خجلا .رد دون أن يرفع رأسه:
-كل مرة يعدني أبي بشرائه، لكنه لم يف بذلك.
-ما رأيك إذا طلبت منه أنا ذلك؟
-ربما يشتريه.
-إذن قل له : الأستاذ يريدك، ولن تأت إلابصحبته.اتفقنا؟
-نعم ياأستاذ.
خرجا معا من الفصل، توجهكل واحد إلى وجهته.وبعد الزوال، حضر الكل إلا عبد الله. شعر أحمد بمسؤوليته الكبيرة، بدأ يطرح أسئلة كثيرة على نفسه مصحوبة بالندم.فجأة ،طرق الباب ، التفت الأستاذصوبه ، فإذا بعبد الله صحبة أبيه وكلاهما حافي القدمين..