منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - قدر..وردة..و...
الموضوع: قدر..وردة..و...
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية أم أيمن
أم أيمن
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 23 - 6 - 2007
المشاركات: 1,052
معدل تقييم المستوى: 315
أم أيمن في تميز متزايدأم أيمن في تميز متزايدأم أيمن في تميز متزايدأم أيمن في تميز متزايد
أم أيمن غير متواجد حالياً
نشاط [ أم أيمن ]
قوة السمعة:315
قديم 04-07-2009, 23:29 المشاركة 1   
قلوب قدر..وردة..و...

قصة للكاتب المغربي ادريس اليزامي


"إلى نورستي، زوجتي الكريمة طبعا".

حاولت جاهدا أن أجد مقدمة للعمل أشدك بها لمتابعة هذا الهوس. لكنها استعصت عليَّ رغم أني بدَّلت الفضاء.
كان أول الأمر مغلقا فصار رحبا. كان الصمت وناب عنه الضجيج. كان الشاي الذهبي يثير فضول/بله متعة النحل حولي؛ وها هي المرة تعوضه علّها تخز هذا الخامل في رأسي فيستنفر جحافله لتنقض على البياض...
لقد شحذت القلم ولن أدعك تفلت من بين نواجد كلماتي.. فأنا كما ترى قررت أن أسرد عليك تفاصيل قصة ظلت تسكنني فكرتها لفترة طويلة. في البدء صغتها في قالب شعري. لكن القصيدة لم تسعني للتعبير عما يجيش في دخيلتي ويعتمل فيها. عفوا، لا تعتبرني مقلا من أهمية الشعر والقصيد.. فهو والقصة صنوان إلى حد يصعب التمييز فيما بينهما أحيانا.
دعك من هذا الآن وانظر إلى ذلك القدر.. معذرة. فأنى لك أن تراه وأنت اللحظة في مكان ما: بين كراسي مقهى أو حديقة؛ وربما في بيتك حتى... إذن سأحاول أن أجعلك تراه في الوهم. هذا القدر الخزفي اشتريته ديكورا للبيت لأني أعشق مثل هذه القطع الأمازيغية الصنع. لكن ربة البيت لا بد لها من أن تضفي لمساتها الأنثوية على كل شيء –في المنزل- فتخضعه طوعا وكرها ويصبح نابضا بالدفء.. وكان قدر القدر في ذلك الركن من صحن البيت شمالا على اليمين قرب مكتبة تنزف جنباتها كتبا ومخطوطات. – ولو قدر لها أن تتكلم لاشتكت من الحمل الذي تنوء به رفوفها- أن يكون تحت رحمتها بدوره.
فالقدر المسكين حولته اليدان الرخوتان إلى مزهرية رغم أنه.. وربما قد يصبح في عشية أو ضحى مرجلا، أو عاد إلى سيرته الأولى لإعداد المرق، فتتعدد استعمالاته دون سابق إنذار وكأنه حكيم طب عام أو معلم في فرعية بقرية مهملة منفية بين جبالنا الوعرة. شعرت أن هذه الحكاية ما أردت لها أن تكتمل، وأخاف أن يتسرب الملل إليك فتذبحني بسكين الإهمال أو الإعراض عنها.
هذا القدر يحتل كما أسلفت، تلك الزاوية وباستطاعتك أن تراه من أي ناحية من البيت حين تدخل او تخرج وبما أن الصبية ترحل وتعود إلى البيت –لكن غيابها يطول- أودعت البذرة في القدر وأوكلت إليَّ والزمن رعايتها. لقد أحببتهما معا، نعم أحببتهما كثيرا.
القدر أولا، فهو يذكرني بأيام الصِّبا، كان يغلي فوق الأثافي وينسم بأبخرته كل أرجاء البيوتات. وقد ينتشر في سماء الدشر ليحلب الأفواه ويسيل لعابها. فإن كان ما فيه قتارا فضحك. ولا بد في هذه الحالة أن تغرف للجيران منه. وقد ينقلني إلى أحضان التاريخ الذهبي لسماع محاورة الفاروق والعجوز –بينما يتعالى غليان الماء في القدر والأحجار بله الحجيرات تتقاذف في وسطه– تستمر في توهيمها للأطفال.
تتناسل العوالم والمرجع واحد: القدر.. البذرة التي تحولت نبتة وصارت تنمو وتنمو حين كنت أسقيها.. أصبحت جزءا من قلبي.. في خضرتها ربيع حياتي. فإن صحوت شملتها برعايتي وحين أمسي أغذقها بنظرتي. أنيس هي –لي- في وحدتي. كثيرا ما يخيل لي أنها تتأثر بوجودي وتستأنس بمناجاتي لها فتتحرك.
لا أطيق مبارحتها من جدول اهتماماتي. وحتى إن عزمت على السفر فإني أحاول تضييق المدة حتى لا تتأثر هذه النبتة.
وبحلول الربيع، حلت معه البهجة فشملت البيت أيضا بما فيه النبتة. وما من يوم يمر إلا وترعرعت، وانبثقت وريدة من أكمامها. تطل علي في حياء وخجل. كانت وريقاتها تنفرج رويدا، رويدا تحييني بتحية صباحية تعقبها ابتسامة عبقة..
تآلفنا. الوردة وأنا وتوثقت عرى المحبة فيما بيننا. فإن أعطيتها الحب والحنان ولازمتها ضوعتني بشذاها وملأت علي أرجاء البيت عطرا وسحرا متجددين. ولما أنشغل عنها ببعض ما. ذوت فأناخت برأسها وكأنها غضبى مما يصدر مني فتجافيني.
أسرارا وأسرارا أدركت خلال احتكاكاتي بها، كأن اقترب منها وأهمس لها، يهتز غصنها الناضر طربا. وحين أسمعها إيقاعا حسنا تتلذذ وتكاد تنسل من قدرها لتلتحق بي.
خفت عليها من نفسها بله عليها مني فقررت آنذاك أن أسكنها بجواري حيث أعتكف لننعم بقربنا وألفتنا.
كانت بيضاء –كما أسلفت- هذه العبقة. وكلما دونت منها ولامستها، غرزت أنيابها اللذيذة في عروقي واحمرت وريقاتها. إنا الآن أخوان تربطنا وشائج الدم ويضمخنا كأس الحب. فما أبهاك وردتي في شذاك ونضارتك! وما أقساك في أشواكك! ولكنك رؤوم مهما يكن.. فطوبى للقدر الذي احتواك..
تازة 10-6-96

ادريس اليزامي









[IMG]http://upload.7bna.com/uploads/***1fad1ba.gif[/IMG]
آخر مواضيعي

0 مياه المسابح .. أضرار بالغة على رئة الأطفال
0 قدر..وردة..و...
0 أخطار المضادات الحيوية على أطفالنا
0 كيف تعاملين ابنتك المراهقة ؟؟؟
0 العطلة الصيفية:راحة أم مسؤولية؟؟؟
0 أمراض نسائية عند الفتيات الصغيرات !
0 ديدان الأمعاء عند الأطفال
0 انتبه !!!هذه الاخطاء قد تدمر أبناءك!!
0 أمراض الاطفال في الصيف
0 تبليغ عن مشاركة بواسطة أم أيمن


التعديل الأخير تم بواسطة أم أيمن ; 05-07-2009 الساعة 07:38