قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةُ الْمَجَالِسِ : كَانَ يُقَالُ مَنْ خَافَ اللَّهَ وَرَجَاهُ أَمَّنَهُ خَوْفَهُ وَلَمْ يُحْرِمْهُ رَجَاءَهُ
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى بَعْضِ إخْوَانِهِ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ ، وَمَنْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ،
وَلِلْحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ وَيُنْسَبُ إلَى الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ :
خَفْ اللَّهَ وَارْجُهُ لِكُلِّ عَظِيمَةٍ*** وَلَا تُطِعْ النَّفْسَ اللَّجُوجَ فَتَنْدَمَا
وَكُنْ بَيْنَ هَاتَيْنِ مِنْ الْخَوْفِ وَالرَّجَا*** وَأَبْشِرْ بعَفْوِ اللَّهِ إنْ كُنْتَ مُسْلِمَا
فَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي*** جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِك سُلَّمَا
وَقَالَ آخَرُ :
وَإِنِّي لَأَرْجُو اللَّهَ حَتَّى كَأَنَّمَا*** أَرَى بِجَمِيلِ الظَّنِّ مَا اللَّهُ صَانِعُ
وَقَالَ مَنْصُورُ الْفَقِيهُ :
قَطَعْتُ رَجَائِي مِنْ بَنِي آدَمَ طُرَّا*** فَأَصْبَحْتُ مِنْ رِقِّ الرَّجَاءِ لَهُمْ حُرَّا
وَعَدْلُ يَأْسِي بَيْنَهُمْ فَأَجَلُّهُمْ*** إذَا ذُكِرُوا قَدْرًا كَأَدْنَاهُمْ قَدْرَا
غِنًى عَنْهُمْ بِاَللَّهِ لَا مُتَطَاوِلًا ***عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا قَائِلًا هُجْرَا
وَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسَ بِالْمَنْعِ مُؤْمِنٌ ***يَرَى النَّفْعَ مِمَّنْ يَمْلِكُ النَّفْعَ وَالضَّرَّا
عَلَيْهِ اتِّكَالِي فِي الشَّدَائِدِ كُلِّهَا ***وَحَسْبِي بِهِ عِنْدَ الشَّدَائِدِ لِي ذُخْرَا
وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ :
أَسِيرُ الْخَطَايَا عِنْدَ بَابِك وَاقِفُ*** عَلَى وَجَلٍ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ
يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْك غَيْبُهَا*** وَيَرْجُوكَ فِيهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ
فَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْجَى سِوَاكَ وَيُتَّقَى ***وَمَا لَكَ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ مُخَالِفُ
فَيَا سَيِّدِي لَا تُخْزِنِي فِي صَحِيفَتِي*** إذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الْحِسَابِ الصَّحَائِفُ
وَكُنْ مُؤْنِسِي فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ*** عِنْدَمَا يَصْدُ ذَوُو الْقُرْبَى وَيَجْفُو الْمُوَالِفُ
لَئِنْ ضَاقَ عَنِّي عَفْوُكَ الْوَاسِعُ الَّذِي*** أُرَجِّي لِإِسْرَافِي فَإِنِّي لَتَالِفُ .
الآداب الشرعية/ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُفْلِحٍ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ