[الشريف السلاوي]

قلوب الأحرار بين كتمان الأخبار وإفشاء الأسرار !

الحمد لله ذي الفضل والإحسان والصلاة والسلام على النبي العدنان وعلى آله وصحبه
عدد ما سمع فوق الأرض من آذان وفر من سماعه شيطان وعلى من سلك سبيلهم
وأقثفى أثرهم من ذوي العلم والعرفان .. ثم أما بعد :

اعلموا إخوتي بارك الله فيكم ، وجعل طريق الحق مسعاكم ،أن كتمان السر سبب كبير في تمام الأمور ونجاحها
وأقوم لصلاح الأشياء وتحصينها من الزوال
فالبخل بالأسرار محمود وتحصينه من الإفشاء مطلوب ومرغوب
وكم من سر أضاع صاحبه بغيته ، وكان مانعا لنيل مطلبه
ولو كتمه لكان من عواقب الإبلاغ آمنا
ولقضاء حوائجه طامحا ، فمن أفشى سره ، ضاق صدره ولم يتسع ، وقل صبره و لم يَجمُل
فلربما أخبرت عاقلا فزل بفضيحتك ، أو سفيها فخان لقبح سريرته فأنكرك
وفي هذا الشأن قال بعض الحكماء الألباء : انفرد بسرك ، ولا تودعه حازما فيزل ، ولا جاهلا فيخون .

ومع كل هذا وذاك ، فقلوب الأحرار قبور للأسرار، فلا يستغنى عن خل وفي ، وناصح أمين محب
والأهم من إفشاء السر ، هو اختيار إيداعه في معدن نقي
فإن كان ولابد من إبلاغه طلبا للنصح واستشارة للفهم ، فالحرص كل الحرص ، على اختيار الأمناء الأتقياء الصلحاء
وليس كل من حفظ مالا حفظ سرا ، فلربما أعطيت سرا فقتلك ، وحفظت مالا لن ينفعك
فالسر أولى من المال ، هذا لأن المال قد يذهب ويعود
أما السر إذا ذهب فلن يعود ، وإن سلم صاحبه من إذاعته
فلن يسلم من تطاول ألسن الحاقدين ، وإشارات الأصبع من الجاهلين
وقد قال بعض الحكماء : من أفشى سره ، كثر عليه المتأمّرون !
وهذه مصيبة وبلية عظمى ، فيصير المرء عندها كالعبيد
ويتملكه إحساس بالذل والرق وخضوع العبد والله المستعان .

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ؛ فإن كل ذي نعمة محسود )
صحيح الجامع للعلامة الألباني رحمه الله ( 943 ) .

وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه : ( سرك أسيرك ، فإن تكلمت به صرت أسيره )

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

إذا المـرء أفشى سره بلسانـه .. ولام عليه غيره فهو أحمــق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه .. فصدر الذي يستودع السر أضيق

هذا والحمد لله رب العالمين وسترنا بستره وهو العزيز الحكيم .