قد يبدو عليك الوهن وأنت تستقل الحافلةالعمومية لاسيما وأنك على اطلاع كاف بحال الحافلات في بلادنا .
الزحام حدث ولا حرج ,في هذه الأثناء تتداخل الأيادي و الأجساد لتتحسس عن مبلغ هنا أو هاتف هناك.حركةغريبة داخل هذه الحافلات ,حياةملؤهاالصراع و الخوف .
كثيرا ماسمعت عن حكايات الاختلاس و السرقة ,حكايات يطبعها التضخيم في الأحداث لتستطيع إثارةالناس .
أسائل نفسي : ألهذه الدرجة لم تعد الحقائق البسيطة ترضي فضولنا؟
المهم أني مااعتدت ارتياد الحافلات قط,و عالمها كان دائما مرتبطا في ذهني بالصراع و اللصوصية ,وأسعفتني الأيام وهيأت لي الظرف المناسب للاحتكاك و بشكل يومي مع هذه الفئة من الناس .
كثيرا ما راعني منظر الازدحام ,فكنت أرتضي لنفسي التأخر في الركوب على خوض غمار تجربة قد أكون الخاسرة الوحيدةفيها.
اليوم لفت نظري رجل ,نحيف الجسم ,مصفر الوجه.
سألته :
أهذه الحافلة رقم كذا؟
أجابني :
نعم,رقم (..)صفراء تماما كوجهي.
لم يغلبني الضحك كحال الباقين,إنما سألت نفسي :لماذا هذه النقمة الظاهرة للعيان؟أكيد لكل واحد منا مشاكل لأخمص القدمين ,لكن وكما نقول: الهم هم واحد.
لكن في عيني هذا الرجل ترى التمرد و الرغبة ربما في تغيير الكون ,و الغريب أنه لم يكتفي بهذا التصرف إنما حمل كيساأسودامملوء بالبيض ,ويطلب من كل شخص يحاول الاقتراب وأخذ مكانه التراجع والحذر...
بمجرد توقف الحافلة ,نزل بنفس الطريقة الساخطةعلى الكل وأولهم هو,الرجل الغريب ذو الوجه الشاحبالأصفر.
فسبحان الله ..وإن الناس حقا لطبائع.